أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - فيـلم عربي طويـل















المزيد.....

فيـلم عربي طويـل


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 08:16
المحور: حقوق الانسان
    


منذ أن تبدأ العيون الحزينة الدامعة تبحث وتحملق في الفضاء اللامتناهي,وتطرح التساؤلات ,والاستفسارات وتتعلم الألفباء في هذا الجزء المدلهم الشاحب من العالم, وهي تنام وتصحو على نفس الأخبار ,وتستقبل نفس الزوار,وتتصبح بنفس الوجوه الكالحات ,وتتمسى بنفس السحنات العابسات.ويستفيق الإعرابي المفلس المحاصر بثوابت الأجداد صباحا كل يوم,بعد ليلة نكداء أمام التلفاز ,وبعد وجبة دسمة من تصريحات المدلسين الكبار التي لا تهضمها كل المشروبات, ليجد نفسه أمام نفس نشرة الأخبار ,وهي تعرض نفس الأحداث ,لنفس الأشخاص ,في نفس الأماكن التي أصبحت موبوءة ورمزا للشؤم والنكد والعار.ومنذ أن ولدت هذه الأجيال المنكوبة وهي تردد نفس الشعارات ,وتتوقف أمام نفس المتاريس والحواجز والدوريات ,وتحتفل بنفس المناسبات,وتدبك في نفس الساحات,وتحيي نفس الزعامات ,وتتبرك بنفس الأضرحة والمقامات,وتتلقى التعازي قي كل الأعياد,وتسجد لنفس الأصنام, ويحكمها نفس الجنرالات ,وتخدر بنفس الوعود ,والأوهام , والأباطيل والخزعبلات,ويرتفع عندها ,بنفس نسب الانتخابات ,الضغط والسكري وكل أنواع الفيروسات والعُصيات ,وتنفجر وتفقع من القهر والإحباط الأدمغة والمرارات ,و"يهر" شعر الرأس ويشيب في المهد الغلمان, وترقص على نفس الإيقاعات,وتنتسب لنفس الأحزاب,وتكتب نفس التقارير بنفس المداد,وتتابع مؤتمرات القمة بنفس الهيبات والطلات ,وتقرأ نفس البيانات, وتزورها في الليل نفس الدوريات ولنفس الأسباب,وتتوسل لنفس العريف الركن في نفس المعتقلات,وتكتب نفس المراثي الحزينة في كل الأيام,وتشيع يوميا نفس الجنازات ,وتقصف كل يوم زهرات الشباب,ويبحث المواطن الغلبان عن أي فيزا أمام كل السفارات لتأخذه ولو إلى جهنم الحمراء,ويستجير بالشيطان, وإبليس منهم ويفر هاربا صوب الأعاجم , وكل الألوان والأعراق ,المهم ان يرتاح من هذا الثوب الملطخ بالفسق ,والكذب والنفاق .فهل عرفتم الآن لماذا تكثر عمليات استئصال المرارات,ونزف الدماغ في مستشفيات العربان؟

وتمر الأيام حزينة ,كئيبة كالحة السواد ,ولا تدري في هذا اليوم أين سيحصل انفجار,ومتى ستنفجر الألغام,وأين ستتطاير الجثث والأشلاء في الفضاء,ومن سيقتل اليوم من الناس,وفي أي عزاء ستشارك؟ وأي طفل سييتم هذا الصباح,وأي امرأة سترمل عند المساء,وأي أم ستثكل وقت الغذاء؟وأي فاجر داعر سيبطر ويتسلط عليك في كل الأوقات ؟وأي دستور سيعدل ,وأي حزب موال ملغوم سيشكل,وأي قانون سيخرق,وأي حر سيغيّب,وأي دسيسة وجريمة ستنفذ,وأي انتخابات ستزور, وأي زعيم ملهم سيمدد له, وأي تهم ستلفق ,وأي انقلاب سيحصل,وأية فضائح ستنشر ,وأي شعار كاذب سيرفع,وأي خزانة ستنهب, وأي ثروة ستبدد,وأي وطن سيفتت,وأي جماعة ستجرّم,وأي كاتب سيعتقل؟ ومن سيمثل اليوم أمام محكمة أمن الدولة العليا,وأي حكم سيصدر, وماهو جديد الاتهامات والتلفيقات ؟وأي صفقة لبيعك ستعقد؟ وفي أي "منتجع" وخلوة و"كامب" ستكون المقامرة على دمك والمزاد ,وعلى أي مذبح سيتم نحرك, وفي أي مسلخ سيسلخ جلدك, ومن هو التاجر والسمسار؟ومتى,وكيف ستتفجر كل تلك الضغائن والأحقاد والنعرات المكبوتات؟ وأين ستكتشف وتنبش اليوم رفات جديدة من مقبرة جماعية للأطفال والنساء والرجال,بعد أن أصبحت الأرض مخصصة لزراعة الأجساد, وريّها بالدماء ,لا لإنتاج القمح والزيتون والبرتقال؟ وأية جريمة نكراء ستقع, وأية أرواح ستزهق؟وتدعو لربك أن ليس لديك مذياع أو تلفاز أو جريدة أوكهرباء ,ولن تزعل لو أصابك الله بالطرش والعور وعمى الألوان ,ولكنت من أسعد الناس في هذه الأصقاع,من كثرة سماعك للنعيق ,والصياح ,و"العياط",والنحيب ,و"اللطم",والنواح,ولما كنت قد تعرفت على أحد من عتاة "الشباب" على فضائيات الإستهبال .

وتنتظر في كل لحظة أي سوداوي سيقطع أي الرقاب,وأي صفراوي سيقطع نسلك ,وأي حمراوي سيقطع رزقك , ويجعلك تعيش مع السواد الأعظم في فقر مدقع السواد.وتراقب أي استهبالي سيمارس أية مشعوذات ويحقن الدهماء بأية منومات. وهل سيطلع عليك الفجر أم "تتوكل",وتنفجر حنقا, وغيظا, وغضبا, وقهرا الشرايين والأوردة والصمامات, ويستضيفك العزيز المنتقم الجبار لسابع سماوات,أم تبقى تتلظى بحمى ,وكليشيهات ,وخطب الثوار؟وتهرش رأسك لتفكر أي منوم, ومخدر, ستخترعه, وتجرّعه لأطفالك الصغار عند المساء, حين يطلبون الحلوى, والدواء, والكساء, والألعاب,بعد أن أعيتك الحيلة,وبعد أن اكتسبوا كل المناعات ضد كل الكذبات,وخبروا كل "الأفلام" و"الزعبرات", ولن يصدقوا ,أو تنطلي عليهم بعد اليوم أي من الروايات والحكايات,بعد أن استنفذت كل مواهبك في فن الكذب والتسويف والمماطلة والخداع؟وأين ستسهر عندما يحل المساء في ظل أحكام الإغلاق, والحصار, والمقاطعة ,والحرد ,والخصام والثارات؟ وكيف ستدبر أمورك بشيء قليل من القروش والليرات, بعد أن ذهبت "الهبرات الكبيرات" لسويسرا,وبيوتات المال, وصارت أسهما في البورصات,وخسائر شنيعة في الكازينوهات ؟ومتى ستكف أخيرا عن الدوران في نفس الدوائر,وتقع في نفس الحبائل ,وتسرد نفس الذرائع,وتمنّي النفس بنفس الأحلام؟

لقد أصبح كثيرون من الناس يعيشون على هذا الواقع المتردي,وألفوه وخبروه, ولا يمكن لهم العيش في ظروف صحية ,وأصبح عمل الحكومات هو إدارة الأزمات الموجودة,وحراسة وحماية هذه الحالة المستعصية,وأنشأت لها جيوشا من الموظفين,وبنودا ضخمة في الموازنات,ووزارات تكنوقراط متخصصة تدجن الجماهير, وتكيّف الناس, وتفلسف و"تؤدلج" لهم التردي والفقر وبؤس الحال وتزينه وترحله ليوم القيامة والحساب,وتكتب لهم النعوات وإحصاءات الموتى والبؤساء على قاعدة بيانات عصرية,وتنشرها في مؤتمرات الفضائح ونشر الغسيل الوسخ أمام الجيران والغرياء. ويخيل إليك لوهلة أن الناس لا تستطيع ولن تتأقلم إلا مع هذه الأوضاع. أما حلها والتعامل, معها بمنطق علمي ,يحلل الواقع ,ويستخلص الدروس والقوانين ويضع لها الحلول والتصورات, ويطبقها على أرض الواقع, فهذا غير ممكن ومن رابع المستحيلات.ويشعر الجميع بأنهم في أزمة وورطة وحالة حصار,فلا يوجد حل مُرضٍٍ لأي من المشكلات التي تتوالد وتتكاثر وتستنسخ بأكثر مما تتوالد به الأرانب والأسماك والفئران ,ففي كل ليلة هناك مصيبة وبكاء,وكل صباح تطلع لك مشكلة,وكل يوم تقع كارثة ومأساة.بحيث أن كثيرا من المشاكل التي عرفناها وألفناها لم تجد الحل, وظلت صامدة تلعلع وتزغرد عاليا في السماء,ونسيها الجميع أمام المستجدات ,تنتظر حدوث المعجزات والتكرم ,والتنازل بالموافقة على مطالب الإصلاح عند زعماء العربان ,والتصرف كرجالات الدولة العظام,الناكرين للذوات, لا كزعماء للعشائر والطوائف والقبائل والعائلات ,لكي يعيش الناس عند ذاك مثل بقية خلق الله ,ويتنعموا بلذة الحياة ,التي حرمتهم منها فلسفة الثوابت, وفجور, وعقم السياسات.

وتستمر ,حتى إشعار آخر, ثوابت العربان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكمـة البعـــث
- من يجرؤ على محاكمة أكثم نعيسة؟
- عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون
- ثقافـة التسـامح
- في زيارة خاصة لأكثم نعيسة
- ما ليس عرضـيًا
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة


المزيد.....




- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - فيـلم عربي طويـل