بين معركة أحد و 25 يناير

احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4222 - 2013 / 9 / 21 - 21:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أكثر ما يميز الشعوب العربية هو عدم التعلم من تاريخها....بل عدم قراءته اصلا فضلا عن الاستفادة منه.....و اذا كان المثل العربي يقول( لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين) فهذا يدل على انه لا مؤمنين بين شعوبنا لاننا نلدغ و نلدغ مئات المرات ....و ما جعلني أربط ثورة 25 يناير و معركة أحد رغم اختلاف كثير من الظروف المحيطة بهما هو الفشل و الهزيمة المشتركة لكليهما و لنفس الأسباب والحيثيات
فوصية الرسول محمد لفريق الرماية بعدم مغادرة مواقعهم كي لا يلتف عليهم جيش قريش و دعوته لهم بالثبات مهما كانت الظروف و الاحوال.....ثم عصيان هؤلاء الرماة لوصية محمد و تركهم مواقعم كي يأخذوا نصيبهم من الغنائم حتى قبل الانتهاء الفعلي للمعركة.....هذا العصيان أدى الى مقتل الكثير من جيش المسلمين و هزيمتهم في المعركة
فالمعركة لا تنتهي بمجرد دحر العدو.....بل يجب التيقن تماما من تشبعه من الهزيمة و هروبه لمسافات طويلة تجعنا نتأكد من انه لن يعود بعدها و يهاجم مرة أخرى
و لا يوجد اي مسلم او غير مسلم في بلادنا الا و درس معركة احد و اسباب الهزيمة....و منذ وقوعها الى الان و المسلمون و علماء الاجتماع و علماء النفس و العسكريين يدرسون هذه المعركة.....و مع ذلك فقد وقعت في جحرها ثورة 25 يناير
فكل ذوي الخبرة و العلم كانوا يحذرون ثوار الميدان بعدم ترك اماكنهم و الثبات حتى يتأكدوا تماما بدحر قوى مبارك و اعوانه و هزيمتهم و رحيلهم عن السلطة بشكل غير قابل للعودة
كم مرة خرج المفكر عزمي بشارة مثلا على الشاشات و نبه الى ضرورة اطالة مدة الفترة الانتقالية و عدم هجر روح الثورة كي لا يعود و ينقد مرة اخرى جيش النظام السابق و يلغي النصر الاولي ل25 يناير
لكن للاسف......كان الثوار و من كان بالميدان مستعجلون لجني ثمار الثورة و التمتع بالعيش في جو ديمقراطي حقيقي يقوم على وجود حكم و معارضة و انتقال سلمي للسلطة
و اذكر جملة رددها بشارة عدة مرات على شاشة الجزيرة ( لقد استعجل من في الحكم لممارسة دورهم كحكام و استعجلت القوى المعارضة للاخوان المسلمين و غيرهم لممارسة دورهم كمعارضة)
و النتيجة هي انه بينما كانت قوى الحكم تتصارع على تفصيلات المناصب و الصلاحيات.....لملم جيش مبارك نفسه من اعلاميين و صحفيين و (مفكرين) و سياسيين و في خضم الصراع على السلطة بين الاسلاميين و الحركات الليبرالية و اليسارية.......جاء من انقض على كل شيئ و بدأ يحاصر الجميع في زاوية معتمة ليسيطر هو مرة اخرى على المشهد و يهزم كل هذه القوى بضربة واحدة
اذن هو خطأ معركة أحد مرة اخرى لكنه بوسائل و تقنيات عصرية من شاشات اعلامية و صحف و رسوم كاريكاتور و حملات كراهية شديدة شنها جيش قريش في غفلة عن أعين الرماة
و كما كانت هزيمة أحد سبب في مقتل خيرة فرسان محمد .....ايضا هذا الالتفاف قتل معظم رموز المعارضة السابقة......بعضهم قتلهم بشكل مباشر من خلال الابعاد او النفي كالبرادعي و قوى الاخوان المسلمين......و بعضهم بشكل مذل اكثر و مهين اكثر من خلال تصويرهم و هم يركعون و يرددون عبارات العبودية .....أي قتل فيهم شموخهم و قوتهم في أعين المصريين....واظهر حقيقتهم في انهم مجرد دمى متحركة في يد السيد.....و هنا تفيض الامثلة عن الذكر
و النتيجة؟؟؟؟؟؟
لا اظن ان اي متابع يمكن الا يلحظ تدهور كبير لقيم الديمقراطية في كل مناحي الحياة المصرية.....و ان ثورة 25 يناير تعيش حالة هزيمة كبيرة لدرجة اصبح واقع الحياة الثقافية و الحريات قبيل الثورة يعتبر نعمة مقارنة بهذه الايام....
طبعا التاريخ يخبرنا ان الكثير من الثورات شهدت بعض الانتكاسات استطاعت بعدها ان تنتفض مرة اخرى ....و بعضها قضي عليها لتصبح في خبر كان
نتمنى لمصر و هي الدولة الرائدة و القائدة لكل الدول العربية.......نتمنى ان تكون هذه الايام مجرد تراجع بسيط تستطيع بعدها تصحيح مسارها مرة اخرى.....لان الديمقراطية في مصر مصلحة بل ضرورة لكل دول الجوار....فهي اول تجربة ديمقراطية حقيقية...و كل الشعوب ترقبها لحظة بلحظة...و اذا فشلت تجربة مصر فلن تنجح اي تجربة اخرى في العالم العربي
و كما كانت الثورة المصرية هي البداية الحقيقية للربيع العربي.....فان فشلها سيكون البداية الحقيقية لوأد هذا الربيع
و لن اقول كلي امل.......بل سأقول كلي ترقب.......ترقب و حسب لانني لا اعلم المستقبل و ان كنت اتمنى ان يسير هذا المستقبل صوب قيم الحريات و الديمقراطية و حقوق الانسان......لكن للاسف الى الان لا يوجد اي مؤشر لا لهذا الاتجاه و لا لذاك..............................

#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل