أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا والحرب النفسية














المزيد.....

سوريا والحرب النفسية


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تستفيق سوريا هذه الأيام وكل صباح على انتظار ما يمكن أن يحدث: ضرب من الأميركي أو ضرب الكيماوي. وتشعر أنها في كلتا الحالتين خاسرة، ففي حالة الكيماوي رأينا ما حدث وما زال في طور الحدث. أما في حالة الأميركي، فيبدو الأمر أو يريد البعض إظهاره كأنه حالة سريعة طارئة تتم وتنتهي في حقل ضيق وبهدف إزالة «الأذى»، الذي لحق بالوطن السوري على مدى ما يقرب من سنتين ونصف السنة.

وتأتي حالة الإرجاء المفتوحة للضرب الأميركي لتحدث اضراباً وبلبلة نفسيين فظيعين في أوساط الكبار والصغار، وفي حقول الاقتصاد والقضاء والتعليم بل في سائر الحقول، مع حالة من الإرعاب المقترنة بارتفاع نسبة نزوح السوريين إلى بلدان الجوار. هكذا يبدو الأمر حرباً نفسية يمارسها الفريقان مع فرقاء آخرين يختصون برفع الأسعار وبنشر الرعب، وباليأس والفقر بل كذلك الجوع الماحق والذل المهين... إلخ.

وثمة أطراف شاركت منذ البدء في إشعال النار والحيلولة دون الوصول إلى حدود الخلاص أو التوافق، فهذه عقدت الوضعية السياسية والعسكرية والأيديولوجية من خلال تغييب الحدود بين الحقيقة والباطل، وتعقيد الحياة العامة بين الطوائف والمذاهب والأديان وغيرها.

فإلى جانب المعارك العسكرية، برزت معارك طائفية ودينية وعملت على تعمية اللوحة بخطوطها وتعرجاتها وحيثياتها. وفي هذا وذاك راح البعض في قلب النظام السوري وفي خارجه يسوق لنمط آخر من التدمير، وهو التقسيمية، وشيئاً فشيئاً بدت سوريا كأنها «لعبة جديدة للأمم»، الكل يسعى لاقتطاع قسم أو طرف منها، ليجعل منه كياناً مستقلاً زائفاً.

وإذا كان الطرف الأميركي والدولي الأوروبي سائراً في طريق إرجاء «الضربة» واللعب، بذلك، على أعصاب السوريين، فإن طرف النظام لا يتوقف عن اللعب بالنار المتفرّخة عن الصواريخ والطائرات والدبابات، وفي هذا وذاك، يعيش الأطفال والكبار حالة من الذعر والفزع، جنباً إلى جنب مع خروج أعداد متصاعدة في الكثرة من الناس، ويبقى القول بأن الأطراف الأخرى التي حرضت - لمدة طويلة اشتغلت فيها بـ«الفيتوهات»، فأفسدت المواقف وزورت الوقائع -انقلبت الآن على الطرف الحكومي، بدعوى أنها تريد إصلاح مواقفها المتمثلة بتلك الفيتوهات. لكنه اتضح أن ذلك هو صيغة ملفقة من آراء مزعومة. ويلاحظ أن ذلك في كل صيغه وأشكاله لم يحمل إلى الشعب السوري إلا الألم والقسوة وإطالة التدمير للمجتمع السوري.

في هذه الحال من التعقيد ترسل رسائل بين الحين والآخر، إلى الشعب السوري تحمل مآسي تزيد القلق والغموض والأذى، ولسان حال هذا الشعب يقول: يمكن أن نخطئ ونتعثر في طريقنا المليء بالمصاعب، ولكن النصر لن يكون إلا نهايتنا.

فلقد اتضح سابقاً، وسيتضح دائماً أن طريق النصر، هو طريق الآلام والمخاطر، التي تجسد ضريبة النصر الغالي. فلقد خرج من سوريا أعداد ضخمة من البشر، باحثين عن بقعة سلام وأمان. وأدرك الكثيرون أن الأزمة السورية الفظيعة لم تعد قابلة للحل إلا إذا استؤصل الشر من حيث هو، أي إلا إذا اجتث الفساد والإفساد والاستبداد، تلك الركائز الكبرى لحكم «يبقى إلى الأبد»، ولا يقبل بأي خيار آخر سوى ذلك الذي يقوم على ثنائية المستبد والمُستبد به.

وسيتعين على السوريين لاحقاً أن يستنبطوا مبادئ الحرية والديمقراطية والآليات التي تحققها حسب الركائز الكبرى لـ «الحكم المدني»، وذلك على أساس رؤية عقلانية تاريخية ووطنية، وكما أن التاريخ ينتج مآسيه الكبرى والصغرى، فإنه كذلك ينتج لحظاته ومراحله، التي تهيء لنشوء مجتمع تتطابق فيه مآلاته السعيدة، وهذه الطريق هي - في حقيقة الأمر ينجز فيها التقدم التاريخي هنا متآخياً مع العدالة الاجتماعية والحرية. وهنا نريد القول بأن الوضع السوري الراهن لا يتطلب أن ننظر إليه من المعجزات، بقدر ما يستدعي العمل على إنجاز ولادة سوريا الجديدة في إطار من المجتمع المدني، الذي يكون القانون والديمقراطية فيه سيدي الموقف.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب على قاعدة الحرب!
- سوريا وحكمة «سنوحي»
- سوريا: الطريق من أوِله!
- سوريا: السياسي والاعتقادي
- جيوش العالم الثالث
- سُلّم الأخطار
- الثورة السورية والمشهد المصري
- الطائفية والثأرية... موقف واحد
- من مؤامرة كونية إلى ثورة
- اقتراحان لإخماد حرب القرن
- الثورة السورية... وذريعة «المؤامرة الكونية»
- طرق لابتلاع الثورة السورية
- العرب بين السياسة والدين
- الرئيس المستقيل من حزبه
- الإصلاح «المغلق»
- سوريا... إلى أين؟
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي


المزيد.....




- إسرائيل تصعد إجراءاتها ضد تركيا: الحكومة تبحث فرض رسوم جمركي ...
- شاهد: الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في موسكو.. والرئيس الشيشا ...
- شاهد: الحجاج يرمون الجمرات في منى في أول أيام عيد الأضحى
- الرئيس السوري بشار الأسد يؤدي صلاة عيد الأضحى في دمشق
- صحيفة عبرية تحدد شريان حياة وحيدا لإسرائيل بعد حرب غزة معلق ...
- تقتل خلال 48 ساعة.. -بكتيريا آكلة للحوم- تنتشر في اليابان
- وزير خارجية سويسرا: سنبحث نتائج المؤتمر حول أوكرانيا مع روسي ...
- أطفال غزة يستقبلون أول أيام عيد الأضحى من وسط الدمار (صور)
- مؤتمر سويسرا ينفض دون إجماع
- قائد السرب -109- في سلاح الجو الإسرائيلي: نشعر بإحباط -الفشل ...


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا والحرب النفسية