أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - أحبب أنت أوّلاً














المزيد.....

أحبب أنت أوّلاً


مادونا عسكر

الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 14:24
المحور: الادب والفن
    



وأنت تبحث في دفتر حياتك عمّن مرّ وجعل في نفسك جراحات يصعب مداواتها، أو عمّن تخلّى عن يديك في منتصف الطّريق، ورمى بثقل أنانيّته على أسارير وجهك فانذثر بريقها وتلاشى. وأنت تجمع ذكريات الأمس لتطرحها عند أقدام المستقبل، وتستعطفه العودة إلى الوراء لتحييها من بين حبيبات التّراب، انظر الوردة تنبلج من جفاف التّراب وأحبب أنت أوّلاً.
وأنت تشرع في صناعة ساعة ضخمة تتحدّى عقاربها نظام الأزمان لتعود بك إلى الماضي لترتّب ما خلّفه الزّمن من فوضى. وأنت تنحني على شيبك لتستعيد صباك المبعثر في زوايا المعاناة القديمة، ترقّب شروق الشّمس السّرمديّ وأحبب أنت أوّلاً.
وأنت تجلس وحيداً في غرفتك، تبكي بعداً موجعاً أو قرباً مؤلماً. ادخل مضجعك العميق، واشكُ للمطلق أحزاناً ستنتدثر لاحقاً كوريقات الخريف، وأحبب أنت أوّلاً.
وأنت تهمّ لمعاتبة صديق أساء إليك وآلم عطر ورودك، وزرع في أعماقك عذابات موجعة، وأرقت في سبيله دموعاً فاض بها وجدانك. وأنت تتساءل بحيرة وارتباك عن أسباب اختفاء الحنان في قلب من يحبّون، تأمّل سرّ هبوب الرّياح، واحبب أنت أوّلاً.
وأنت تسير في ظلمة العالم، متعثّراً بصلابة الأنانيّة، والغشّ والاحتيال، وتتخبّط بين الأنا المستنيرة والأنا الخاضعة لصراع البقاء. تطلّع وجه القمر في أديم اللّيل، وأحبب أنت أوّلاً.
وأنت تتخبّط في بحر الفوضى، وتصارع أمواج اللّامبالاة والإهمال. وأنت تتردّد بين قرار الواجب الّذي يقضي بإنقاذ جزء من كيان البشريّة أو الاستسلام لحماقتها وعبوديّتها. دقّق بانحناءة الشّمس عند الأصيل وباختلاط النّور بالشّفق، وأحبب أنت أوّلاً.
وأنت تشتعل غضباً من سذاجة الجهل وتسخط من لؤم العنصريّة، وتعاين احتضار الحكمة على فراش الجهالة. أبصر احتضان المطر للكون بأسره، وأحبب أنت أوّلاً.
أحبب أنت أوّلاً،
كن رؤى المستقبل الجميل في ذكريات الماضي الأليم،
كن الزّمن الجميل الآتي والمتصاعد من عمق الحاضر المرير،
كن النّور وسط الظّلام، واختر الالتزام في ضجيج الفوضى،
كن البسمة على ثغر المحزونين، والدّواء في جسد المرضى،
كن المعرفة في معتقل الجهل والانفتاح في قوقعة العنصريّة.
كن المسؤول في سجن اللّامبالاة والحرّ في شقاء العبوديّة،
كن أنت الحبّ، وتنقّل في هذا العالم علّك تنتشله من غربته وبؤسه.
هي خطوة نحو الحبّ، ترفعك من حضيض الافتقار إلى رفعة الاغتناء، وتسمو بك إلى سماء التّسامح والتّفهّم. تحملك إلى كلّ جائع إلى المحبّة وكل فقير إلى الأمان والطّمأنينة. كن الباحث عن المتألّمين ولا تنتظر أن تلتقي بهم، وبلسم جراحهم بكلمة، ببسمة، بلمسة يد.
ولتكن صلاة قلبك الدّائمة، آية تختصر كلّ الأوجاع والتّساؤلات والإحساس بالذّنب، وتجمع بين حروفها كلّ التّضرّعات والابتهالات. لتكن صلاتك: سأحبّ أنا أوّلاً.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاماً لك غزّة
- يا سيدي
- قراءة في رواية -حبيبها- قصّة النّجاح والعشق والموت- للكاتب و ...
- لبنان بين خيار الحرب وخيار الحب
- في الذّكرى الثّانية والثّمانين لرحيل عظيم من لبنان - جبران خ ...
- في رحاب الحلّاج (8)
- فيض الإله
- في رحاب الحلّاج (7)
- إلى أمّي
- حتّى النّسمة الأخيرة
- وجهك أيقونتي
- من ثمارهم تعرفونهم
- تكلَّمَ حبيبي
- صغيرة أنا في هذا العالم، كبيرة في قلبك
- عيناي لك الحبيب
- ضدّ الطّائفيّة
- صلاة بلا كلام
- تخيّل...
- في رحاب الحلّاج (5)
- للحرّيّة عندي معنى آخر


المزيد.....




- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...
- عجائب القمر.. فيلم علمي مدهش وممتع من الجزيرة الوثائقية
- كيف قلب جيل زد الإيطالي الطاولة على الاستشراق الجديد؟
- نادر صدقة.. أسير سامري يفضح ازدواجية الرواية الإسرائيلية
- صبحة الراشدي: سوربون الروح العربية
- اللحظة التي تغير كل شيء
- أبرزها قانون النفط والغاز ومراعاة التمثيل: ماذا يريد الكورد ...
- -أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مادونا عسكر - أحبب أنت أوّلاً