أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - اللقمـــة السائغــة















المزيد.....

اللقمـــة السائغــة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1138 - 2005 / 3 / 15 - 10:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان المال السائب و"الداشر" يعلم الحرامي السرقة,فإن الشعوب "السائبة" والمضطهدة,والتي لا تجد من يهتم بأمرها ويطوّرها ,تعلم المارينز أيضا الهرولة نحوها ويحشدوا لها حاملات الطائرات والأساطيل ,ويجتاحوها بأسهل مما يتناول المرء شربة من الماء.وحين تقع الشاة تكثر السكاكين ويتنطح القصابون المحبون للون الدماء والمتاجرة باللحوم الآدمية البيضاء .وحين يتكاثر ويتوالد الخصوم والأعداء,لا تدري من أين تأتيك النبال والسهام .وحين يمرض الجسد وينهك وتستعمره الأمراض يصبح عرضة لأن تهاجمه كل أنواع الجراثيم والفيروسات,وحين تكثر التهم والجرائم والموبقات يصعب على أي قاض أن يكسب الدعوى ويدافع عن المتهم ويدحض الادعاءات. وحين تتسم السياسات بالتهور والطيش والغباء ,يدرك المرء أن المآسي قادمة لا محال. وحين تصبح البلاد سجونا كبيرة ومعاقل أمنية تحرسها الدبابات والمدرعات والرشاشات والكلاشينكوفات ,وحين تكبلك القوانين العرفية, وتحكمك من القبر المومياءات المحنطات والأفكار السوداء الطالعة من حقب الديناصورات , لا يهم عند ذلك ما هي جنسية السجان,وماهي هوية القاتل الفتاك ,فالمهم أنت في السجن, وداخل المعتقلات,ومهدد في حياتك وأمنك من كل الجنسيات,وتصحو على الرعب وتنام على التهديدات,ولك اسم واحد في كل الحالات,وتتغذى كل يوم وتتعشى "أطيب" الفلقات ,بضيافة أنظمة الإستبداد.فما الفرق بين من أتى ليدجنك ,ويروضك,وينكل بك ,ويسرقك على ظهر دبابة أمريكية, أو بريطانية,أو سوفيتية,أو ثائر مغوار امتطى حفنة من الشعارات الطنانة الرنانة وأذاق العباد المر والويل والبلاء, تماما كما يفعل المستعمرون الأشداء؟فهل هذا هو سر اللامبالاة المدهشة التي قابل بها سكان بغداد المارينز,وصفقوا لها كثيرا عند سقوط التمثال؟

ومن منطق الشعوب الرازحة تحت كل انواع الاضطهاد والتنكيل والطغيان, هل يحق لها أن تتساءل ما الفرق بين أن يتسلط عليها جنرال أمريكي ,أو بريطاني ,أوفرنسي ,أو ضابط منتج محليا ومصنع في دوائر الاستخبارات أو عريف ,أو رقيب أو خفير مخرف من أصحاب الشوارب الغلاظ في بلاد العربان؟ هل هناك فرق جوهري بين كل هؤلاء ؟فإن ملة الطغيان واحدة في كل زمان ومكان, فأنت في كل الأحوال تحت البسطار, وأعقاب الكلاشينكوف والإم 16, والعوزي الذي يحمله ,ويتهادى به أبناء التوراة. وهل هناك فرق بين من يعذبه جندي أمريكي في أبو غريب ,أو طفل فلسطيني في سجن النقب ,أو معارض مسكين استلمه "الشباب" وغاب بعيدا ,وطويلا في الأقبية الظلماء؟ ما الفرق بين كل هؤلاء وإن اختلفت المسميات,إذا كان تصنيفك دائما مع المضطهدين البؤساء؟ وقديما قالت العرب:

وظلم بني القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند

إذن فالنتيجة واحدة ,وهي أن الشعوب في أرذل وأردأ الأحوال . فلقد وصلت هذه الشعوب المنكوبة إلى حالة مزرية من الذل والهوان, بحيث لم يتجثم عراقي واحد العناء بأن يقذف الدبابتين الأمريكيتين بحجر أوبحصة من "نقيفة ,تعبيرا عن السخط والاحتجاج ومهانة الاحتلال ,بل على العكس اعتبرها البعض رمزا من رموز الخلاص ,فيما اعتبرها آخرون لا تختلف كثيرا عن مدرعات ,وجلاوزة صدام,وفتوحاته العظمى في البصرة وحلبجة والأنفال ,ولذلك فالأمر كان لديهم سيان. ومن كان قادرا في العراق كله من التخلص من حكم المهيب الضرورة ولو بعد مئة عام اخرى, حيث لم يتورع عن قصف مواطنيه بالأسلحة الكيماوية ,وهذا لم تفعله قوات الاحتلال برغم ماتواجهه من أعمال انتقامية تبدو مؤلمة وجارحة هنا وهناك.وهل كان سيفكر بتقديم أية تنازلات لهذه الشعوب في يوم ما؟ وتحولت الجموع بفعل ممارسات ممنهجة,ومتعمدة من التعسف والظلم والإقصاء ,إلى مجتمعات مفككة وهشة تتنازعها وتتقاذفها مختلف التيارات,والتي كان بعضها يدعو علنا لتدخل الأجنبي كونه الحل والأمل الوحيد في الخلاص.وفي النهاية لم تجلب كل تلك السياسات الأمن والأمان لأحد على الإطلاق ,وأصبح الجميع مهددا,وعلى كف عفريت, شعوبا وأنظمة وأوطان. ووضعوا جميعا مع كياناتهم الهشة المضعضعة في فم العاصفة وعلى فوهة البركان .

ولقد أدى حكم العشائر, والقبائل ووالتيارات المختلفة المتخمة بخلفيات سلفية قومية وأصولية متزمتة وإيديولوجيات الثأر الأسود والتسلط والانتقام, وتحاكي الماضي وتحاول اعادة انتاجه في الألفية الثالثة,إلى حالة من انعدام الوزن في كافة المجالات.و لاتزال هذه الشعوب تعاني من حكم الطغم العسكرية JUNTA,والجنرالات والماريشالات الذين بالكاد أنهوا اميتهم السياسية والعلمية عند شيوخ الكتاب ,ومستشارين متعيشين همهم السلطة وجمع المال, وتنمية المصالح الخاصة والمضاربة بالأسهم في البورصات من لحم ودماء وعرق الفقراء, في مدن الصفيح وأكواخ التوتياء. فهل يختلف هذا المشهد كثيرا عن أيام الاحتلال؟ كما أدت عقود طويلة من ممارسات القمع والتهميش والإقصاء إلى حالة من اللامبالاة والتبلد الوطني وتجمد الإحساس لدى هذه الشعوب,واستسلامها جماعيا ,وجماهيريا, ورفعها للراية البيضاء أمام أي عسكري يحمل ولو سكين لفرم البقدونس ,والخس والخيار.و أصبحت بعد كل تلك العقود والممارسات لقمة سائغة وسائبة,وسهلة المنال, هيؤوها وقدموها معروضة على مجلس الأمن ليقترح لها التصورات, وطريقة الذبح, وكيفية الالتهام ,وتحديد موعد الدفن ولا عزاء.وصار المقاولون في أسواق المناقصات السياسية,والطامعين بالخيرات والأوطان يعدون العدة ,ويجهزون الركاب لتنفيذ المشاريع التي عجز عنها الاستعمار أيام الاحتلال.

إن المار ينز الذين دخلوا بسهولة ويسر وبدون مقاومة تذكر إلى قلب عروس الفرات ,كان قد سبقهم تمهيد تعسفي وقصف استبدادي مركز وشديد, وقوانين جائرة لعقود طوال, قام بها جلاوزة وجلادو النظام وحماة الديكتاتوريات , وجعلوا الطريق مفتوحا أمام جنود المشاة ,وساعدوهم في ذلك أيما مساعدة, تماما كما تفعل المدافع في ساح الوغى قبل الاجتياح حيث تقوم بالقصف الشديد والمركز لحماية الجنود أثناء التقدم في الميدان. ولولا يقينهم التام بحتمية تحقيق انتصار سهل وسريع, لما تقدموا خطوة واحدة إلى الأمام,وكان لهم ما أرادوه بدون عناء.وكانوا في الحقيقة الأمريترجلون من عباءات القمع والاستبداد,وتهور وبطش الجنرالات. وبذلك تساعد الطرفان, من حيث يدرون أو لايدرون , بقوة في نجاح الاجتياح, وضاع الخط البسيط الفاصل بين أنظمة الاستبداد وقوى الهيمنة والعدوان. وكانت النتيجة دائما المزيد من القهر والعذاب لهذا الإنسان المنكوب عبر التاريخ,وسفرا جديدا في رحلة المعاناة والويلات.

إنها اللُقم اللذيذة والمثيرة لشهية المرتزقة,والمغامرين ,وقراصنة البحار.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفــان الإنترنت
- ليل العــربان الطويل
- طغـــــاة بلا حـــدود
- المجتمعات الذكورية والفحولة الشمولية
- عصـــر التحــولات
- تراث المخابرات في كتابات الأدباء
- إيــّـاك ....ثمّ....إيــّـاك
- ما قبـل العاصفـــة
- دســاتير برسـم البيـع
- مرشـــح رئاســي
- البقــــرة الحلـوب
- سقــــوط الرهانات
- سورية العظمـــى
- هل نحن أمة من الجهـــلاء؟
- دروس في الديمقراطيـــة
- الحـــــرب الإليكترونية
- بالـــونات الهواء
- مجانيـــن بلا حــــدود
- لوحــــة من الصحراء
- عندما يموت الكبــــار


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - اللقمـــة السائغــة