أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - احمد عسيلي - الثورة السورية و الطب النفسي















المزيد.....

الثورة السورية و الطب النفسي


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 00:29
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مما لا شك فيه ان للثورة السورية خصوصية شديدة ميزتها عن موجات الربيع العربي التي ازهرت في تونس و مصر و البحرين واليمن و ذلك عائد للطبيعة الشرسة للنظام السوري و قدرته الكبيرة في اللعب على حبل التناقضات الطائفية و العرقية من الناحية الداخلية و على تناقضات القوى الاقليمية و الدولية من الناحية الخارجية و ايضا نتيجة ضعف النخبة السياسية السورية و التي لم تستطع مجاراة النظام في اللعب السياسية التي مكنته من الصمود كل هذه الفترة الزمنية, هذا الواقع المرير للثورة السورية ادى الى بروز مشاكل كارثية و على كل الصعد من مشاكل اجتماعية الى مشاكل ثقافية و طبية و اعاشية و غيرها الكثير.........اي بمعنى اخر اثر هذا الواقع على مختلف جوانب الحياة السورية ومن ضمنها طبعا على الحياة النفسية لدى السوريين,
سأحاول في هذه المقالة السريعة تركيز الضوء على اهم العوامل التي ادت الى تفاقم الوضع من ناحية الطب النفسي لدى السوريين و التي يمكن ان نجمل هذه العوامل من خلال النقاط التالية
1- تأثير العامل المطلق: فمن المتفق عليه حاليا ان المرض النفسي (اي مرض نفسي لا على التعيين) هو حصيلة استعداد شخصي غالبا ذو اساس جيني او مورثي بالإضافة الى عوامل بيئية مساعدة على تطور هذا المرض النفسي و لكن العوامل البيئية و المورثية تحتاج غالبا الى عامل مطلق يؤدي الى انطلاق المرض النفسي و تدهور الحالة الصحية للإنسان........هذا العامل المطلق قد يكون حادث مروري او رسوب في الامتحان او ربما هجرة او افلاس و غير ذلك من العوامل الحياتية التي يمكن ان تلعب دور العامل المطلق للمرض النفسي و بالتالي يؤدي الى بروز اعراض و علامات هذا المرض النفسي سواء فصام او نوبة هوسية او اكتئابية او غير ذلك......و السوريون حاليا يعانون من كل اشكال هذه العوامل المطلقة من تهجير و اغتيال و قصف و عنف لم يشهد له التاريخ مثيل.....لذلك نرى حاليا زيادة كبيرة في كل الامراض النفسية نتيجة استمرار و زيادة هذه العوامل المطلقة
2- زيادة حالات الفصام و الهوس و الاكتئاب خاصة الاكتئاب مع اعراض فصامية لان هذه الامراض تؤدي الى ابتعاد الانسان عن الواقع و العيش في عالم خاص به و هي تنتج عن فشل الانسان في التأقلم مع واقعه و بالتالي تؤدي الى استخدامه لآليات دفاع غير ناضجة يحمي بها وجوده , و هما تبرز مشكلة اخرى ذات علاقة بالطب النفسي و ان لم تكن من صلب دراساته و هي الحاجة الماسة الى الدواء النفسي, فان كان بعض حالات الاكتئاب الخفيف ممكن علاجها بالدعم النفسي و المساندة الاجتماعية فان حالات اخرى كثيرة كالفصام و الهوس لابد من علاج دوائي بداية يساعد المريض في الوصول الى حد ادني من القدرة على التواصل و بعدها يأتي دور فريق الدعم النفسي....و غياب الادوية بشكل عام و من ضمنها الادوية النفسية ادت الى تدهور الحالة الطبية للمرضى دون ان يتمكن اي انسان من تقديم العون نتيجة الحاجة الملحة للدواء
3- اذا كانت مقولة العنف يولد العنف كرد فعل عند الطرف المقابل صحيحة فان هذه المقولة صحيحة ايضا فيما يخص توليد العنف في كل الوسط المحيط لان العنف يخلق ظروف لا انسانية و بالتالي يتجرد الانسان من القيم الحضارية التي اكتسبها عبر تاريخه الطويل لكبت جماح انفعالاته و لهذا شهدنا ازدياد معدل الجريمة و القتل و السرقة داخل افراد الشعب ممن لم ينخرط بالثورة و لا حتى بالدفاع عن النظام و اضرب على ذلك مثل جريمة القتل المروعة التي شهدتها جزيرة ارواد مؤخرا و هي جزيرة بعيدة جدا عن فعل الثورة سواء من حيث المظاهرات او العمل المسلح أو من حيث امداد النظام بالشبيحة و مع ذلك فقد قام مجموعة شباب بقتل صديقهم نتيجة خلاف حول امر بسيط جدا و هذه جريمة لم تشهد ارواد سابقة لها.......و قس على ذلك الكثير من الجرائم المروعة و التي يمكن ردها الى بيئة العنف التي خلقها النظام و استهتار الانسان السوري بقيم الحياة بشكل عام نتيجة حالات الموت اللامعقول التي يشهدها في محيطه
4- ايضا ادت حالات العوز الشديد و الحاجة الشديدة و ضياع الثروات الى تراجع الكثير من السوريين الى حالات الطلب للحاجات الاساسية بغض النظر عن اي قيمة كانوا قد اكتسبوها سابقا.....اي ساعد ضياع الامن و ارتكاب المجازر الى خلق بيئة شبيهة بالبيئة التي وصفها الروائي البرتغالي الشهير جوزيه ساراماغو في روايته العمى......اي بحث الانسان المستمر عن الغذاء و متطلبات الحياة......و انا هنا لا اتحدث عن حالات السرقة المتعمدة التي قام بها الشبيحة للاماكن التي استباحوها كباب عمروا التي سرقوها و اخذوا تلك المسروقات الى اهاليهم في المناطق الموالية لأنه هنا لا تتوفر نفس الظروف للطرفين.....فالموالين للنظام مازالوا يعيشون بيئة قريبة من الطبيعية و لم تشهد اماكنهم اي قصف اي ضغط غير عادي...و ما فعلوه نتيجة ارادة واعية بالسرقة و تحريض من النظام و لأسباب تخص سياسة النظام في اثارة الفتن الطائفية....لكن ما أتحدث عنه هنا قيام بعض الناس بسرقة البيوت التي قصفت مثلا او سرقة الضحايا الذين استشهدوا في حالات السيارات المفخخة......و هذه الافعال المتناقضة مع قيم الانسان تؤدي الى صراعات داخلية عنيفة نتيجة تأنيب الضمير و عدم القدرة النفسية على اسباغ مسوغ اخلاقي عليها و بالتالي فان هذا الفعل مولد للاكتئاب و القلق و حالات مرضية اخرى......
اخيرا فان ما وصفته سابقا بالطبع ليس بتحليل اجتماعي او نفسي لواقع الثورة السورية و انا لست عالم اجتماع او محلل نفسي على اي حال و هو لا يعبر عن الواقع السوري بالمجمل لان الواقع السوري مختلف عن ذلك بشكل كبير لا بل مناقض لهذا الكلام....لان ما نراه هو بطولات و تضحيات جبارة.....لكن ما ذكرته ينطبق فقط على حالات المرض النفسي التي يشهدها المجتمع السوري حاليا و تهدف الدراسة الى رصد اسباب ازدياد المرض النفسي....و بالتالي فان هذه الدراسة تبحث الاليات و الطرق التي ادت الى نشوء المرض و ميدان البحث هي المرضى النفسيين و ليس ابدا الشعب ككل و هي تسلط الضوء على الجانب المظلم من تأثيرات الثورة فقط على الانسان السوري و ليس على الجوانب المضيئة و ذلك بهدف محاولة القضاء على هذا الجانب المظلم الذي خلقه العنف المطبق على هذا الشعب



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض دلالات صفقة تبادل الاسرى في سوريا
- الجماعات الاسلامية في ظل نظام الاسد
- نبيل فياض و موقف الليبراليين من الثورة السورية
- قراءات حول الفيديو المسرب
- و انتصر اردوغان مرة اخرى
- سأبقى عاشقا لايران
- سورية.....ما الذي يطبخه لنا العالم؟
- شيرين عبادي ... مذكرات الثورة و الامل
- ادونيس... محاولة لقراءة نفسية في موقفه من الثورة السورية
- من أجل وقفة شجاعة و صريحة
- لست خائفا على مصر
- النظام السوري و السياسة الامريكية في المرحلة القادمة
- العلمانيون و النكسة الثالثة
- ماذا لو لم يسقط النظام السوري خلال 6 اشهر
- خارطة المأساة السورية
- سورية و معركة الامعاء الخاوية......لماذا؟
- قراءة نفسية لانتفاضة المسلمين ضد الفيلم المسيئ
- هل من مستقبل للعلمانية
- الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة
- في مفهوم (الاب الاوروبي)


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - احمد عسيلي - الثورة السورية و الطب النفسي