|
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-22-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 20:19
المحور:
الادب والفن
البحث عن الغائب الحاضر -رواية -22 ************************* للرمل احساس قوي بالوفاء ، يعترف بالجميل ويحتفظ بدفء الشمس التي رحلت عنه منذ مدة ، كأن الرمل كائن له مشاعر أعمق من الانسان . كان الرمل دافئا ، جلسنا فوقه صوت تكسر الأمواج يصلنا كموسيقى تتشظى على مقربة من عازفها ، وأنا وسعاد وحدنا جمهور أوركسترا البحر المتوسط . كان اختلاط فكرة الكتابة عن تجربة العميل ، باعصار الحب الذي داهمني اليوم بمثابة اجتماع النقيضين في حالة نفسية واحدة . هل أبدأ معها بالحديث عن مشاعري تجاهها ، أم أفاتحها في مشروعي الذي من أجله ناديتها ؟ . لكنها كانت أشجع حين سألتني : - لم تقل لي يا أحمد ، ما سبب استدعائك لي ؟ . سألتني بنبرة شفافة لم أعهدها فيها قبل اليوم . في الحقيقة أصبت بارتباك شديد ، وأنا الذي توهمت قبل لحظات أنني سأكون كالحصان الذي ينطلق في أرض مستوية ، حالما أعثر على رأس الخيط للكلام معها . وهاهي تمنحني ذلك الرأس ، لكنني أعجز على فكه أو تمديده . -تحدث ما الذي ألم بك ؟ هل أحدثها عن هذه الشمس التي أشرقت اليوم في أحشائي ؟ أم أحدثها عن مغامرتي المقبلة في فتح ملف مقفول بسبعة أقفال في الكتابة المغربية ؟ . لا بد أن اتحدث ، لا بد أن أجيبها . تشجعت قليلا ، وبدأت أحدثها ؛ عن مشاعري تجاهها ، عن هذا النبع النوراني الذي تفجر في داخلي اليوم ، وعن مشروع الكتابة وتجربة مصطفى ، وعالم المخابرات الغامض ، وعن علاقتنا المهنية ، عن المدينة ، وعن كل شيئ يخطر ببالي . لم استفق من هذياني وانسيابي الا على وقع ضحكتها ، كانت ضحكة تشبه تفجر المياه من صلب جبل عظيم . تخيلت أنني تبللت بما فيه الكفاية وفي حاجة الى منديل ليدثر جسدي المبتل . وضعت رأسي على فخذيها ، هكذا وكأن المقدمات لا تحتاج أحيانا الى اختيار ألفاظ مناسبة ، أوديباجة حسنة المطلع ، تأتي عفوية ، سلسة ، منقادة لمقامها العلي . أصابعها وهي تمر على فروة رأسي كأنها أصابع عازف بيانو عبقري ، منحتني سكينة لا تمنحها الا الأماكن المقدسة ، والأشخاص المباركون من السماء . أحسست برغبة في اغماض عيني والنوم فوق فخذيها الدافئين . بدأت تحدثني عن مشاعرها تجاهي منذ اليوم الأول الذي التقينا فيه بمقر الجريدة ، لكنها كما اعترفت لي ، كانت تجدني انسانا معقدا يشبه كيسا مقفولا ، لا يعرف الكلام الا في المهنة ، وعن الكتابة وهمومها ، وعراقيلها ووووو . لكنها كما قالت كانت تؤمن أن يوما ما سيجمعنا خارج ضرورات العمل واكراهاته ، سيلفنا برداء شفيف ومعطر . وها هو ذلك اليوم الذي انتظرته أنا أيضا بفارغ الصبر . هل نمت فعلا فوق فخذيها ؟ ، لا أدري ، لكنني حين فتحت عيني شعرت بطاقة مضاعفة ، طاقة لم أحس بها يوما ، وبصفاء صوفي نادر . لذلك سارعت الى سؤالها : - سعاد هل نمت هكذا ؟ -لا ، لم تنم ، على الأقل لا أظنه وقت كاف بين اغماض عينيك وفتحهما ، كي أسميه نوما ، ربما لم يستغرق الأمر دقيقة واحدة . - لكنني أحس وكأنني نمت بما فيه الكفاية ، وارتحت من عياء وتعب شديدين . ابتسمت ابتسامة لا يمكن أن تراها في أي وجه . كأنها ملاك من السماء يبشرني بالجنة . آه لو يبقى هذا الاحساس دائما ، مستمرا وأبديا ، لماذا هربت مني مثل هذه اللحظة منذ زمن بعيد . لقد كنا أمام بعضنا منذ سنتين تقريبا . فلماذا انتظرنا كل هذا الوقت لنكتشف كل هذه السعادة التي كانت بكل هذا القرب ، لكننا غفلنا عنها وأجلناها الى هذا اليوم ؟ . نجوم أغسطس تلمع في السماء ، وعيني سعاد أكثر لمعانا ، أحاسيسي تتراقص وأشعر بها كأشياء مادية أكاد أراها وأسمعها .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصن اللغة
-
الياس العماري وقضية علي أنوزلا
-
ضد مركزية الثقافة وتركيزها
-
يوم خارج التقويم
-
مؤشر الحلم والكابوس - قصة قصيرة -
-
ملامسة قشرة الحياة
-
لبن الأمل
-
خطاب البرلمان والعودة الى الوراء -1
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟
-
موسيقى عسكرسة
-
المغرب وسياسة اللاسياسة
-
اله الدم
-
الانسان العربي : القيمة والحقيقة -1-
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-21-
-
الأم خط أحمر
-
كأنه الموت .....
-
شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي -2-
-
لاسقوف للعبارة
-
المغرب وريح الشركَي
-
عالم جديد في طور التكوين -3-
المزيد.....
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|