نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)
الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 23:59
المحور:
الادب والفن
هطلت الامطار , وتوقف بائع النفط عن النداء ,ولاذ والعربة بالسقوف القريبة , لكن المرأة التي اطلت برأسها من احد البيوت القريبة , مناد-ية بالحاح ملوحة بصفيحة كبيرة فالاغة جعلته في حالة تردد , لا سيما ان الدرب المؤدي الى المرأة زلق . وثمة تخسفات ارضية وكان المطر يتكاثف
صاح في محاولة لامتصاص تردده : ما الامر يا خالة ؟ اشارت له ثانية بالصفيحة الفارغة . وهزت رأسها وقالت شيئا لم يسمعه . وفكر ان يلبي طلبها , فأن ثمن صفيحة كهذه , يمنعه تسويغ الانفلات من جو كهذا , حيث يلوذ بدفء البيت , والاستمتاع بالمسرحية التي قيل انها ضاحكة . اشارت المرأة ثانية , فانصاع للاشارة . ولم يكترث للتخسفات الارضية ولا للطين الذي صار كالصمغ تحت قوائم الحصان الذي بدا ثقيل الحركة .
لوحت المرأة بيدها تشجعه على التقدم , فانصاع ثانية ,وان بدا هذه المرة مترددا . فقد شعر بثقل حركة الحصان الذي كان يتقدم بحذر .
في اللحظة التالية , واذ اصبح على مسافة خطوات من المرأة , زلق الحصان , وكبا الى امام مفردا قائمتيه الاماميتين فأنكفأت العربة تاركة ثقلها على ظهره.
كان البائع الشاب قد قفز من العربة ليصبح الى جوار الحصان الذي طفق يشخر , جاحظا عينين بيضاويين وكانت المرأة التي رأت المشهد قد ندت عنها شهقة مفاجئة . لطمت خدها مولولة , ثم اختفت وراء الباب لائذة .
تأمل البائع عيني الحصان الجاحظتين وقد اغروقتا بالدمع . مد يده في محاولة لفعل ايما شئ يحرك اعربة او الحصان , واذ لم يقدر , وكانت السماء ما زالت تلقي بمطر ثقيل , والناس يهرولون , ولم يكن ثمة من يسعفه , شعر بالوحدة وبضالة قدرته .
لكنه وفي اللحظة التالية شعر بالندم وبسخافة ما يفعل , نهض مزمجرا هاتفا بغضب وضع سترته فوق رأسه , وغادر المكان محتميا بالسقوف القريبة , مهرولا باتجاة البيت حيث الدفء والمسرحية التي قيل انها ضاحكة وكان بطلها تشيخوف..
#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)
Nabil_Samara#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟