باسم محمد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 19:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على الرغم من ان العشائرية في العراق هي امتداء للعشائرية في المنطقة العربية إلا ان هناك اختلافا كبيرا بين نمطيهما وطبيعة كل منهما ويبدو ان هذا الاختلاف نابع من اختلاف البنية الثقافية لكل منهما ناهيك عن تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية والدينية .
ومن ابرز الاختلافات التي يمكن معاينتهما بين النمطين العشائريين الاختلاف في طبيعة العلاقة بين رئيس العشيرة والافراد المنضويين تحت رئاسته من الاقرباء والحلفاء حيث تتسم هذه العلاقة بكل ما تتسم به العلاقات العبودية السابقة من حيث شعور رئيس العشيرة بأنه متفوق على الآخرين وبأنه افضل منهم نسبا ومنزلة ما يجعله يتمتع بالكثير من الامتيازات التي تتشابه كثيرا او قد تزيد على امتيازات ( السيد ) المنتسب إلى سلالة الرسول .
ومن بين هذه الامتيازات التقدم على الآخرين وان كانوا اكبر منه سنا والامتناع عن الزواج من غير صنف الشيوخ الذين يناظروه بالمنزلة ناهيك عن التعامل بفوقية مع افراد العشيرة الآخرين حد التطاول عليهم بالضرب والتوبيخ إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك .
اما افراد العشيرة فكان الغالب عليهم الشعور بالدونية اتجاه صنف الشيوخ والذي يجر سلوكيات عبودية مقرفة كالتذلل وقبول وصاية الشيخ الابوية بما في ذلك تنفيذ اوامره وسماع توبيخاته وتلقي اهاناته التي يغلب عليها التطرف و الرغبة في الاستعراض لفرض هيبته على الآخرين .
ونظرا لتداخل القيم الاجتماعية لا سيما قيم القبيلة البدوية مع العلاقات الاقطاعية السائدة في الريف فقد تولد نظام عشائري هجين تجتمع به نوعين مختلفين من القيم قيم التضامن والتعاون المرتبطة بالعادات البدوية وقيم الخضوع والسيطرة المرتبطة بالعادات الريفية والاقطاعية الامر الذي جعل العشيرة العراقية تعيش صراع قيم ونزاع عادات ادت إلى تحولها إلى مؤسسة عبودية محركها مصلحة اصحاب النفوذ في العشيرة .
وعلى الرغم من ان العامل الاساس في تكون العشيرة الريفية هو العامل الاقتصادي إلا ان هناك عشائر غلب على تكوينها العامل الاجتماعي لكن مثل هذا الامر لم يغير كثيرا من طبيعة العلاقة داخل العشيرة الريفية فقد بقيت العلاقة مبنية على رباط واه وفي الغالب يتم تفكيكه إذا ما تعارضت العلاقات مع المصالح .
ان اخطر ما في النظام العشائري السائد في العراق انه يستطيع اعادة انتاج نفسه بعد كل هزة يتعرض لها وهو يستفيد من ضعف القانون لفرض وجوده واثبات دوره الاجتماعي وفي الغالب يسعى للتحالف مع المؤسسة السياسية ليجد لنفسه وضعا آمنا يساعده على الدوام والبقاء .
فالعبودية العشائرية لا تقل خطرا عن سائرا اشكال العبوديات الاخرى فجميعها تسعى إلى استغلال الانسان وأخضاعه لمنظومتها السلوكية الشاذة .
#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟