أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد حمودي عباس - عيون وخيال ..














المزيد.....

عيون وخيال ..


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 15:00
المحور: الادب والفن
    


عادة ما أشعر بالاختناق حينما يضطرني عمل ما لأن أكون في مكان يزدحم فيه الناس .. غير أنني في ذلك اليوم ، كنت أشعر ، رغم الازدحام الشديد ، بأنني أحلق فوق المكان .. أطوف بجسدي ليس بعيدا عن هامات بشر يدفع بعضهم بعضا ، ويستجيبون وبحركة عشوائية لنداءات الباعة ، وهم يعلنون عن جودة بضاعتهم من خضار وفواكه وكل شيء تشتهيه النفس .
ألأصوات تختلط ، فتضيع معانيها لتصبح أشبه بفرقعات لعب الاطفال ليلة المولد .. انها وبجميع تفاصيلها هي إعلان عن حاجة .. البائع يعلن عن بضاعته ، والزبون يتوسل ان يمنحه البائع فرصة تخفيض السعر .. الاطفال يدخلون على المشهد بقوة ، يندس أحدهم بين ساقي الرجل او المرأة على حد سواء ، ورأسه منزاح الى الخلف ليواجه الزبون كي يشتري منه كيسا لحمل البضائع .. الذباب لم تفته فرصة المشاركة ، فراح يهاجم وبكل حرية ما يروق له في السوق ، حيث لا حواجز تمنعه من التمتع بطيب ما يراه أمامه من طعام ..
أكثر المتواجدين في السوق هم من النساء .. كيانات يلفها السواد ، تتحرك بانسيابية لا تترك مجالا للنفاذ من بينها الا بصعوبه .. جميعهن يرتدين عباءات سوداء ليغطين شرفهن المحفوف بالمخاطر .. وقد كنت من شدة الزحام ، تضرب يدي أو كتفي جسد أحداهن ، فيداخلني احساس بالخوف .. قد تلتفت لي تلك الكتلة السوداء لتلطمني على وجهي بتهمة التحرش ، حينها سوف لن يتخلى الغيارى من الرجال عن المساهمة في الدفاع عن الغيرة العربية المعتدى عليها ، وحينها ايضا سوف لن أعود لبيتي بما كلفت به من عيش ..
وفجأة .. تخليت عن عادتي في تسجيل ما يحيط بي من حياة .. لأختصر معالم كل شيء بعيون راحت تعترضني بصمت مثير للحواس ، وتوارد الخواطر الجميله .
كل العيون التي واجهتني حينها ، كانت انثويه .. أو أنني لم أكن أرى غير عيون النساء ..
عيون .. عيون .. أجهزت عليها عتمة المكان ، لتكسبها لونا واحدا لا يزاحمه لون آخر .. البعض من تلك العيون كانت تصدمني برعشة لذيذة تأخذني الى أسر يعطل في جسدي حرية الحركة للحظات .. بريق غريب ، محاط بجفون لا تترك مجالا للشك ، بأن للجمال مواصفات لم تذكرها مقاييس الاحتكام في محافل اختيار ملكات الجمال .. من قال بأن معيارا للجمال اكثر من جمال العيون ؟ ..
كل العيون التي صادفتني تنتمي لصنف الفقراء .. ومع هذا فهي طرية تملؤها حرية الحركه .. انها تجول بين الجفون ككرات تهزها طاقة خفية لا يعيقها شيء ، فتبدو ككائنات اسطورية تنثر في المحيط أحاسيس الرغبة بمقاومة اليأس ، وتؤجج الحاجة لاشباع حالة الجوع السرمدي ، لدا اولئك المحرومين من صعود سفوح جبال الحرية ..
خيوط الشمس المنسابة بحذر الى ظلمة المكان ، تسطو احيانا على بعض العيون الملتهبة بفعل شبق لا تهدؤه كل مسكنات الدنيا ، فتظهر الوانها الحقيقية كطيف سحري أخاذ ..
من هذه التي تقف بجانبي وانا اقلب حبات الطماطم عند هذا الركن القصي من السوق ؟ .. لم تثرني كفها الكانزة للون السمرة .. انني في شوق لأن تلتفت لي كي أرى عيونها عن قرب .. جميل ان لا يرتدي الفقراء نظارات المترفين حتى يتاح للمجانين أمثالي بالنظر الى العيون الفاتنه .. انها غنيمة ثمينة أن تعتريك دغدغة عيون انثى ، لتزيح عن كاهلك هموم العمر في لحظة عابره .. التفتي الي سيدتي .. أرجوك .. لا تحرميني من التحليق في فضاء السحر .. فانت وحدك من تجعلني قريب من ألوان قوس قزح .. التفتي .. ولا تخافي .. فأنا محض خيالات أطفال .. تبكيني شتلة ورد أذبلها الجفاف ..
ترى .. كم عين من هذه العيون المبهره ، قبلتها شفاه رجل حتى ولو بالحلال ، ليروي فيها عطشها لأن تطفيء نار الشوق الموقدة ؟ .. كم واحدة منها داعبت جفونها أنامل ذكورية يحركها الحنان ، ويقطر منها شهد الهوى ، لينزاح عنها تعب العمر ولو لدقائق ؟ ..
نبهني هاتفي الجوال ، بأن هناك من ينتظر نهاية مهمتي ليمارس طقوس الغداء .. لينتهي وصلي مع خيالاتي العذبة ، في سوق الخضار .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عند نهاية حافات الرأفه
- حول طريقة النشر في الحوار المتمدن
- سفر بلا حقيبه
- جلسة حوار مع الاستاذ محمد حسين يونس
- نحن .. وفن الحركة الى الأمام .
- تسقط السياسه .. عاشت الرياضه
- الكتابة في الفراغ ...
- سم العنكبوت
- خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه
- خلجات من طرف واحد
- وصمة عار
- صوت غاضب من القاع
- أيها المصريون .. لا تخذلوا بلادكم ، واعبروا المحن بسلام .. ( ...
- خواطر غير سياسيه
- هجرة الريف الى المدينه .. وما آلت اليه من خراب
- الطبقة العاملة العراقية ، وتراجع دورها التاريخي
- زمني توقف هنا في ليلة واحده
- قول في الماء العربي
- حال المرأة العربية .. بين الوهم والواقع
- صهوة الشر


المزيد.....




- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- بائع الصحف الباريسي علي أكبر.. صفحة أخيرة من زمن المناداة عل ...
- لماذا انتظر محافظون على -تيك توك- تحقق نبوءة -الاختطاف- قبل ...
- فاضل العزاوي: ستون عامًا من الإبداع في الشعر والرواية
- موسم أصيلة الثقافي 46 يقدم شهادات للتاريخ ووفاء لـ -رجل الدو ...
- وزير الاقتصاد السعودي: كل دولار يستثمر في الثقافة يحقق عائدا ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد حمودي عباس - عيون وخيال ..