أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أوراق تنعي أصحابها .














المزيد.....

أوراق تنعي أصحابها .


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 15:57
المحور: الادب والفن
    



سأسافر عبر الزمن .. ليس لأن المسافة الزمنية بعيدة جداً .. لكن لأنها على الأقل ليست بين يديِّ الآن .
التقينا في زمن الحرب .. كانت الحرب لا يزال يشتعل أوارها .. وكان من الصعب علينا في تلك اللحظة أن نكتب لأنفسنا ولأصدقائنا ولأحبتنا ولمنتظرينا عهوداً نضمن لهم ولنا فيها الحياة ..
فنحن في زمن الحرب وزمن الموت .
أذكرهم جيداً .. أذكر وجوههم جيداً ..
كان وسيماً جداً .. غامضاً جداً .. أنكر اسمه في البداية وشرح إليَّ الأسباب .. في حينها لم أفهم ..
كان سريع الخطى .. يضحك بصوت عالٍ كأنه يريد أن يفرض جلجلة ضحكاته على أذني الحياة ..
في يوم لمحت الدموع تنساب من عينيه وهو الذي ينكر الدموع .. ويستهجن الدموع .. قال لي .. فقدت ثلاثة من أصدقائي هذا اليوم .. ماتوا .. هكذا وبكل بساطة ماتوا .. لم يبقَ لي إلا أنتِ .. لا تتركيني .. لا تموتي .. اقهري المرض .. ابقي على قيد الحياة .. لأجلي .. ابقي على قيد الحياة ..
كان من الصعب أن نكتب لنا ولغيرنا عهوداً تضمن لنا ولهم الحياة في زمن الحرب وزمن الموت .
كان يقفز هنا وهناك طرباً وحياة .. يرمي الضحكات بلا أدنى حساب .. كان يقول لي كلاماً عذباً .. سألته مرة .. من أين تأتي بهذا الكلام العذب ونحن في زمن الحرب وزمن الموت ؟
قال لي أنتِ امرأة خُلقت للكلام العذب .. ثم اختفى كلامه العذب .. واختفت كلماته الثائرة ومحاضراته التي كان دوماً يلقيها علينا عن الحضارة والمدنية والتقدم .. وأخذ بالانكسار شيئاً فشيئاً حتى أصبح كالوردة الذابلة لا يجذب أحداً ولا ينجذب إلى أحد .. لا ألومه ..
فنحن لم نكن نكتب لنا ولغيرنا عهوداً تضمن لهم ولنا الحياة في زمن الحرب وزمن الموت .
كان محباً .. كان ودوداً جداً .. لكنه كان يرتدي الكثير من الوجوه على وجهه .. كنتُ أحياناً أعرفه وأميز وجهه الجديد .. وأحياناً لا .. حتى يخبرني هو بطريقة ما أنه هو .. كان ملاحقاً ومطارداً ولا يستطيع أن يظهر بوجهه الحقيقي دائماً .. كنت أتعب من هذا الإرباك وهذه الفوضى .. لكنني كنت أتقبله ..
لأننا لم نكن نستطيع أن نكتب لنا ولغيرنا عهوداً تضمن لنا ولهم الحياة في زمن الحرب وزمن الموت .
هل انتهت الحرب ؟
لا أعلم ..
ربما انتهت على سطح الكوكب .. لكن في قلوبنا لا زلنا نفزع في كل ثانية .. لا زال صوت القهر يئن في دواخلنا .. لا زال الانكسار يحتلنا ..
لا زلت .. لا أرى ابتسامة أحد منهم .. لا أسمع رنين هاتف أحد منهم .. لا أتلقى رسالة من أحد منهم ..
لكن بين الفينة والأخرى تصلني ورقة يتيمة من أحدهم .. ورقة ينعي فيها نفسه .. ورقة تبكي فيها الحروف .. ورقة تحتضر فيها قصائد الحب وهي تعلن عن نفسها قاهرة بحضورها جميع أشباح الموت .. ورقة تذيلها عبارات الأمل المنكسرة .. عبارات الحياة المجروحة .. عبارات الحياة المذبوحة ..
فنحن ما كان من الممكن أبداً أن نتعهد للحروف أن تبقى حيّة .. منتعشة .. في زمن الحرب وزمن الموت ..
انتهت الحرب على السطح .. وبقيت على الرفوف أوراق تنعي أصحابها .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطري أنت
- مطرٌّ أسود
- مجهول .. في عالم مجنون !
- صفحات غير مشوشة
- هنا القدس
- نيسان .. ارحل .
- إلى نيسان
- محطات
- همسات نورانية جزء 11
- كنتَ حلماً
- الحقيبة الحمراء
- سلسلة جاهلية جزء1
- -لما عالباب منتودع -
- أيام عَ البال
- رسالة لم تكتمل
- الأماكن
- سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 8 .
- البنفسج حزين .
- أسئلة مشروعة
- ... فاخلعيني .


المزيد.....




- زلزال في -بي بي سي-: فيلم وثائقي عن ترامب يطيح بالمدير العام ...
- صورة -الجلابية- في المتحف تثير النقاش حول ملابس المصريين
- مهرجان -القاهرة السينمائي- يعلن عن أفلام المسابقة الدولية في ...
- زلزال في -بي بي سي-: فيلم عن ترامب يطيح بالمدير العام ورئيسة ...
- 116 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة.. الإعلان التشويقي لفيلم مايكل ...
- -تحيا مصر وتحيا الجزائر-.. ياسر جلال يرد على الجدل حول كلمته ...
- منتدى مصر للإعلام يؤكد انتصار الرواية الفلسطينية على رواية ا ...
- بابكر بدري رائد تعليم الإناث في السودان
- -على مدّ البصر- لصالح حمدوني.. حين تتحول الكاميرا إلى فلسفة ...
- هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - أوراق تنعي أصحابها .