أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - العلمانيون و النكسة الثالثة















المزيد.....

العلمانيون و النكسة الثالثة


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3882 - 2012 / 10 / 16 - 09:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهد النصف الثاني من القرن العشرين المساك بزمام الحكم من قبل تجربتين علمانيتين مازالتا تحتفظان الى الان بنوع من الاحترام سواء من قبل الطبقة النخبوية المثقفة او من قبل العامة من الناس و هما التجربة العلمانية بصيغتها اليسارية المتمثلة في الناصرية و التجربة العلمانية بصيغتها الليبرالية المتمثلة في البورقيبية
و ان كان للتجربة الناصرية امتدادات كثيرة داخل الدول العربية الاخرى غير مصر .و ذلك بسبب طبيعة المرحلة التي شهدت المد اليساري من جهة و الشخصية الكاريزمية لعبد الناصر من جهة اخرى و ايضا نتيجة مكانة مصر كدولة و مجتمع و تأثيرها الطاغي على الحراك السياسي و الثقافي في العالم العربي و لكن التجربة البورقيبية ايضا لا تقل عنها بل سبقتها بكثير في مجال التغيير العلماني و التسيس لمجتمع مدني حقيقي ........ وثمة الكثير الذي يجمع بين هاتين التجربتين.....و ربما هذا ما ربط دوما مصر بتونس و جعل مسار التاريخ يتشابه بين هذين البلدين على الرغم من الفارق بين عدد السكان و المكانة الدولية و الاقتصادية ايضا و لكن يمكن القول ان الارادة السياسية و الاخلاص الوطني و الولاء للعلمانية هما ما جمع هاتين التجربتين و فرق بينهما و بين التجارب العلمانية الأخرى التي امسكت بزمام السلطة كحزب البعث في العراق و سوريا و القذافية في ليبيا و التي لم تكن اكثر من مزيح طائفي و عشائري بلباس علماني... لفظهم الشعب بسهولة دون اي تأثير يذكر لا على النخبة و لا على الناس فلم يترك صدام حسين او حافظ الاسد أو القذافي اي تأثير فكري او ثقافي او اي ذكرى الا بشكل ولاء طائفي-عشائري لدى المتشددين و المعزولين عن التاريخ
و لكن بقي عبد الناصر و بورقيبة يحتفظان بمكانة هامة جدا و عابرة لكل اشكال الولاء الضيق الماقبل مدني في عقول و أفئدة الناس
...........................................................................
و الذي يجمع ايضا بين التجربتين هما قابليتهما التاريخية للمسخ بسهولة و عدم قيام شعوب هاذين البلدين بالدفاع عنهما و ذلك بسبب الصبغة الدكتاتورية التي ميزتهما و بسبب عدم محاولتهما احراز التغيير بشكل افقي يمس عقول الجميع.... فحدثت النكسة الاولى بمجيئ انور السادات بعد عبد الناصر ليجري تحول تاريخي كبير ويلقي بالناصريين في السجون و قيامه بالتنكيل بهم مما دفع بعض المثقفين الوصوليين لاستشعار التغير المحدث فغيروا مواقفهم سريعا من اليسار و العلمانية ليرتموا في احضان التدين البترولي المتماشي مع سياسة السادات....و ايضا هذا ما حدث في البورقيبية فيما دعي (الانقلاب الطبي) و استلام بن علي زمام الحكم و تنكره لكل قيم العلمانية التي بشر بها بورقيبة و التي كان يحاول ان يخلق البنية العقلية المناسبة لها في تونس.....فحدثت النكسة الاولى للعلمانية بصيغتيها الاثنتين و بدأت بوادر التراجع تطغى على التجربتين
.........................................................................................
اما النكسة الثانية للعلمانية فهي حين قبل العلمانيون سواء منهم اليساريون او الليبراليون الدخول في معارك وهمية مع التيار الاسلامي و من ثم وقوفهم الى جانب الدكتاتوريات و ذلك من اجل مصالح ضيقة الافق...فعادوا اصوت شعوبهم و قاموا بالاستعلاء على الناس و الاحتماء بالدكتاتورية من اجل بناء مجتمع مدني مغلق و معزول و محمي من هذا النظام......فعاشوا حرياتهم الشخصية و الثقافية...و كتبوا ما شاء لهم و عاشوا كما شاؤوا دون اي اختلاط بالناس و دون اي احترام لمشاعرهم أو أي نوع من التفهم لعقلية الشعب الذين ينتمون له ...و لم تكن لهم خطوط حمراء سوى الحاكم الفرد الذي يسبحون بحمده.......فظهرت الكثير من الروايات و دواوين الشعر التي تعادي الدين و تعادي القيم المتزمتة و البالية لكن دون ان يمس شخص الحاكم او النظام.....و قد اصبح يتندر بعض الناس في شوارع الكثير من البلدان بأنه يمكننا ذكر الله بالسوء و يمكنننا قراءة ذكره بالسوء في كل الروايات و القصائد...لكن لا يمكننا ابدا الحديث حتى عن كلب الزعيم
................................................................................
هذا الوضع الشاذ ادى الى كره الناس للكتاب و المثقفين العلمانيين و حتى للفكر العلماني من خلال ربطه بشخص الدكتاتور و حمايته.....و لذلك حين سقطت هذه الانظمة التي تدعي العلمانية سقط معها الفكر العلماني سريعا و جاءت نتائج اول انتخابات ليحصدها الاسلاميون بسهولة في تونس و مصر.......وهنا و للغرابة فان التيارات العلمانية بدئت ترص صفوفها من جديد و بدئت تبني نفسها ليس من الصفر بل من تحته لأن عليها ان تكافح لبناء نفسها اولا و للتخلص من التاريخ المخزي الطويل للعلمانيين من ثانيا....و عليها ان تمسح الصورة القديمة عن العلمانية كخائنة لقيم الشارع....و مستعلية على الناس و بحماية النظام...و هذا ما بدئنا نراه في مصر مثلا من خلال بعض الاعمال الخيرية التي يقوم بها الليبراليون المصريون. .....و في تونس التي يكافح العلمانيون بها من اجل كسب الناس مرة اخرى.
........................................................................................
و رغم ان التجربة المصرية و التونسية تشكلان درسا هاما لكل الكتاب و المفكرين العلمانيين انه لا يمكن بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي الا بالنزول الى الشارع و الاستماع لصوت الناس العاديين و الانطلاق بهم من حيث هم الان الى افاق الفكر الرحب و المتعدد.....و مع ذلك ما زالت القوى العلمانية مصرة الى الان على الوقوف ضد ارادة الشعب و مستعلية عليه بحجة تخلفه و تخوفها على قيمها من هؤلاء الشعب.....
و لذلك على كل الناشطين و الكتاب و المثقفين العلمانيين الوقوف الى جانب شعوبهم....و الادراك انه لا يوجد اي حماية لأي قيم من قبل الدكتاتوريات.....و ان الحماية الحقيقية لتلك القيم تأتي من الشعب....و اذا لم يحمها الشعب فإنها ليست اكثر من بيت من ورق....و ستزول مع زوال الدكتاتوريات هذه
و انه لا يمكن خلق تجمعات لادينية في وسط ديني متطرف....و من أراد خلق مجتمع عابر للانتماء الديني فعليه ان ينشر افكاره هذه بين الناس العاديين لأن هذا الفكر موجه لهم اولا
......لذلك اما ان يلتزم العلمانيون قيم شعوبهم و اما فان النكسة الثالثة قادمة لا محالة.....و هذه النكسة الثالثة ان حدثت فسيكون وقعها اكثر ايلاما و صعوبة.....و سيكون نصر الاسلاميين و الظلاميين نصر نهائي يعصب بعده احراز اي تقدم.....و عندها لا يتباكى على الحرية او حقوق الانسان اي ليبرالي او علماني لانها ستكون حصيلة ما صنعته ايدينا .......



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو لم يسقط النظام السوري خلال 6 اشهر
- خارطة المأساة السورية
- سورية و معركة الامعاء الخاوية......لماذا؟
- قراءة نفسية لانتفاضة المسلمين ضد الفيلم المسيئ
- هل من مستقبل للعلمانية
- الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة
- في مفهوم (الاب الاوروبي)
- المثقف و البيك اب
- الثورة السورية و الكاريزمات القزمة
- خطة عنان.........و خيارات النظام السوري
- الوطن ........و اثر الفراشة
- د.اياس حسن و يوتوبيا المثقفين في الساخل السوري.......دراسة م ...
- الدولة السورية و مجهر الثورة
- المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عسيلي - العلمانيون و النكسة الثالثة