أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - المثقفون وهاجس التدجين السياسي















المزيد.....

المثقفون وهاجس التدجين السياسي


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 19:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" عندما اسمع بكلمة مثقف أتحسس مسدسي "
ماذا كان يعني غوبلز وزير اعلام الدكتاتور النازي هتلر من وراء مقولته الانفة الذكر؟ هل كان يعني اي مثقف مهما كانت آرائه وأفكاره ومعتقداته؟ أم مثقف يختلف معه فيراه أخطر من أن يُبقي على حياته؟ مثقف يرى الحقيقة ولا يحيد عنها فيربط قضيته الخاصة مع قضية الناس وبالاخص سوادهم؟ مثقف لا يخضع للسياسي كآلة تتحرك وفق مقاييس سياسة خاصة وحزبية وطائفية! مثقف يرى في العنصرية والفاشية والدكتاتورية اعداء للقيم الانسانية ومبادئ حقوق الانسان.
لا يمكن فصل مقولة غوبلز النازي باعتبارها تهديداً عملياً ومباشراً ضد من يختلف معه فكرياً ومع نظامه وأيديولوجيته، ولهذا مارس بدون اي رادع لعبة المسدس " التهديد " بمعناه الواسع بجانب ممارسة العنف والحرب والاضطهاد والسجن والتعذيب والقتل وافران الحرق، ليس ضد من يعتقد أنهم ضد النظام النازي الشمولي من الانتلجنسيا فحسب وإنما ضد من يعارضون سياسته الارهابية.
هل انتهى التهديد المباشر وغير المباشر؟ هذا العنف والتدجين ضد المثقف الحر! وهنا نحن نبتعد عن مقولة غوبلز حوالي اكثر من ( 70 ) عاماً.. أم الحال مازال على وضعه ولو اختلفت الطرق والاساليب، واختلفت اللغة والتطبيق وإن بقى البعض منها ساري المفعول لكن يعتمدعلى جوهر المقولة المذكورة، فلا يتحسس مسدسه فقط لمجرد أن يسمع او يرى مثقفاً حراً وتنويرياً يختلف معه فكريا،ً بل يباشر باطلاق كاتم الصوت عليه حتى بدون انذاره مثلما هو الحال في العراق اليوم ، يشاهد مثقفاً يرى العالم بمنظار غير منظار الجريمة المنفلته من الارهاب والفكر الظلامي والمليشيات الطائفية التي تمارس ضد الملايين من البشر، منظار الاختيار الحر الديمقراطي لطريق الممارسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الاختيار الذي لا يشهر المقولات الدينية الطائفية ولا يشهر الرشاشات والمدافع والمدرعات والطيارات وكواتم الصوت لأن الآخر اختلف معه في الفكر والايديولوجيا والاعتقاد.
عندما السؤال ـــ لماذا المسدس المتنوع الأصوات؟ ولماذا الاضطهاد الفكري والسجون والمعتقلات وأدوات التعذيب بقديمها وتحديثاتها التكنلوجبة؟ إذا كان الآخر لا يملك سوى فكره ولسانه! ولماذا هذا الخوف لحد الرعب من الفكر الحر الديمقراطي؟ ومن اصحابه العزل من اي سلاح سوى سلاح اللسان للنقاش والحوار واستخدام العقل والاحتكام الى الحياة، الحاكم العادل على اي خلاف في الرأي، أين مكان المثقف الحر في دولة التطرف الديني الطائفي التي تحكمها احزاب الاسلام السياسي المتطرفة؟ ما هي اختيارته الفعلية في تحقيق نصوص ابداعية تخرج عن إطار الفكر المفروض بقوة العنف والتهديد واطار القوة والعنجهية؟ الجميع يخضع للواحد الذي فوق الجميع.. إذا كان فرداً أو حزباً أو فئة محددة من القوم، الواحد الذي يرى المحيط كله ليس إلا انتاجاً لعبقريته ونشاطه ووعيه، فهو المقرر والمُنزه ذو الاسماء الحسنى الذي يستطيع إدراك الماضي والحاضر والمستقبل دون غيره
ان المثقف الحر لا يمكن أن يكون بعيداً عن الناس لانهم الرافد الحقيقي لابداعه، يعبر عنهم باساليب عديدة على الرغم من وجود حصار بشع متعدد الالوان والاتجاهات، ولهذا تقع على عاتقه مسؤوليات كثيرة، منها عملية تطوير مسالة الادراك وكشف البعض من الاسرارالتي تدور حولهم وهو سبباً لتطوير الوعي وزيادة المعارف والتخلص من الكليشهات الروتينية التي امتزجت مع حياتهم فاصبحوا يعتقدون بخلودها وابجدياتها وكأنها مسلمات لا يمكن المساس بها، كأنها من الأسرار العديدة التي تزيد من بعثرتهم وتجزئتهم أكثر فأكثر فلا يمكن نقلهم حتى الى التفكير بعالم موحد بإنسانيته تقريباً يستقطب في كل لحظة إلى جانبه الملايين الذين يحدوهم الأمل في الأمان والمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والتخلص من الاستغلال والهيمنة والارهاب بأنواعه.
كيف اذا نسخ المثقف نسخاً ميكانيكياً بواسطة المسدس الكاتم وغير الكاتم والغرف المعتمة وآلات التعذيب الفكري والجسدي حيث يصبح كالآلة تنتج حسب مصالح ما لكها ومُسيرها، آلة لانتاج البضائع حسب الفكرة والهدف وان كان بالضد من مصالح المواطنين، ماكنة لا تتعذب ولا تتألم ولا تحزن ولا تبكي ولا تفرح فهي بدون مشاعر إلا اللهم مشاعر الكسب والربح والحركة الميكانيكية المتطبعة حسب نوع الطاقة المحركة لها، ماكنة تنتج دون التمييز ما بين الانسان المقهور المحكوم بالقهر والارهاب وبين من يفرخ الارهاب والقمع والاستغلال في كل لحظة، الآخر الذي يتحسس مسدسه واذا اقتضى الامر أن يدفع لشراء الذمم وما يراه مناسباً عندما يسمع بكلمة مثقف حر، الآخر الذي لا يسعه إلا وان يطلق مسدسه لمجرد اللمس وهو في قمة الفرح السادي في تغيب مثقف لا يتفق معه ولا يطيع مسلماته الفكرية الظلامية، والعودة للتاريخ فالحركة الفعلية في التحسس هي ما زالت نفسها وان تغيرت الاساليب بالانتقال من المباشرة والعلن الى السرية والتغطية والتمويه او التكفير والاتهام بالزندقة والالحاد، لهذا يعيش المثقف الحر هاجس التدجين في ظروف حكم احزاب الاسلام السياسي التي تريد تطبيق الشريعة واقامة الدولة الدينية، دولة الخلافة او ولاية الفقيه ، او في ظل الدول الشمولية والدكتاتورية، لا بل حتى الدول التي تدعي الديمقراطية بما فيها الدول الراسمالية تحت هاجس الطلقة او القرار القادم الذي سيفجر دماغه اما باسكاته الى الابد او تحويله الى مجرى القبول والخضوع، طلقة كاتم الصوت او الرشاش او التهديد والحصار والارهاب الذي يتلون حسب الظرف والمكان والزمان بلون الديمقراطية والحريات الشكلية المنتجة من ماكنة تنتج حسب الطلب والحاجة، كما يعيش المثقف الحر هاجس الخوف والرعب القادم من آليات الانظمة والاحزاب والجماعات التي تعادى الحرية الفكرية.. أما المثقف الذي اصبح كرجل المخابرات واخذ اضافة الى تشويهه الوقائع وخداع وعي الجماهير دور المُعذب النفسي للمعارضين، فهو على الرغم من كل هذا سيكون مصيره كما هو مصير المثقف الذي آمن بمقولة غوبلز ذو السمعة الفاشية النازية السيئة، هو يتحسس مسدسه لمجرد سماع كلمة مثقف يختلف معه ومعارض حر لا يتمثل بادوار الطاعة والخنوع، انما ديدنه الحقيقة والنص الابداعي الذي يقارع الارهاب والظلام وينتمي للانسان..
في العراق وفي بعض الدول العربية التي مرت ( بالربيع العربي!!) نجد ان البعض من المسؤولين السياسين الكبار الجدد وبخاصة ممن جاءوا بواسطة احزاب الاسلام السياسي ومن كلا الطرفين يرون في المثقف الحرالديمقراطي عدواً لدوداً غير مطيع، فبدءوا يطبقون منهجاً في التعامل معه ومع المؤسسات الثقافية والاجتماعية ويقحمون المؤسسة الامنية من شرطة وجيش باتجاه ارهابهم والهيمنة على مؤسساتهم ونواديهم واتحاداتهم الثقافية والاجتماعية، وهم يقحمون مقولات دينية باسم الاسلام والشريعة، واخذوا يخططون لا بل في العديد من المواقع راحوا يشوهون الحقائق ولا سيما في مجال التربية والتعليم وحرية الاعلام ودور الثقافة والفن لا بل تطاول البعض منهم لتغيير المناهج الدراسية ودفعها باتجاه الطائفية والمذهبية بدلاً من الوطنية، وهذه العملية يراد منها ليس تدجين المثقف والثقافة فقط بل تدجين المواطنين، وعلى ما يبدو ان هؤلاء لم يتعضوا من التاريخ والحياة: بأن المسدس والارهاب صنوان كثيراً ما لاحقهم الفشل ولاحقتهم الهزيمة، فكل شيء يتغير ويتحرك، والتغيير الحقيقي نحو الافضل لابد منه وان يتأخر نسبياً بفعل القدرة العقلية الواعية والنيرة وبقدرة الناس وهم يتطلعون لعالم آمن وسعيد، وليتذكرمن يريد معرفة ماذا كان يعني الشاعر الالماني المعروف برتولد برشت..
" مادمت على قيد الحياة لا تقل أبداً أبداً
ان ماهو أكيد ليس بأكيد
فالأشياء لن تبقى " قبل " عند أفول النهار.
والاشياء لن تبقى كما هي ولا يمكن ان يستمر الشر لأنه يتنافى مع الخير، مع كل ما هو جميل ومبدع في الطبيعة وفي الحياة الإنسانية، ولهذا فلن يكون التدجين شاملاً بل أنه سيكون حتفاً لكل من يريد اعاقة التطور او الوقوف امام العجلة، التدجين عبارة عن همجية لا تختلف عن اية ايديولوجية تميز بين الناس وتعتبرهم غير متساويين في الحقوق او كبشر.



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحقيق المطالب المشروعة طريق لعودة الاستقرار
- ارهاب مبرمج ضد وسائل الاعلام في العراق
- وجهة نظر في حكومة الاغلبية السياسية
- واقع أحزاب الإسلام السياسي في العراق وباقي الدول
- النتائج الكارثية لاحتلال العراق بعد عام 2003
- مكونات الفتنة الطائفية
- المرأة في العراق واقع مرير ومستقبل مشوش
- المظاهرات والاحتجاجات والحلول المطلوبة
- آليات النعرة الطائفية هي القوى الإرهابية وميليشيات الأحزاب
- نبوءة بحيرة الفكر في أحلام اليقظة القسم الثالث
- نبوءة بحيرة الفكر في أحلام اليقظة القسم الثاني
- نبوءة بحيرة الفكر في أحلام اليقظة 1
- الإسلام السياسي والتغيرات على الساحة السياسية/ 3
- الإسلام السياسي والتغيرات على الساحة السياسية / القسم الثاني
- الإسلام السياسي والتغيرات على الساحة السياسية
- حينما يبزغ القمر بالألوان
- تداعيات فضيحة وزير العلوم والأبحاث التقنية الإيراني
- حينما يكون الحزن مهْرباً
- أحزاب الإسلام السياسي وتطبيق الشريعة الإسلامية
- المطالب الجماهيرية المشروعة ومسؤولية رئيس الوزراء نوري المال ...


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمد غريب - المثقفون وهاجس التدجين السياسي