أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - كـذبة نيسـان الكبرى















المزيد.....

كـذبة نيسـان الكبرى


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1155 - 2005 / 4 / 2 - 12:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كذبة نيسان ,April’s Fool , أو كما يطلق عليه الإنجليز يوم جميع المغفلين والحمقى All Fools Day , وفي هذا اليوم يتم تبادل الكذب الأبيض الذي قد يتحول أحيانا إلى جد ومآسي لا تحصر,ولاسيما إذا كانت الكذبة من نوع الكذب الذي عانينا وشبعنا وأتخمنا منه.ولا يعلم أحد بالضبط ما هو الأصل الحقيقي لهذا الطقس الإنساني الذي انتشر مع تقدم العولمة في جميع أنحاء العالم ,كونه موجود في تراث الحضارات القديمة.ومهما يكن من تفسيراته وتأويلا ته الكثر فإنه يمكن استخلاص أنه ارتبط إلى حد كبير بالربيع وحلول فصل جديد بالسنة ,من الأجدر أن يتبعه بعض الطقوس والاحتفالات غير المألوفة, حتى لو كان الكذب أحدها.وكان شهر أبريل نيسان هو أول شهر بالسنة بدلا من شهر يناير كانون الثاني عند الفرنسيين. .

ولو ابتعدنا قليلا في التحليل النفسي لهكذا ظواهرسايكو سوسيولوجية لعلمنا أن النفس البشرية تواقة, وترغب بكسر المألوف ,والخروج عن "الطور" الرتيب المعهود ,والتقاليد الصارمة ,التي تكبل أحيانا انطلاقة العقل وتوثبه نحو آفاق جديدة.ولو كان ذلك أحيانا عن طريق أخلاقيات وسلوك وتصرفات تتنافى مع المبادئ والقيم كالكذب مثلا.وهذا يعطي انطباعا ضمنيا,ولو كان غير جازم,بأن هؤلاء الناس لا يكذبون, ويرون في الكذب خروجا عن التقاليد والمبادئ المعروفة.ولو تتبعنا سلوك هذه المجموعات البشرية, وتاريخها الحضاري, والمدى الذي وصلت إليه من رقي, ومدنية ,لأدركنا أن في هذا الكلام شيئا من الصحة.إذ لا يعقل أن يقوم هذا النظام المتكامل, والمتناسق علميا ,وحركيا,وفكريا,وتنظيميا ,وسلوكيا وانضباطيا,وبهذه الدقة المتناهية والصارمة أحيانا, على الكذب والخداع والرياء على الإطلاق.وإلا لانهارت هذه المنظومة المتطورة, والمعقدة فورا ,ولجلبت معها الكوارث والمصائب.وهذا الكلام ينطبق على ما نراه ,ونتابعه حتى الآن,أما ماذا يحصل في المستقبل من تطورات,وفيما إذا نحا أولئك القوم منحى مغايرا,وأدمنوا الكذب والخداع, فذلك أمر آخر تماما.وهنا لابد من التذكير أنه لا يمكن التعميم أبدا بحال من الأحوال.وكل ذلك هو في مجمل الأحوال, يقع ضمن إطار التعويض الإنساني عن حالات نفسية ,وسلوكية مفقودة,يلجأ الإنسان لتعويضها بشتى السبل ومنها مثلا إيجاد يوم للكذب كون الناس يعيشون حالات دائمة ومستمرة و"مملة"أحيانا من الصدق والعفوية.هل هذا الكلام معقول وصحيح؟ربما.

وحين نتجه إلى مكان آخر من العالم,تعرفونه جيدا, لوجدنا أن الناس لا تقيم وزنا, ولا تحتفل بيوم الكذب هذا,لأن كل أيام السنة,والشهور ,والساعات ,والدقائق عندها كذب بكذب,وهناك مهرجانات دائمة وقائمة للكذب, وبتمويل ومباركة ورعاية رسمية لحفلات الكذب الكبرى المستمرة بلا انقطاع وخاصة في الأبواق الرسمية ووسائل الإعلام. ويستشعر الناس الحاجة الفعلية السيكولوجية المفقودة للصدق, ولو لثانية ,أو دقيقة واحدة .فالكذب وارد وحاصل في كل شيء,في كل نشرة أخبار,وصحيفة,وتصريح ,وقرار,ومعلومة,وإحصاء,وبيان,ودراسة رسمية,ومشروع يعرض لتقييم الأداء,وفي شعارات الأحزاب,وخطط الوزارات,واجتماعات المسؤولين,والخلوات ,والبيانات,والتقارير الصادرة من كل الهيئات,وكله مواربة ,وتدليس,وتجميل ,ونفاق,حتى الضحكات والابتسامات فيها تكلف ,ومجاملة ,وتصنع,ورياء,ولا تبدو عفوية وصادقة ,وتخبئ الكثير من الترصد ,والرغبة في التشفي ,والمكر ,والدسيسة والخداع.

فحين يتكلمون عن الحب, فاعلم أنهم يضمرون الحقد,وحين يتحدثون عن الكرامة, فاعلم أن السائد هو الذل والهوان,وحين يتنطحون للتحرير فاعلم بأنهم مهزومون ومدحورون في كل المنازلات,وحين يدلون بتصريحات عن التفاهم و"تطابق وجهات النظر" ,فاعلم أنهم مختلفون ,وحدث خلاف وشجار ,ولبط ,وشد شعر ,وشتم ,وسباب,وحين يشيدون بالديمقراطية وبالحريات, فاعلم أن السجون مليئة بالمعتقلين والسجناء,وحين يتحدثون عن الوحدة والتضامن والأمة, فاعلم أن التشرذم والانشطار حاصل ووشيك وقادم وآت ,وحين ينظّرون عن الإصلاح ,فاعلم أن التدمير والتخريب يجري على قدم وساق,وعندما "يحرزون" تقدما ,فتأكد أنهم سجلوا تراجعا,وعندما يجري الكلام عن مشاريع وأحلام وبناء,فاعلم أن كل ذلك من أجل النهب, وملء جيوب المحظيين, واللصوص الكبار, وحين يوقعون اتفاقا فاعلم أنهم سينقضوه ويتنكروا له غدا قبل حلول الصباح,وحين يدّعون النجاحات هنا وهناك, فاعلم أن الفشل والإخفاق الذريع هو ماجنته تلك السياسات, وحين يطلقون المبادرات فاعلم بأنهم يعدون العدة للالتفاف على المشاكل ,وحين يعدوك بأي شيء, ومهما كان صغيرا وتافها, فاعلم أنه أصبح محالا ,ومستحيلا من "عاشر" المستحيلات,وحين يبتسمون فهم يغضبون,وحين يبكون فهم مسرورون,وحين يعطوك فهم يسرقوك,وحين يرحبون بك فاعلم بأنك صرت في عداد الأموات ,وحين يغمضون أعينهم ,فهم صاحون وليسوا نيام,ولكن والحق يقال ,فالشئء الوحيد الذي صدقوا به وحققوه ,ولكي لا نظلم "الشباب",فهو تحقيق الإشتراكية,فقد اشتركت الملايين الغفيرة في البؤس, والفقر ,وتردي,وسوء الأحوال, والأوضاع ,وأصبحوا سواسية يتلظون بجحيم الأوطان,وأصيبوا بالكساح الوطني الشعبي الجماهيري الثوري العام, ومبروك لهذا الإنجاز العظيم والوحيد, الذي حققه الثوار ,حيث لا شيء لديهم يظهر كما هو في الحقيقة على الإطلاق.

وهل من قبيل المصادفة العابرة أن يحتفلوا بميلاد أكثر الأحزاب القومية الثورية "صدقا", وصخبا ,وضجيجا ورفعا للشعارات البراقة ,والتي ألهبت عواطف الناس في شهر نيسان؟أم هو مواكبة للعولمة الإنسانية ,والاحتفال مع الشعوب المتحضرة في أيام نيسان الجميلة, التي ينبغي أن تحمل للناس التجدد, والعطاء, والوفرة, والغنى ,والثراء,لا الكذب, وفضفاضية, وهرم الشعارات؟ولعلها واحدة من أكبر "المقالب" في التاريخ المضطرب لهذه الشعوب التي لم تعرف يوما الراحة والأمان, وانطلت عليها الشعارات البراقة,والخطب النارية الجوفاء,في مهرجان نيسان ,وعرس الدجل والنفاق الأكبر والرياء.

لاتحتفلوا بكذبة نيسان,ولا ترددوا الأقاويل والكذب والشائعات,ولا تصدقوا أيا من الأنباء والأخبار والنشرات والأبواق,فأنى نظرتم ,وكيفما التفتم واتجهتم,وأينما كنتم ,وكل ماتسمعوه من أول يوم في السنة حتى نهاية العام,هو سراب بسراب بسراب,وخلب ,وقبض ريح وثرثرة وهراء ,وضحك على ذقون العباد, وأنتم في مهرجان كبير ,وسوق مفتوحة للتجارة بالكلام,وبيع الأباطيل والوعود والأحلام والأوهام,فما هي حاجتكم لكذبة صغيرة في يوم عابرمن أيام السنة في نيسان؟فهل عرفتم الآن لماذا لايأبه الناس بكذبة نيسان في هذه الأصقاع,ولم تعد تجذبهم أي من الكذبات ومهما كانت مثيرة ؟

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة
- شُكـر على تعزيـــة
- الـــراعي والــذئب
- اكتشافات عظيمــة
- أغبيــاء بلا حــدود
- عندمــا يتأدب الجنرالات
- خلايـــا نائمـــة
- قمــة الهــــاويات
- مهمـة مستحيـلة
- حرب النكايات والضرّائر السياسية
- اللقمـــة السائغــة
- طوفــان الإنترنت
- ليل العــربان الطويل
- طغـــــاة بلا حـــدود
- المجتمعات الذكورية والفحولة الشمولية
- عصـــر التحــولات
- تراث المخابرات في كتابات الأدباء
- إيــّـاك ....ثمّ....إيــّـاك
- ما قبـل العاصفـــة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - كـذبة نيسـان الكبرى