أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - بالـــونات الهواء















المزيد.....

بالـــونات الهواء


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1116 - 2005 / 2 / 21 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان الإعلام ولا يزال ذراعا من الأذرع العسكرية التي تستخدمها الدول الكبرى في تحقيق الكثير من السياسات العسكرية والاقتصادية والإستعمارية.وقد استغلت هذه الدول هذه الوسيلة في تحقيق الكثير من الإنتصارات على الساحة الدولية مدركة أهمية اصطفاف الرأي العام بجانبها لكسب الحروب ومهما كان حجم النفاق والكذب في الموضوع.ولقد عاشت الرأسمالية ومنذ تطورها المذهل والكبير بعد الثورة الصناعية الكثير من الأزمات والمشكلات سعت دوما بحلها عن طريق تصدير وافتعال الحروب هنا وهناك لإيجاد فرص عمل لشركات صناعات آلات االموت العملاقة التي لابد أن تستمر بالعمل ولو اختلقوا ألف سبب وسبب لذلك.ولذلك كان لا بد من شن الحروب الدائم لاستمرار تدفق المنتوجات الحربية إلى أسواق التصريف المختلفة.ولقد تذمر جورج أوريل من هذه الحالة في إحدى روايته, وبما معناه أن هذه الأمم تربي أبناءها, وتعلمهم, لترسلهم إلى ساح القتال حيث من غير الممكن إيجاد وظائف, وعمل, وفرص حياة للجميع .وفي الوقت نفسه أيضا تستمر الماكينة الرأسمالية بالعمل ولا تتعرض للكساد في ظل وجودة عقيدة الحرب القوية لدى هذه الدول.

ولقد رأينا هذه الدول كيف أنها لم تنفك عن التوسع والإحتلال وإخضاع الشعوب لها تحت مختلف التسميات والمبررات,ولقد أضحت إحداها ألإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس في يوم من الأيام, والتي مازالت تحن لهذا التاريخ الإمبراطوري إلى الآن, برغم وجود هيئة الأمم المتحدة التي كانت وليد مرحلة ما بعد أفول شمس الإستعمار,وحرمت ,وجرمت ومنعت شن الحروب بلا طائل,وبدون تفويض رسمي ,وهذا ما جاء في ميثاقها الأساسي. وكون الحروب ممنوعة ومجرمة في القوانين والدساتير والمعاهدات تاتي وقعت عليها هذه الدول, لذلك فقد كان الإعلام هو السلاح الأقوى والأمضى,في تبرير شن الحروب وإخضاع الدول,ومن صناع الحروب الأساسيين, ويفعل فعله باتجاهين مختلفين ,أولا نحو الداخل لكسب الرأي العام وتحييده تماما في الحرب النفسية المنطلقة باتجاهين أيضا .والإتجاه الآخر نحو العدو الخارجي لترهيبه وتخويفه وجعله يعتقد بأنه في حكم المنته والمهزوم, ولقد نجحت وبالفعل هذه السياسات الشيطانية في أكثر من مكان.ولذلك حين سئل أحد التجار ماذا تفعل لو كان لديك عشرة دولارات لتتاجر بها؟فقال اشتري سلعة بدولار واحد, وأعمل لها دعاية بتسعة دولارات وستكون أرباحي أضعافا مضاعفة.

وعود على بدء ,لقد شنت هذه الدول الحروب الكبرى تحت غطاء إعلامي كثيف ,وبدون قصف وتمهيد مدفعي كما هو الحال في ألفباء العلوم العسكرية, ووضع الرأي العام في أجواء المعركة وجعله يتقبل هذه الحروب كنتيجة منطقية لذلك التجييش, لا بل ضرورة حتمية في كثير من الأحيان وواجبة التنفيذ وبإلحاح في اسرع وقت ممكن. وعندما كان الإتحاد السوفييتي في أوج قوته اخترعت ماكينة الإعلام الرهيبة ماسمي يومها بامبراطورية الشر والشيطان الأحمر وأن كثير من مآسي وعذابات الإنسانية هو بسبب وجود هذا الشرير القاتل الماحق,وكل "ما دق الكاس بالجرة" ,على ماتقول الأمثال كان يشار بالبنان إلى أن السبب في ذلك هوامبراطورية الشر وشرورها وآثامها وعندما يتم القضاء عليها سيعم الخير والسلام في العالم كله ,وتعقد لذلك المؤتمرات والندوات وتنشر الدوريات والجرائد والمجلات وتنطلق بالبث التلفزيونات والإذاعات ,ويقوم جيش من الخبراء,ووراءهم علماء اخصائيين ودهاة في سايكولوجية الإنسان,بترويج كل ذلك حتى يحين القطاف وتجنى الثمار. ثم يعودون لممارسة نفس اللعبة في مكان آخر وهلم جرا.وتبين بعد تلك المعركة الشرسة مع الإمبراطورية الحمراء بأنها لم تكن سوى نمر من ورق ,وبالون هواء منفوخ تم تنفيسه باللجوء إلى أساليب كثيرة ,كان أهمها قاطبة وعلى الإطلاق الإعلام.وكانت بالدرجة الأولى معركة إعلامية انتصر فيها من امتلك تلك الماكينات العملاقة ,وجحافل الخبراء ,الذين أداروا المعركة ببراعة, وكانت لهم الكلمة الأخيرة في الميدان . وفي حرب العراق,أدرك هؤلاء الدهاة ,أهمية الإعلام أكثر ,مستذكرين انفلاته في حرب فييتنام الذي كان أحد الأسباب في الهزيمة النكراء التي تعرضوا لها وحرية الصحافة في نقل كل ماتشاء دون رقيب أو حسيب,الأمر الذي ترك مفاعيل مؤثرة وضاغطة لدى الرأي العام الذي حول هو الآخر مسار الحرب باتجاه آخر. لذلك تم اختراع ظاهرة الصحفيين المرافقين embedded journalistsالذين لا يقولوا إلا مايجب أن يقال ,وإلا ربما كان للمعركة شأن آخر.ولذلك رأينا كيف ترك جنود العراق السلاح في الأرض ودون إطلاق طلقة واحدة نتيجةلبث روح الهزيمة ووهنت العزيمة فيهم قبل المعركة بكثير ,كما لا يجب التقليل أيضا من حجم القوة العسكرية ,التي ليس لها الكلمة الأخيرة دوما في المعارك والمنازلات.

وبعد أن انتهت اللعبة وانطلت الخديعة على الجميع ,وساهم العربان الأفذاذ بغباء في أشواط من هذه المباراة,اتجهت الأنظار نحو جزء آخر من العالم,وتم الترويج "للخطر الأخضر"وهنا استبدل اللون فقط,لأن لم يكن لديهم وقت للتفكير بذرائع أخرى ,ولقد أظهروا للرأي العام المنوم مغناطيسيا ,و"مفلتر" إعلاميا ( من فيلتر) أن هؤلاء القوم البدائيون المتوحشون والمتخلفون سيفترسونكم كما تفترس الذئاب الشاة المسكينة في البراري والخلاء, وأن طالبان والملا عمر وبن لادن قادرون ومن قندهار القرووسطية على تصفية العالم , والإجهاز عليه كليا , ولا يدري المرء كيف سيتم ذلك ربما بإحدى الدعوات الكثيرة التي يرددونها أثناء الصلوات كونهم من الأتقياء والأبرار وأصحاب الكرامات,أو بواسطة التعاويذ والسحر المتفشي بكثرة في الشرق المنكوب.وصفق القوم لهذا الكلام وصدقوه .وتبين أن طالبان وعظمتها, لم تكن سوى بالون هواء سرعان انفجر عندما اقترب "الدبوس"الأمريكي منه, وتلاشى في الهواء ,وأما الرجال المرعبون فصاروا "فص ملح وذاب"واختفوا في الجبال والوديان ,ولم يعد أحد يلتفت لهم أو يتذكر رعبهم وخطرهم الداهم على البشرية,وطار وضاع بالون الطالبان في الفضاء ولم يعد أحد يذكره الآن. ليجد نفس الإعلام في لعبة الإمتداد, علاقة مابين طالبان وصدام وقد كرس لذلك الدراسات والمحاضرات وردده الإعلام ببلاهة وعفوية وتم ابتداع فكرة أسلحة الدمار الشامل ,وأن أمن وسلامة العالم كله بيد ذلك الشرير القابع في أحد القصور على ضفاف دجلة والفرات,ولسنا هنا بمعرض تبرئة أو إدانة الرجل ,وليس مكانه الآن,ولكن نتناول الموضوع من زاوية مختلفة ولا تهمنا هنا أخلاقية صدام أبدا الآن ولا تبربر لأفعال الطغاة والمجرمين في يوم من الأيام, والتي قيل فيها الشيءالكثير.ولقد وقع رامسفيلد في أحدث تصريحاته في مطب الإعتراف المباشر في سبب أحتلال العراق,متناسيا عن غباء بالون أسلحة الدمار الشامل والديمقراطية الموؤودة في هذا الجزء من العالم كونها عورة وحرام وتجلب العار,ومسهبا بالحديث عن العراق كدولة فيها احتياطي كبير من الماء والبترول والمساحة والتغزل بالموقع الاسترتيجي والديموغرافي له.

وتستمر لعبة إطلاق بالونات الهواء, حيث يقوم "حامل الدبابيس" بنفخ هذه البالونات وتضخيمها وتوريمها والضخ فيها حتى تصل الحد والمدى والنقطة التي لا بد من أن تنفجرلوحدها إن لم يقم هو بتنفيسها بنفسه الواحدة تلو الأخرى, وقد شهدنا عمليات التنفيس هذه وبكثرة وفي أكثر من "فضاء".ويبدو أن اللعبة قد راقت له كثيرا ويتابعها الآن في أكثر من مكان.وما حصل من تطورات في الأسبوع الماضي على هذه الساحة الملتهبة استدعى إطلاق بالون التخويف والترهيب من دول أخرى أصبحت بين لحظة وأخرى قوى عظمى مرعبة و"مناطيد" منفوخة تشمخ في السماء,تهدد الدول الكبرى وترساناتها النووية, وتستطيع أن تفعل أي شيء في أي وقت ,في عملية جديدة لتأليب للرأي العام العالمي والمحلي لتطورات محتملة,وانبرى "حامل الدبابيس" بالترويج لهذه العملية الجديدة من إطلاق البالونات الهوائية المرعبة, حتى يكون هناك استعداد وتبرير عام وتهيئة نفسية قصوى وقبول منطقي عندما يبدأ في افتراس ضحاياه الجدد بحيث تبدو ضرورية ولازمة ولا يوجد من حل سواها,والتبريرات دائما جاهزة وموجودة ,وجيوش الردادين والجوقة ماتلبث أن تردد السمفونية حالما يعطي المايسترو إشارة البدء. والآن لو تمت مهاجمة هذا المكان أو ذاك ,وبعد عملية الضخ والحشو الكبرى فسيبدو كل شيء تحصيل حاصل ,وشيء طبيعي ولن يحرك أحد أي ساكن,لدرجة أن الأطفال الصغار يتداولون في الشارع بعفوية مايردده الإعلام في كل الأبواق. ومن يدري أين سيتم إطلاق البالون الجديد بعد "تنفيس "البالونات التي يبدو الآن أن الكثير منها "يحلق" عاليا في الأجواء,وتحميلها كل شرور وآثام المنطقة,وبتنفيسها تحل كل مشكلات العالم؟ والسؤال المهم الآن كيف أصبحت الأوطان والعباد مجرد بالونات وفقاعات صابون في الهواء يتلذذ بتنفيسها المعتوهون والبلهاء؟
وتستمر لعبة "فقع"البالونات الهوائية في كل الأجواء.

إنها بالونات الهواء المرعية.................فاحذروها.

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجانيـــن بلا حــــدود
- لوحــــة من الصحراء
- عندما يموت الكبــــار
- الموت على الطريقة العربية
- الفالانتاين ..........عيد الحب
- الديكتاتورية هي الحـــل
- العلمــــانية والعولمة
- طل الصيبيح ولك علوش
- حــــروب المقاطعــــة
- إنهم يأكلون الأصــــنام
- السقيفـــــة
- سجناء بلا حــــدود
- فقـــــراء بلا حدود
- لاتحاكمـــوا هذا الرجل
- مواجهـــــــــة مع الذات
- محــارق وأوشفيتزات
- النهايات المنطقيـــة
- البؤســـــاء
- الجحيــــم الموجــــود
- الصدمـــة والرعب


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - بالـــونات الهواء