أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 3














المزيد.....

حكاية من - كليلة ودمنة - 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 11:49
المحور: الادب والفن
    




يقال أن أهل الغابة اجتمعوا يوماً ( وهم نادراً ما كانوا يفعلون ذلك )، وتداولوا في مشكلتهم مع الأسد. كان الثعلبُ أول المتكلمين، هز ذيله تعبيراً عن الألم وقال: " ها أنتم ترون الوضع، كان ملك غابتنا يصيد لكي يأكل، مكتفياً ببضع طرائد لنفسه ولأهله. أما الآن، فإنه وجماعته يقتلون لمجرد الرغبة بالقتل والانتقام! ". حرك الخنزير البريّ رأسه موافقاً، وعقّب بالقول: " صدقت، كان وضعنا أفضل ". كبيرُ جماعة الغزلان، المعروف بسداد الرأي عند الآخرين، أبدى الامتعاض مما سمعه: " هل أفهمُ، مما تفضلتما، أننا كنا على خطأ حينما تمردنا على جور الأسد وجشعه؟ "، قالها متوجهاً للخنزير والثعلب. هذا الأخير، تلوّى مجدداً مُظهراً تأثره، وبادر مجيباً: " ليسَ تماماً، يا صديقي المبجّل! "، ثم أردفَ وقد لمعت عيناه ببريق غامض " ولكنني كنتُ أتساءل عن البديل، المفترض أن يكون الأفضل للجميع ". الغزال العجوز، واصلت ملامحه التعبير عن الضيق. قال إثر وهلة صمت: " لن نقبل سوى برحيل الأسد! وبعد ذلك فقط، يمكن الاتفاق على البديل... "
" رحيل الأسد..! "، هتف الثعلب مقاطعاً مجادله باستنكار. كذلك كان أمر الخنزير، الذي دمدم ساخطاً: " كنا نتوسّل ملكنا أن يمنحنا بعض حرية الحركة في الغابة، والآن سنطالب بطرده منها؟ ". بدا أنّ معظم الحاضرين، حسبما نطقت ملامحهم، يؤيدون كبير الغزلان. هذا، حافظ على هدوئه، شاملاً بقية المجتمعين بنظرة عينيه، العميقتيّ الغور. وكان الكبيرُ أكثر تصميماً، عندما توجّه أخيراً إلى الخنزير والثعلب بالقول: " أجل، وأنتما من سينقل طلبنا إلى الأسد بأن يرحل على الفور..! ".
مرات كثيرة أشرقت الشمس وغربت، وكان الأسد ما يني في عرينه ساخراً من اولئك الملحّين على إبعاده عن الغابة؛ طالما أن الكثير منهم أضحوا بأنفسهم طريدي الديار خوفاً على حياتهم. أما الخنزير والثعلب، فإنهما واصلا الوساطة بين المتخاصمين وتناول الطعام على موائدهم. غير أنّ الولائمَ، هنا وهناك، ما عتمت أن تناقصت كثيراً بسبب التمرد وما نجم عنه من شحّة الموارد والطرائد سواءً بسواء. ذات يوم، تعمّد الثعلبُ الذهابَ إلى مليكه وحيداً، فانتبه إلى أن هذا قد أصبحَ أكثر رشاقة. وها هوَ الأسدُ بدَوره، يُلاحظ أن ثمّة حصاة في فم الثعلب. عندئذٍ قالَ يستنطقه: " ها، أراكَ على غير المألوف بدون صحبة صديقك؟ ". كعادته، تلوّى الآخر مُفصحاً عن التأثر، قبل أن يجيب: " يا مولاي، لا وجود لشيء اسمه الصداقة؛ بل الإخلاص ". سرّ الملكُ من حكمة تابعه، المخلص، فهز رأسه بإطناب كأنما يهتفُ: " مرحى! ". بيْدَ أنه ما لبث أن تفكّر قليلاً، قبل أن يضيّق عينيه مُستفهماً عن مقصد الآخر.
" يا مولانا الملك، إن هذا الخنزير هوَ في آخر الأمر آكلُ عشبٍ، مثله في ذلك مثل الآخرين المعلنين الثورة على جلالتكم "، قال الثعلبُ في نبرة خضوع متماهية بالحذر. مندهشاً، تفرّسَ الأسدُ في تابعه ملياً ثمّ تساءلَ: " ولكنني لم أجدَ منه ما ينبأ عن الخيانة، فضلاً عن كونه ما يفتأ محلّ ثقة أهل مملكتي من الموالين والجاحدين على حدّ سواء؟ "
" إنه يتحايل بإطالة الأزمة، لكي يحصل على مهل زمنية، عديدة، فيطعن بالسن ويصبح لحمه غير مرغوب فيه "
" عجباً. إنني أنا من استفادَ، حتى الآن، من هذه المهل المتواترة، التي أتاحها طول الأزمة..! "
" وإذن، فإن خيرَ دليل على إخلاصه لكم، هوَ أن يقطع الشكّ باليقين؛ فيضع حياته بتصرف مولاه "، قالها الثعلبُ بغير قليل من التعظيم. أخذ الأسدُ يتلمظ شفتيه، فيما هوَ يتخيّل جرمَ الخنزير، المتخم باللحم والدهن. ولكنه ملكٌ، قبل كل شيء، ولديه أنفة وليسَ معدة حَسْب. ويبدو أنّ الآخرَ، التابعَ، أدركَ ما يجول في ذهن مليكه، فما لبث أن استطردَ قائلاً " تتساءل جلالتك عن البديل، أليسَ كذلك؟.. فاعلم يا مولاي أنه موجودٌ ورهن إشارتكم "
" من هوَ..؟ "
" إنه صديقكم الدبّ؛ الذي يحكم الغابة البعيدة، الأكبر! "، أجابَ الثعلبُ وبوارق الفوز تتراقص في عينيه كجذوة النار.
الشمس، أشرقت وغربت مرات كثيرة، على الأثر. حتى حان، أخيراً، وقتُ زيارة الدبّ الأكبر لعرين صديقه. ما أن اختلى الأسدُ بضيفه، حتى بادره هذا في لهجة ممتعضة: " هذا الثعلبُ، والحق يقال، لا يعجبني..! ". إذاك، راحَ الأسدُ يعدد مناقب من صارَ وزيره والخدمات التي أسداها للمملكة خلال الأزمة. فقال الضيف بخفة: " لديك العديد من الأقارب، وهم ليسوا أقل ذكاء وخبثاً من الثعلب! "
" وماذا سأستفيد من قتله؛ فإن لحمه غير صالح للأكل على أيّ حال؟ "، ندّت عن الملك على سبيل الدعابة. إلا أن الآخرَ كان جاداً، بل وفظاً أيضاً، حينما أجابَ: " لقد وعدتُ امرأتي بفراء ثمين، كي تتوسّده تحت رأسها حينما تنام!.. وأنت تعرف، بأنني لا أتراجع عن وعدي قط؛ فما بالك مع رفيقة حياتي، الحبيبة؟ ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقلية المشتركة للسلطة والمعارضة
- حكاية من - كليلة ودمنة - 2
- صورة الصويرة؛ الضاحية
- صورة الصويرة؛ الحاضرة 2
- صورة الصويرة؛ الحاضرة
- مَراكش؛ جبل توبقال 2
- مَراكش؛ جبل توبقال
- بشار ابن أبيه
- موت ممثل صغير
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ
- العودة إلى المربّع الأول
- القدم اليتيمة
- مَراكش؛ أصباحٌ، هاجراتٌ، بَدْرُ
- مَراكش؛ أذواقٌ، أصواتٌ، بَصَرُ
- مَراكش؛ زوايا، أماكنٌ، بؤرُ
- مَراكش؛ أشجارٌ، عرائشٌ، بشرُ


المزيد.....




- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 3