أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الحصـاد المُـــر















المزيد.....

الحصـاد المُـــر


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1158 - 2005 / 4 / 5 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل كان من اللازم,والضروري والواجب أن نسمع كل ذاك الضجيج, والبهرجة الإعلامية,وكل ذاك الصخب السياسي,والزخم الدولي الدبلوماسي حتى تأتي الخطوات المستحقة, والمفروض اتخاذها منذ زمن طويل.ومن دون الولوج في تلك الدهاليز,والمتاهات, والتفسيرات, وحل الألغاز ؟ ولماذا لم يكن هناك مبادرات ذاتية وطنية استشرافية, واستراتيجية بعيدة المدى تأخذ في الاعتبار الصالح العام, قبل انتظار أن يذكرنا بها القراصنة فيما وراء البحار؟ وهل كان صناع السياسة الخارجية,وجهابذتهم المؤبدين, والمشرشين, المزمنين في عالم الديبلوماسية,دون أي إنجاز يذكر, اللهم سوى التقهقر, وخسارة المواقع وجلب الويلات,والدوران في الفراغ, بحاجة إلى رفع العصا الدولية, حتى يتعلموا أبسط دروس "الحساب" ,ومغزى القصص البسيطة التي يعرفها الجميع قبل أن يدخلوا حتى إلى الحضانات,والتي كانت ترويها الجدّات للأطفال قبل النوم أيام زمان؟ومن هو المسؤول عن فقدان كل هؤلاء الأصدقاء,في الشمال والجنوب ومن كل الأطياف ,والوصول إلى هذا الواقع المزري والبائس في شتى مناحي الحياة بعد سنوات طويلة من البلاغة اللفظية, واستظهار نمطي ممل لأدبيات الرفض والعنتريات والاستنكار والمكابرة العمياء ؟ وما هو العمل الذي سيقوم به هؤلاء العباقرة الآن بعد كل هذا التشويه, والفشل والإخفاق ؟وماذا سيقرضون غير معلقات المؤامرة ,والدسائس,والاستكبار؟ ولماذا استمرت المكابرة والعناد حتى اللحظة الأخيرة,والوصول إلى وضع "كش مات"؟ ولم تعد تنفع سياسة ممارسة شفير الهاوية,وحروب الوكالات, في أي مكان بعد مسلسل احتراق الأوراق,وأصبح اللعب على المكشوف سيد الألعاب؟ وماذا لديهم ليقولونه بعد كل ذلك "العك",والجهد والإعياء؟وهل اعتقد أحد ما أن الأمور ستدوم هكذا,وكما تروق وتحلو له, إلى ما لا نهاية, سوى أصحاب الخيالات المشبعين بالأوهام؟

لقد كان المؤتمر الصحفي مع تيري رود لارسن أمس أم الكوارث بالنسبة للسياسة الخارجية, التي وجدت نفسها مضطرة لقول أشياء جديدة لم تألفها قبلذاك,وتذعن مرغمة لتخسر كل شيء دفعة واحدة إضافة لعقم الخطاب المزمن,وتُوقّع وثيقة استسلام طوعي ,وتوبة نصوحا, عما جرى خلال كل تلك السنوات الطوال.كما جاء اعترافا ضمنيا بتلكؤ مقصود وممنهج لكنه مبرر,على الأقل بالنسبة لهم. كما أتت تعبيرا واضحا عن عجز ظاهر عن فهم المتغيرات والمتحركات في عالم اليوم الأحادي القطب,الممهور بالحادي عشر من سبتمبر ,والحرب على الإرهاب ,واحتلال أفغانستان والعراق.عالم المصالح والتحالفات والبزنس وقوة الاقتصاد ,لا زعيق الشعارات الجوفاء,وأحلام السيطرة والإخضاع. وإن المتغيرات ,والمستجدات الطاغية على الساحة الدولية من القوة والتأثير بحيث لا تترك خيارا لأي كان, سوى التكيف والتأقلم معها ببراغماتية وذكاء, قبل مناقشة شرعيتها وأخلاقيتها ,وبعيدا عن فذلكة ,وحذلقة الاستراتيجيين. تلك المتغيرات التي بدأت بإضراب عمال السفن التضامنيين في جدانسك بزعامة ليخ فاليسا, ولن تنته بالإنسحاب من لبنان,وكان يتعامل معها الجميع بلا مبالاة ,وكأنها لاتعني لهم شيئا ,وليسوا معنيين ومقصودين بها على الإطلاق.

ولم هذا الإصرار على البقاء في نفس الدوائر ,والألعاب والتسالي السياسية التي سادت أيام الحرب الباردة ,والعالم متعدد الأقطاب؟كما أتى اللقاء تتويجا مرعبا لسلسلة من الأخطاء, التي كانت تروى في الإعلام ,على أنها فتوحات دبلوماسية,وإلهام عبقري قل نظيره.ألم تحن لحظة الحقيقة التي كان يحاول الجميع تفاديها والهروب بها بعيدا إلى الأمام؟ولم تنفع كل سياسات التسويف والمماطلة والتأجيل في دفع الاستحقاقات المطلوبة هذه المرة وبإلزام وإجبار,ولم يترك لأحد أي خيار, سوى التنفيذ, ودون إبداء أي اعتراض أو كلام. ولقد أصبح واضحا, وبما لا يدع مجالا للشك, أن أسلوب العمل الدبلوماسي قد تغير,على الأقل الآن, من المفاوضات إلى الإملاءات,ولم يعد لأحد أي خيار ,لاسيما في ظل استخدام مفرط لقوة القانون الدولي ,وسياسة التحشيد عند اتخاذ أي قرار وإظهار الطرف الآخر بمظهر المعزول ,والخارج عن الإجماع الدولي.فيما تنحو بعض الدول منحى حثيثا واضحا في سياسة حرق المراحل,والأوراق ,والتخلص من كل "الشوائب" السياسية, واللوجستية التي تعيق تحقيق الرؤية الدولية الاستراتيجية الجديدة المرسومة للعالم,والتي وضعتها مجالس الأمن القومي في عواصم القرار, ونشاهد تتابع فصولها المثيرة الآن ,ولا مجال بعد الآن لممارسة نفس الألعاب القديمة الممجوجة التي لن تحمل سوى الإخفاق .

ومن هنا ,أصبح واضحا للمتتبع لتوجه السياسة الخارجية للقوى الكبرى, هو لجوءها لسياسة التحشيد, والتكتلات في صراعها مع أي طرف ,ورغبتها في إحراز أي هدف أو اختراق,أو تدخل هنا وهناك.وقد عبر عن هذا الواقع أحد الإعلاميين المرموقين عن عودة لسياسة الأحلاف في مقال نشر مؤخرا بهذا الصدد.واستخدام مجلس الأمن والأمم المتحدة كوسيلة ضغط قانونية, وشرعية, لتحقيق سياسات لسنا في معرض تقييم مدى شرعيتها في هذا المقال.وأصبح من السهولة أيضا التنبؤ بماهية القرارات التي ستصدر واتجاهاتها بمجرد عرض أي موضوع على مجلس الأمن دون الحاجة للتزود بالكثير من التفاصيل والدفوع ورد الاتهامات. فلقد كان مثلا, من السهل جدا استصدار قرار دولي سريع ورادع حول دار فور, التي أصابتها عدوى الشمولية والإقصاء والاستبداد ,وكل يوم سيصدروا قرارا من أجل أي موضوع, والويل كل الويل لكل من قال لا.وراقبوا موقف البشير الذي حلف أغلظ الأيمان,وبالثلاثة,كيف سيتراجع ,عندما سيعيد قراءة مواصفات التوماهوك,والكروز, والشبح, ووزن حاملات الطائرات,ويروي له مستشاروه الأشاوس قصة مهيب الجنرالات, التي يبدو أنه قد نسيها مع وقع وتواتر الأحداث,وهو يلبس بزة الماريشالات ,ويلوح بعصا الماريشالية أمام جموع من المخابرات. وبعد أن خبت أصوات الانفجارات,ولم تعد الفضائيات تعرض كثيرا مشاهد سقوط الأصنام بعد أن ملّها وحفظها الجمهور عن ظهر قلب. وسيُنفذ القرار بحذافيره, ودونما إبطاء .والسؤال المهم هل كان من الضروري أصلا تدخل القوى الكبرى دبلوماسيا, وعسكريا لتفصل بين أبناء الشعب الواحد, وتنقذهم من بعضهم البعض ومن المذابح, وأعمال القتل والتمثيل والإرهاب؟ومتى نتقن فلسفة التعايش والسلام ونتعلم أبسط الأبجديات؟ ولكم في قصص صاحب الفضاءات الأخضر,وملالي الطالبان ,وجزار البوسنة,والمهيب الركن بطل القادسيات, عبرة يا أولي الألباب.

والآن, وفي خضم هذه المناحة الوطنية الشاملة, التي أدمن الجميع فصولا مشابهة لها,وسياسة التراجعات التي سجلت أعلى المؤشرات,في الوقت الذي لم يكن يتخيلها أشد المتشائمين بمستقبل الأحداث,هناك الكثير من الكلام عن استحقاقات داخلية ملحة ومطلوبة لتحقيق الانفراج والخروج من عنق الزجاجة الذي يكاد يخنق الأنفاس. وإن كنا قد شهدنا بعضا من المحاولات الخجولة لتعديل الصورة, والتي أتت على خلفية الضغوط, وهذا مايجعل البعض ينظر إليها بريبة وشك ,كما حصل في "الربيع" الموؤود الذي مر مرور الكرام,في حين كان المطلوب ثورة في القرارات توطد الثقة ,وتؤسس لاتجاه جديد مختلف تماما عما سبقه ,لا الترقيع والتجميل بانتظار حدوث المعجزات السياسية.

فهل سيتم التعامل مع كل ذلك الزخم الضاغط من الاستحقاقات بنفس الطريقة التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليه من ضبابية, وقتامة, وخطر, وسواد؟ وهل سيستمر مسلسل التباطؤ ,وأدلجة القرارات ,وفلسفة مشعوذي الإعلام, ولاعبو "الثلاث ورقات", وتنبؤات قراء الفناجين السياسية الذين لم يصدقوا في يوم من الأيام , فيما تدل كل المؤشرات بتصاعد وتيرة المطالبات, وكثرتها,واحتمالات الانفجار, وحلول مستجدات وملفات,ووإرسال إيماءات ,ورسائل يجب أن تقرأ وتفهم جيدا ,ولم يكن أحد يتوقع فتحها,أو مجرد سماعها ومناقشتها حتى الآن. وأن هؤلاء القوم والقراصنة المدججون بالأسلحة لايمزحون ,وتبين من التجارب, أن لا أصحاب لهم أو حلفاء .

اذا استمر كل ذلك, فإنما يعني شيئا واحدا, وهو الدخول مرة أخرى في نفق الأوهام, والتهيؤات, ومحاولة "ناجحة", فقط هذه المرة,وقد تكون الوحيدة على الإطلاق, بالإقدام على الانتحار .


إنه الحصاد المر لسنوات "القحط"العجاف.

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة
- شُكـر على تعزيـــة
- الـــراعي والــذئب
- اكتشافات عظيمــة
- أغبيــاء بلا حــدود
- عندمــا يتأدب الجنرالات
- خلايـــا نائمـــة
- قمــة الهــــاويات
- مهمـة مستحيـلة
- حرب النكايات والضرّائر السياسية
- اللقمـــة السائغــة
- طوفــان الإنترنت
- ليل العــربان الطويل
- طغـــــاة بلا حـــدود
- المجتمعات الذكورية والفحولة الشمولية
- عصـــر التحــولات
- تراث المخابرات في كتابات الأدباء


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الحصـاد المُـــر