|
البحث عن الغائب الحاضر -14-رواية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4136 - 2013 / 6 / 27 - 05:28
المحور:
الادب والفن
البحث عن الغائب الحاضر -14- رواية ************************* ركب سيارته وانطلق بسرعة جنونية نحو الطريق السيار . كانت الأشجار تودعه عبر منحدرات الشارع المؤدي الى طريق الرباط . الطريق السيار يشبه الطريق المؤدي الى القمر ، يمنح العابر عليه بعض الحرية في سياقة سيارته بسرعة لا تسمح بها الطريق العمومية . كل ما هو عمومي في المغرب معطل ، فاسد وخاسر . اذا أراد أي مواطن أن يصل بسرعة الى هدفه في هذا الوطن عليه أن يدفع ثمن الطريق الخاص . اسفلت الطريق يكاد ينسى ما خلّفه وراءه من جسده . السرعة الجنونية التي يسوق بها أحمد تكاد تبتلع الطرق القادم . انه يحس بشبه طيران ، حمولة السيارة أخف وهي تنطلق كالريح . كل شيئ يمر سريعا ، الأشجار ، والهضاب القريبة من الطريق ، والمساحات المزروعة ، اعمدة العلامات الموجهة ، براريك الفقراء المزروعة هنا وهناك ، بعض الحيوانات من حمير وجياد وخرفان ، لا شيئ يثبت ، كل شيئ يختفي في ثواني معدودة ؛كأنها صور أحد الافلام التي شاهدها منذ فترة ، حيث الأبقار تتطاير في الهواء ، والأكواخ تهتز ، وصفيحها يتراقص في الفضاء متناثر ا. عليه أن يصل في الموعد المحدد ، عداد السرعة ينزلق الى 180 كم/س ، أحس بأنه يطير ، احمد له جناحان الان ، غير مهتم بفقدان التوازن ، لا يخاف الموت ، تحرر من كل ضغط . ليذهب هذا الرئيس وهذا الجهاز المتعفن الى الجحيم . العالم يمر بسرعة تفوق سرعتي ، لا أحد يكترث بالاخر . الجميع يبحث عن ذاته فقط ، يخدمون النظام ، لكنهم يخدمون أنفسهم قبل النظام ، ولو وجدوا من يمنحهم أجرة اضخم ، وامتيازات أكبر ، سيكونون هم أول من يسقط النظام . هكذا فعل المذبوح ، واوفقير والدليمي ، كانوا من اقرب المقربين الى العرش ، ومن أخلص الناس للملك ، لكن الخيانة لم تات الا من عندهم . عالم السياسة لا ثقة فيه . ها هو الظلام يحط برجله الثقيلة على الأرض ، شغل أحمد أضواء السيارة الكاشفة ، وزاد من السرعة . لا حظ أن دراجة نارية تتبعه ، تطلق صفارتها وراءه ، ضرب بشدة بيده على المقود ...تفوووو ماذا يريد هذا الغبي .... قال بصوت عالي . راكب الدراجة النارية لم يسمعه طبعا . توتر أحمد ، لقد كسر تحليقه وأعاده الى الأرض . قام باعطاء اشارتين ضوئيتين مكررة أربع مرات من جهة اليسار الخلفية للسيارة ، وهي علامة متعارف عليها بين رجال الأمن كدليل على انتماء صاحب السرعة لجهز حساس . لكن صاحب الدراجة لم يوقف دراجته ويعود من حيث أتى . استمرت صفارة الانذار في اطلاق صوتها الكريه ، مما اضطر أحمد الى توقيف سيارته بالدوس على المكبح مرة واحدة ، الى درجة أن السيارة التفت ثلاث لفات حول نفسها في نفس المكان . عندما أوقف الدركي دراجته سبه أحمد ، وشتمه بألفاظ نابية ، قبل أن يخرج بطاقة هويته ، ويقذفها في وجه الدركي ، انحنى عليها الدركي قرأها . واعتذر . لم يكلمه أحمد دخل سيارته وانطلق وهو يسب ويلعن . ربما كان الدركي جديدا بالمهنة . أو أنهم نسوا أن يعلموه تلك الاشارة التي تمنح بعض الاستثناء لأصحابها في الافراط في السرعة ، وان كانت احيانا قاتلة . السرعة قاتلة ، والبطء علامة موت ، والثبات موت أكيد . " جربت البطء والانتظار ، ولم ينلني الا ازدراء وسخرية من متسمرين في أماكنهم . وجربت الثبات والوقوف ، فسبقني من هو أقل مني مهنية وكفاءة ، والآن ، سأجرب منطق السرعة ، لم يعد لي ما أخشاه في هذه الحياة " كان يحدث نفسه ، وهو يمخر سيارته في الأوطوستراد كسفينة فضاء ، تهتز تلك الاهتزازات الخفيفة وكانه جلس فوق مركب بلاستيكي في منتج صيفي راق .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي
-
عوربة الاقتتال
-
العرب ومجتمع الزيف
-
واقع الشعر من واقع العرب
-
ايران ولعب الكبار
-
الصمت بين المعنى والوجود
-
لاتصدقي تجار الدين
-
تحريف الجهاد
-
الحداثة هدف مؤجل
-
البيان حلم والممارسة واقع
-
ثمة أغنية في الحنجرة
-
الانسان ذلك المنحرف -1-
-
القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
-
قصة الدمعة -قصة-
-
مؤتمر جنيف-2- الميت
-
ريق السحلية
-
البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
-
ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
-
عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
-
قصة : لم أتعلم الندم
المزيد.....
-
ماسك يوضح الأسباب الحقيقية وراء إدانة ترامب في قضية شراء صمت
...
-
خيوة التاريخية تضفي عبقها على اجتماع وزراء سياحة العالم الإس
...
-
بين الغناء في المطاعم والاتجاه للتدريس.. فنانو سوريا يواجهون
...
-
-مرضى وفاشيون-.. ترامب يفتح النار على بايدن و-عصابته- بعد إد
...
-
-تبرعات قياسية-.. أول خطاب لترامب بعد إدانته بقضية الممثلة ا
...
-
قبرص تحيي الذكرى الـ225 لميلاد ألكسندر بوشكين
-
قائمة التهم الـ 34 التي أدين بها ترامب في قضية نجمة الأفلام
...
-
إدانة ترامب.. هل يعيش الأميركيون فيلم -الحرب الأهلية-؟
-
التمثيل التجاري المصري: الإمارات أكبر مستثمر في مصر دوليا
-
-قدمت عرضا إباحيا دون سابق إنذار-.. أحد معجبي مادونا يرفع دع
...
المزيد.....
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
المزيد.....
|