أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حذام الودغيري - برتولد برخت حياة جاليليو (الفصل 1، المشهد 1) عن الإيطالية (يتحدث عن ثورة الشك ودوران الأرض...)














المزيد.....

برتولد برخت حياة جاليليو (الفصل 1، المشهد 1) عن الإيطالية (يتحدث عن ثورة الشك ودوران الأرض...)


حذام الودغيري

الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 19:52
المحور: الادب والفن
    


جاليليو:
(يتنشّف)، نعم، أنا أيضا لمّا رأيْتْهُ أوّلَ مرّة، غَمَرَني ذاتُ الشّعور. هكذا يُؤثِّرُ في البعض. (يرمي المنديل لأندريا لينشّف له ظهره). الجدْران، القِباب، كلُّ شيء ثابت! لِأَلْفَيْ عام اِعتقدتِ البشريةُ جَمْعاء أنَّ الشمس وَ كَوْكَباتِ النّجوم تدورُ حوْلَها: البابا، كهنة الكنيسة، الأمراءُ، العلماء، القُيّاد، التجّار، بائعاتُ السمك والتلاميذ، كلُّهم كانوا مقتنعين بأنّهُمْ ثابِتونَ داخلَ هذه الكرةِ البِلّورية. لكنّنا الآن، يا أندريا، شَرَعْنا في الإبحار وينتظرُنا سَفَرُ ُ عظيم. فالزمنُ القديمُ ولّى وهذا زمن جديد. وكأنّ البشريّة منذ مائة عامٍ تنتظرُ حدوثَ أمرٍ ما.
المُدنُ صغيرةٌ، والرّؤوسُ صغيرةٌ: مُدجَّجةٌ بالطّاعون ِوالْخُرافاتِ. لَكِنِ اليومَ أصْبحنا نقول: بِما أنّ الأمورَ هكذا، فَلا يَنْبَغي أنْ تَبَْقى هكذا: كلُّ شيء يتحرّك يا صديقي.
كلُّ شَيْء بَدَأَ مع السّفن ـ تَروقُني هذه الفكرة. الإنسانية ُ تذكُرُ أنّ السُّفنَ زَحَفتْ أمداً طويلاً بِمُحاذاةِ الشواطئ، وفجأة، تخلّتْ عنها وانطلقت بعيدا في عُرْضِ البحار.
في قارّتِنا العجوز ظَهَرَتْ إشاعةٌ: هناك قارّاتٌ جديدة. وما أن بدأت سفُنُنا تتقاطَرُ عَليْها حتّى ابتهجتِ القارّات وصاحت: ليسَ البحُر اللُّجِيُّ المُخيفُ سِوى بِرْكَةِ ماءٍ صغيرة! وتأجّجتْ رغبةٌ عارِمةٌ لتحرّي الأسباب الجذرية لِلْأشياء: لماذا يَسقُط الحجر حين نُفِْلُته من أيدينا، وحين يُقذَفُ إلى الأعلى، لماذايَصْعد؟ كلُّ يوم يحمل اكتشافا جديدا. حتى المعمِّرون الذين نيّفوا على المائة، يطلبون أن يصرخ الشباب في آذانهم آخر المكتشفات.
لقد اكتُشِفَ الكثير لكن ما لم يُكْتَشَفْ بَعدُ أكثر. وهذا يعني أعمالا أخرى للأجيال اقادِمة.
وأنا صغيرٌ، في سيينّا، شهِدتُ بنّائينَ يتناقشون دقائقَ طويلةً حول طريقة نقل كُتَل من الغرانيت: بعد ذلك، تخلّوْا عن الأسلوب الألْفِيّ القديم، واعتَمَدوا للحبالِ ترتيباً جديداً أبسط وأنجع. وَقْتَها أدركتُ أنّ العهدَ القديم انتهى وبدأ عهدٌ جديد. قريباً سَتَنْجلي الأفكارُ وستعرف البشرية مكانَ هذا الجسمِ السماويّ الذي تسكُنُ فيه. لم يعُدْ يكفيَها ما سُطِر في الكتب القديمة.
أجَلْ: حيثُما هَيْمَن الإيمانُ ألفَ سنة، يُهَيمنُ الآنَ الشكّ. الكلُّ أصبح يردّد: صحيح، هذا مسطور في الكتب، لكن دَعُونا ننظر قليلاً بأنفسنا. كما لو أن النّاس اقتربت من الحقائق المهيبة وربّتتْ على كتفها. مالَمْ يُشَكَّكْ فيه قَطُّ أصبح اليومَ موْضِعَ شكّ.
أمّا دوّامةُ الْهواءِ الكبيرة التي ارتفعتْ من هذا كلّه، فهي لا تُراعي حتى ملابس الأمراء والأساقفة المطرّزةَ بالذهب، وتكشِفُ سيقاناً سَمينة وأخرى نحيفة، باختصار كَمِثل سيقاِننا.
اتّضح أنَّ السّماواتِ فارغة: ملاحظةٌ دوّتْ لها وتعالتْ ضِحكاتُ الابتهاج.
الأنَ أصبحتْ مياهُ الكرةِ الأرضية تُديرُ المغازلَ الجديدة، وفي مواقع البناء وفي مصانع أربطةِ الأعمدة والأشرعة، خمسُ مائة يد تتحرّك مجتمعةً وفقَ نِظام جديد للعمل.
أتوقّعُ أن نسمعَ قبلَ أنْ نموت، مناقشاتٍ حوْلَ عِلم الفَلَك في ساحات الأسواق. وحتّى أبناءُ بائعاتِ السّمك سيذهبون إلى المدرسة. و سيكون سكّان مدننا متعطّشين إلى أشياءَ جديدة وسيجدون متعةً في علم فَلَك جديدٍ يجعل الأرضَ نفسَها تتحرّكُ قليلا. اعتقدنا طويلاً أنّ كوكباتِ النجوم مُثْبتةٌ في قُبّة من بلّور بطريقةٍ تُجنّبها الوقوع. لكننا تسلّحنا بالشجاعة وسمحنا لها أن تحوم وحدها دون مربَط، وها هيَ الآنَ مُنْهَمِكةٌ في المسافات الطّويلة، مثل سُفُننا، تُسافِر دون مرساة. والأرض تدورُ مبتهجة حول الشمس، ومعها تدور بائعاتُ السّمك ،والتّجارُ، والأمراءُ، وكهنةُ الكنيسة وحتّى البابا نفسه.
الكونٌ فَقَد مركزَه في غضون ليلة واحدة، في الصّباح التالي،في ردّة طَرْف، انبثقت له مراكزُ لا تُحصى. اُنظُرْ شَساعةَ المكان الموجودة.
سُفُنُنا ترحلُ بعيدا، كوكباتُ نجومنا تدور بعيدا في الفضاء، حتى في الشطرنج
بدأت البروجُ، منذ مدّة، تتحّركُ طليقةً فوق مساحة الرقعة.
كيف يقول الشاعر؟ " يا فجر العالم..."



#حذام_الودغيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألدا ميريني قصيدتا -ليدا - و - فانّي- (مترجمتان عن الإيطالية ...
- لوتشو دالاّ كاروزو (الأغنية الشهيرة) عن الإيطالية
- إدموند روستان، - سيرانو دو برجراك- (الفصل 2، المشهد 8) ( متر ...
- قصيدتان ل ألدا ميريني ( مترجمتان عن الإيطالية)
- قصيدة -شاعرة- ل إيلدا ميريني (مترجمة عن الإيطالية)
- قصيدة -حبّ- بابلو نيرودا (مترجمة عن الإيطالية)
- قصيدة -الحب- لويس أراغون (مترجمة عن الفرنسية)
- لماذا تنبغي قراءة -اللاهوت العربي وأصول العنف الديني- للدكتو ...
- حول التحقيق مع الدكتور يوسف زيدان أمام نيابة أمن الدولة العل ...
- حبٌّ لا يسكن نفساً حرّة، لا يُعَوّل عليه... قراءة في - ظل ال ...
- نظريات الحب من خلال - مأدبة - أفلاطون
- قصيدة -جُمَلٌ سَلْبِيّة لِبذْرَةِ عُبّادِ شمس- للشاعر الصيني ...
- لمحة عن تطوّرات الشعر الإيطالي الحديث
- الصرخة ( II ) ألان جينسبيرغ ( ترجمة عن الإنجليزية)
- الأصدقاء ل دينو بوزاتي ( ترجمة عن الإيطالية)
- امرأة ككل النساء ورجل يقدّس الحياة قراءة في النبطي للدكتور ي ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حذام الودغيري - برتولد برخت حياة جاليليو (الفصل 1، المشهد 1) عن الإيطالية (يتحدث عن ثورة الشك ودوران الأرض...)