عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 23:27
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
من المسلمات في الفكر السياسي اقتران المدنية كنظرة اساسيه تصيغ مشروع اليسار في عمومية ما يتبناه لان في المدنية السياسية يكشف اليسار استحقاقه للقيادة على قاعدة ان الجماهير تنحاز دوما الى ما يجمع لا الى ما يفرق ومن هنا فأن تبني اليسار لفكره المدنية هو تبني حقيقي واساسي وليس استجابة لظرفية او انية او مغازلة للقاعدة الجماهيرية .
ان نجاح اليسار في تبني الفكر المدني واشاعته كأساس تلتفت حوله قوى المجتمع يتيح له ولغيره من الاطراف ان يصنع قاعدة رصينة لمجتمع يساهم الجميع في بنائه كقوى متشاركة ومتفاعلة تجسد طموحات الجماهير من جهة وتعزز الجدية في تبني خيار التغير السلمي بعيدا عن شعار العنف الثوري والمشروعية الثورية التي لم تعد تلائم التفكير الحداثي القائم على تقديس قيمة الانسان ودوره في صنع المستقبل .
المدنية ليست نظرية سياسية ولا ايدولوجية فكرية انما اسلوب في التعاطي بين خيارات متعددة لواقع واحد وكلما اقترب الخيار من حقيقة استجابته للواقع من جهة و شروط التعامل السياسي و الفكري مع الحدث من جهة اخرى يكون هذا الاسلوب هو الاقدر على ان يكون طرحا حقيقيا وجادا بامتياز .
حتى في الانظمة الشمولية والتي نجحت فيما يبدو على ان تبقى في مواجهة حاجات متجددة ومتنوعة يكمن سر نجاحها في تبنيها لخيار المدني مع تطور ادركها لهذا الاسلوب و الصين كنظام سياسي وشمولي استطاع ان يقاوم في ما يبدو قد ادرك ان المدنية في التعاطي السياسي و الاجتماعي ركن مهم في تثبيت اركان العملية السياسية التي يتبناها .
هنا نستطيع ان نقول جازمين ان من علامات و اسس و مقومات نجاح اي نظام سياسي في هذا العصر انما يعتمد في ذلك على نجاحه في التعامل مع مدنية وتندين الايدولوجية السياسية وقدرته على اشراك اكبر قدر ممكن من الفاعليات السياسية و الفكرية و الحضارية على خط ان يكون الخيار المدني هو الخيار الجامع بالرغم التفاوت و احيانا التناقض في الايدولوجيات و الرؤى الفكرية والسياسية .
هنا يمكننا ان نبني مجتمع خالي من الصراعات و التناقضات السلبية التي لا تساهم الا في المزيد من التشرذم و التفكك وهدر الطاقات في صراعات جانبية لا تقدم للإنسان بقدر ما تؤخر حركته نحو التغيير و الاصلاح , لقد مزق التناحر و التناقض و التضاد الايدلوجي كثيرا من المجتمعات في العالم ومنها منطقتنا العربية وفشل اليسار العربي بالذات ان يكون عنصر دافع وجاد للعمل المستقبلي نتيجة عدم القدرة على التكيف مع المتطلبات التي تستوجبها مدنية المجتمع .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟