السيد فابيوس = المحقق كادجيت

غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 10:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

Monsieur FABIUS = Inspecteur Gadget
مـسـاء الـبـارحـة, على القناة الفرنسية الثانية, أعلن السيد فابيوس, وزير الخارجية الفرنسي أن غاز ساران السام الذي استعمل في سورية, منشأه السلطة الرسمية. وذلك رغم تأكيدات محققة الأمم المتحدة, كارلا ديلبونتي, أن مقاتلي المعارضة هي التي استعملت هذه المادة السامة الممنوعة. وبالرغم من اعتقال المخابرات التركية (صديقة هؤلاء المقاتلين) لعناصر من نفس المقاتلين الداخلين إلى تركيا وبحوزتهم كمية من هذه المادة السامة. علما أن المساطر التي حللتها السلطات الفرنسية ــ وحسب تصريح مسيو فابيوس بنفسه ــ هي نفس المساطر التي جلبها الصحفيان العاملان في جريدة لوموند Le Monde الفرنسية واللذان مكثا لمدة شهرين مع المقاتلين ضد السلطة في سوريا.. مقاتلون يعملون غالبا مع مدربين أمريكيين أو أوروبيين مخابراتيين اختصاصيين بالدس والتشويه Désinformation... وفبركة الصور والأخبار المشوهة الكاذبة...
هذه كانت المواد الاستخباراتية التي اختارها السيد فابيوس. مع اختيار التوقيت. مصرحا بكل براءة, رغم خطورة تصريحه المدسوس والمغشوش.. أنه لا علاقة له بمتابعة الاهتمام بـ Genève 2. وكلنا سوف نصدقه طبعا. مورد معلوماته, مراسلو جريدة لوموند. وموارد هؤلاء المراسلين محاربو المعارضة...
ألا يذكركم هذه بحدث مماثل, وإعلام مشوه كاذب مماثل, سبب اقتحام العراق وحرقه وتدميره كليا وتشتيت شعبه, من القوات الأمركية... بالإضافة إلى تحريك ضغائن طائفية وإثنية, ما زالت آثـارها المؤذية تفجر قواعد هذه البلد العربي الطيب...كما أنـه ما زال يحتاج لعشرات وعشرات السنين من الأمان والاستقرار المفقود لإعادة البناء والطمأنينة واللحمة القومية إليه...
مسيو فابيوس, يريد أن يلعب الدور الأمريكي, بإعادة تمثيلية سلاح الدمار الشامل في سوريا, حتى يغير وجه الأحداث الأخيرة في سوريا والتي تظهر بوضوح مظاهر تقهقر القوات المعارضة على الأرض.. وتردد الغربيين بتسليحها بعد إجماع الاتحاد الأوروبي ــ تقريبا ــ على تزويدها بالسلاح...
عملية سلاح الدمار الشامل الإعلامية..غايتها الرئيسية.. تأخير جنيف2, حيث أن عناصر المعارضة المختلفة لم تتفق حتى هذه اللحظة على توزيع الأدوار.. بالإضافة إلى استمرار تراجع مقاتليها على الأرض... وتردد الموقف الأمريكي, حول هذا الملف الذي يحمل عدة تضاربات مختلفة الاتجاهات في القرار الأمريكي, ومفاوضات لافروف ــ كيري...
حتى أن مسيو فابيوس رغم التحضيرات الإعلامية الحابسة للأنفاس والتهريبات المدروسة عنها... لم يكن واثقا من كلماته على القناة الثانية. بالرغم من أن مقدم البرنامج المخضرم المعسول المعروف, قد هـيـأ لـه كل التسهيلات حتى يبدو مقنعا بما يبدي.. ورغم براعة مسيو فابيوس وإتقانه للمقابلات التلفزيونية.. تعابير وجهه كانت كمثل الشاهد المأجور الذي يؤدي شهادة كاذبة ملفقة في محكمة كراكوزية!!!...وعلامات عدم الاقتناع بما يبدي, كانت ظاهرة على وجهه, ومغمغمة كلماته المعتادة....
*********
بالمقابل.. وبعد التركيز في جميع وسائل الإعلام على تصريحات مسيو فابيوس.. تعتيم كامل على ما يحدث من انتفاضات في جميع المدن التركية.. ما عدا بعض المانشيتات العابرة المختصرة على الصفحات الشبه مخفية في الجرائد الورقية.. وفي العشرات من المحطات الإذاعية والتلفزيونية الإخبارية.. مرور سـريع, لا يتناسب إطلاقا عما كان يضخم وينفخ ويلون وينسق من الصور, التي تتغير حسب العرض والطلب والتوجيه من المؤسسات المعروفة التي ركزت على ضـرب ســوريـا باستمرار ومحاربة مؤسساتها وإدارتها, خالقة أفلاما هوليودية حربجية, لا ترتبط بأية حقيقة واقعية إعلامية... دائما باتجاه واحد.. محو هذه الدولة من الخارطة, وتفجير نظامها الغير مرتبط بمصالحها الرأسمالية والاستراتيجية...والخارطة الجديدة التي تحضر من سنين لهذا الشرق الأوسط الجديد... ولو كلف هذا ملايين الضحايا البشرية, وملايين المنكوبين والمشردين...
الغد؟؟؟... ما هو الغد في هذا البلد السوري الذي يلملم جراحه كل يوم... هل هناك من يعلم بتأكيد إلى أي مصير يجرونه... وتحاول بعض المؤسسات في فرنسا وغير فرنسا, والتي لا تعمل إلا ضمن خارطة طريق متوسطة وبعيدة الأمد امريكية ـ صهيونية توسعية......
لا أحد هذا المساء أو غدا أو بعد غد... يدري....
ولكنني أنا قد اكتملت قناعتي بأنني غدا وبعد غد وبعد سنوات, لن أصوت للسيد فابيوس وأي من أصدقائه.. لا غدا ولا بعد غد... ولا في أي من الانتخابات الفرنسية القادمة...مهما كانت الظروف وإغراءاتها وصعوباتها واختلاطاتها ووعودها...............
بــالانــتــظــار........
للقارئات والقراء كل مودتي ومحبتي وصداقتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.

#غسان_صابور (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل