غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 21:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأمبراطور رجب طيب أردوغان
عـــاد إلى عاصمته...
الأمبراطور عاد إلى عاصمته, بعد زيارة للمغرب وتونس. كانت غايته الرئيسية في هذين البلدين اللذين تظهر فيهما بعض نتائج الجمود السياحي والمكاسب التجارية, نظرا لتفاقم مظاهر التعصب الإسلامي والتي تبعد ملايين السواح الأوروبيين, وبالرغم من تغلغل الشركات والمصارف الفرنسية عامة والأوروبية خاصة... مع ذلك بدا واضحا أن السياحة والشركات الأجنبية والمؤسسات المصرفية, بدأت تبدي مظاهر التحفظ... والتحفظ باللغة الرأسمالية.. يعني تراجعا...ولهنا جـاء بطل الإسلام وفارسه ومنقذه.. رجب طيب أردوغان.. الزعيم التركي الوحيد الفريد. مع فريق من التجار الأتراك.. من حاشيته المقربة طبعا... لينقذ إسلام أفريقيا الشمالية وتجارتها...
ولكن في نفس الوقت.. هناك تحركات ديمقراطية وخضراء في اسطنبول وأنقرة والعديد من المدن التركية, والتي تتحمل ديكتات السيد أردوغان منذ أكثر من عشر سنين, الذي يصدر ثورات الديمقراطية ومطالب الحريات العامة, إلى جميع دول الجوار والعالم العربي والعالم الإسلامي. ولكنه يرفض كليا ممارسة أبسط هذه القيم الإنسانية الحضارية.. في بلده.
وفاض الكيل عندما أعطى السيد أردوغان رخصة تحويل ساحة ومنتزه تقسيم التاريخي, إلى مجمع سكني فاخر, بالإضافة إلى أكبر و أضخم مخزن Hyper ou Géant Market سوف تعرفه تركيا. رخصة تجارية أعطيت إلى أصدقاء ومقربي السيد أردوغان طبعا. علما أن ساحة تقسيم تراث تاريخي ورئــة مدينة اسطنبول... فقامت الدنيا ولم تقعد من قبل الأنتليجنسيا التركية والفنانين والشبيبة التي لا تهضم ولا تتحمل ديكتات السيد أردوغان الفردية, بالإضافة إلى سياسته الخارجية, وتدخله المباشر فيما سمي ــ ألف مرة خطأ ــ الربيع العربي. وخاصة في الأحداث السورية. حيث أن جميع الأحزاب الديمقراطية التركية, وخاصة الحزب الجمهوري المعارض الذي كان يرفع دائما شعار الصداقة مع جميع جيران تركيا, وإزالة جميع المشاكل الإثنية التي تفاقمت وازدادت خلال عشر سنوات أردوغان... وما زالت تزداد وتتفجر... مما يسيء داخليا للدخل الفردي والتجارة والسياحة. بالإضافة إلى غياب كل قواعد الديمقراطية في ممارسة الحكم. هذا الحكم الأردوغاني الذي يبتعد بخطوات سريعة عن مبادئ العلمانية التركية المعروفة منذ أيام أتاتورك... وما حوادث ساحة تقسيم سوى النقطة الزائدة التي أفاضت الماء من الكأس...حيث تحرك ملايين الأتراك في جميع المدن التركية... وخلافا لوعود السيد أردوغان وتصديره لتجارة الديمقراطية واستماع صوت الشعب.. سقط عدة قتلى وآلاف الجرحى, بمواجهة أجهزة القمع والمواجهة التركية الأردوغانية, والتي لا تتميز بالمرونة الديمقراطية التي تواجه بها عادة الدول الديمقراطية مظاهرات مطالب شعوبها... بالإضافة أنه وحسب وكالات الإعلام التركية نفسها والعديد من وسائل الإعلام العالمية التي سارعت إلى ساحة تقسيم ــ نظرا لأهميتها التاريخية ــ صرحت بأن حزب السيد أردوغان جهز (آلاف قبضاياته) وأرسلهم لمشاركة الشرطة التركية لقمع المظاهرات.. مما دفع العديد من المواطنين الأتراك الحياديين إلى الانضمام للمتظاهرين ودعم مطالبهم.. ومنهم العديد من الفنانين والأدباء والكتاب والشعراء والإعلاميين الأتراك المعروفين عالميا......
ولكن كل هذه الاعتراضات (الديمقراطية) ورغم اعتذار نائب رئيس الوزراء من أجل العنف الذي استعملته قوات حفظ النظام, وقبضايات حزب العدالة... إلا أن السيد أردوغان فور عودته واستقباله الأمبراطوري, أعلن أنه سوف يحاسب المعترضين.. وأن مشروع تغيير ساحة تقسيم سوف يتابع ضمن برامجه الزمنية المحددة.. مما زاد الطين بــلــة... وما زالت ساحة تقسيم بــكــر وفـــر بين قوات حفظ النظام والمتظاهرين المعتصمين فيها... حتى كتابة هذه السطور........
*********
اتفرج وأتابع من عدة وسائل إعلام ما يحدث مباشرة على أرض هذه الساحة الاسطنبولية الشهيرة... في المدينة التي لجأت إليها غالب عناصر ما سمي المعارضات السورية بمختلف أشكالها... حيث كانت تعقد في فنادقها الفخمة على حساب أمير قطر. وبإشراف استراتيجي مباشر من السيد أردوغان نفسه, جميع التخطيطات والمطالبات وتنظيمات الشارع السوري, وإصدار البيانات عن مستقبل سوريا واختيار حكوماتها.. وخاصة اختيار انظمتها.. دوما لحظة بلحظة.. وحتى آخر لحظة.. بإشراف السيد اردوغان الذي كان يحدثنا ويوعظنا ويفتينا عن رغبات الشعب السوري الديمقراطية.. مصرا دوما على كلمة ديمقراطية.. ويلونها بكلمات حــريــة.. حرية. ومن بداية الأسبوع الماضي.. ماذا يحدث في البلد الذي يديره السيد أردوغان بنفسه, ولوحده, بلا أية مشاركة أو اعتراض.. مظاهرات ديمقراطية شعبية, تطالب في جميع المدن التركية وبكل سلمية.. مزيدا من الحريات.. التمسك بالعلمانية التركية, التي يمزقها كل يوم السيد أردوغان.. وقبل كل شيء.. استقالة السيد أردوغان.. بكل سلمية.. بكل ديمقراطية.. وحفاظا على رغبة الشعب... كما كان يحاضرنا عن سوريا وسلطتها السيد أردوغان بنفسه من سنتين وأكثر... فاتحا حدوده على مصراعيها لجميع مقاتلي جبهة النصرة والقاعدة وجميع تشكيلات المحاربين الإسلاميين, مع خبراء قتال شوارع وتخريب من أجهزة مخابراته الاختصاصية في الدس والفتنة وخلق البلبلات والأحداث المفتعلة في المدن السورية, مما سبب مئات آلاف الضحايا وملايين المشردين, بين المواطنين السوريين. بالإضافة إلى مليارات الدولارات من خسائر الـبـنـى التحتية والفوقية والاقتصاد السوري... بشكل رهيب اعترض عليه الشعب التركي الشقيق والأخ, مئات المرات في إعلامه, في أحزابه, وتشكيلاته النقابية والتشريعية...
وما زال السيد أردوغان يمارس نفس الدور حتى هذه الساعة, مراضاة لحلفائه من الغربيين والأمريكيين والصهيونية العالمية, والعربان النفطيين.........
الــطــابــة.. الطابة في ملعبك يا سيد أردوغان... لا تشفيا... لأنني أحــب الشعب التركي وأحترمه.. ولي بين فنانينه وأدبائه أصدقاء عدة. وهم يشاركونني الرأي بأخطائك الاستراتيجية.. وسياستك التي لا أوافقك عليها ولا يوافق عليها غالب الأحرار من النساء والرجال في بلدك... وخاصة النساء يا سيد أردوغان....
الطابة في ملعبك... آمل أن تغير وأن تتغير...
بـــالانــتــظــار.......
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟