عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 14:44
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اليسار العراقي وقراءة في مستقبله السياسي
ينظر البعض في نظرة تشكيكيه إلى مستقبل عمل السياسي لليسار العربي عموما والعراقي خصوصا في ظل هيمنة الوعي الديني والخطاب الطائفي المتوارث أصلا والذي زاد من مفاعيله لحظات السقوط المدوي للخط العلماني بعد 9-4-2003 وانهيار المنظومة المدنية العربية عموما بعد هذا التأريخ وكأن وجود اليسار كان مرتبطا وجودا وعدما مع الخطاب القومي والاجتماعي المرافق للدولة المدنية , هي خلاصة لأفكار البعض وإن كنت أظن أن أزمة اليسار العربي والعراقي أقدم من هذا التصور وجذورها تمتد لقراءة اليسار ذاته للمجتمع وتبني خيارات أحيانا تتعالى على الواقع وتتجاوز بعض حقائقه على الأرض.
أزمة اليسار العراقي أكبر من موضوع الخطاب الديني اليميني الذي يتبنى هاجس روحاني وينحاز عوامل أكثر قدرة على تحريك الوعي ويمكنه بهذا أن يزيف الواقع ليقود قوى واسعة وقطاعات مؤثرة ونامية وليجذبها نحو دائرة الشراك المنغلق المتمثل بخيار القداسة الذي يخفي خلفه أغلال الإنغلاق والتقوقع في حدود الفكر الديني السلفي عموما حتى من كان يوصف بالإسلام اليساري المتمثل بأصوات عقلانية تم محاربتها من الجهتين , التيار اليساري عموما يرفضه لأنها تمثل وجه ديني فقط ومن التيار المناقض الذي يعتبره ليبراليا يمثل خطرا على الإسلام.
صحيح أن اليسار العربي والعراقي خاض موجهات حقيقية وجادة ضد كل عوامل التخلف والرجعية إلا إن سقوطه في تبني الفكر الشمولي واتخاذه منهجا ورؤية استراتيجية وحارب كلل الأفكار التي تتبني الديمقراطية التشاركية لأنه يعتقد أن أحقية ومشروعية المنهج الذي يتبناه تمنحه الحق في عزل القوى المنافسة حتى لو كنت تشاركه في النتيجة للنهائية من إرادة للتغيير والبناء.
كما أن تبنيه شعار العلمانية السياسية في مجتمع ينحاز بالفطرة للهوس الديني المسيطرة في الأنا العميقة دون أن يوضح للقاعدة الجماهيرية حقيقة معنى العلمانية التي تحمي هذا الهاجس وتصون هذا الهوس من أن ينحرف إلى زاوية الإنعزالية والتشظي المجتمعي بما يصون الدين والفكر عن شطط وشطحات القوى الظلامية وخطرها على الدين بالذات أكثر من أثرها على الفكر السياسي اليساري.
إن تغييب العوامل المحركة في المجتمع والإقرار بها والتعامل معها بروح أكثر عقلانية ومحاولة توظيف ما يمكن توظيفه منها لصالح اليسارية المجتمعية وعدم مراعات الشعور الجمعي من خلال فرض الرؤية الذاتية قسريا لا تنتج حلا حقيقيا قد ينجح مؤقتا لكنه لا يمكن أن نؤمن بثباته دائما لأن العوامل الكامنة تستكين لفترة ما تحت ضغط القهر والجبر لكنها لا تموت.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟