أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حامد حمودي عباس - عند نهاية حافات الرأفه














المزيد.....

عند نهاية حافات الرأفه


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 12:32
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ليس غريبا أن تظهر معالم الدمار على مدينة عربية بفعل نيران طيران العدو ، وأحيانا كثيرة بفعل الطيران الصديق .. ليس غريبا أن تنقل لنا وكالات الانباء صور أشلاء آدمية تنتشر في ساحة عامه عند سوق شعبي عربي ، مزقتها حراب الجند أو التفجيرات المجهولة المصدر .. ليس غريبا أن ينوي وطن ما ، في ارض الله العربية ، أن يحرق ابنائه مع سبق الاصرار والترصد ، وليس غريبا أن يقوم مسخ من دوائر الأمن برمي جسد بشري حي ، من فوق سطح عمارة ليتفسخ على اسفلت الشارع المحاذي ، انتقاما من المواطنة البائسة .. فنحن أصبحنا بحكم العاده ، لا يهزنا منظر معفر بالدم ، لكوننا نحمل على اكتافنا منذ طفولتنا سهام الاحتراب ، لا يقلقنا شيء غير السلام ، وقد حفرت في ثنايا عقولنا أحرف تعني كلماتها باننا اعداء لكل شيء ، لأننا نخشى كل شيء ..
كل صور الفناء تلك ، لا تهز فينا أي عرق ، ولا يرف لها جفن ..
ولكن ...
أن تلوح على أفق عالمنا المخيف ، صورة امرأة تتلفح بالسواد ، وقد انكفأت على بطنها لتحمي طفلها من رصاص جيش النظام ، أو الجيش الحر ، أو الجن الازرق ، في بلد هبت فيه رياح القبور ، لينفذ فيهما الاعدام العشوائي مع ثلة من الصبية القاصرين ، فهذا معناه أن الرأفة الانسانية قد بلغت نهاياتها في هذا الجزء من العالم ..
لقد كانت ، بتقديري ، في الخامسة والثلاثين من العمر ، مكتنزة الجسم ، ترتدي جبة سوداء ، وتلف رأسها برباط هو الآخر اسود .. ارجلها زحفت تحت جسدها وكأنها تريد إغلاق جميع المنافذ بوجه الموت عن وليدها ، ولا ضير في أن تنتهي حياتها هي كما يريد لها الوحوش ..
ماذا ياترى كانت تلك المرأة تضن ، لو بقي وليدها حيا ليواجه عالمه بدونها ، حتى تقوم بمحاولة حمايته بروحها وجسدها وبهذه الطريقة الشرسه ؟ .. لماذا لم تقم بعرضه معها ليطاله الرصاص كي تضمن نهاية تغنيه عن العذاب ؟ .. انه حتما سيواجه سهام الربيع الجديد في بلاده لو حلت مواسمه .. وبالتأكيد فانه سوف لن يجد مؤسسة رسمية او شعبية تقدم له رعاية يجدها سواه من أطفال الارض البعيده .. من يدري ؟ .. فلربما سيساق الى صفوف الجيش مثلا وبقرار من الباب العالي يوم يبلغ الثامنة عشر من العمر ، حينها .. قد يسقط على خطوط النار في حرب محتملة قادمة ، وبين فنائه الحالي والقادم ، هو انه سيحضى بلافتة تسبق اسمه فيها كلمة .. ( شهيد ) ..
كانت صورة مفزعة لدواخلي جميعها حينما قام احدهم برفع جثة تلك المرأة الحالمة في رقدة الأمومه ، ليزيح جسدها المثقل بهموم الدنيا كلها .. فلم يستطع ، لقد كانت ملتصقة بظهر الطفل وبكل قوة الكون .. ورأسه الصغير يبرز منتصفه من تحت صدرها المشحون بحنان الأمومه .. عاونه آخر حيث تمكنا معا من فصل الجثتين عن بعضهما وبصعوبة كبيره ..
لا اعرف سيدتي الى أين انتهوا بك بعد ذلك ، ولا اعرف الى أين ذهبوا بوليدك القتيل ؟ .. غير أنني هممت حينها بالصراخ والخروج الى عرض الشارع ، حاملا قميص امرأة ، أية امرأه ، ملوحا به في فضاء الدنيا ، هاتفا بالموت لجميع حكومات الوطن العربي بلا استثناء ..
تخيلت بأنني اصيح وعلى رؤوس الاشهاد .. فلتسقط هياكل من لا زالوا يركبون على حافة سنام جمال الصحراء ، وينشرون الفزع الابدي بين الابرياء في وطني .. تسقط جميع أحكام العرافين .. ولتمت كل الدساتير العربية المسكونة بالأرضه ، تنخر فيها لتجعلها أقرب لطلسمات الشعوذة .. الدساتير التي باتت ممهورة بمهور أكلها صدأ التاريخ ، وعافتها سنن الزمن الحديث ..
تثور حفيظة العالم لموت حيوان قبل منيته .. فمن يثأر لدمك سيدتي وقد نالت منك رصاصات الغدر لا خوفا منك ، فانت ضعيفة بحكم نواميسهم لكونك امرأه ، وكونك امرأة لوحده سيجعل من موتك على ايديهم أسهل من السهل .. انهم قتلوك وطفلك لكي يرعبوا خصومهم فحسب ، ولكي يطبقوا شريعة أسلافهم الاجلاف ، بان ضرب الضعيف سيجعل من القوي مرعوبا فينتصروا ، ويعزفوا سمفونيات الحروب .. عندها ستنتفخ حناجرهم لتعظيم مسخ جديد ..
نامي سيدتي قريرة العين ، ولا تخافي على طفلك لانه معك .. نامي ولا تبهرك الحياة مع من لا ترتجف اصابعهم من الضغط على زناد القتل ، لينهمر الرصاص على هامة طفل .

حامد حمودي عباس



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول طريقة النشر في الحوار المتمدن
- سفر بلا حقيبه
- جلسة حوار مع الاستاذ محمد حسين يونس
- نحن .. وفن الحركة الى الأمام .
- تسقط السياسه .. عاشت الرياضه
- الكتابة في الفراغ ...
- سم العنكبوت
- خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه
- خلجات من طرف واحد
- وصمة عار
- صوت غاضب من القاع
- أيها المصريون .. لا تخذلوا بلادكم ، واعبروا المحن بسلام .. ( ...
- خواطر غير سياسيه
- هجرة الريف الى المدينه .. وما آلت اليه من خراب
- الطبقة العاملة العراقية ، وتراجع دورها التاريخي
- زمني توقف هنا في ليلة واحده
- قول في الماء العربي
- حال المرأة العربية .. بين الوهم والواقع
- صهوة الشر
- ألشعوب العربية لا تحسن الثوره


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حامد حمودي عباس - عند نهاية حافات الرأفه