أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 8














المزيد.....

حكاية من - كليلة ودمنة - 8


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 16:14
المحور: الادب والفن
    



يحكى، أنه في ليلة ربيعية رائقة، خالية من السحب، انعكسَ نورُ القمر في عينيّ طفل صغير، كان نائماً على رصيف أحد الشوارع. تململ الولد في رقاده، محاولاً العودة للإغفاء وهوَ من يعلم أن هناك من سيجبره على الاستيقاظ مبكراً: " ذلك الجنديّ المأفون، صاحب المدفع المركون بأعلى الجبل، لن يلبث أن يصبّ حممه على المدينة.. "، ردد مهموماً ثمّ عاد إلى لملمة جسده الغض، لكي يجلب الدفء لأعضائه المبتردة.
على الرغم من أن صوت طفلنا كان ضعيفاً، إلا أنه تناهى إلى قبّة السماء؛ ثمّة، أين يقيمُ النجوم والقمر. هذا الأخير، تنهّد وقال لجيرانه " يا له من ولد مسكين..! لو أن أشعتي كانت حارّة كالشمس، لجعلت نومه هانئاً نوعاً ". فما أن نطق كلمته، حتى اشتعل الليلُ بضجيج النجوم وكلّ منهم يعبّر عن رأيه بما رآه وسمعه. مأخوذاً بحماس من حوله، هتف القمر مجدداً " وإذن، فليشر عليّ أحدكم برأي نافع، يمكن أن يساعد أمثال هذا الطفل البائس، طالما أن قلوب البشر أضحت كالحجر "
" لديّ فكرة، أيها الشيخ الطيّب..! "، توجهت إليه النجمة الأمّ. هز القمر رأسه، دلالة على الاهتمام، فابتدأت هذه بشرح وجهة نظرها " بما أن شخصاً واحداً، حَسْب، هو من يظلم هؤلاء الأولاد وأهاليهم، من أجل أن يسود عليهم بالقوة الغاشمة، فلا مناص من إجباره على الرحيل! "
" ومن الذي سيجبر هذا المعتوه؛ هوَ من بلغ فيه الغرور أن أعتقد بألوهيته؟ "
" أنت، يا صديقي.. "
" أنا!.. ولكن، كيف يا أختاه؟ "، هتف القمر متسائلاً بحيرة. هنا، هزت الأخرى رأسها في حركة تأكيد ثمّ أجابت " لنفترض أن عملية كسوف الشمس استمرت لفترة طويلة، فماذا سيحصل لسكان الأرض..؟ "
" آه، فهمت عليك.. ولكن، هل سننكل بالعالمين لخاطر طاغيةٍ لا يساوي ثمن فردتيّ حذائه، الشبيهتين بصاروخين حربيين..؟! "
" لا، بطبيعة الحال. بل ستقوم أنت بحجب أشعة الشمس عن هذا البلد تحديداً. وبما أن الرعية اعتادت طوال عامين على العسف والجور، فلن يعجزها تحمّل الهمود لفترة تطول أو تقصر "، قالتها وقد ارتج صوتها لفرط التأثر.
في ظهيرة اليوم التالي، كان الملك الإله في مكتبه الفاره، حينما حطت الظلال فجأةً على الملف المنكبّ على مطالعته بتمعّن. لوهلةٍ، اعتقد هوَ أن الوقت فاته، فلم ينتبه لحلول ساعة المغيب. إثر هنيهة أخرى، علِمَ من حاجبه بأمر الكسوف. ثمّ ما لبث مليكنا أن تلقى مكالمة من قرينته، التي راحت تذكّره بعلامة القمر وما تعنيه فلكياً: " على وجه القمر، يا مولاي، ترتسم فقط صورتك البهيّة، ويراها الناس في كل مكان. وعندما يكسف القمرُ أشعة الشمس، فإنه دلالة على انتصارك حتماً "
" نعم، نعم.. عندي تقرير بذلك! "، أجابها قرينها المقترن بالإله في نبرَة مقتضبة.
أسبوع آخر، على الأثر، وأفاق القصرُ جميعاً على صراخ أولاده، الخمسة. قبل ذلك، أشيع في البلد أن كلّ شخص تسنى له تأمل صورة الملك على صفحة القمر، قد أبتليَ بالعمى. وها هوَ مليكنا، يذرع بعصبيّة أرضيّة مكتبه، المفروشة بسجادة فارسيّة رائعة ونادرة. كان قد طردَ للتوّ امرأته من الحجرة، بعدما تجرأت فرفعت صوتها عليه طالبة منه معالجة الأولاد كونه بالأساس طبيبَ عيون. وعلى الرغم من حزنه الشديد لما آل إليه حالُ أبنائه، وخصوصاً وليّ العهد، إلا أن قلقه كان يداور في مكان آخر: " يا للحمقى!.. لقد اندفع خيرة أفراد حرسنا الجمهوري وقواتنا الخاصّة، لكي يشاهدوا صورتي المزعومة على وجه القمر ".
ثمّة، في المجمع السماويّ، كان القمر وجيرانه النجوم والكواكب قد سكتوا دفعة واحدة، ما أن تراءى لهم مشهدُ صبيّ صغير، يتوسّد حافة الرصيف. كانت عينا هذا المتشرد، الزرقاوان، تبدوان كحجرين لا حياة فيهما. لقد سبق له أن طافَ أماكن عديدة في البلد مع والديه وأخوته الأربعة، الأصغر منه، إلى أن فقد أثرهم ذات ليلة: " إنهم عميان مثلي سواءً بسواء، فلن يذهبوا بعيداً "، خاطب الولدُ نفسه بصوت خفيض. ثمّ ما عتمَ أن انطوى على أعضائه، متهيئاً للنوم. بيْدَ أن البردَ اللعين، القارص، أبعَدَ الكرى عن أجفانه. عندئذٍ، راح يستجلبُ ذكرياتٍ حميمة، حارّة، علّها تبعث الدفء في جسده المقرور والمرتعش.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية من كليلة ودمنة 7
- حكاية من - كليلة ودمنة - 6
- حكاية من - كليلة ودمنة - 5
- حكاية من - كليلة ودمنة - 4
- صورة الصويرة؛الضاحية2
- حكاية من - كليلة ودمنة - 3
- العقلية المشتركة للسلطة والمعارضة
- حكاية من - كليلة ودمنة - 2
- صورة الصويرة؛ الضاحية
- صورة الصويرة؛ الحاضرة 2
- صورة الصويرة؛ الحاضرة
- مَراكش؛ جبل توبقال 2
- مَراكش؛ جبل توبقال
- بشار ابن أبيه
- موت ممثل صغير
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ


المزيد.....




- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 8