أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - من مؤامرة كونية إلى ثورة














المزيد.....

من مؤامرة كونية إلى ثورة


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 09:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاء التصريح الذي أطلقه بوتين قبل أسبوع ونيف، ليعلن ظاهرة جديدة يمكن تسجيلها في خانة «يقظة ضمير أم خلخلة المصالح». فلقد قال بوضوح: إن الرئيس السوري لم يفعل شيئاً حتى الآن على صعيد الإصلاح، للأسف. ولو فعل شيئاً منذ البدء، لما كان لهذا الذي يحدث في سوريا وجود. والمرء يدرك أن انتقال رئيس من موقف إلى موقف آخر، لا يأتي هكذا دونماً أسباب معلنة أو خفية: فالفعل السياسي حالة مركبة تعرف بأنها «لعبة السياسة». وتحت هذه العبارة تندرج من العواطف والمصالح والمواقف ما قد يشكل وضعية موزائيكية، يمكن أن تخفي شخصية صاحبها، أو تظهرها على غير حقيقتها. أما أن بوتين قد أطلق تصريحه بقناعة أو بعد وصوله إليها، فهذا أمر قد يخفي التباساً أو آخر لكن الناتج في هذه الحال لا شك أنه لصالح الحقيقة عموماً وللمصداقية السياسية والشرف السياسي بخاصة.

إنه لأمر يستفز العواطف ويلهب النار في قلوب السوريين أن يدفعوا هذا الثمن الفاحش الهائل، لأن السلطة القائمة أخطأت في التقدير- حسب بوتين- ولم تكتشف - في حينه - ضرورة الاستجابة لمطالب شعبها، ولذلك فوتت فرصة اقتراب حقيقي من الشعب في اللحظة التاريخية الصحيحة. ومن ثم، فإن خطأين اثنين جرى ارتكابهما، مع الإصرار على السير في الطريق الذي فتح أبواب النار. لقد وضع بوتين يده على حقيقة الموقف، وإن جاء ذلك متأخراً، وبعد تكلفة تعادل الوجود، وأذكر بأن الدعوة إلى القيام بإصلاح حقيقي وفعلي كانت قد مثلت فضيلة وأيما فضيلة من طرف، وأنها كانت - لو استجيب إليها - قد أحدثت تحولاً عميقاً في سوريا من طرف آخر. أما الأمر الذي ظهر شائناً وفظيعاً، فكان قد تمثل في وصْم الانتفاضة بكونها «مؤامرة كونية»، هكذا بكل خِفة وسخرية، مع اتهام الشباب الذين خرجوا إلى الشارع للتظاهر السلمي، بأنهم عملاء لهذا البلد أو ذاك.

لم يقرأ المسؤولون في سوريا الرسالة التي أخذت تلوّح - كما كان يرى العالم العربي ابن خلدون - بأن الزمان أزمنة وهذه إن لم يقرأها المرء ولم يفهمها بطريقة صحيحة علمية وليس عبْر أجهزة لا تضمر للشعب ولا لعلمائه ومؤسساته، إلا ما يجعل السجون غاصّة بمقتضى قوانين الطوارئ والأحكام العرفية.

وسأذكر هنا حادثتين اثنتين لأدلل على أن الداخل السوري وصل إلى مرحلة المرارة القصوى والاستفزاز الهائل، وكلتا الحادثتين عشتهما شخصياً.

تقدمت «بمشروع إصلاحي» لأحد المسؤولين الكبار في النظام وبناء على اقتراحه ذلك عليّ، وكان بعنوان: من الدولة المدنية الرشيدة إلى المجتمع الوطني الديمقراطي». كان مصير مخطوط ذلك المشروع أني لم أسمع خبراً عنه، وأني لم أره ثانية ولا ثالثة.

أما الحادثة الأخرى فتتحدد في أن سقوط بغداد جعل كولن باول وزير الدفاع الأميركي، في حينه، يوجه رسالة على التلفاز إلى دمشق بعد يوم من سقوطها، قال فيها: «على دمشق أن تتقن الدرس البغدادي»! فكان ذلك بمثابة استفزاز للشعوب العربية كافة، والسوري منها بخاصة، وقد كان ذلك بمثابة استفزاز شخصي لي، فكتبت بياناً بخط اليد، ووزعته على الناس بيدي خاطبت فيه النظام السوري والنظم العربية. وكان عنوانه على النحو التالي: «سارعوا أنتم وافتحوا الدائرة، قبل أن يفتحها الأغيار!».

ومرت الأيام والسنون، وظلت الدائرة السورية مغلقة، إلى أن أتى مسؤولان اثنان في درعا، وفتحاها، ولكنْ على الناس وضدهم في الداخل، والطريف الملفت أن هذين المسؤولين لم «يُلفت» نظرهما على الأقل، لما فعلاه، ولو بسيطاً، وبحق البعض من سكان بسطاء في درعا، واندلعت بعده الانتفاضة!

إن قانون التطور الاجتماعي في بلد ما مجاور لبلدان أخرى، محكوم أولاً بما يحدث في داخله من إيجابيات وسلبيات، قبل أن يكون محكوماً من الخارج. وفي سياق ذلك، يجد الخارجُ فرصته سهلة المنال، فيتدخل حسبما تقتضيه مصالحه. إنها جدلية الداخل والخارج هي التي وقفت وراء البدء، بدء الانتفاضة التي تحولت إلى ثورة. إذن، من الغبن وضيق الأفق المعرفي أن نقول: إنها مؤامرة كونية!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتراحان لإخماد حرب القرن
- الثورة السورية... وذريعة «المؤامرة الكونية»
- طرق لابتلاع الثورة السورية
- العرب بين السياسة والدين
- الرئيس المستقيل من حزبه
- الإصلاح «المغلق»
- سوريا... إلى أين؟
- الثورة السورية... إلى أين؟
- الانتفاضة السورية والسياسة
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»
- قانون الاستبداد الرباعي!
- استراتيجية «الزمن التاريخي»
- عار اغتصاب النساء
- الثورة لا تتوقف عند السلطة السياسية
- العدالة العقلانية فوق الثأرية
- نقد أدونيس للثورة السورية
- النفق السوري المظلم
- الفكر السياسي و-الثورة-


المزيد.....




- تحليل: مأزق إغلاق الحكومة الأمريكية.. إلى متى سيستمر ومن سيس ...
- من رزان جمّال إلى جوني ديب: مشاهير العالم والعرب يتألقون في ...
- بماذا يختلف -أسطول الصمود- عن المبادرات السابقة للوصول الى غ ...
- -جيل زد 212-: أعمال عنف في المغرب وسقوط قتيلين برصاص عناصر ا ...
- -أسطول الصمود- المتجه إلى غزة يواصل رحلته رغم اعتراض البحرية ...
- إندونيسيا: مقتل خمسة أشخاص على الأقل وفقدان 59 آخرين جراء ان ...
- توني بلير...لماذا يثير الجدل؟
- النيابة العامة في تركيا تحقق في هجوم إسرائيل على أسطول الصمو ...
- إسرائيل تحيل مدن وقرى الضفة الغربية إلى جزر معزولة
- ما التهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين؟


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - من مؤامرة كونية إلى ثورة