أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - مهمـة مستحيـلة















المزيد.....

مهمـة مستحيـلة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تجمعك الصدفة بأحد ما من سكان ما وراء البحار ومدن الأحلام ,ويتشرف بك, ويتعرف عليك كهارب وفار وطالع من كهوف الحضارة ,وأوكار الزمان,وبؤر الشموليات,وجحور الظلام, وتصبح الجلسات حميمات دافئات , وبعيدة كليا عن البروتوكولات والمجاملات ,والنفاق الذي يطبع حياتنا طبعا ,حتى صرنا في قطيعة شبه دائمة مع الحق والمنطق .وحين تتجاذب الحديث معه بالشأن العام,وتطورات الأحداث التي تجري على فوهة البركان هذه ,ترى نفسك قد حشرت في خانة ضيقة,ولا تملك أيا من وسائل الدفاع .ويقابلك سيل من التهم,والادعاءات,والصور التي لاتسر الحال تصبح مهمتك عندها هي فقط نفي التهم ,ورد الادعاءات,وتكذيب الأقاويل ,ودحض المزاعم, وتفنيد البراهين,ونقض الأمور, ودفع الأباطيل,وتحسين الصورة, وتجميل الشخصيات,وتبريرالسياسات ,وتعليل التصرفات,وتفسير التصريحات,وتصحيح الرؤى,,وشرح المواقف,وتحميل الأخطاء للغير,وتسويغ الأقاويل,وتبيان الحقائق,وسرد الأسباب,وتلطيف الأجواء,وتنقية الشوائب,وعرض الوقائع,وتخفيف الآثار,وتأويل الكلام,وتقديم الاعتذارات,وإبداء الأسف,وتقليل المخاطر,وتطييب الخواطر, وتحميل الظروف القاهرة,والتاريخية مسؤولية كل ما يجري, وتحتار بأية نظرية نفسية ,أو فكر إنساني ,أومدرسة سلوكية بشرية, ستعلل له تصرفات المخبولين, وبطش القتلة, ودموية السفاحين, وسادية الشواذ,ونهم وشره اللصوص, ولا تدري من أين تبدأ, ولا كيف ستنتهي,ولا من أين ستخرج أخيرا من هذا السجال.وكيف ستهرب وتفر مرة أخرى من هذا الأتون وهذا القتام باعتبارك أدمنت الهروب وأصبحت فنانا ومعلما في فنون التملص والخروج والفرار وألعاب المطاردات,

ولكي لانكون متحاملين ,ومنحازين ,ويؤخذ علينا الإمعان في جلد الذات ,لا بد من القول والتذكير بأن قوى البغي والعدوان العالمية موجودة على الأرض , وهي سبب للكثير من المشاكل, والبلاء الذي نعاني منه ,وهذا أمر لا يختلف عليه العقلاء .ولكن في نفس الوقت ,هل نحن ملائكة؟ وهل وجود قوى باغية وعدوانية هو مبرر لما يقوم به البعض من تعسف, وظلم ,وطغيان جعل مهمة تلك القوى الباغية أسهل بآلاف المرات؟ فهل لأنهم موجودون تمتلئ المعتقلات بالآلاف من أصحاب الرأي,وتُكتم الأنفاس ,وتُكمم الأفواه ,وتُلجم الأصوات,وتُسلب الشعوب وتُفقر البلاد, وتطبق القوانين الجائرة على العباد ,ويسلب الإنسان من إنسانيته ويحشر مع البهائم والحشرات والدواب؟وهل هذا سيحسم المسائل في النهاية للصالح العام, ويستتب الأمن وتستقر الأوضاع؟

وبعد كل ما حصل وما يحصل من سياسات اتسمت بالتفرد ,والتهور ,والتسلط, وعقود طويلة من البطش والتعسف وفجور السياسات,وبعد تصدرنا بتيه وغطرسة وخيلاء لكل قوائم الأمم المتحدة السوداء, يتأستذ البعض ويطلق الحملات العامة ,ويقيم مراكز الإعلام,ويصرف الأموال لتحسين صورته وسمعته التي أضحت في أردأ وأسوأ الأحوال.ولا يدري المرء كيف سيجد تفسيرا بين كل تلك التصرفات والتمادي بالسلبية وتاريخ الظلام ,ومحاولة الظهور فجأة أمام الرأي العام العالمي بمظهر الإنفتاح والمرونة والتطور ومواكبة الحضارة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان.ومن سيصدق أصلا هذا الثوب الجديد والممارسات على أرض الواقع يندى لها الجبين ,وتمرغ بالوحول الجباه؟ومن المفروض والمنطق وقبل الذهاب إلى أي عاصمة من عواصم النور والضياء, علينا الذهاب إلى مدن الصفيح, وأحزمة الفقر والفقراء,وعلب السردين ,وأكواخ التوتياء المنكوبة بشعارات الثوار ,وصور الزعماء.وأن تكون الصورة نظيفة ونقية أولا هناك ,والواقع خال من النواقص والعيوب والانتهاكات,وتُنظف السجون,وتُحترم الحريات والآراء والخصوصيات,ويتم تداول السلطات, وتُجرى الانتخابات الحرة,ويستقل القضاء, وتوزع بالعدل الثروات ,وتُرفع الأحكام الجائرة وقوانين الطوارئ والحظر والإغلاق, ويُكرم الإنسان في وطنه, وتنطلق حرية الصحافة والتعبير وتقارب عنان السماء,وتُلجم آلات القمع والاستبداد,وعند ذلك ستكون المهمة أسهل ,وقد لا نحتاج لهذه العملية برمتها ,وتنتفي الحاجة لإرسال رسُل التجميل, وتزو يق صور الجنرالات, وصرف الدولارات بلا فائدة وبلا طائل على حفلات التعارف ومآدب العشاء.ولماذا نحاول تحسين الصورة أمام الغرب فقط ,ولا نحاول تحسينها أمام هذه الشعوب المنكوبة والمكلومة, والتصالح معها والاعتراف بها كشعوب آدمية تستحق العناية والاهتمام,ونخاطبها كما نخاطب الغرب,ونتودد إليه بأدب جم ,ودعة واحترام؟ وعند ذلك فقط أيضا سيشعر الجميع ,بدون استثناء, وسينعمون بالأمن والأمان.ولا يهم مايقوله الآخرون عنا وقتذاك.أما إذا كان الموضوع ,وكالعادة,لنفخ الجيوب المتورمة ,والبطون المتكرشة وحقنها بالمزيد من الدولارات,وإغواء المحظيين والمحظيات,ومراضاة الحردانين والحردانات,وتوزيع المغانم والإقطاعات , فالأمر كالعادة مفهوم تماما ,ولتستمر,ولتنطلق عندها الحملات.

لقد قدم العالم عبر مسيرته الإنسانية الطويلة ولا شك شخصيات متنوعة الأطياف منها الخطرة والإجرامية ,وانتهت إلى حيث المكان الذي يليق بها في موقع التاريخ.ولكنه أيضا قدم شخصيات عظيمة ورائدة يدين لها الجميع بالفضل والثناء في ما وصلت إليه الإنسانية, في بعض الأماكن, من حضارة ومدنية ورارتقاء. وفي التاريخ الحديث والقريب حفلت الساحة بأسماء ساطعة وخالدة تنير الدروب والطريق لآلاف السنين.فهل سمحت ثقافة الموت والإقصاء بوجود شخصيات مثل غاندي ,والأم تيريزا,وغيفارا,ونلسون مانديلا ,وألفرد نوبل؟وهل سمحت الأنظمة العسكريتارية من وجود منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية بلا حدود والتي تعمل بلا هوادة وبلا حدود في خدمة الإنسان؟ولماذاكان مصير رسل الإنسانية دائما القبر ,أو التغييب الطويل في السجون والمعتقلات,وأصبحت ثقافة الصمت وإيثار السلامة هي السائدة نتيجة لشدة البطش ,وعدم التسامح في خلق تقاليد جديدة تنسف ماهو متعارف ,ومتفق عليه عبر السنين والأجيال؟وظهرت من بين ظهرانينا شخصيات مرعبة على مسرح الأحداث ومن تحت عباءات السلطات, ودوائرالاستخبارات,أفرزتها السياسات الخاطئة,والكوارث والأخطاء الواقعة بالجملة هنا وهناك. وقدمت في الصحافة والإعلام على أنها الصورة النمطية للإنسان الذي يعيش في هذه البلاد. وطبعت المشهد بسوداوية قاتمة,وحين يتم الكلام عن الإنسان العربي في وسائل الإعلام سيرد للأذهان فورا وجوه أبو قتامة وأبو جهامة وأبو بلادة وأبو الويلاء وأصحاب التكشيرات وتجارالموت الزؤام. كونهم الوحيدون الذين كان الإعلام يتغزل بهم ويقدهم لجمهور المشاهدين والقراء . فمن الذي صنع هذه الأيقونات الصماء؟إضافة إلى رموز شمولية دولية أمعنت في الديكتاتورية والاستبداد,وبدورها لا تحتاج إلى تفسير وشرح وإيضاح كالزرقاوي والسبعاوي والألفاوي والصفراوي والصحراوي وصدام ,والطابور الطويل من الماريشالات, والجندرما والخفراء والعرفاء واللصوص الكبار,روج لهم وسوقهم وجمّلهم إعلام الكذب والاستهبال. فهل في حياتنا سوى هؤلاء, ونوافير الدم النازف والطالع من كل الجهات؟ وهل ترجل أحد يوما سوى بمؤامرة, أو انقلاب, أو ذبح, واغتيال, أو بزيارات نادرة من عزرائيل قابض الأرواح؟ ويبقى السؤال الأهم ,لماذا لا يحاول أحد من سكان العالم تحسين صورته وتجميلها إلا هؤلاء العربان؟

إنها المهمة الأصعب في تبييض الوجوه السوداء.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب النكايات والضرّائر السياسية
- اللقمـــة السائغــة
- طوفــان الإنترنت
- ليل العــربان الطويل
- طغـــــاة بلا حـــدود
- المجتمعات الذكورية والفحولة الشمولية
- عصـــر التحــولات
- تراث المخابرات في كتابات الأدباء
- إيــّـاك ....ثمّ....إيــّـاك
- ما قبـل العاصفـــة
- دســاتير برسـم البيـع
- مرشـــح رئاســي
- البقــــرة الحلـوب
- سقــــوط الرهانات
- سورية العظمـــى
- هل نحن أمة من الجهـــلاء؟
- دروس في الديمقراطيـــة
- الحـــــرب الإليكترونية
- بالـــونات الهواء
- مجانيـــن بلا حــــدود


المزيد.....




- بايدن يصرح لـCNN بنصيحة أوباما له بشأن الانتخابات المقبلة
- مناورة -غير عادية- لمقاتلات روسية قرب أمريكا.. ومصدر يوضح ال ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي دفن فلسطينيين في مقبرة جماعية داخل مجم ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عدم تجديد تفويض بعثة تابعة له لتدريب ا ...
- الرئيس الأمريكي يحذر إسرائيل من تعليق بعض شحنات الأسلحة إلى ...
- 5 دول تتجه للاعتراف قريبا بدولة فلسطين
- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - مهمـة مستحيـلة