أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الطائفية والثأرية... موقف واحد














المزيد.....

الطائفية والثأرية... موقف واحد


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 09:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست ظاهرة الطائفية حديثة العهد في تاريخ التحولات التاريخية في العالم خصوصاً لدى الشعوب التي لم تنجز مهماتها التاريخية، كما هو الحال في العالم الثالث.

وحين يصل الحديث إلى هذه الأخيرة، فإنما يتعين علينا أن نذكّر بوجود ثمانية عشر طيفاً مجتمعياً تحمل هوياته إثنية ومذهبية وطائفية وقومية، إضافة إلى العشائرية والقبلية، وكذلك الأضلع المتعددة في الطائفة الواحدة. وكما هو معروف في الدراسات الأنثروبولوجية (الإنسية)، فإن مجتمعاً من مثل هذا الذي يوجد في سوريا، يمكن أن يجسد بنية مجتمعية غنية بصيغ تشي بغنى هائل في حياة أولئك الخاصة والعامة.

ولكننا نسجل هنا وجهاً آخر للمسألة يمكن أن يحوّل البنية المجتمعية المذكورة كما قدمناها، إلى نقيضها، إن هذا النقيض هو ذاك الذي يشعل ناراً في حقل الهويات المذكورة، ولكن كذلك في المجتمع كله، نفي أيضاً ما تبقى من البنية المجتمعية السورية، بحيث ظهرت إمكانات خطيرة لنشوء حروب طائفية وأخرى أهلية وما يتشظى منهما من ظاهرات تزرع المجتمع بما قد يفككه ويشرذمه، وإذا كانت حالة مثل هذه قد نشأت سابقاً في التاريخ السوري عموماً، وخصوصاً في مرحلة الاستعمار الفرنسي لسوريا، وجرى اقتلاعها مع حرب الاستقلال؛ فقد تمت تصفيتها نهائياً مع مشروع ذلك الأخير، الاستعمار، الذي حاول تحقيقها باسم «سايكس بيكو». وكان هنالك رجال عظماء قد وقفوا في وجه الطائفية المتخلفة، من أمثال يوسف العظمة، وصالح العلي، وسلطان الأطرش، وفارس الخوري، فاستطاعوا سوية مع الشعب السوري قبرها إلى حينها.

وبعد ذلك، كانت هنالك محاولات من قبل أفراد لإحياء ذلك الوباء الطائفي، يداً بيد مع الاستعمار الغربي وبعض الطامعين من دول محيطة. وظل الوباء المذكور قاتماً كأنه نار تحت الرماد، إلى أن ظهر المشروع الإيراني وأداته العسكرية الممثلة مع دهشة وأسف عميقين - بـ«حزب الله» اللبناني. فلقد شعر الشعب السوري وشعوب عربية أخرى بأنها أصيبت بخذلان شديد من قِبل من حقق انتصاراً عسكرياً على إسرائيل.

والسُّبحة في التاريخ العسكري والسياسي تقوم على أن حباتها لا تحتمل انفصال بعضها عن بعض. ولقد حدث ذلك بمسوّغِ أن مقدسات الشيعة قد انتهكت في أضرحتها ضمن ذلك، كيف هذا وسوريا الأم هي التي تعايشت مع تلك الأخيرة من حيث هي أضرحة من تراثها النبيل، سواء كانوا شيعة أو علويين أو دروزاً أو سنة وغيرهم، إني أعتقد، ومعي الكثيرون هنا في بلدنا السوري، أننا ربما فقدنا الكثيرين من أصدقائنا من أمثال هؤلاء، لأن الحرب القائمة غيبت الكثير منهم، مع إبرازها محظورات ما كان الناس يعيشونها، ولا بد من عودتهم إلى السِّرب الوطني الحميم.

والآن، إذا وضعنا يدنا على تلك الظاهرة الظلامية، بما فيها من أخطار تعمّ الجميع ولا تستثني أحداً، فإن الوجه الآخر من هذا المحور «الظلامي به يتجسد في ظاهرة لا تقل خطراً وشؤماً عن تلك الأولى (الطائفية). فإن أوضاعاً من الاضطراب والهذيان العسكري التي يعيشها الوطن السوري والمتمثلة بـ «الثأرية»، كفيلة بتفكيك المجتمع السوري كخطوة أولى، وبتحويله إلى لقمة سائغة أمام مَن يسبق الآخرين لحصْد الهشيم كخطوة ثانية. ومع ذلك، يمكن القول بأن وعياً عقلانياً وطنياً راح يُفصح عن نفسه لدى مجموعات متنامية من المواطنين والمثقفين والمأخوذين بحب سوريا والدفاع عنها. ويلاحظ أن ذلك الوعي يتقدم محذِّراً بأن الثأرية ليست إلا بديلاً عن العدالة والشفافية بالتعامل مع الأزمة؛ ومن ثم، فهي إنْ ظلّت تشعل الشعور بالحقد والكراهية والتأهب «لأخذ الثأر»، فإن الوطن، وطننا السوري سيكون ثمن ذلك كله، وقبل كل شيء أن ابن المطلوب هو العدالة، عبر محاكم وطنية، وبرقابة دولية صارمة!

إن التماهي مع الوطن والحكمة العقلانية هو سيد الأشياء والمواقف، وإذ يكون الأمر على هذا النحو، فإن «ثلاثية الوطن والحكمة» لا يمكن أن نضعها وراءنا.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مؤامرة كونية إلى ثورة
- اقتراحان لإخماد حرب القرن
- الثورة السورية... وذريعة «المؤامرة الكونية»
- طرق لابتلاع الثورة السورية
- العرب بين السياسة والدين
- الرئيس المستقيل من حزبه
- الإصلاح «المغلق»
- سوريا... إلى أين؟
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»
- قانون الاستبداد الرباعي!
- استراتيجية «الزمن التاريخي»
- عار اغتصاب النساء
- الثورة لا تتوقف عند السلطة السياسية
- العدالة العقلانية فوق الثأرية
- نقد أدونيس للثورة السورية
- النفق السوري المظلم


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الطائفية والثأرية... موقف واحد