أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - ما ليس عرضـيًا















المزيد.....

ما ليس عرضـيًا


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1170 - 2005 / 4 / 17 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالتأكيد لم تكن نكتة بايخة,ولا مزحة من شخص ثقيل الظل,ولكن النكتة تصبح بايخة,وسمجة فعلا عندما يلقيها من لا يجيد إلقاء النكات على الإطلاق ,ولا يعرف ,كالبوم,سوى التبشير بالخراب ,وإلقاء الألغاز والأحاجي للأطفال الصغار,ويرعبهم ويمنعهم من النوم عند المساء,حين تتحول القصص الجميلة ,و"الحتوتات" الرومانسية إلى أفلام رعب وقصص تراجيدية مؤلمة عندما يرويها للناس.فعلا لم تكن نكتة بايخةوكانت حقيقة واقعة ,ونعم كانت مصافحة عرضية ,في مناسبة عرضية قد لا تتكرر إلا بموت بابا آخر في زمن يطعن فيه البابوات بالعمر, ويقصف عمر الأطفال الصغار كل يوم في البلاد التي لا تعرف إلا الكدر ,وضنك العيش ,وقبح وفجور السياسات ,ولم تعرف في كل عمرها البائس النكت الحلوة والضاحكة والابتسام.

نعم إنها مصافحة على الهواء وأمام الناس,وربما كانت شيئا عرضيا .وحدثت أمام الملأ وليس وراء الكواليس والخلوات, وهذا مايعطيها أهمية, وشأنا, ومصداقية ,ويبرز الحاجة للجرأة, والثقة بالنفس عند الإقدام على دفع الاستحقاقات,والرغبة في فعل شيء ما ,لا الهروب والفرار إلى الأمام ودفن الرؤوس في الرمال كالنعام, والإصدار المزمن لبيانات الشجب والرفض والاستنكار.وليس هنا معرض مدح أو ذم لتك البادرة ,وإن كانت البراغماتية والعملياتية هي الطاغية على الموقف ,أكثر من الصدفة التي قد تكون أحد أهم الأسباب ,وهي التي دفعت الأيادي للقاء .وهي أيضا ,وبالتأكيد, ليست تعبيرا عن موقف شخصي,نظرا للمكانة الهامة التي يتمتع بها أصحاب الشأن, بقدر ماهي تعبير عن فهم عميق للواقع الجديد ,وقراءة مختلفة للمعطيات والمتغيرات المستحدثة والواقعية في عالم لم يعدمطلقا كما كان.وفي الحقيقة إن العقلانية السياسية تقتضي الكثير والكثير من المصافحات,ولا يزال هناك على لوائح الانتظار الكثير من الأيادي الممدودة التي تنتظر المصافحات, ولعل الجميع ينتظر,ويترقب ,وبفارغ الصبر المصافحة الكبرى والأهم على الإطلاق مع هذا الشعب,وأنهاء عقود طويلة من القطيعة التاريخية التي جعلت كلا في واد ,عفوا أحدهم في برج سلطاني عاج ,والآخر يتلظى بقهر القوانين وسنين القحط والألم والجفاء ,والطرق بقبضات الحديد والنار.إنها المصافحة التي قد تكون إيذانا بنهاية زمن "التشبيح"السياسي ,وعودة النظرة الواقعية للأشياء بعيدا عن العنتريات, والدونكيشوتيات التي لم تجلب سوى قبض الريح والهواء ,وبعيدا عن النكات البايخة ,والثرثرة ,والكلام الفارغ الذي لم يعد يقنع أطفال الحضانات.فمتي تأتي المصافحة التي تنهي دهر "التشبيح" وفلتان القمع السلطوي,ومافيا المخابرات؟

ماليس عرضيا,وماهو مزمن, ودائم, وأبدي, وبدا كأنه قدر سماوي, وعقاب طبيعي جماعي أن نستمع للمزيد من النكات في المناحات,والجنازات ,والمآتم اليومية التي نعيشها على الدوام, وأن يستلمنا أولئك الأذكياء,وفطاحل الإعلام البائس الموجه كل تلك السنوات الطوال,من شيوخ وعجائز الستالينيات وحقب الجنون والعنطزة الحمراء, التي لم تفلح في منع الوصول إلى لحظة الحقيقة والمواجهة المرة مع الذات .ولم تتمكن في زمن الإنترنت والصورة الحية الفاضحة لكل المخبوءات والمستورات في حجب أي شيء عن أعين الناس والقادم أعظم وأدهى.وما ليس عرضيا ,ومثيرا للعجب والاندهاش وهم يصدحون بنفس الموال ,ويدّعون العصمة ,ويروجون لفقه وفلسفة الانبطاح ,والاعتصام بحبل السادة الصالحين الأخيار,وادعاء احتكار الحقيقة والخبر والمعلومات,واستمرار مسلسل المواربة ,ومجافاة الحقيقة ,وسياسات التلون بشتى الألوان كالحرباء.و,ان تبقى هذه المومياءات التي لاتتجاوز أصابع اليد الواحد,تحتكر الصوت الوطني وتمثل وجه الثقافة والكلمة والإعلام في البلد الذي صدّر للعالم الأبجدية ,وعلّمه نقش الحروف,ونطق الكلمات,ورسم الأبجديات ,وأن يشفر الأنترنت,وتختنق الحناجر,وتنفجر الرئات بالمكبوتات ولا يجد الشرفاء وأصحاب الأصوات الصادقة ,والكلمة الحرة منبرا يعبرون من خلاله عن واقع الحال ,وتتشتت أصواتهم هنا وهناك ,ويتفرقون في كل البلاد والقارات.

ماليس عرضيا, هو استمرار القوانين الجائرة والأحكام العرفية ,وسطوة الأجهزة القمعية على كاهل ورقاب العباد, وتبتزهم في المأكل, والمشرب, والمنام ,والحل والترحال.وما ليس عرضيا هو انعدام كل أشكال الممارسة السياسية الطبيعية,أو التعبير عن النفس ,واعتمادها على هياكل كرتونية زائفة وهشة قد تتعرض للسقوط والدمار عند أول خضة ,وأضعف زلزال .واستمرار احتقان الشارع بكل أسباب الانفجار وتردي الحالة المعاشية لعموم المواطنين التي لم تفلح كل القوانين الصادرة في إحداث النقلة النوعية في حياتهم, ونقلهم إلى ضفة الرفاهية التي حرموا منها دهرا طويلا,وظلوا في المستنقعات الراكدة يجلدون بمعلقات أصحاب النكت البايخة التي تبكي القلب,وتفقأ العين وتجرح الفؤاد.

ماليس عرضيا, هو استمرار اعتقال الشرفاء ,ورواد الحداثة والتنوير والإصلاح ,ومكوثهم في الزنازين الباردة الظلماء , ,وما هو طارئ ,وشاذ وغريب عن كل مألوف ومعروف عبر الأجيال أن يلقى بخبير اقتصادي مرموق ,بلغ به العمر مبلغا,ويعاني صعوبات صحية جدية, بعقوبة قاسية وظالمة لمجرد محاضرة في زمن العولمة والفضاءات المفتوحة ,ويغيب بعيدا عن عيون الأحبة والأهل والأبناء, كما أنه ليس عرضيا أن يتدافع المواطنون فرادى ومثنى ,ورباعا وقطعانا وآلافا مؤلفة للخروج من جحيم الأوطان وتكدسهم أمام سفارات "الإمبريالية والاستعمار" بالمئات للحصول على صكوك الغفران ,وتأشيرات الفرار التي تمكنهم من الهرب من جهنم الشموليات التي أذاقتهم الذل والهوان ,والتي حكمتهم بالحديد والنار ,وصاروا فيها عبيدا وتابعين وخدما للسادة الأخيار.

وماليس عرضيا ,أن يعلن أحد المواطنين الشرفاء ممن استضافتهم سجون الرفاق ,ومن دعاة حقوق الإنسان المدافعين عن الفقراء ,أنه أصبح تحت الحماية الاوروبية ودساتير الغرباء, لكي تقيه من سطوة "الأهل والأقرباء", وتبعد عنه آلة القمع الوحشية العمياء .ولكن بحماية من ستبقى تلك الملايين الكثيرة التي حرمت من الأمن والأمان وتعيش الرعب والخوف والإرهاب والحصار ,واستفشارالسجانين ,والجلاوزة الدمويين,ومصاصي الدماء ,والعسس و"الزوار" القساة في كل الأوقات؟ وماليس عرضيا أن نعيش البؤس ,والحرمان ,والفقر,والقلة,والإملاق,وتكميم الأفواه,وكتم الأنفاس,واللصوصية,وانتشار المافيات,وتهجير الأبناء في أصقاع الأرض طلبا للعيش في أرض الخير والحضارات ,وضيق ذات اليد ,وانعدام القانون ,وفساد القضاء, وإفقار الناس,وتفشي الرشوة والأتاوات,وأن تصادر الكلمة والرأي,ويعامل الناس وكأنهم في عصور الرق, والعبودية ,والبداوة ,والنخاسة ,والانحطاط ,ويحرموا من أبسط مقومات الحياة.

إنه زمن إلقاء النكت "البايخة" في مجالس العزاء الحزينة.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم
- كـذبة نيسـان الكبرى
- موسـم إغـلاق الملفـات
- مجــــرد فكــرة
- شُكـر على تعزيـــة
- الـــراعي والــذئب
- اكتشافات عظيمــة
- أغبيــاء بلا حــدود
- عندمــا يتأدب الجنرالات
- خلايـــا نائمـــة


المزيد.....




- أحذية كانت ترتديها جثث قبل اختفائها.. شاهد ما عُثر عليه في م ...
- -بينهم ناصف ساويرس وحمد بن جاسم-.. المليارديرات الأغنى في 7 ...
- صحة غزة: جميع سكان القطاع يشربون مياها غير آمنة (صور)
- تقرير استخباراتي أمريكي: بوتين لم يأمر بقتل المعارض الروسي ن ...
- مسؤول أمريكي يحذر من اجتياح رفح: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا ...
- شاهد: احتفالات صاخبة في هولندا بعيد ميلاد الملك فيليم ألكسند ...
- مليارات الزيزان تستعد لغزو الولايات المتحدة الأمريكية
- -تحالف أسطول الحرية- يكشف عن تدخل إسرائيلي يعطل وصول سفن الم ...
- انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريط ...
- بوغدانوف يبحث مع مبعوثي -بريكس- الوضع في غزة وقضايا المنطقة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - ما ليس عرضـيًا