|
الحلقة الثامنة ( يوميات سكين )
باسم محمد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 17:33
المحور:
الادب والفن
أردت ان انهي موضوع السكين ولو كلفني ذلك المزيد من المشاكل ، فخير لي ان اختلف واتعادى من بائع السكاكين ، من ان ابقى تحت سطوة الكوابيس ، التي ما فتأت تنسل إلي في الليل والنهار ، فتقض مضجعي وتقلب حياتي رأسا على عقب ، أبلغت اخي بأن عليه مرافقتي لبيت الشيخ من اجل ان نطالب بائع السكين بالجلوس للحق ، لكن اخي لم يعبأ لكلامي كأنه لم يسمعني ، فأعدت إليه ما قلت ، ومرة اخرى لم يثر قولي اهتمامه ، فقررت الذهاب وحدي ، ولكن قبل ان اذهب سيكون لي موعد جديد مع الكوابيس ، بعد ان يشد النعاس خناقه علي ويغرقني النوم في اوحاله ، وفعلا لم استطع ان اتلافى النوم الذي اصبح من الد اعدائي رغم حاجتي البايولوجية إليه ، وبينما ترخي الجفون سدولها ، تتحرك في داخلي رغبة الانتفاض على هؤلاء اللذين يحيطون بالرجلين وهم شاكي السلاح يتقاطر الدم من سكاكينهم الحادة وانصالهم القاطعة ، كان كلا الرجلين يلبسان عقالا ، لكن احدهما مع يشماغ ابيض والآخر مع يشماغ أحمر ، كان السكون يعم المكان عندما وصل القيادي ، فصدحت الحناجر بالتكبير ، ثم وقف امامنا يتمعن بالوجوه كمن يريد ان يستجلي شيئا فيها ، ثم ألقى تحية السلام وخاطب الجمع الذين ينتظرون كلماته على أحر من الجمر : - اخواني في الدين : لقد ابتلانا الله بالجهاد ، وجعله اختبارا لإيماننا ، فالجهاد هو اقصى حالات الإيمان ، وهو يجلب رضا الله ورحمته ، لذا نحن مصرين على مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة ، والجهاد لا يقتصر على ضرب العدو ، بل يجب ايضا استهداف اذنابه من المتآمرين والخانعين ، فلا تأخذكم بالحق لومة لائم . ثم نظر إلى الرجلين الجالسين بسكون في وسط الجمع ، وواصل كلامه : - أنظروا إلى هذين الرجلين أنهما مثال ناصع للخيانة رد احد الرجلين : - بل انت الخائن لأنك تقتل ابناء جلدتك قهقه القيادي وقال : - لا بأس بسماع تخاريفك فهذه لحظاتك الأخيرة رد الرجل والشرر يتطاير من عينيه : - ما ادراك لعل الله يميتك ويخلص الناس من شرك تكلم الآخر وكان صوته اقل حدة : - اسمع يا اخي لا ينبغي لك ان تجرجر بنا ونحن اعمامك رد القيادي : - تقصد انكم شيوخنا ومن واجبنا احترامكم - بل اقصد اننا اخوة يربطنا رباط الدم - الدين اهم من الانتماء العشائري رد الرجل الآخر : - الدين لا يقبل الاعتداء وانت تعتدي على الناس بأسم الدين - نحن نمارس دورنا ونفرض سنن الله التي نسيتموها - لم ننسى سنن الله فنحن نؤدي فروضنا مثلكم - انكم تؤدون ما يتوافق مع مصالحكم وتتركون ما يتعارض معها وهذا أسفاف عاد الرجل الآخر للكلام : - اتق الله في دمائنا رد القيادي : - ها بدأت تتوسل ؟ - بل ادعوك لحقن دمائنا حتى لا يعم الشر - وماذا تظن سوف يحصل بقتلي اياكم ؟ - سوف تواجهك العشيرة قهقه القيادي : - وهل تظن انكم مهمون إلى الدرجة التي تجعل العشيرة تخرج لأجلكم ؟ ولكن حتى لو حصل هذا فسنكون جاهزين للرد - أذن انت مصر على الفتنة - الفتنة إن اعفيتكم مما فعلته مع غيركم - وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين - القتل كرامة لنا - سيكون مآلك إلى الحجيم بأذن - هذا ما تظنه - حسبي الله ونعم الوكيل ثم التفت القيادي إلينا وطلب منا الأجهاز عليهم ، فما كان منا إلى ان تحركنا نحوهم ، كنت من بين المتحركين ، لكني كنت مترددا كثيرا ، فهذين الرجلين لهم مكانتهم الكبيرة ، وكانت لهم مواقف طيبة في حل مشاكل الناس وفي تنظيم شؤونهم في ظل غياب القانون ، فهل يتوجب علي ان اريق دمهم ؟ كنت اخير نفسي بين ان اكون قاتلا وبين ان اخلي سبيلي من ذمتهم ، فقررت الأمر الثاني ، لكني بعد تراجعت سمعت صوت القيادي وهو يصم أذني برنته : - بما انك تراجعت سيكون عليك قتل احدهم لأني لا اريد ان يصبك غضب الله لتخاذلك - سيدي لست متخاذلا بل اردت ان لا اكون انانيا فهناك من يستحق ان يثاب لمعت عيني القيادي بوميض غريب ثم واصل الكلام : - لا بأس سيكون للجميع نصيب مما قدر الله فأدركت أن لا مهرب لي وانني واقع في مصيدة القيادي ولا فكاك منها ، فتقدمت نحو احد الرجلين فيما تقدم زميل لي من الآخر ، نظرت في عينيه اللتان كانتا تحدقان بي ، يا آلهي كم كانتا وديعتين ، كان الرجل بعمر ابي ويكاد يشبهه في كل شيء حتى في نظراته ، فهل ياترى اقتل رجلا يشبه ابي ؟ وماذا لوكان ابي هذا الرجل الذي ادنوا منه واهيأ نفسي للقضاء عليه ؟ هل يقبل الله إيماني ويتجاهل عقوقي ؟ تحركت ببطأ كأنني اتوق لأي انفراج يمكن ان يخلصني مما انا فيه ، ولكن هيهات فقد كتب علي ان اعاني ، وهاهي السكين تلتصق بي كظلي ، تحرك الرجال معي وامسكوه بقوة ، فتوقفت تماما حركة الرجل وتلاشى معها وميض عينيه الذي يذكرني بأبي ، لكن صوتا ما داهمني على حين غرة ، جعلني اخرج من كابوسي كغريق يخرج من الماء ، انه صوت زوجتي الحنون ، نظرت إلي وقالت : - هل هو كابوس آخر ؟ - وهل اجد نوما بلا كابوس ؟ - تبدوا حالتك مزرية فعلا - بل اسوأ مما تتصورين - ولكن هل يمكن للشيخ ان يحل مشكلتك - لنجرب ونرى - فأنا كالغريق الذي يبحث عن قش ينقذه - اتمنى ان تنال ما تريد ابتسمت ثم ودعتها وغادرت ، فقد كان هدفي استغلال برودة الصباح حتى لا اعاني من حرارة الجو في السيارة التي ربما ستجعلني اعيش معاناة جديدة ، وبالفعل تمكنت من الحصول على سيارة تقلني إلى مدينة الشيخ ، فكنت حريصا على الصمت حرصي على عدم النوم ، فقد اصبح الحديث دائي بعد ان غدت السياسة موضوعه الرئيس والكلام فيها لا يمل ، وقد مضى الوقت وانا اقارع رغبتي في الكلام والرد على حديث السائق ، وامنع عن نفسي خطر النوم ، فأكون ضحية لكابوس يجعلني اعاني مرة اخرى ، فكان الفرج في وصولي إلى مبتغاي قبل ان يصول النوم صولته .
يتبع
#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للتذكير بحملتنا الرائدة لتخفيض رواتب وامتيازات المسئولين الع
...
-
( الحلقة السابعة ) يوميات سكين
-
لستم سادة ولسنا عواما
-
مراجع الدين وموضوع تحريم الرواتب والإمتيازات الخاصة
-
الاحزاب الدينية والوصاية على الدولة
-
الأحزاب الإسلامية والقومية بين مطلب الإلغاء وخيار تغيير البر
...
-
نحو مصالحة شعبية
-
العبودية العشائرية في العراق
-
لا سادة ولا عوام كلنا متساوون
-
في العراق هل القانون حقا فوق الجميع ؟
-
العراق وإسرائيل .. أنتفاء تبريرات الحرب المعلنة
-
أنساب السادة وأنساب العوام
-
زيارة الاربعينية .. وقفة تقييم
-
وأن كانوا يهودا ؟!
-
القراءة التأريخية لواقعة كربلاء
-
دعوة لفسح المجال لسياسيين جدد
-
في ذكرى 2 أب : يجب أن لا تُنسى المواقف الحسنة والطيبة
-
أننا مقصرون مقصرون مقصرون يا أخواننا المسيحيين
-
متى تنتهي مأساة أسرة مكمينيمي البريطاني المختطف في العراق ؟
-
الألقاب التشريفية والتمييز الاجتماعي
المزيد.....
-
تابع بجودة عالية احداث المؤسس عثمان الحلقة 174 Kurulus Osman
...
-
ترجمة أعمال الشاعر جوان مارغريت إلى العربية في صحراء وادي رم
...
-
أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجمة علي قناة الفجر الج
...
-
-كل ثانية تصنع الفرق-.. فنانون سوريون يطلقون نداءات لتسريع -
...
-
مواقف أبرز الفنانين السوريين بعد سقوط حكم الأسد
-
حين يكون الشاعر مراسلا حربيا والقصيدة لوحة إعلانات.. حديث عن
...
-
الروائي السوري خليل النعيمي: أحب وداع الأمكنة لا الناس
-
RT Arabic تنظم ورشة عمل لطلاب عمانيين
-
-الخنجر- يعزز الصداقة الروسية العمانية
-
قصة تاريخ دمشق... مهد الخلافة الأموية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|