ماذا لو لم يسقط النظام السوري خلال 6 اشهر

احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3875 - 2012 / 10 / 9 - 16:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

طرح بعض الناشطين و المثقفين السوريين عبر احدى مجموعات الفيسبوك سؤالا مهما جدا و مؤرقا جدا.....الا و هو ماذا لو لم يسقط النظام السوري خلال 6 اشهر من الان؟
و كيف سيكون وجه سوريا يا ترى بعد 6 اشهر اذا بقي النظام لذلك التاريخ؟
طبعا هذا الافتراض و على رغم قساوته هام جدا و ربما منطقي ايضا في ظل ارتكاب النظام السوري عشرات المجازر و الجرائم...و قصفه للمدن السورية بالطائرات ..و قيامه بتخريب البنية التحتية السورية بشكل كبير لمدة 19 شهرا مع الصمت الدولي المخزي.....
و اذا اردنا توقع شكل الحياة السورية في ظل وجود النظام فاعتقد انه علينا ان نرى الشكل و المسار الذي اتخذته الثورة السورية منذ عدة اشهر و بالتالي يمكننا استنتاج الواقع الذي ستصير عليه بناء على هذا المسار ....
.............................................................................
ان اهم سمة للثورة السورية منذ بداية عام 2012 و مع افتقاد السوريين الامل في قدرة المظاهرات السلمية على احداث التغيير السياسي المطلوب هي التصعيد في العمل المسلح على حساب النشاط المدني او التظاهرات السلمية و ذلك في ظل ضيق النظام بأي نشاط سلمي او مدني مهما كان محدودا او حتى رمزيا...و ربما ما حدث في طرطوس في الايام الاخيرة هو دليل على العقلية التي ما زالت تسير النظام....
فطرطوس هي مدينة هادئة جدا و لم تشهد اي عمل مسلح و المظاهرات فيها قليلة جدا نتيجة حساسية الوضع الديمغرافي فيها وهذه المظاهرات هي على اي حال من النوع (الطيار)حسب مفردات الثورة السورية........وقد اقتصر النشاط في هذه المحافظة الصغيرة على بعض العمليات الاغاثية لللاجئين من المدن الاخرى....و حمل بعض اللافتات التي تؤكد على اهمية التغيير في نوع من المشاركة المدنية و السلمية....ومع ذلك قام النظام بحملة اعتقال كبيرة داخل طرطوس و ذلك بهدف القضاء على هذا الحراك,
وهذا القمع الشديد ادى الى اقتصار العمل الثوري على الشكل المسلح و الى خروج العديد من المثقفين و الناشطين السوريين الى المنفى نتيجة الاحساس بعدم فائدة اي تحرك سلمي و نتيجة ملاحقتهم و التنكيل بهم من قبل اجهزة مخابرات النظام,
و لهذا شهدت سوريا في الفترة الاخيرة هجرة كبيرة و لأعداد ضخمة من الناشطين المدنيين و الذين اصبحوا يمارسون نشاطهم المدني الداعم للثورة اما في دول الجوار كالأردن او لبنان او تركيا....او توجهوا نحو الدول الاوربية كفرنسا و بريطانيا.....مع بعض الحالات القليلة الذين بقوا داخل البلاد و هي حالات نادرة جدا و تتطلب شجاعة كبيرة و جرأة لا يملكها الا القليلين ...و هم على اي حال في حالة تخفي دائم و ملاحقة امنية دائمة و الكثير منهم تعرض لعمليات تعذيب او حتى اغتيال على ايدي النظام
..........................................................................
و في ظل الظروف السورية النابذة للعمل المدني خلقت بيئة مناسبة جدا بل و مثالية للعمل المسلح.....فبدأت اعداد اضافية من الكتائب المسلحة بالتشكل و بدء المزيد من المهيئين للعمل العسكري بالمشاركة بالحراك الثوري....و مع كل نقصان في العمل المدني و مع كل نقصان في الشروط المشجعة لها العمل سيكون هناك ازدياد في العمل المسلح و ستكون سورية ارض خصبة لكل الجهاديين و الراغبين في الشهادة ...وقد اعطى النظام السوري في استخدامه لبعض الميليشيات الشيعية المسلحة كحزب الله او جيش المهدي و حتى الحرس الثوري الايراني....اعطى زخما للإحساس الطائفي لدى العديد من الجهاديين و المجموعات السلفية السنية ........و ان كنت لم ارى احد من هؤلاء طوال فترة اقامتي في دمشق و ريفها لكني لا استبعد وجودهم في ظل العديد من التقارير التي تشير الى تواجدهم و ان بشكل قليل جدا
...........................................................................
اذن اذا لم يسقط النظام خلال مدة 6 اشهر و اذا لم يبدئ السوريون بعملية مصالحة وطنية حقيقية و البدء ببناء سوريا الجديدة بعد رحيل النظام......فان النموذج العراقي و حتى الصومالي او الافغاني هو ما ينتظر سوريا ......و حينها ستبدأ سلسلة جديدة من المآسي و الخراب الذي لن يقتصر على سوريا وحدها.
لذلك على الغرب و العرب و حتى على القوى العلمانية كلها ان تتعلم من درس افغانستان كي لا تقع في هذا المطب مرة اخرى.....و ربما اهم دروس افغانستان هي ان الدمار هو بيئة مناسبة للإرهاب و ان العمار و الديمقراطية هي البيئة المناسبة لولادة مجتمع مدني علماني
و اذا كانت الولايات المتحدة ادركت منذ الحرب العالمية الثانية ان دمار اوروبا اقتصاديا و سياسيا سيؤثر على العجلة الحضارية للولايات المتحدة و لذلك شرعت في القيام بمشروع مارشال ....فان الوضع السوري و اي وضع دولة كسوريا سيكون له نفس التأثير على العالم في ظل التطور التقني و المعلوماتي.....لذلك لا بد للغرب من مشروع مارشال اخر لدول الربيع العربي .....مشروع مارشال من كل النواحي كي نقوم ب(تجفيف منابع الارهاب)...على حد قول المفكر السوري محمد شحرور و اذا لم يفعل الأوربيين ذلك قريبا و قريبا جدا فنحن امام موجة جديدة من الارهاب سيعم العالم كله

#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات