أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توماس برنابا - عقل المتدين المُجزء !!!















المزيد.....

عقل المتدين المُجزء !!!


توماس برنابا

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 02:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


The Compartmentalized Mind هو العقل المُجزء لأجزاء عدة منفصلة، تعمل بطريقة منفصلة ومنعزلة عن بعضها البعض! وهي حالة شبيهة بمرض ثنائية القطبية Bipolar والذي فيه تتعدد شخصيات المريض ، بطريقة لا يعي فيها أنه متعدد الشخصيات، فهو ربما يتصرف كسائق أسمه حسين في ساعة ما، ثم ينقلب ليقول عن نفسه أن أسمه عماد ويعمل ساعي! وهكذا دون أن يدري شيئاً عن هذه التحولات. وتتنوع ثنائية القطبية فقد تجد شخص في لحظة يكلمك بأنه شيطان يلبس الانسان ، ثم يرجع لحالته الطبيعية مرة أخرى ! أو شخص يتصرف في يوم واحد كطفل ثم كرجل ثم كصبي... دون أن يدرى أن هذه التحولات تحدث له !! وهذا مرض له علاج ويتعافى الناس منه بعد فترة من الزمن ليست هينة... ولكن فقط للمرضى الذين يتقبلون العلاج وتتسارع الحالة الى الشفاء حينما يعي المريض بحالته ويقتنع بالتحولات اللاشعورية التي يمر بها ويساهم مع الطبيب في العلاج...! وهكذا أي أنسان حينما يعي مرضه، فقد قطع نصف طريق الشفاء...! وتقريباً من المستعصيات من الأمور في معظم الأمراض البدنية والنفسية والاجتماعية أن يشفى الانسان بالكامل وهو يصر أنه سليماً معافىّ!! فهذا في حد ذاته عرض مرضي !!!

والمتدين العربي وخاصة المسلم، ربما يكون مهيئاً لهذه الامراض أكثر من أهل الغرب. لأنه منذ صغره وقد تبرمج أن يعيش حالة من الفصامية وتجزيئية العقل ، بطريقة لا يعمل العقل فيها، حتى أنه لا يعي أنه يعيش في غرف مختلفة في أوقات مختلفة داخل عقله دون أن يدرى !

فلنفترض أن عقل العربي المسلم ( أو المسيحي) عبارة عن دائرة كبيرة ، داخلها خمس دوائر ( أو غرفCompartments )؛ دائرة في المركز، ودائرة في الاعلى وأخرى في الاسفل، و واحدة عن اليمين وأخرى عن اليسار. والدائرة الوسطى سميناها غرفة العقل الخاصة بالتفكير الناقد، والاربع غرف الاخريات هم 1- غرفة الاسرة، 2- غرفة العمل، 3- غرفة التدين و 4- غرفة التعامل مع الأخرين .... وهؤلاء الغرف الخمسة منفصلين عن بعضهم وبينهم فراغ ولا إتصال بينهم أبداً!!!

فالمسلم حينما يدخل المسجد يوم الجمعة، أو يقف خاشعاً على سجادة الصلاة، أو يقرأ أو ينصت للقرأن، أو يحادث أحدهم في شئ ديني؛ نجد طاقة عقله الفكرية تنتقل بمجملها الى داخل إطار الغرفة العقلية التي تختص بالتدين... ونجد الانسان خاشعاً، مهيئاً للتأثر بالخُطب الدينية على المستوى الشعوري واللاشعوري، ويكون منفصلاً عن باقي الدوائر الاخرى وخاصة غرفة التفكير الناقد... فإن ورد شئ من طاقته العقلية على غرفة التفكير الناقد ولو للحظة، نجده يصرخ " أستغفر الله العظيم وأتوب اليه... أو سبحانك ربي أني كنت من الظالمين"... وغيرها من العبارات التي تعبر عن ندم صاحبها أنه أستخدم عقله... أي فعل غرفة التفكير الناقد! فمع المسلم حينما يتم تفعيل غرفة التدين تنقطع الطاقة العقلية عن باقي الغرف وتُخصص بالكامل للدين والممارسات الدينية ! وهكذا حينما يذهب المسلم لعمله... نجد الطاقة العقلية مُفعلة في غرفة العمل وتُغلق كافة الغرف الأخرى حتى غرفة التدين... فربما يشتم ويقسم ويسرق وغيرها من الموبقات دون أن يطرف له جفن من ندم أو أستغفار !!! فما يفعله صحيح ولا يدرى ولا يدرك لماذا الناس تعتبره غير متدين! فهو يصلي ويصوم ويقرأ القرأن وغيرها من العبادات! فهذه نقرة وتلك نقرة !!! وهكذا حينما يعامل أمرأته وأولاده... فقد يراه أحدهم يسئ معاملة أولاده وأمرأته... وينصحه بالأيات والاحاديث لنجد عقله أنطلق بكافة طاقته نحو غرفة التدين حينما يسمع القرأن والاحاديث... ويوافق ويؤمن على ما يقال وبأنه سيفعل الصواب وحينما يبتعد هذا الناصح أو الشيخ... نجد المسلم يرجع لحالته الاولى... فقد رجعت طاقته العقلية لغرفة الاسرة... ولا يدرى ولا يذكر ما دار بينه وبين الشيخ من لحظات عن كيف يعامل أسرته !!!

هكذا العقل المجزء... والعقل السليم لا يمكن أن يتجزأ... وهذه الأمور تعتبر أعراض مرضية قد تتطور لمرض عقلي خطير بعد مدة من الزمن قد تطول وقد تقصر! فمن الصحة أن لا يكون العقل Compartmentalized بل وحدة واحدة One Entity !!

ولتمثيل العقل الُمجزء للمسلم أحكي لكم عن قصة واقعية حدثت معي من فترة طويلة ولكني لن أنساها ما حييت وربما تكون هذه القصة هي التي أوحت اليّ بفكرة هذا المقال... كنت أركب أتوبيساً (Minibus) ... وبما أني ركبت من موقف الاتوبيس فقد وجدت كرسياً بجانب الباب الخارجي وجلست عليه... وأمتلأ الباص من الركاب على المقاعد وكانت الطرقات خالية... وأنطلق الباص وكان في كل محطة ينزل بعض الركاب ويركب غيرهم... ومن لا يجد كرسياً كان يقف في الطرقة Aisle !! وبعد عشر دقائق وجدت رجلاً عجوزاً أعرج يحاول ركوب درجات السلم بصعوبة الى أن صعد الى سطح الباص دون أن يُعبره أحد ويُجلسه مكانه... وأنا بلا تفكير ولا تردد قمت وأجلسته مكاني... ثم وقفت أمام المقعد الامامي والذي كان يجلس عليه شيخ طاعن في السن ذو لحية طويلة كثيفة بيضاء وفي يده اليمنى مُصحف ( قرأن كريم) ومسبحة !!! وقد كنت أحاول أن أتوازن أثناء سير الباص بأني أمسك بالمقعد الموجود أمام هذا الرجل بيدي اليمنى !! ثم رأيت وجوماً وإشمئزازاً منه قد بدا على وجه فجأة، زاده إكفهراراً... وللحظة لم أعرف السبب... فلاحظت أنه ينظر للصليب الذي في يدي اليمنى ( الاقباط يوشمون اليد اليمنى بالصليب منذ الصغر وهذا الوشم القديم قد وُشم لي قصراً وأنا في الخامسة من عمري) وكان ينظر لخاتم الذهب في خنصر اليد اليمنى !!! فأدركت سريعاً ما الذي يحدث!!! فعقل هذا الشيخ المسلم حينما رأى الصليب والذهب... فُعلت طاقة عقله في غرفة التدين العقلية مستدعياً الايات والعقائد والاحاديث التى تحرم لبس الذهب على الرجال وكفر الذين يعبدون الصليب ويوشموه على أياديهم كأله يتعبدون له... فهم عُباد الصليب ! دون أن يدرك ولو لحظة الفعل الانساني الذي فعلته تواً لمسلم مسن ملتحي أخر وهو الذي أجلسته على مقعدي... فبدلاً أن يشكرني، أو أقله ينظر اليّ نظرة إحترام...لم أنل منه إلا الإشمئزاز !!! وهو معذور فمخه وعقله، نُقلوا من غرفة التعاملات الانسانية الى غرفة التدين دون أن يدرى !!!

يا سادة يجب أن نعي أمراضنا... حتى نستطيع علاج أنفسنا ومواطينينا... ويجب أن ننمي التفكير الناقد في عقل كل العرب حتى تكبر غرفته داخل العقل وتنتفخ لتزيل الجدران بينها وبين الغرف الاخرى؛ ثم يصبح الانسان مُفعلاً عقله الناقد في كافة أطوار الحياة: داخل الاسرة، وفي العمل، وفي العلاقات الانسانية، وأيضا وهذا الاهم إعمال العقل والتفكير الناقد فيما يُدين الفرد ويعتقد من عقائد !!!



#توماس_برنابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإله الذي يُشمخ عليه !!!
- الإله الشحاذ !!!
- التدرج السُباعي نحو الإلحاد الواعي !!!
- إلحاد ... أم ... إستلحاد !!!
- الاعجاز الرقمي والعلمي في النصوص المقدسة
- المرآة والأزدواجية في المجتمع المصري !!!
- إبداع أم هرطقة !!!
- عمق عينيكي !!!
- نصارى ... أم ... نتذارى ... أم ... مسيحيين ؟!!
- خطة مقترحة من محشش للتعليم ما قبل الجامعي الالزامي!
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -10- التدين !!!
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -9- ظاهرة تأخر الخادم و الوقت ...
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -8- التسبيح !!!
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -7- سيادة الله !!!
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -6- الرحمة اولاً ثم الذبيحة !! ...
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -5- فعالية الماضي في الحاضر و ...
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -4- نظرية النسبية و الصليب !!!
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -3- التلاميذ خريجوأفضل جامعات ...
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -2- رنم صح !!!
- في نقد المسيحية أثناء الأيمان -1- رنم صح !!!


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توماس برنابا - عقل المتدين المُجزء !!!