أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - يارا واطوار يرفضن نكاح الجهاد















المزيد.....

يارا واطوار يرفضن نكاح الجهاد


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 22:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غنت فيروز ( يارا جدايلها الشقر ) فكانت اغنية رحبانية تمر كالنسيم في الوجدان ، وتدغدغ روح الطفولة البريئة التي تأخذنا الى الحلم البعيد ، لكن حين كنت ارى الصحفية السورية ) يارا عباس( على فضائية الاخبارية السورية وهي تركض وتعد تقاريرها من ميادين القتال بين الجنود والبيوت المدمرة والقناصة والانفاق والموت الذي يترصد الخطوات ، مرتدية السترة الواقية ضد الرصاص والخوذة الحديدية ، تتكلم بطلاقة وشجاعة وجرأة دون خوف ، تسير بين الجنود متحدية المكان والزمان ، حين كنت أراها اقول ( يارا الجديدة أتت) نعم أهمس بيني وبين نفسي ها هي المرأة العربية الحديثة القوية التي أرادوها داخل اكياس العجز والذعر والخوف والاحباط ويقوم الرجل برسم حياتها والهيمنة عليها كأنه عنتر زمانه .
ها هي يارا عباس وغيرها من النساء يرفضن أن يتحولن الى سلعة تجارية تحت مسميات عديدة وعناوين مخجلة آخرها نكاح الجهاد الذي اراد المرأة العربية أن تكون زانية شرعية ترفه عن المعارضين للنظام السوري ، كأن النكاح سيمنحهم القوة أكثر والمضي قدماً نحو الهدف المنشود ، ورغم خطورة الدعوة لنكاح الجهاد الذي لم يسبق له شكلاً في التاريخ الحربي الاسلامي والعربي ، لم نسمع الصرخة الرافضة المطلوبة والواجبة في هذا الوقت من قبل المؤسسات الدينية ورجال الدين في انحاء العالم العربي ، لم نسمع صرخة واخجلاه تزلزل حجارة الشرف الذي يراق على جوانبه الدم ، والأغرب ان لا يهرعن بنات وزوجات وقريبات الذين اطلقوا الدعوة ضمن القوافل اللواتي يردن ارسالهن الى سوريا .
فجأة قتلت (يارا عباس) اثناء تغطيتها للمواجهات بين الجيش السوري والمعارضة بالقرب من مطار الضبعة في القصير ، فقد اطلق عليها احد القناصة الرصاص رغم انها ترتدي السترة التي تؤكد انها صحفية ، بمقتلها اختفت امرأة جريئة واثقة من نفسها ومراسلة عسكرية ذات حس صحفي مميز ، ونعرف أكثر أن مهنة المراسل العسكري كانت حكراً على الرجال ، لكن الصبية يارا عباس منحت المرأة العربية طريقاً تستطيع أن تبارز وتنجح فيه ، أن تكون في خندق الرجل تصف وتشرح وتنقل بثقة وجدارة ، لا تخاف ولا ترتعش بل تؤكد للعالم أنها والرجل على خط الشجاعة ومن يحاول أن يقيس قامتها بميزان الانوثة عليه أولاً أن يتابع تقاريرها من ميدان القتال ليقول أنها تحمل في داخلها صورة المرأة البعيدة عن فتاوى المكعبات الاسمنتية التي يريدون حشرها داخل اسمنت العورات وحديد الاستغلال كي تتجمد وتتحول الى وجوه عابرة في المحيط الذكوري المتحرك .
لكن المخجل ان مقتل الصحفية يارا عباس صنفها في خانة النظام السوري فقط ولم يصنفها كصحفية شجاعة لها ميزة الجرأة والخروج من مستنقع الخنوع ، وقلائل من قاموا بنعيها من اتحادات صحفية عربية ، ولم تقم الجمعيات النسائية في الوطن العربي بنعيها ، أرادوا معاقبتها لأنها كانت تقوم بتغطية فضائية قريبة من النظام السوري ورئيسها بشار الاسد ، ، كيف تناسوا أنها امرأة !!
مقتل يارا عباس ذكرنا بالصحفية العراقية اطوار بهجت التي قتلت أيضاً اثناء تغطيتها احداث في مدينة السمراء ، وقد بين الشريط المصور على هاتف جوال حصلت عليه " الصاندي تايمز" قبل مدة كيف تم ذبحها من الوريد الى الوريد ، والمؤسف لم نسمع أي عبارات استنكار لمقتلها بهذه الطريقة البشعة كأننا أصبحنا نحن وحد السكين في حالة صداقة حميمية ، وخسرنا أيضاً أطوار بهجت كصحفية عراقية عربية .
ذات يوم هاجمت رئيسة وزراء اسرائيل غولدا مائير لبنان فرفض رئيس الوزراء اللبناني يومئذ الرد عليها لا احتقارا للعدو ولكن احتقارا لأنها امرأة وقال يومئذ كلمته الشهيرة ( ما بحط عقلي بعقل امرأة ) هكذا ينظرون الى المرأة حتى لو كانت رئيسة وزراء ، ويارا وأطوار صورة كاملة متكاملة لنساء عربيات يحاولن الخروج الى عالم التفرد والتميز وترك حرير الانوثة وارتداء بزة القتال ، ونقل الصورة والحدث من وراء البنادق والدبابات والقنابل والطائرات .
نعترف في الحرب القذرة التي تدور في سوريا سقط كل شيء القيم والانسانية ،وسابقاً سقط في العراق كل شيء ومع السقوط سقطت المرأة العربية تحت عجلات التهميش والوجع والتشرد واللجوء والذبح في سوريا والعراق وفلسطين وتونس وليبيا وفي كل مكان هي احدى ضحايا الدمار المطلق ، فالمرأة في الحروب تكون في طليعة القهر والقمع فكيف اذا كانت المرأة العربية في مجتمعات رجولية طاحنة !! قد يقع على عاتقها توفير الحياة وحماية الاسرة وايضاً الندب والنواح والصراخ ، وقد يضاف الى اعمالها توفير الانوثة في زمن الحرب للرجال الذين يشتهون المرأة بين الطلقة والطلقة ، لكن حين تكون المرأة صحفية يقع على عاتقها التفوق على كل المعايير لأن الرسالة تكون أكبر وأوسع تحمل التفاؤل او تحمل الاحباط ، والفضائيات اليوم تواجه الصدق و الشفافية والصراع بينهم ليس صراع الكلام العابر بل صراع الاقناع ، وكانت يارا ملكة الوصف والحوار والاقناع.
مقتلهن – يارا واطوار – يدخلهن في خانة الصحفيين الذين قتلوا دفاعاً عن الكلمة والموقف ، وقد يكون مقتلهن دفاعاً عن افكار وقضايا آمنوا بها وضحوا من اجلها ،
لكن في مقبرة الارقام التي تحوي ارقام الصحفيين الذين قتلوا ويحاولون بين فترة وفترة ايقاظ الارقام لكي ينتبه العالم الى هؤلاء الذين يقدمون ارواحهم من اجل الحقيقة ، لكن يبقى هناك اختلاف بين هذا الصحفي او ذاك حول نسبة الحقيقة ، تعددت الارقام في معركة الحقيقة ويبقى الموت في ساحة المعركة واحد .
(يارا عباس) ضحية حالة عربية مسبوقة بالخزي والعار والتفتت المخجل ، كأن التاريخ في سوريا يراهن علينا كشعوب فاشلة ساذجة متواطئة لا تتقن الا الخلافات والذبح والسير وراء الدول الغربية التي تخطط لنا ، وكلما داسوا على رقابنا كلما تشبثنا برقابهم وصنعنا منها جسوراً للذل.
( يارا عباس ) من منا لا يخجل حين تبث الفضائيات ووسائل الاعلام العربية والغربية الصور والافلام المخيفة - كأنها مسروقة من افلام خيالية - عن الصراع السياسي الحربي الحيواني الذي يجرنا الى بوابات المسالخ حيث نرى جميع ادوات الذبح والطعن وطرق الموت المتعددة ونشعر ان هناك لذة خفية عند هؤلاء الذين يقومون بالذبح حين يرون انهار الدم ، وتتيقن بينك وبين نفسك ان الحقائق غائبة وان شريعة الغاب هي التي تحرك المصالح وان أكبر مصائبنا مصدرها من حكامنا اقزامنا ودبلوماسية العشب التي تحبو فوقها الانظمة العربية .
لا يحارب البرابرة الا برابرة عبارة قديمة لكن بربرة الدم العربي وصلت الى الركب في سوريا ، ووجه المرأة العربية يغطس في الدم ليتشكل الوجه الذي يتعرى يومياً امام المجتمعات المستباحة ، واذا كان كل شيء مباح فقل مرحباً للخراب .
( يارا عباس ) خرجت من الحياة برأس مرفوع وقامة منتصبة ، يكفي انك لم تكوني في العربات التي تحمل النساء اللواتي يحملن وصمة جهاد لنكاح .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن صفنا -جوجل- يتضامن مع العربي المتهم...!!
- القدس الشمالية لنا..!
- بكرا اعتقلوني..!!
- ثقافة الفهلوي في الزمن التراللي..!
- أصبح عندي الآن بندقية ... الى المقاطعة في رام الله خذوني معك ...
- نتنياهو يلحس البوظة وليفني تطالب بالدبس .. !
- اغتصاب بقرار شرعي..!
- العملاء حائرون، يتذمرون...!! ..
- يا بنت الكلب...!!
- دعوه نائماً .. !
- مجد للنسوان كاترينا وساندي .. !!
- الحب المفاجيء بعد غياب أربع سنوات
- قصة قصيرة .. الرئيس الذي نطح الفيس بوك .. شوقية عروق- منصور
- الصبي القادم من خلف القضبان برفقة حنجرة صدام
- وجه بيرس يستحق وسام الحرية..!!
- قصة قصيرة: الموت في إسرائيل
- إذا فسد الملح فكيف سنملح الملح؟!
- في ذكرى النكبة -ثورة حتى العصر-..!
- جدي.. رحل أحمد بن بله آخر رجالك الثائرين!!
- محمود عباس يلعب شطرنج الكلمات مع نتنياهو


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - يارا واطوار يرفضن نكاح الجهاد