أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الرومي - نسماتُ دفءٍ














المزيد.....

نسماتُ دفءٍ


أسماء الرومي

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


أخيراً وصلتنا نسماتُ دفءٍ من الأحبابِ وابتعدتْ عنا رياحُ الجمودِ السيبيرية التي أتعبتنا
شهوراً ثقالاً مملة . شمسٌ وسماءٌ تكاد تكون صافيةً محافظةً على زرقتِها المحببة ،وتزيدها
جمالاً تلك الغيوم المنثورة برقةٍ ،بألوانِ البياضِ الصافي النقي والذي يزداد صفاءً حين
تقترب منها غيوماً محمولةً بخيوطٍ رمادية ،وما أجملها زرقة السماء التي أخذتْ تزداد حدةً
وهي تكتحل بحوافي الغيومِ .والأجمل هذا اليوم والمكانُ يزدانُ بالحركةِ وبالناسِ الذين يبدو
عليهم سعادةً أضفتها أيادي الشمسُ ودفؤها .
بدأتْ الألوانُ الشفافة والزاهية تزداد في الملابس،فالشتاءُ يفرضُ نفسَه بألوانهِ الثقيلة في
الملابسِ وفي كل ما يحيطنا ، ويضفي سكوناً في أكثرِ المناطق زحاماً وأحياناً وفي وسط
الزحامِ حين نغمض أعيننا نشعر بسكونٍ وكأننا وحدنا في المكان،ونضحك للمثلِ الذي يقول
الأذن تعشق قبل العينِ أحيانا .لكنني اليوم وحين أغمضتُ ، أبداً لم أشعر بعزلةٍ فالأصوات
تحيط بي وإن كانت لاتعلو كثيراً ولكنها تشعرني بسعادة ،حتى إنني لم أفتقد الطيور التي
أحبها ولازقزقاتها، فلم أرَ غير القليل من الحمائمِ تدور في المكان، أعتقد أن الشمسَ أتعبتها
فاختارت أن تكون في الأماكن الأكثر مظللةً .
كم أعطتْ حياةً هذه الشمسُ فقبل أيامٍ قلائلٍ كنتُ أنظر للأشجارِ كانت عارية إلاّ من براعمٍ
صغيرة تكاد لاترى ،واليوم تكتسي بهذا اللون الأخضر الذي أحبه فكم يزرع في قلبي من
آمالٍ،يُشعرني بحياةٍ جديدةٍ تدب وتنتعشُ في قلبي الذي أتعبته ثقل وكآبةُ الجو القاسي.ولكن
كم تتأثرُ مشاعر الأنسان بالجو، هذا المخلوق المسكين الذي تُسعده نسمةً وتشجيه أخرى
أعجبُ ممن يضايقوا الأنسانَ المسالم الطيب ويحرموه حتى من مشاعِره التي تقربه من
الطبيعة ومن المخلوقاتِ التي يعيش معها ومن الآخرين.
وها أنتِ أيتها النوارس ماهذا الصراخ أيها الطيرُ الذي دوماً يحب أن يظهرَ قوةَ جناحيه
ولكنك جميلٌ وأنتَ تحلق بهذه القوة،تدفع الريح وتبدو كسربِ طائراتٍ في هذا الفضاءِ من
حولي،ولا أعتقد بأنك توحي بسربِ طائراتٍ مسالمةٍ أيها الطائرُ المشاكس ولكني أحبك
فلا تحتج بهذا الصراخ ،وسأبقى أحبُ أكثر منك تلك الحمائم الوديعة المقتربة مني فهي
دوماً تشعرني بهدوءٍ وأمان ،فمذ كنتُ طفلةً كنتُ أساعدها في وضع حواجزَ في أماكنٍ
آمنةٍ لتبني أعشاشها وكم كنتُ أحب أن أقف بينها لأطعمها، لكني أتذكر كم كنتُ أتألم
حين يسقط أحد العصافير الصغيرة من أعشاشه بين سعفاتِ النخيل كنا نسمه إلحيمي،
أي لايزال لم يكتسي بالريش الذي يجعله بأمان وهذه التسمية دائماً أسمعها بين أناسنا
حين يتكلمون عن الأطفال والذين لايزالون بحاجةٍ إلى رعاية وحماية.
الأنسان الذي يبكيه عصفور صغيرٌ لم يجد حمايةً، كيف يؤذي ؟هذا يعيدني إلى المكان
الذي كنتُ أجلسُ فيه وحفيدتي قرب البيت والذي لايبعد إلاّ قليلاً عن المطار، كنا نرقب
الطائرات التي تبدأ بالأنطلاق ،بحجمها بأجنحتها المقتدرة، بجمالِ شكلها.كم تعطيني
شعوراً بالفخرِ باليدِ التي تصنع بمثلِ هذه القدرة الجبارة والتي نقلت الأنسان لمراحلَ
عالية من التطور.كنتُ أفرح مثل الصغيرة وهي تؤشر للطائرة وتضحك بمرحٍ،وكنتُ
أتساءل اليدُ التي تصنع مثل هذه الطائرة،كيف تصنع الأخرى والقاتلة .ويقولون اليد
التي خلقت الخير هي نفسها التي خلقت الشر .
والآن وخيرٌ من هذا الذي جعلني أسهو سأطعمُ هذه الحمائمُ والتي أخذت تدور
بقربي ،تذكرتُ بأن في حقيبتي كعكةً صغيرة .
لكن الحمائمَ لم تبقَ طويلاً فقد بدأت بالمغادرة لتلتقي الأسرابَ الطائرة والتي فجأةً
أخذتْ تملأ كل هذا الأفق الدائر حولي .حمائمٌ ونوارسٌ ،أسرابٌ عاليةٌ وأخرى بدأتْ
تعلو ،ما أجملَها وهي تتألق مع الجسرِ المعلقِ في وسط الساحةِ .هذه الطيور التي
تجمعتْ بشكلٍ مثيرٍ وسريعٍ . نظرتُ لساعتي لم تتعدَ الرابعةَ إلاّ قليلاً والطيور
تعود مبكرةً . وسأذهب لمكانٍ قريبٍ لأستريحَ وكوبٍ من قهوتي المفضلة،فهل ستأتي
معي أيها الثرثارُ الصغير فأنت لازلتَ معي ولم يبقَ بيدي غير القليل ،فماذا تقول
يا صاحبي .
10/5/2013
ستوكهولم



#أسماء_الرومي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائر الغرنوق
- همسات الدموع وآيار
- الشباب لضحكةِ الحياة ، لا للموتِ
- نيسان و البرد
- لكني أُحبكِ بغداد
- إيضاح حول موضوعي السابق
- ضياعٌ و وجود
- لمن تُضرب الطبول يا بغداد
- جاء ليلقي تحية العيد
- أين أميرة الشعراء
- ناي آذار
- طائر السعد
- الحرية لأحمد القبانجي
- أحزان الورود
- الأيادي المحبةِ وطنٌ
- بردٌ ودفءٌ
- صوت الحب شكري بلعيد
- حكايات الألم وشباط
- دبكات الوردِ
- رقصة الطائر الذبيح


المزيد.....




- المحرر نائل البرغوثي: إسرائيل حاولت قهرنا وكان ردنا بالحضارة ...
- مجاهد أبو الهيل: «المدى رسخت المعنى الحقيقي لدور المثقف وجعل ...
- صدر حديثا ؛ حكايا المرايا للفنان محمود صبح.
- البيتلز على بوابة هوليود.. 4 أفلام تعيد إحياء أسطورة فرقة -ا ...
- جسّد شخصيته في فيلم -أبولو 13-.. توم هانكس يُحيي ذكرى رائد ا ...
- -وزائرتي كأن بها حياء-… تجليات المرض في الشعر العربي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- -غزة فاضحة العالم-.. بين ازدواجية المعايير ومصير شمشون
- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الرومي - نسماتُ دفءٍ