أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حامد حمودي عباس - نغم .. والغول .














المزيد.....

نغم .. والغول .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 12:10
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


اسمها .. نغم
صفحات وجهها المزدانة بكل ألوان الدنيا ، توزع أحاسيس الحب الجميلة على من تخالطهم ، فتجعلهم ، بعيدين عن الشعور بأن الموت هو نهاية كل حياة ..
شفاهها المليئة بعصارات ثمار البرتقال ، تستدعي الروح المحرومة لأن ترتشف شهدها حتى الثمالة ..
خطواتها وهي ترفع أطراف قدميها ، تعزف لحنا يحمل إيقاعا يشبه إيقاع سمفونيات الحروب ، يثير في دواخل النفس البشرية أحاسيس الهيبه .. إنها لا تمشي كما نمشي نحن البشر ، بل تطفو على سفوح عالمها المشحون بسحر الجمال .
نغم .. حينما تبتسم يبتسم العالم ..
جفونها المورقة على الدوام ، تقترب من بعضها البعض أحيانا ، فتوحي للناظر بأنها تمد أفكارها إلى عوالم الكون البعيده ..
حزمة لا نهاية لها من الأفكار تسكنني وأنا أتحاور معها في شأن ما .. إنني أرى عيونها وكأنها حمم بركان تنطلق إلى هناك ، حيث الأعالي ، لتشكل دوائر حلزونية ينعدم في داخلها السكون ، فهي لا تريد أن ينتابها أي سكون ليقطع عنها حركتها السرمدية الأخاذه .
كم هي جميلة نغم ، تلك الفتاة التي تجاوز بها العمر متعديا الخامسة والعشرين .. هاهي تتحدث معي وشعرة قد تمردت من بين صفوف خيوط الحرير ، منسابة فوق خدها المميت ، معلنة بأن للأنوثة سحر لم تستطع الإلمام بسره جميع كتب الأولين والآخرين .. خيالي المجنون لا يريد أن يرتد عني كعادته في مواقف كهذه .. فيأخذني قريبا منها لأتحسس أنفاسها الحارة ، تلفح جبهتي وتدورعلى صفحة وجهي بهدوء حتى تبلغ اسفل ذقني ، وفجأة يهاجمني إحساس بقشعريرة تشعرني وكأنني أتشضى في محيطي مقتربا من حالة إغماء لا تطول ، أفيق بعدها على وقع لحن حديثها الجميل .
نغم .. لا تريد ان تخبرني شيئا عن حقيقة ذلك الغول ضخم الجثة ، والذي يمتطيها كل ليلة قسرا وبلا استئذان .. فأنا اعلم بكامل قصتها دون أن أفصح لها بذلك ..
غول أشبه بالوحش الذي يهاجم بجعات الرائع جايكوفسكي في بحيرتهن ، ليحول بينهن وبين حلمهن المنشود ، يرافقها لياليها المعتمة ، فيحفر في جسدها بمعوله الملطخ بالإثم ، ليتركها جسدا مسجى لبرهة من الوقت ، ثم تستعيد قواها ببطيء ، وتذهب الى الحمام وهي تنتحب وبكل ما فيها من أصول إنسان .. في حين يبقى هو يمتص سيجارته على سرير الواقعة ، وسعاله يمتد الى ابعد ركن من أركان المنزل .
كيف لمن برعوا في وصف كوارث التاريخ ، أنهم أغفلوا كارثة لقاء بين أمرأة وغول ؟ .. كيف فاتهم أن يصفوا ملايين الأجساد الأنثوية ، وهي تتمزق كل ليلة تحت ثقل حيتان بشرية أجازت لها سنن الغاب أن تلتهم لحوم حوريات ؟ .. كم هو مفزع أن يطرق باب الخيال ، منظر امرأة تلقيها قسيمة زواج لتبقى طول العمر ، رهينة لمن لا تحب ؟ ..
ويستمر خيالي الملعون بفعله ليتسلل الى هناك ، حيث سرير الموت ، فتشخص أمامي أقوى فصول التعسف .. امرأة تلونت بلون الزهر ، يدوفها جسد مترهل ، يلهث كأنه فرس النهر ، ينطلق كألريح ، فيخلط جميع ألوان اللوحة الراقدة تحته ليجعلها باهتة لا لون لها ولا معنى .. فتشعر هي بآلام تشبه آلام تقلصات الطلق قبل الولاده .. كل شيء فيها طارد .. جميع أعضائها مستنفره .. ساقاها لا تريدان الانبساط فيصيبهما ما يشبه التشنج .. فمها مقفول بكل اقفال الدنيا ، وضيق التنفس ينتابها كلما هبط ذلك الغول على جسدها فاغرا فاه ، ينفث ريحا ملوثة آتية من أعماق جهنم .
أية جريمة يمكنها أن تدنو ببشاعتها من تلك الجريمة ؟ .. ترى لماذا توصم امرأة كهذه بالخيانة ، لو أنها لطمت هذا الوغد بنعال عتيق على صفحة شاربه ، وعانقت من يمنحها الحب ويعيدها إلى آدميتها السليبه ؟ ..
كيف لي أن أسرق نغم منتزعا إياها من كهف العذاب ، وأطير بها الى أعالي الفضاء ، مسلطا عيون نسر على أودية عالم آخر لا تسكنه الغيلان ، ومن هناك أهبط بها على صدر شاب يحمل في قلبه حنان عاشق صادق المشاعر ، ثم أقف على تلة يعمرها العشب ، وأمتع حياتي بهما وهما يتعانقان وسط معالم الفرح النقي ؟ ..
قسيمة الزواج المشرعنة قسرا ، ومحاكم التفتيش الحديثه ، وأعراف مجتمع فاقد للرشد .. تقف جميعها أمامي ، لتحبس نغم في دهاليز العدم .. وتبقيني مذبوح بسكين العجز فلا أستطيع غير العض على الأنامل .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حياة ميت
- عيون وخيال ..
- عند نهاية حافات الرأفه
- حول طريقة النشر في الحوار المتمدن
- سفر بلا حقيبه
- جلسة حوار مع الاستاذ محمد حسين يونس
- نحن .. وفن الحركة الى الأمام .
- تسقط السياسه .. عاشت الرياضه
- الكتابة في الفراغ ...
- سم العنكبوت
- خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه
- خلجات من طرف واحد
- وصمة عار
- صوت غاضب من القاع
- أيها المصريون .. لا تخذلوا بلادكم ، واعبروا المحن بسلام .. ( ...
- خواطر غير سياسيه
- هجرة الريف الى المدينه .. وما آلت اليه من خراب
- الطبقة العاملة العراقية ، وتراجع دورها التاريخي
- زمني توقف هنا في ليلة واحده
- قول في الماء العربي


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حامد حمودي عباس - نغم .. والغول .