|
الموت الرحيم
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 15:35
المحور:
المجتمع المدني
كنتُ قد سمعتُ في الأخبار قبل سنين ، أن سيئ الصيت ، الصهيوني" شارون " ، ميت [ سريرياً ] .. أي ان دماغه قد توقف عن العمل وعن الإستجابة وعن إصدار الأوامر ، ولم يَمُتْ كُلياً إلا قبلَ أيام . ورئيسنا طيب الذكر " الطالباني " ماتَ سريرياً قبل عدة أشهُر .. ويُقال ان صحته في تحسُن . هذا بالنسبة الى القادة والزُعماء أو الأثرياء .. الذين تكون إمكانيات الدولة والحكومة ، مُسّخَرة لرعايتهم وإدامة وإطالة حياتهم .. إذ ان مكوث هؤلاء في المُستشفيات وحاجتهم الى المُراقبة الدقيقة والرعاية على مدار الساعة .. الخ . كُل ذلك مُكلف مادياً ، لكن التكلفة المادية الباهظة ، لاتُشكِل عائقاً بالنسبة الى هذه النُخبة . وحتى التبعات المعنوية ، من قبيل الزيارات أو بالأحرى ، إلقاء نظرة على المريض ، التي يقوم بها الأهل والمُقربون أو الشخصيات العامة او الصحافة ، فأنها مُقننة وتتم تحت أعين ورقابة الجهات الرسمية ذات العلاقة . المُشكلة ، في المرضى من الناس العاديين .. إذا وصلوا الى مرحلة " الموت السريري " .. حيث لا هو مّيتٌ رسمياً حتى يُدفَن وينتهي الأمر ، مادامتْ بعض وظائفه تعمل ، مثل التنفُس والنبض .. ولا هو حَي ، لأنهُ لايشعر بشئ ، لايرى ولا يعرف أحداً من حواليه ولا يسمع ولا يتحرك .. والأكثر من ذلك ، فأنه في العادة ، " يعيش " بواسطة الأجهزة الطبية والأوكسجين .. وينبغي تحريكه وتغيير وضعية جسمه بين الحين والحين ، من اجل التنظيف أو درءاً للإصابة بالإلتهابات نتيجة التمُدد لفترات طويلة .. أي بالمُجمَل ، فأنه يحتاج الى رعايةٍ طويلة الأمَد ، مادية ومعنوية .. ليسَ على أمل الشفاء أو حتى التحّسُن .. بل فقط لأنه يستطيع التنفُس بواسطة الأجهزة ولا زالَ قلبه ينبض . مُشكلتنا هنا ، في الأقليم وفي العراق عموماً .. هو إفتقارنا الى مؤسسات صحية كافية ، تهتم جدياً بمثل هذه الحالات .. وترعاها وتتكفل بها . إذ ان مكوث مثل هذه المريض ، في المستشفى الحكومي ، لبضعة أيام أو إسبوع على أقصى تقدير .. وبسبب عجز المستشفيات ، عن إستيعاب جميع المرضى ، فأنهم يُبلغون الأهالي ، بأن مريضهم حالة ميئوس منها ، وبقاءه في المستشفى من دون جدوى ، وينصحوهم بنقله الى المنزل . وفي أغلب الحالات ، فأن ذاك المريض يموت بعد فترة بسيطة من نقله الى البيت . ........................ عموماً .. ولكي أكون واقعياً أكثر .. ولأنني أمتلك الكثير من المقدمات والأسباب ، التي تزيد من إحتمالية الإصابة بمثل هذه الحالات الميئوس منها.. سواء بعد سنة أو بعد عشرة سنين .. فأنني أعلن عن رفضي البقاء ميتاً سريرياً ، وأطلب إنهاء حياتي بكل بساطة . أقول ذلك وأنا في كامل قواي العقلية وفي راحةٍ ذهنية ممتازة . أعلن ذلك منذ الآن ، لأنه من الممكن " إذا وصلت الى تلك المرحلة " .. أن أفقد القدرة ، حينها .. على الكلام او الكتابة أو الحركة . لا أريد في تلك الحالة ، أن أسبِب إزعاجاً كبيراً لزوجتي وأولادي وبناتي ، برعايتي [من دون فائدة ولا أملٍ في التحسُن ] .. فالإزعاجات التي سّببتها لهم طيلة سنوات ، كافية ! . أما مَنْ يُقّرِر في حينها ، وكيف ومتى ؟ فالمسألة سهلة وبسيطة : إذا كنتُ في غيبوبة لثلاثة أيام ، فأرجو ان تُنهى حياتي في صبيحة اليوم الرابع .. أو إذا عانيتُ من آلام شديدة لاعلاج سريع لها ولا أمل قريب في التحسن ، فأطلب مُغادرة الحياة غير آسف !. لا أريد ان أصبح حملاً ثقيلاً على أحدٍ على الإطلاق .. وأعتقد ان العُقلاء من أقربائي المُقربين ، يؤيدونني تماماً ، لأنهم يشبهونني ! . فأنا من دُعاة ومُشجعي " الموت الرحيم " . فكثيراً ما نسمع او نقرأ ، عن فلان الذي يرعى أباه المُقعد او المشلول او الفاقد للذاكرة ، لسنين طويلة .. لكن في الواقع ، هذه الحالة نادرة للغاية وهي إستثناء وليست قاعدة .. فحتى أقرب المُقربين " إذا طالتْ مُدة الرعاية "، يسأمون ويمّلون ويتعبون ويعاتبون ويتأففون ويلعنون في أعماقهم سنسفيل أجدادهم ، على هذا الحظ العاثر!! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المالكي يُدافع عن السُراق
-
لِمَنْ أعطي صَوتي ؟
-
ضوءٌ على إنتخابات أقليم كردستان
-
حتى الأموات .. ينتخبون
-
أيها المصريون .. لاتُبالغوا في إمتداح السعودية
-
لا تَقُل : حَجي ولا أبو فلان !
-
هزيمة اليمين الديني في مصر
-
ما أغبانا .. ما أغبانا !
-
المُشكلة في : الثلج
-
تداعيات إعتزال مُقتدى الصدر
-
كُرد سوريا .. بين الخنادِق والفنادِق
-
المدينة الصائمة
-
لا يمكن تبديل الجيران
-
الفيلُ والنملة
-
اللعنةُ .. اللعنةُ !
-
السُمعة الجيدة ، والنوايا الطيبة .. ليستْ كافية
-
فوضى بغداد .. وإستقرار أربيل
-
العقرب السام
-
الإتحاد الوطني .. لِصاحِبهِ .. ؟
-
بينَ التهّور والإتِزان
المزيد.....
-
ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح
...
-
بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل
...
-
الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس
...
-
الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح
...
-
الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول
...
-
هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا
...
-
قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض
...
-
هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س
...
-
بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا
...
-
الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|