أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 2














المزيد.....

حكاية من - كليلة ودمنة - 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 22:49
المحور: الادب والفن
    



يُحكى أن زوجَيْن من اللقلق انتقلا من داخل المدينة إلى سورها، فابتنيا عشهما هناك وخلّفا البنين والبنات. المكان، كان يسوده الهدوءُ والدِعَة؛ فلا جَلبة لسوقٍ ولا ضجّة لخلقٍ، بل عَرَصَة مخضوضرة تمتدّ تحت السور، تكتنفها الأشجار والخمائل والأجمات. فضلاً عن ذلك، أسعد اللقلقُ حقيقةَ أن الرزقَ كان مبذولاً هنا، لكثرة الأفاعي والزواحف الأخرى.
ذات ليلة ربيعية، معتدلة الهواء، مثخنة السماء بغيوم حَجَبت القمرَ والنجوم، أفاق ذكرُ اللقلق من هناءة النوم وهو يشعرُ بالقشعريرة. أراد تعديلَ رقاده، حينما لفتَ نظره سحابة سوداء، تزحف حثيثاً من ناحية البادية، البعيدة. ما أن تمعّن ملياً في ذلك المشهد، حتى انتفضَ مذعوراً: إنّ ما بدا لعينيه، لوهلةٍ، أنها فلولُ الريح الشرقيّ، لم تكن في واقع الحال سوى جيش لجب. وما جعل اللقلق على يقين من رؤياه، هوَ توقف هذا الزحف، على حين فجأة، ما أن صارَ بمحاذاة التلال القريبة من السور.
" انهضي، يا هذه..! "، همسَ الطائرُ لقرينته بصوتٍ يجلله الحذر والرهبة. بدورها، انتفضت انثى اللقلق ما أن علِمَت بداعي الازعاج. ثمّ ما لبثت أن تساءلت، بعدما استعادت بصرَها من ناحية الخلاء: " لا بدّ أنهم من الأعداء! ". هز رجلها رأسَهُ موافقاً، وهوَ ما يفتأ مستغرقاً في التفكير. عندئذٍ، تململت الأخرى: " ها، ماذا يدور في رأسكَ؟ " سألته في خوف. أفاق ذكرُ اللقلق من سبات الفكر، وما عتمَ أن أجاب رفيقته: " لطالما اتهمنا الإنسانُ بالحماقة والغفلة.. "، قالها بنبرَة أكثر ثقة، ثمّ أضافَ " واليوم، علينا أن نثبت للناس بأننا لسنا مثلما يدّعون! "
" ماذا يدور في رأسك، يا رجل؟ "
" لا تخشي شيئاً، فما علينا إلا العودة للنوم "
" كيف!.. كيف لنا أن ننام مطمئنين، والأعداء لا يلبثون حتى يطبقوا على سور المدينة؟ "، هتفت الأنثى بارتياع. فما كان من ذكرها سوى تنبيهها: " صه! لا ترفعي صوتك، فتوقظين الحراسَ ". فعادت هيَ لتستفهمَ وقد أشكِلَ الأمرُ عليها: " ولكننا سنوقظ هؤلاء الحراسَ، على كل حال.. أليس كذلك؟ ". وعلى الرغم من العتمة، البهيمة، فقد خيّل لأنثى اللقلق أنها رأت بارقاً من الابتسام على منقار رجلها، الدقيق والمتناسق. إثر هنيهة صمتٍ، أجابَ هوَ بنبرة منتصرة " لا، سندعهم في سباتهم يعمهون! إن إيقاظنا لهم، سيؤدي إلى نهوض المدينة مع جيشها للتصدي للغزاة. وعند ذلك، من الصعب أن نواصلَ حياتنا هنا في هذا المكان المزدهر، الآمن..! "
" ربّاه! ماذا تقول؛ أمن الحكمة أن نغض أبصارنا عن جيش العدو وهو في سبيله لأخذ مدينتنا وإهلاك أهلها؟ "
" ومن قال أنها كانت مدينتنا، أو أن أهلها كانوا يوماً أصدقاء لنا؟ "، أجابها بسؤال فيه ما فيه من السخرية والمرارة. ثمّ أردفَ قائلاً بشيء من الهدوء " ما علينا سوى النأي بأنفسنا عن هذا الصراع، وفي التالي، الركون إلى نتيجته! ".
ثمّة، خلف صخور التل، القريب من سور المدينة، كانت طلائعُ الغزاة ما تزال متوارية، وقابعة بلا أي حركة أو نأمة. حتى إذا انتهى مقدَّمُها من تقدير الموقف بعينيه الضيقتين، المتفحصتين، فإنه التفتَ إلى مساعده ليقول بصوت خافت: " مثلما ترى، فإن الجنودَ نائمون. ولم نلحظ هناك، على السور، أيّ شيء يدلّ على تبديل نوبة الحراسة "
" أجل. لم ألحظ أي حركةٍ مريبة ثمّة، اللهمّ سوى لزوج من طائر اللقلق.. "
" ولكي لا نزعج خاطرَ هذا الزوج فيوقظ الحرسَ بطيرانه أو صوته، فإننا سنقوم برميه بالنبال قبيلَ لحظة تسلقنا السور! "، قالها المقدّمُ متبسّماً بخفةٍ. ثمّ ما عتمت طلائع الغزاة، على الأثر، أن اعطيت لأفرادها إشارة الانطلاق للتسلل نحو سور المدينة، النائمة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة الصويرة؛ الضاحية
- صورة الصويرة؛ الحاضرة 2
- صورة الصويرة؛ الحاضرة
- مَراكش؛ جبل توبقال 2
- مَراكش؛ جبل توبقال
- بشار ابن أبيه
- موت ممثل صغير
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ
- العودة إلى المربّع الأول
- القدم اليتيمة
- مَراكش؛ أصباحٌ، هاجراتٌ، بَدْرُ
- مَراكش؛ أذواقٌ، أصواتٌ، بَصَرُ
- مَراكش؛ زوايا، أماكنٌ، بؤرُ
- مَراكش؛ أشجارٌ، عرائشٌ، بشرُ
- شبّيحة علويّة، شبّيحة كرديّة
- حكاية شبّيح


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 2