أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد حمودي عباس - رمية في بحيرة الربيع العربي .















المزيد.....

رمية في بحيرة الربيع العربي .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4061 - 2013 / 4 / 13 - 12:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما تزدحم الاحداث ، وتتقاطع عند حدود هي الاخرى لا تنتمي الى معالم معروفة من معالم الجغرافيا ، فتهيم حركة التاريخ ، لتفقد قدرتها على تسجيل ما يجري وبيراع ثابت الخطوط .. وحينما تغيب الصور الحقيقية لمظاهر الاقتتال بين الجيوش وبمسميات مختلفة ، لا يعرف لها أصل ولا فصل ، ولا يفهم منها بالضبط ماذا تريد ، وماذا هو مثبت في نواياها أن تفعله بشعوبها لو حضيت بالسلطه .. فان ذلك سيكون مدعاة لعدم امتلاك القدرة على التحليل السليم لطبيعة ما يجري فعلا على الساحة العربية هذه الايام ..
الثورة في تونس انتصرت ، ومهدت لبقية الشعوب العربية أن تثور .. واستجابت الجماهير الليبية لتلك النكتة التي اطلقها الخبثاء حينما قالوا ساخرين ، بان تونس تقول لليبيا ، اخفضي من رأسك كي يتاح لنا رؤية مصر وهي تقاتل نظام مبارك .. وتحرك الليبيون ضمن دائرة كانوا فيها عند خط الشروع بالثورة ، يعيشون اضطرابا في عمليات الكر والفر على كتائب القذافي الاكثر تنظيما ، حتى كادت حركة التغيير أن تموت في مدينة بنغازي مهد الثورة لولا انقضاض الطائرات الفرنسية على القوات النظامية المتقدمة الى هناك .
تونس ومصر وليبيا ومن بعدها سوريا ، اجتاحتها رياح التغيير ، وتوسمت شعوب تلك الدول خيرا في عمليات خروجها من سيطرة انظمة أمعنت في ظلمها والاستخفاف بمقدراتها ولعقود طويله .. غير أن الصفحات الاولى مما حدث ، لم تكن مطمئنة ، حيث تعالت عند بواكير ما سمي بالربيع العربي ، صيحات تتوعد الحياة المدنية التي كانت قائمة في ظل الانظمة السابقة ، باعلان الحرب عليها واماتة أي مكتسب حققته مهما كان شكله وطبيعته ..
.. ففي تونس ، وبعد مخاتلة ليست بالبريئة ، تنصلت قيادات حزب النهضة الاسلامية عن وعودها بمراعاة عناصر التقدم في البلاد واصلاح حال الجماهير المتضررة ، وما ان اطمئنت على مواقعها في السلطة ، حتى راحت تهدد حقوق المرأة صراحة ، وتمعن باغتيال رموز الحركة المدنية ، وقامت بشحذ همم اتباعها للخروج الى الشوارع ، وضرب أية حركة يشم من ورائها الاعتراض على قرار يتسبب باحداث حيف بحق الفقراء من ابناء تونس . ثم آلت اليه حال مصر الى ذات التوجه ، بعد ان سطى الاخوان المسلمون على مراكز القرار ، ليقفوا بالضد من مصلحة الشعب المصري في بناء حياة مدنية تتساوى فيها حياة الناس ، وتصان عندها كرامتهم ..
ليبيا هي الاخرى لم تخرج عن الطوق ، رغم انها اقل حدة من بقية الدول التي شملها التغيير .. فالاسلاميون كانوا جاهزين منذ اللحظات الاولى لبدء الثورة ، مبدين نشاطا وفق مخطط مرسوم مسبقا ، لدفع القوى العلمانية الى الخلف واحتلال منصة الحكم ، وبدت واضحة الان حركة السلاح وهو يصدر الى خارج الحدود الليبية ليدخل الى سوريا وبقية دول الجوار .. في حين لا زالت سوريا مسرحا للاقتتال بين النظام السوري وفرقاء لم تتضح بعد ملامحهم السياسية ، عدا عن كونهم في ميل للخضوع الى ايحاءات تأتي وبقوة من تنظيمات قد ترتبط بشكل أو بآخر بتنظيم القاعدة .
كل ذلك قد يبدو واضحا للعيان .. غير أن ملابسات ما حدث ويحدث اليوم في المنطقة العربية برمتها ، يوحي بلا أدنى شك ، بأن الطبخة المعدة في المنطقة إما ان تكون قد خرجت عن دائرة حسابات الدول الكبرى ومعها الانظمة الحليفة في الخليج ، أو أنها لا زالت في طور الاعداد ، وان ما يجري هو بتخطيط ورعاية تلك الدول ، وتحت رقابتها المستمرة .
ولو افترضنا رجاحة الاحتمال الثاني ، باعتباره اقرب للمنطق ، فما مصلحة الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا مثلا ، في سيطرة القوى الدينية على المنطقة العربية وبهذه الوتيرة المتسارعة والخطيره ؟ .. وحتى لو اخذنا بالافتراض الاول ، وهو خروج الامور عن طوع الدول الكبرى ، في كل من تونس ومصر وليبيا ، فلماذا لا يجري تصحيح مسار الثورة القائمة في سوريا وهي لا زالت في منتصف الطريق ، كون ان القوى المتطرفة اضحت مواقعها وتأثيراتها اليومية في الاحداث الجارية هناك واضحة المعالم ، وشعاراتها اصبحت مرئية وبشكل لا غبار عليه ؟ ..
ان ما يجعلني ميال للاعتقاد بأن الدوائر الغربية عموما ، لا تقوم ، وكما كنا نصدق سابقا ، برسم مسارات الاحداث في البلدان العربية وبشكل يجعل من تلك المسارات ثابتة ولا تحتمل التغيير ، وان قرارات تلك الدوائر ستبقى على الدوام جاهزة التنفيذ ، تحمل صبغة الارادة الغربية القوية كما صورتها لنا افلام الاكشن الامريكية وبشكل سمج وممل ، ما يجعلني ميال للاعتقاد بذلك هو ما حدث في العراق بعد احتلاله عام 2003 ، إذ ثبت وبلا ادنى شك ، بان الولايات المتحدة الامريكية قامت حين احتلالها لهذا البلد الحاوي على تنوع طبقي وقومي ومذهبي واسع ، باكثر تصرفاتها سخفا وعدم دراية بعواقب الامور .. وكانت قد تحملت جراء حماقتها تلك اكبر خسارة مادية وبشرية لها بعد ما تحملته من جراء حماقتها في فيتنام .. ولقد أفادتها تلك التجربة المرة ، في أن لا تعبر قواتها وطائراتها حدود غيرها من البلدان بمجرد نزوة عابرة تصدر من رئيس معتوه كما فعلها المراهق سياسيا جورج بوش ، وهكذا فعلت وبشكل جلي في ليبيا ، حيث كانت مترددة وبشكل واضح في قبول قيادة الحلف الاطلسي ، أو السماح لقواتها البرية بدخول الاراضي الليبية .
انه التكتيك المؤسس على متغيرات الاحداث في السياسة العسكرية ، ذلك الذي أخضعت له الولايات المتحدة الامريكية تصرفاتها في المنطقة الملتهبة في المشرق العربي ومغربه ، جعلها ، باعتقادي ، تقبل بنتائج لم تجدها في انظمة علمانية جربتها لفترة طويلة ، فكانت أقل قبولا لعمليات التهجين ، وأكثر عرضة لحالات العصيان ، وأدعى من غيرها للاضرار بالمصالح الدولية نتيجة التذبذب في ردود الفعل ورسم السياسات الاقل ثباتا ووضوح .. ناهيكم عن شراسة تلك الانظمة في التصدي لمصالح شعوبها ، وانتهاجها لأعتى ممارسات التسلط المتسمة بالعنجهية والتفرد ، في حين .. قدرت واشنطن وحليفاتها بأن القوى الاسلامية قد تكون اكثر استجابة للارادات الغربية ، باعتبارها لم تكن تحسب يوما بانها ستصل الى السلطة وبهذه البساطة والسرعة .. وهكذا كان .
فقد اختفت اليوم ، تلك الشعارات الطنانة ، والتي كانت ترفعها القوى الاسلامية ضد امريكا واسرائيل ، واستبدلتها بشعارات اخرى تحارب الفن والمرأة والسفور ، وتحاول القضاء على ما حققته الانظمة السابقة من انجازات تعتبر اكثر تقدما في الحياة العامة .. ثم تبدل الحال ، تدريجيا ، الى توظيف الانظمة الجديدة وبطريقة توحي بالخبث السياسي المرتكز على مراعاة المصالح ، لتشكل اصطفافات هي الاخرى جديدة ، تحاول الولايات المتحدة الامريكية من خلالها إضعاف التاثير الايراني في المنطقة .. فالمارد الشيعي المتمثل بالعراق وسوريا وايران وحزب الله في لبنان ، اضافة الى جزء مهم من مملكة البحرين والتي كادت ان تنهار تحت المطرقة الايرانية لولا تدخل قوات درع الجزيرة في الوقت المناسب ، هذا الطوق الخطير ، شعرت واشنطن بضرورة القضاء عليه وبأذرع ليست امريكية ، وبدعم مباشر من قبل دول الخليج العربي ، صاحبة المصلحة في اضعاف الخطر الآتي لها من الشرق ، وقد سارت الاحداث وما زالت ، لتشخص امامنا الحقائق الآتيه :
1- ان مجمل التغييرات التي حصلت في المنطقة العربية ، استثمرتها الولايات المتحدة الامريكية ، في تكثيف حربها ضد ايران ، وهي اليوم ، تسعى الى تكثيف فرص التخلص من النظام السوري كآخر وأهم معقل يشم منه رائحة التحالف مع طهران ، يليه حزب الله في لبنان .
2- لقد سعت واشنطن ، وبشكل جاد ، الى تجنيد دول الخليج العربي ، وفي مقدمتها قطر ، لاحداث ملامح ما سمي بالربيع العربي ، للتخلص من الانظمة التقليدية في المنطقة بعد ان فقدت صلاحياتها واصبحت مضرة بالمصالح الامريكية وبشكل سافر ، وحين تحقق لها ذلك ، قامت بفتح كوة واسعة في جسد السلطة في البلدان التي تحقق فيها التغيير ، لتدخل منها القوى الاسلامية وبوتيرة عالية ، كأفضل بديل يمكن التعاون معه لتحقيق التوازن الدولي الآمن ، والقضاء على بؤر الثورات الحقيقية ضد المصالح الامريكية والغربية عموما في المنطقه ، وأهم من ذلك كله ، هو ضمان أمن اسرائيل ، حيث توفرت الآن افضل شروط تحقيق ذلك الآمن وبشكل مطلق ، لو استبعدنا الخطر الايراني .
3- وكحصيلة حاصل لما يجري اليوم في المنطقة ، فان تحركا مكثفا للتنظيمات المتطرفة ، بدء وبشكل علني صوب الاستفادة من ظاهرة الإحلال وملىء الفراغ ، فبانت طلائع تلك التنظيمات واضحة في جميع البلدان العربية ، لتشكل خطرا كبيرا على مستقبل الشعوب العربية برمتها ، وهذا ما سيكلفها المزيد من الخسائر ، واحداث الضرر الكبير بمقدراتها اضافة الى ما تكبدته نتيجة ما مر بها من دواعي عدم الاستقرار .
4- ان المنطقة العربية ، واعتمادا على ما مر من معطيات ، ستكون عرضة لحدوث حرب محتملة بين الغرب وايران ، ان لم تعمد هذه الاخيرة الى ايجاد حل يضمن لها استقرارا يجعل الشعب الايراني في مأمن من ويلات سبق له وان تحملها طيلة عقود طويلة ابان الحرب مع العراق ، وان لم تكف طائعة عن التدخل بشؤون غيرها من الدول ، ويتفرغ النظام فيها للقضاء على ملامح الفقر المستشري بين شرائح واسعة من الشعب الايراني .. وتعتبر سوريا اليوم هي أهم ساحة يحاول الغرب كسبها لتكون رديفا مهما له لو حدثت تلك الحرب .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت في القاهره ( تجربة في طيات مخيلة ممنوعة من السفر )
- داء الوعي
- أوراق صفراء
- اللعبة القذره ..
- قوافي مبعثره ..
- تردي الوضع البيئي في العراق .. من المسؤول ؟ ..
- هل من دور للحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي ؟
- لم يتبقى لقوى اليسار الآن غير أن تتوحد
- نغم .. والغول .
- حياة ميت
- عيون وخيال ..
- عند نهاية حافات الرأفه
- حول طريقة النشر في الحوار المتمدن
- سفر بلا حقيبه
- جلسة حوار مع الاستاذ محمد حسين يونس
- نحن .. وفن الحركة الى الأمام .
- تسقط السياسه .. عاشت الرياضه
- الكتابة في الفراغ ...
- سم العنكبوت
- خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد حمودي عباس - رمية في بحيرة الربيع العربي .