أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا: السياسي والاعتقادي














المزيد.....

سوريا: السياسي والاعتقادي


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 09:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعاظم الحديث في الأشهر الماضية عن «إسلاميين متشددين» و«سلفيين» و«أصوليين»، دخلوا سوريا وبدؤوا يعيثون فساداً فيها إلى درجة قتل شباب والإساءة إلى آخرين. وكان هذا، بالنسبة لمن يسوِّقونه سياسياً في سوريا مناسبة لرفع الصوت بغزو إسلامي سلفي لسوريا قادم من «القاعدة» أو «مُكتشف» في سوريا نفسها. وبطبيعة الحال، كانت الولايات المتحدة وبعض بلدان الغرب قد اكتشفت في ذلك خطراً هائلاً كانت الثورة السورية -كما قال إعلاميو النظام السوري- هي التي حفزت على نشأته. وتأتي الخطوة الأخيرة بالإعلان أن «الثورة المذكورة» إن هي إلا عصابة من شذاذ الآفاق، اجتمعوا على أن يحوِّلوا سوريا إلى ترسانة ضد الشعب السوري والغرب العلماني كليهما.

وفي سياق ما رافق ذلك من صراعات زائفة وملفقة، راحت سوريا تنتفض على المجموعات الإسلامية المستجلبة من الخارج، في سبيل اللعب على الإشكالية الحقيقية التي أنتجت الثورة، وذلك بإخفائها عبر تزوير هويتها الحقيقية: إنها ما كنا نتحدث عنه منذ ثلاثة عقود، أي إشكالية الفساد والإفساد، إشكالية الاستئثار بالسلطة والثروة وبالإعلام والمرجعية المجتمعية والسياسية، كما أنها إشكالية الفقر والإفقار والإذلال من قبل الدولة الأمنية، التي على الجميع أن يطأطئوا رؤوسهم لها، إذ هي التي تعمل على إفساد من لم يفسد بعد، بحيث يصبح الجميع فاسداً ومُفسداً تحت الطلب!

لم تقم الثورة السورية بسبب وجود إسلام سياسي متشدد مزعوم، أو بسبب انتشار الطائفية البغيضة، إذ أن الشعب السوري لم يخرج من وحدته الوطنية، رغم ما يحاوله البعض من إيهام للناس بوجود «سوريا طائفية جديدة»، بعد انهزام سوريا الوطنية الموحّدة، في العموم والإجمال.

فمنذ طفولة هذا الجيل السوري الموجود الآن، كنا نتشرب بحليب الوطنية والتعددية المذهبية والدينية والطائفية، ونعتبر ذلك كله سوريا، ممثلة في العلوي والسني، الدرزي والإسماعيلي، اللاذقي والحمصي، العربي والكردي... وكل الآخرين دون استثناء. وحين كان تلامذة المدارس يعلمون من خلال آبائهم ومعلميهم وجيرانهم بوجود طوائف سورية أخرى غير التي سمعوا بها أو رأوها وعايشوها، كانوا يشعرون بمزيد من العزة الوطنية والقدرة على مواجهة العدو التاريخي المتمثل بإسرائيل. وفي هذا، كان أولئك حين يسمعون عن تناقضات وصراعات بين مجموعات من السوريين، يدركون عبر ما تملّكوه من وعي وطني جامع ومحفّز، أن سوريا هي لذلك الجميع الذي يلتقي على خط ناظم حاسم، كما يدركون أين تقع الخطوط الحمراء التي تمثل جامعاً للسوريين في مواجهة الأعداء الخارجيين الطامعين في سوريا والمعيقين للتقدم فيها.

ومن الطريف والدال بقوة هائلة، وبما تقوم عليه تلك الصيغة الموزائيكية، بعناصرها البنيوية، أن القول التالي بمثابة الناظم لحياة السوريين جميعاً: «كلو مين على دينو يعينو». لقد سبق الشعب السوري كل المنظرِّين من أبنائه إلى امتلاك طاقة ثقافية وأيديولوجية تقرب بين أجزاء صيغته الموزائيكية، بكل الاعتبارات والمقاييس، ومنها تلك التي تنجز وظيفتين اثنتين، تقوم الأولى على تحقيق مزيد من القوة الفعلية وفي شخص كل السوريين، ذلك لأن البناء كلما كانت أحجاره الرافعة كثيرة وتشمل مساحته كلها، كان هذا الأخير أقرب إلى القوة الناظمة المشاركة. أما الوظيفة الثانية فتتحدد في أن الهُوية السورية هي كل تلك الهويات المتمثلة في الصيغة الموازاييكية المذكورة، وذلك في حقل يحتمل كذلك الهوية العربية، التي تغتني بذلك كله، وبما سبقها تاريخياً من مدنيات تاريخية عريقة.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيوش العالم الثالث
- سُلّم الأخطار
- الثورة السورية والمشهد المصري
- الطائفية والثأرية... موقف واحد
- من مؤامرة كونية إلى ثورة
- اقتراحان لإخماد حرب القرن
- الثورة السورية... وذريعة «المؤامرة الكونية»
- طرق لابتلاع الثورة السورية
- العرب بين السياسة والدين
- الرئيس المستقيل من حزبه
- الإصلاح «المغلق»
- سوريا... إلى أين؟
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»
- قانون الاستبداد الرباعي!
- استراتيجية «الزمن التاريخي»
- عار اغتصاب النساء


المزيد.....




- تحديث مباشر.. دخول الصراع يومه التاسع وترامب: إسرائيل لا يمك ...
- على وقع الضربات المتبادلة مع إسرائيل.. زلزال في شمال إيران
- -فتاح 2-: الصاروخ الإيراني الذي يصل إلى تل أبيب في أقل من 5 ...
- الدويري: المقاومة تعمل بعمق قوات الاحتلال وحرب إيران لا تؤثر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لخيام تؤوي نازحين غرب مدينة غزة ...
- شاهد.. أفضل ضربة قاضية هذا العام
- هل ستقبل إيران بما يطرح على طاولة الأوروبيين؟ وما موقف إسرائ ...
- ترامب يكشف سبب -صعوبة- مطالبة إسرائيل بوقف ضرباتها على إيران ...
- تظاهرة في ماليزيا دعماً لإيران وفلسطين ورفضاً للدعم الأميركي ...
- مظاهرات حاشدة في بغداد دعمًا لإيران ورفضًا للحرب


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا: السياسي والاعتقادي