أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد حمودي عباس - خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه















المزيد.....

خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 22:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ بداية عهود الاستقلال في بلدان الوطن العربي ، وثمة صراع لم تنتهي ارهاصاته لحد الان ، بين فكرتين ، تقول احداهما بجدوى ان يبقى القطاع العام هو المسؤول عن ادارة مفاصل التنميه ، في حين تذهب الفكرة الاخرى الى عدم جدوى ذلك ، وتدعو الى اناطة المهمة بالقطاع الخاص كحل أمثل لانعاش الوضع الاقتصادي وبشكل جذري .
الفكرتان معا ، استندتا الى فلسفات توزعت بين اصطفافات عديدة ، استمدت أسسها من المنهجين الماركسي والليبرالي ، ليبدو المشهد السياسي محموما بصراعات غادرت بالخلافات ( المبدئية ) في الكثير من المحافل ، من حيز الموضوعية الى ارتكاب حماقات عناوينها التطرف والاستهتار بحياة الناس ، والدفع لخوض معارك جانبية احرقت الكثير من البشر ، ودمرت بنى اقتصادية كان لها ان تدفع بظروف المواطن صوب التحسن لو لم يحدث ما حدث .
لقد ذهب ضحية هذا الصراع بين ( اليسار واليمين ) آلاف الضحايا سواء على أيدي أسوء منظومة استخبارية وضعها الحكام من العسكر ، أو جراء التماس المباشر بين الاطراف السياسية ذاتها من كلا الفريقين .. ولم يدر في خلد أحد ، رغم مرارة التجارب التي مرت ، بأن كلا القطاعين العام والخاص وحتى المختلط في الوطن العربي عموما ، هي قطاعات فاشلة أصلا ، ولا يعول عليها في تحمل ادنى المسؤوليات لادارة الشؤون المتعلقة بجوانب التنمية والاعمار .. اذ أن القطاع العام متمثلا في المؤسسات التي تديرها الدولة ، ضلت رهينة لعدم الكفاءة الاكاديمية في جانب ، وللفساد الاداري والمالي في جانب آخر ضمن أسوء منظومة عمل مؤسساتية عاشها ويعيشها العالم العربي عموما ، وتدنت مستويات الانتاج المحلي باعتمادها على زيادة كفة الاستيراد على حساب كفة التصدير ، ونالت الصناعات التحويلية في البلدان العربية شتى صنوف الاهمال الحكومي ، لتظهر هناك مافيات متخصصة بنهب الاموال العامة ، يقف على رأسها وفي مقدمتها رؤساء الدول والحكومات وافراد أسرهم وبشكل يدعو الى الشعور بالقرف ، وهذا ما كشفته أحداث ( الربيع العربي ) حين طفت على قمة الاخبار في العالم ، صور وملاحم النهب الرسمي المخجله لمقرات البنوك المركزية في الدول العربية من قبل افراد الأسر الحاكمة ، وتكشفت وبشكل مزري ، مظاهر الاستغلال البشعه للمناصب المتميزه في عمليات الاستحواذ الواسع من قبل اعوان السلطات الحاكمه على العقارات والشركات الكبرى ، وانفضحت أضخم الصفقات السرية لعقد الاتفاقات الخاصة مع كبريات الكارتلات العالمية ، الهدف منها في كل الحالات زيادة عمليات الاثراء لحفنة من اصحاب رؤوس الاموال ، والمساهمة الحثيثة في إفقار شرائح واسعة من الجماهير المضطهده .
من هنا ، وبتأثير ممنهج ، هوت المئات من مشاريع الدولة المعتمدة على عمليات التنفيذ المباشر ، وفشلت وبشكل واسع نوايا استبعاد المقاولين في تنفيذ البرامج التنموية الصغيرة والكبيره .. وقد سارت البرامج المعدة لعمل المصانع باتجاهات فاشلة بحيث توقف اغلبها ، أو أنها كانت تعتمد في أوسع مراحلها التشغيلية على عمليات ( التجميع ) لقطع غيار مصنعه مسبقا في دول اخرى .
لقد كان القطاع الخاص ، ممثلا بأصحاب الورش الصغيرة ، يقاتل بمفرده أسيرا لطاغوت الحكومات المتنفذه ، محاولا سد النقص الحاصل جراء القصور المستشري في توفير حاجات السوق اليوميه من قبل قطاعات الدوله ، ولم يكن القطاع الخاص أقل ذكاء في محاولاته ايجاد السبل الكفيلة بتنمية الرأسمال الثابت والحصول على الارباح ، مستغلا سوء الانتاج الحكومي وقلة مصادره ، فراحت المعامل والورش الخاصه تدفع بتعويضاتها من قطع الغيار المصنعه محليا الى السوق ، مبدية القدرة العالية في عملية الاستعاضة عن المستورد منها وباقل الاسعار ، وقد بدى ذلك واضحا ابان الحصار الدولي الشامل على العراق بعد احتلال الكويت ، حيث كانت ردات الفعل الشعبية لتجاوز الشحة الكبيرة في قطع الغيار بالنسبة للألات والمعدات قائمة وبشكل يدعو للشعور بالفخر والارتياح .. في حين بقيت الدولة لاهية بالاستعداد لخوض الحروب ، لا تعي لمصير شعبها من نهاية .
لقد رفعت اغلب الحكومات العربية شعار الاشتراكية ضمن اعلانها عن هويتها امام شعوبها ، بل واخترعت عن طيب خاطر ، مفاهيم جديدة ادعت من خلالها بانها ترعى مصالح الجماهير الفقيرة لتبنيها اشتراكيات محلية سمتها بالقومية تارة ، وبغير المستوردة تارة اخرى ، وضلت عمليات التخبط الرسمية البائسه في هذا المجال تفعل فعلها في عمليات الهدم بدل البناء ، ودخلت المنطقة في صراعات فئوية ودينية ومذهبية فضلا عن الصراعات السياسية والتي أدت الى اعمق الانقسامات وابشعها من حيث الآثار الناجمة عنها .. ففي العراق مثلا ، لم تمر حكومة من الحكومات الا وضمن شعاراتها صفة الاشتراكية كمنهج تتخذ منه سبيل للحكم ، في حين كانت ، جميعها ، تشهر سيف الانتقام من الاحزاب الشيوعية وبقية رواد الفكر اليساري المؤمن بالنهج الاشتراكي العلمي ، كحل وحيد لمعالجة ظواهر التخلف والفقر وعدم القدرة على صنع الحياة الكريمة لقطاعات الشعب المختلفه .. وكانت مقاصل الاعدام مشرعة لتقتل اقوى رموز هذا الفكر وفي جميع البلدان العربية بحجة التآمر على السلطة والعمالة للأجنبي والكفر والآلحاد ، حتى تراجعت جميع قوى اليسار الى الخطوط الخلفية لتأخذ مكانها قوى اليمين وبالتعاون مع حليفتها القوى الدينية وبشكل جعل اليأس من ايجاد حل لمعضلات العيش هو الطابع السائد بين الشعوب العربية الفقيره .
في محيط كهذا سقطت هيبة القطاع العام ، ليصاب بالشلل جراء فشله في ادارة فروع التنمية الاقتصادية بشتى صنوفها ، مما شجع على تمرير خطط اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة ، على خلق جو يشجع على تبني منهج الخصخصة لانقاذ البلاد من عجز الدولة في ادارة جميع المشاريع المسندة اليها ، وراحت مخالب هؤلاء تنال من جسد البناء الاقتصادي المحلي لتحيله الى ركام من الانقاض ، جعل الفكر السائد لدى الناس يتجه الى بيع مفاصل القطاع الاقتصادي العام الى سماسرة النهب واللصوص ، حتى جاءت اللحظة التي بدا فيه أمر توفير المواد الاستهلاكية في السوق المحلية ، مرهون فقط ببيع وسائل الانتاج والمصانع والمعامل والشركات المملوكة للدوله على المتنفذين واقرباء الرئيس ، وكبار المقاولين والدخلاء من اثرياء الخليج .. وهكذا سقطت أعمدة خيمة القطاع العام لترتفع بدلا عنها خيمة القطاع الخاص ، لتحتمي بها وتحتها ذات الرؤوس من المتاجرين بقوت الفقراء ، بل وحدث تآمر ابطاله رواد كلا القطاعين لاحداث تخريب مروع في البنى التحتية للبلاد ، حين انيطت عمليات تنفيذ كافة المشاريع لصغار المقاولين ، وبتكليف من كبارهم عبر سلسلة من عمليات البيع والشراء ، راحت ضحيتها المدن والارياف حين تعطلت تلك المشاريع ، وخضعت الفترات المخصصة لتنفيذها الى تمديد غير مشروط ، أساسه الرشوة وتكميم افواه المسؤولين عن النطق بالحقيقة ، واشعار الجماهير المتضررة بالاسباب المنطقية للتأخر الحاصل في وتيرة التقدم الاقتصادي في البلاد ، وادرج ادناه وباختصار شديد بعضا من دواعي الفشل في ما يسمى اليوم بمشاريع القطاع العام والمناطة من حيث التنفيذ بكبار المقاولين وشركات القطاع الخاص :
1- يتم ، وباستمرار، احتساب الميزانية الفصلية والسنوية للمشاريع المتعلقة بتطوير البنى التحتية في منطقة ادارية ما .. وعلى هذا الأساس ، تعلن من قبل تلك الدوائر مناقصات للتنفيذ من المفروض ان تكون ارقامها الرسمية سرية ، لكي تأتي عروض الجهات المنفذة مجزية ومعقوله ، غير ان الحاصل فعلا هو افشاء محتويات جداول الاسعار المعدة من قبل الجهات الرسمية امام من يدفع اكثر من الرشاوى والمنح ، لترسو عطاءات التنفيذ عليه دون تمحيص ودون التأكد من القدرة على التنفيذ .
2- بعد رسو تلك العطاءات على نفر معين ومعروف ، تجري عمليات بيع المقاولات من قبل اصحابها الجدد ، الى مقاولين ثانويين ومن خلال صفقات سريعة ، سوف لن تمر دون ان يكون هناك حصة منها هي الاخرى للمسؤولين الحكوميين مقابل السكوت عن تلك السمسرة غير القانونية .
3- عند بدء التنفيذ ، يقوم المقاول الثانوي بتوفير مواد البناء ، أو قطع التشييد بما في ذلك تشييد الطرق الداخلية والخارجية ، ولا خوف حينها من ان تكون تلكم المواد خارجة عن المواصفات الفنية المطلوبة مختبريا .. حيث تصدر عن المختبرات ، الحكومية والخاصة معا ، شهادات بنجاح تلك المواد وصلاحيتها للعمل دون ان تكون كذلك .. وانطلاقا من ذلك كله تبدأ عمليات التنفيذ ولا خشية من أن تنهد البنايات على رؤوس شاغليها ، أو حدوث مآسي المرور جراء السير على طرق معبدة بمواد غير صالحة ..
4- حين يحل موعد استلام الدوائر الخدمية للنتائج النهائية للاعمال المنفذه من المقاولين واصحاب الشركات الخاصه ، يحدث ايضا أن تتعامل الدوائر الرسمية ذات العلاقه ، وبنفس الروح الفاقدة للحس الوطني ، فتتم المصدادقة على وثائق الاستلام خارج حدود الصلاحية ، سعيا نحو الحصول على هبات ينعم بها منفذ المشروع على صغار الموظفين الحكوميين ، ممن تتم تسميتهم ضمن لجان الاستلام النهائي ..
وهنا تنتهي فصول التآمر بين القطاعين العام والخاص لتبدأ من جديد عند منعطف اخر يوفر ذات النفع للطرفين على حساب المواطن البسيط .
أوضاع ضاعت فيها المباديء ، واختفت ابسط القيم .. أهذا هو نتيجة الصراع المرير بين اليسار واليمين في بلداننا المعموره ؟؟ أم أن مسارات أخرى نحن مقبلون عليها ، ستلد لنا نتائج افضل قد لا تدركها قدرة عقولنا على التفسير ؟ .. الله وحده أعلم .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلجات من طرف واحد
- وصمة عار
- صوت غاضب من القاع
- أيها المصريون .. لا تخذلوا بلادكم ، واعبروا المحن بسلام .. ( ...
- خواطر غير سياسيه
- هجرة الريف الى المدينه .. وما آلت اليه من خراب
- الطبقة العاملة العراقية ، وتراجع دورها التاريخي
- زمني توقف هنا في ليلة واحده
- قول في الماء العربي
- حال المرأة العربية .. بين الوهم والواقع
- صهوة الشر
- ألشعوب العربية لا تحسن الثوره
- عصارة من خيال
- مشروع اتفاق مع حكومة الصين
- ألغرز في اللحم الميت
- ثورات الربيع العربي ، ودور القوى اليسارية التقدميه .
- مرافعة لا حضور للمحامين فيها
- نعم .. نحن فعلا نتعرض لمؤامرة غربيه .
- من وحي الحبة الزرقاء
- حنطاوي


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد حمودي عباس - خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه