أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون















المزيد.....

عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1175 - 2005 / 4 / 22 - 11:38
المحور: حقوق الانسان
    


عِشْ ودع الآخرين يعيشون, دعه يعمل ,ودعه يمر هذه المبادئ والرؤى الانفتاحية التي أطلقها رواد النهضة المعاصرة لطالما كانت المبادئ الأهم الذي انطلقت منها بواكير الفكر الرأسمالي الأول ووصل الغرب إلى ماهو عليه من رقي وتقدم وحرية ليبرالية يكفلها القانون والدستور , رغم ازدراء البعض للحضارة الغربية واعتبارها ضربا من ضروب الانحطاط والفجور والفسوق.ويحكمون عليها من خلال شفافيتها العالية ,ومن خلال فيلم بورنو يشاهدونه ,ويستمتعون به ,في المساء بعيدا عن أعين الناس,وأما جوهر تلك الحضارة فلن يفهموه بأي حال.ولقد جعل هذا المبدأ الإنساني المتسامح الجماعات والأفراد تنطلق وتتحررمن كل القيود السياسية والاقتصادية والاجتماعية محققة القفزات تلو القفزات في كل الميادين.وبدأت حملة محمومة من التنافس الشريف في تقديم الأفضل ,والأجمل ,وكل مايخدم المجتمع بدون أية عقبات أو معيقات تمنع من ذلك.وجاء تقديس المبادرة الفردية كرديف عملي وسلوكي واقعي لهذا المبدأ . وكانت الحكومات تعمل جاهدة وتتسابق الأحزاب في الإعلان عن برامجها التي تحقق مزيدا من الرفاهية للمواطن ,وبناء على ماتحققه كانت تبقى أو ترحل من البلاط.وانطلقت لذلك المبادرات الفردية الخلاقة التي حققت المعجزات وضربت كل المؤشرات السابقة وأدخلت الإنسانية في فضاء لا متناه من الإبداع المتواصل الذي يبدو أنه لن يقف عند حد ما ,أو يعرف هدوءا أونكوصا وارتداد,وأصبحت هناك فواصل زمنية وحضارية مع الآخرين ,وكل يوم هناك فتح جديد في مجال من المجالات, بينما أصحابنا العربان مايزالون سكرانين بفكر الثوابت الذي جعلهم في النهاية خلف بورما, وكوريا الشمالية ,وزنجبار. و المبدأ المعلن على رؤوس الأشهاد عند العربان ,وحملة الرسالات الخالدة التي لاتفنى أبدا مع الزمان, هو عش ودع الآخرين يموتونِِ ويفطسون وينفقون في العراء,وابنٍِ سعادتك على شقاء وعذاب وآلام الآخرين.

فلقد كبلت القوانين الإستثنائية ,والأحكام العرفية الإنسان وجعلت من مبدأ السلامة,والخوف والحيطة والحذر التي لجمت العقل ,ومنعت الإبداع ,لأنه بدون مناخات الحرية تتعطل الأدمغة عن التفكير , وفي أجواء الرعب تكف الدورة الموية عن الدوران, وصار مبدأ "اِلحيط الحيط وياربي الستر" سلوكا عاما ,ونهجا مشتركا بين الجموع لما رأته من فجور وظلم واستبداد الحكومات, التي لم تتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم في سبيل البقاء على كرسي الحكم , ولو أدى ذلك لفناء كل الشعب.وصارت الحاجات الإنسانية ,وبدل أن تكون سامية وعالية وارتقائية متطورة ,بدائية غرائزية تتجلى في إشباغ الغرائز السفلى للإنسان من مأوى ومشرب وطعام ,وانتفت بذلك الحاجة للإبداع,وقد احتكرت حاشية السلطان كل شيء المال ,والسلطة والإعلام والفن والاقتصاد,وأصبح أساطين السياسة والأمن والفساد, روادا في الشعر والفن والمال والأدب والاقتصاد والإعلام, وحرموا الشعوب حتى من الفتات .وقبضوا على كل شيء بالنواجذ والأسنان, وقبضات الحديد والفولاذ ,وصارت وظيفة حارس ليلي عطاء كبيرا من أصحاب الشان, الذين يديرون الأوطان كما تدار مزارع الأبقار,وبتصرفون بها كما يتصرفون بالملك الخاص.وحرم الإنسان من أية فرصة في حياة كريمة في وطنه مالم يكون تابعا ,وخانعا, ومرتزقا, ومأجورا, وجاسوسا وكاتب تقارير عن إخوته وأبناء عمومته والجيران.وصار جائعا ومطاردا ولا سبيل له إلا بالسجن أو بالفرار إلى ماوراء البحار هربا من جنة الثوار الأبرار. وصاروا لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل على العباد,وعندما كبر هؤلاء, وشاخوا, وطعنوا في السن بعد أن أبلوا أحسن البلاء في النهش من جسد الأوطان, استلم الراية من بعدهم أولادهم, وأحفادهم ليكملوا مسيرتهم الثورية على طريق نتف وإفقار وتجويع وتركيع وإذلال العباد. فهم,واستغفر الله, من يحييك ويميتك متى يشاؤون ,وعليك أن ترضى بما يرموه لك من فضلات وفتات تسمى في المراسيم الجمهورية,عطاءات وهبات ومنّات عظام من حاتم الطائي الأكبر القابض على الرقاب.واستأثروا بكل شيء ولم يتركوا بابا للترزق إلا وسدوه امام الناس,أو شاركوهم فيه ,وصار لهم فيه حصة ونصيب.حتى من هاجر وترك لهم الجمل بما حمل ,كان عليه أن يدفع خوة سموها, في بدعة ريعية ضرائبية عجيبة, رسم اغتراب,كان كالسيف المسلط لكل من كسب قرشا عليه أن يحسب حسابهم من لقمة أطفاله التي منّ بها عليه الغرباء بعد لأي ,وجهد,وذل ,وهوان,وضنوا هم عليه بأبخس الأشياء. ولكن تم إلغاء هذه "الجزية" الغريبة بعدما ضجت بها الناس,وصارت مثالا للسخط والغضب وعنوانا للجباية والأتاوة التي ليس لها مبرر أو أسباب,ولم تكن تعود بالنفع على المغترب بأي شيء.

وسيطرت على الحياة الاقتصادية المشلولة تماما ماسمي بمؤسسات القطاع العام التي كانت في الواقع مؤسسات للنهب والإثراء توزع إداراتها على الأقرباء والمحازيب والمعارف والأصحاب كإقطاعات ومناطق نفوذ خاصة,ومنعت أي نشاط اقتصادي آخر,فيما سيطرت علىالحياة السياسية والاجتماعية منظمات صورية شكلية حيث ضيقت وقزمت الحياة بكل تنوعها بشعارات جوفاء غايتها التمجيد بالوضع السياسي وإظهاره بمظهر من الورع والتقوى والصفاء.وكان الفن والمسرح والشعر والأدب والسينما والصحافةوالإعلام كلها تصب في هذا الاتجاه.وانعدمت المبادرات الفردية الخاصة والمبدعة الخلاقة تماما كانعدام فرص العمل ,وصار أي استثمار,أو أي مشروع يعني خسارة كبيرة ومغامرة محفوفة المخاطر وسبيلا للتشليح والابتزاز,هذا إذا سلم ولم يتعرض للمصادرة والإغلاق.

ولقد أكملت المهمة على أكمل وجه أجهزة القمع التي قبضت بيد من فولاذ على رقاب الناس وجعلت الحياة جحيما لا يطاق.ووجهت كل اهتمامها نحو الداخل وقيدت حركة المواطن في أضيق نطاق.وصارت تتدخل في حياة الناس ,وتحشر أنفها في أمورهم الخاصة وتبتز الفقراء في لقمة عيشهم ,ومستقبلهم وتمنح الحياة والعز والجاه لمن تشاء,وتمنعه عمن تغضب عليه من المهرطقين والكفار غير القابلين للتدجين والدخول في حظيرة الشموليات.وأي شخص حاول الخروج عن مسيرة القطعان,وفارق منظمات غسل الدماغ الايديولوجية , التي بدا في النهاية أنها سائرة نحو الهاوية ,كان يموت "ميتة مخابراتية" ,وما أدراك ما الموت المخابراتية,ويحسب مع الهالكين الأموات.ولن يصبح من المرضي عنهم ,والمبشرين بمناصب,وبعثات التعليم والسفارات المحصورة والمسجلة بأسماء المحظيين والمحظيات, وورواد موائد الشموليات, ومالم يسجد للأصنام,ويركع أمام لاتات الجاهليات , ويتبرك بمكاتب المخابرات ,وكرامات الجنرالات المدحورين في كل المنازلات. وأصبح أي شيء بحاجة لموافقتها, وان اي حق مكتسب للمواطن في وطنه ,هو منة وعطاء من القائد اوالبيك والباشا والسلطان حبسه عنهم وعندما اعتدل مزاجه ورضي عنهم سكبه كرما طائيا على رؤوس العباد. ,ومن رضت عنه الأجهزة تنعم بالحياة وعاش عيشة الكرماء .ولذلك سرت ,وبكل تهكم وسخرية ,مقولة يارضى الله ورضى المخابرات تعبيرا عن الواقع المرير الذي وصلت إليه الأحوال,ومدى تحكم هذه الأجهزة بمشارب الحياة. ولو كنت فلتة زمانك وشكسبير الأدب ,وإينشتاين العلم ,وبيتهوفن الفن فلن تنال الرضا والقبول مالم تحمل تلك المؤهلات .

وصار شعار المواطن الغلبان ,لقد سامحناكم بكل شيء ,فقط دعونا نعيش بأمن وأمان وسلام في بلاد الآباء والأجداد, نستمتع بانسانيتنا , فلانريد بترولا ,ولا دولارات, ولاحسابات في سويسرا, ولا بورصات,ولا مشاريعا ,ولا طائرات خاصة, ولا حصة أوعائد من أي شيء على الإطلاق ,نريد ان نمشي في شوارعنا العتيقة,وزواريب مدننا العريقة, مع البسطاء والفقراء,ونشم رائحة المطر والخبز والتراب ,دون ان يختطفنا العسس وتلاحقنا الدوريات, أونلتفت للوراء خوفا من الأشرار ,ولو عشنا الدهر كله بلاغذاء.

والعوض على الله ياشباب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافـة التسـامح
- في زيارة خاصة لأكثم نعيسة
- ما ليس عرضـيًا
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة
- شُكـر على تعزيـــة
- الـــراعي والــذئب
- اكتشافات عظيمــة


المزيد.....




- الآلاف يتظاهرون في جورجيا من أجل -أوروبا- وضد مشروع قانون -ا ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون