باسم محمد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 12:56
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
على الرغم من شهرة واقعة كربلاء وكثرة الدراسات والبحوث التي تناولتها إلا انه للأسف لم يتم دراستها آثاريا وميدانيا ، فقد انحصرت جهود الدارسين والباحثين على معاينة المصادر الكتابية والاكتفاء باستنطاقها على ضوء قواعد المنهج العلمي ، وهذا ما ينسحب أيضا على معظم أحداث التأريخ العربي الإسلامي .
وبالطبع هناك العديد من الأسباب التي عطلت هذا النوع من البحوث ، يمكن حصرها بالأسباب الدينية والفنية ، فهناك الكثير من خطوط الحمراء التي تضعها المؤسسات الدينية إزاء أي توجه من هذا القبيل ، بحجة الحفاظ على حرمة وكرامة الأماكن والشخصيات المقدسة ، وقد أدى هذا الأمر ليس إلى تعطيل وإفشال الكثير من مشاريع البحث العلمي التاريخي وحسب ، بل وإلى منع الكثير من الترميمات والتطويرات التي تحتاجها بعض الأماكن التاريخية والدينية المهددة بالاندثار ، ولا يقتصر الأمر على هذا الجانب ، فهناك أيضا عامل النقص في الخبرات والإمكانيات المادية والفنية ، الذي يصعب كثيرا من إمكانية أجراء مثل هذه البحوث والدراسات بدقة وعلمية .
ومقارنة بالغرب الذي سبقنا في أجراء هذا النوع من البحوث والدراسات ، وفي كشف ملابسات الكثير من الأحداث التاريخية الغامضة والإشكالية ، فإننا بتنا على عكسهم تماما ، إذ مازلنا مصرين على إتباع مناهجنا التقليدية لا نحيد عنها قيد أنملة ، حتى باتت بحوثنا ودراساتنا اعجز من أن تكتشف حقائق أو تفتح نوافذ جديدة .
وفيما يخص واقعة كربلاء ، هناك الكثير مما يمكن اكتشافه عن هذه الواقعة ، من خلال التنقيب في فضائها المكاني وميدانها التاريخي ، بغية استجلاء ما يمكن استجلائه عنها ، بعد ان لف الغموض بعض أحداثها ، فيما كثر الدس والنحل في الروايات التي تناولتها ، بسبب البعد بين زمن التدوين وزمن الواقعة .
فمن شأن بحث كهذا ، أن يحدد لنا بدقة مكان الواقعة ، ونوعية الأسلحة والطرق القتالية التي استخدمت فيها ، كذلك نوعية المؤن التي استهلكها الطرفان المتصارعان ، وأماكن بعض المواقع والأحداث التي أشارت إليها المصادر التاريخية ، كنهر العلقمي المندرس ، والبئر الذي حفره أصحاب الحسين ( ع ) ، وبقايا الخندق الذي استخدموه لتحسين إمكانياتهم في أثناء المواجهة مع الجيش المعادي ، ناهيك عن مخلفات الملابس والأثاث و الخيام والعظام وما إلى ذلك ، كذلك من الأماكن التي يمكن التنقيب فيها ، طريق سير السبايا من موقع المعركة إلى قصر الإمارة في الكوفة ، وأيضا الطريق الذي نقلت من خلاله السبايا إلى دمشق ، والأماكن التي مرو بها ، إذا توفرت فرصا اكبر للبحث ، كما يمكن التنقيب في المشاهد والأضرحة والمقامات أيضا .
إنها دعوة لإخضاع هذه الواقعة للبحث ألآثاري ، بعد أن خضعت كثيرا للبحث التاريخي ، عسى أن نزيد من معلوماتنا عنها ، ونخرج من اسر معلوماتنا الحالية التي ينقصها الوضوح والدقة .
#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟