أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مادونا عسكر - لبنان بين خيار الحرب وخيار الحب














المزيد.....

لبنان بين خيار الحرب وخيار الحب


مادونا عسكر

الحوار المتمدن-العدد: 4060 - 2013 / 4 / 12 - 21:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عشيّة ذكرى اندلاع الحرب الأهليّة اللّبنانيّة الّتي تعتبر من أعنف الحروب الأهليّة في العالم، والّتي حوّلت لبنان إلى فوهة قبر لم تعد تتّسع ظلمته لأرواح سُفكت بلا سبب. ها إنّ طيف سنة ألف وتسعماية وأربع وسبعين يلُوح لنا اليوم من جديد، لا بل يرخي بدهمته علينا وكأنّه ما زال متعطّشاً للدّماء.
ولعلّ كلمة "ذكرى" غير صائبة لأنّ الحرب لم تنته بعد وما زالت رواسبها معشّشة في النّفوس، وتستدعي سيولاً من الحقد والغرائزيّة لتعود وترقص من جديد على أجساد تنثر هنا وهناك. فما نعيشه اليوم لا يقلّ خطراً عن الخطر الّذي داهمنا في الثالث عشر من نيسان من تلك السّنة المشؤومة، والّذي لا بدّ من أن نتّخذ فيه اليوم وقفة تأمّلية، نعيد فيها أذهاننا إلى سنين من الاقتتال الأخويّ، ضاعت هباء وأضاعت ملامح بلد ما زال يقاوم بقلّة قليلة مخالب الطّائفيّة والزّعامات السّياسيّة.
ويبدو أنّنا لم نتعلّم كفاية من ذلك الاقتتال الأخويّ المقيت بعد تسعة وثلاثين عاماً، والّذي لم يؤدِّ إلّا لمزيد من الحقد والكراهية والجهل، ولم يتبيّن لنا بعدُ أنّنا ما زلنا قبائل منغلقة على بعضها تخاف الواحدة من الأخرى. كما وأنّنا لم نتعلّم بعد مفهوم المواطنة والقوميّة، وذلك لأنّ انتماؤنا الأول ما زال للزّعيم أو للطّائفة.
نحن نحب لبنان في خيالنا وفي انفعالاتنا الغرائزيّة وفي صورة زعيم ولون علم حزبيّ، وفي مجد اخترعناه في أذهاننا لنتنصّل من المسؤوليّة تجاه وطننا. ولا نحبّ لبنان وطناً حقيقيّاً يعيش فيه الكلّ تحت راية المحبّة والسّلام. ولا نحبّه لأنّنا ما زلنا نتقاتل فكريّاً على ماضٍ سحيق يحمّل فيه الواحد للآخر مسؤوليّة ما حصل، بدل أن ننطلق إلى الأمام ونتعلّم من الماضي كيف أنّنا كنّا أشباه بشر ينادون بقضيّة وهميّة ويسفكون دم بعضهم بعضاً. ولا نحبّ لبنان لأنّنا نربّي جيلاً جديداً على أنّ الزعيم هو المخلّص وهو صورة الوطن بدل أن نعلّمهم أنّنا نحن من نصنع الزّعيم ونحوّله إلى إله نعبده ونجترّ كلامه أيّاً كان، ونكرّس له دماءنا وأرواحنا وجهلنا. فما من زعيم يتألّه إلّا على حساب عقول جاهلة.
الثالث عشر من نيسان، ما زال محفوراً في قلوب أمّهات فقدت فلذات أكبادها في ساحات شرّعت أبوابها للإخوة كي يقتل بعضهم بعضاً. إخوة تقاتلوا لأنّه وُجد من يقنعهم أنّ أخاك هو عدوّك، فاقتله كي يبقى لبنان!! إخوة تناحروا وتصارعوا على وطن يتّسع للجميع ويحتوي الجميع.
الثّالث عشر من نيسان، حاضر اليوم في لبنان بتطرّفه البشع وسلاحه المدمّر للعقول والنّفوس، وبهمجيّة الفكر الطّائفيّ والمذهبيّ، ولكم نحن بحاجة إلى محبّة حقيقيّة لنردعه ونقتله قبل أن يبتلعنا مجدّداً. ولكم نحن بحاجة إلى عقول جريئة مقاومة تصرخ بكلّ قوّتها ضدّ الطّائفيّة والزّعامات السّياسيّة، وتتخلّى عنها وعن سياساتها الكاذبة الّتي لا تصبّ إلّا في مصلحتها الشّخصيّة، وفي مصلحة العدوّ الحقيقيّ، علموا ذلك أم لم يعلموا. فخدمة العدوّ لا تكون بالتّعامل معه فقط، بل تبدأ خدمة العدوّ في اللّحظة الّتي نعتبر فيها أخانا في الوطن عدوّاً فنكفّره ونستبعده وتجتمع أعضاء القبيلة على قتله، وتستدعي قوى خارجيّة لتساندها!!
أخي اللّبنانيّ، أيّاً كان اسمه، أو طائفته، أو مذهبه، أو فكره، أهمّ وأثمن بكثير من سياسات مقيتة تدفع اللبنانيّين مجدّداً للدّخول في لعبة القتل والاستمتاع بنشوة الانتصار الكاذب. وهو أهمّ وأثمن من أيّ متعجرف يعتلي المناصب ليعلّمنا مفاهيم الكرامة والوطنيّة في حين أنّه لا يعرف من الوطنيّة إلّا ما تمليه عليه ذهنيّته القبليّة والطّائفيّة.
لنثبت حبّنا للبنان، علينا أن نقف اليوم كإخوة حقيقيّين في العائلة الواحدة، متخلّين عن فكرنا الطّائفيّ والعنصريّ، ومؤمنين بأنّ الوطن للجميع وفوق الجميع.
هي خطوة واحدة نحو المحبّة الحقيقيّة الّتي تشكّل الرّابط الأساسيّ بين الإخوة، والسّلاح الأقوى في وجه عدوّ لا يشبع من دمائنا ولا يقوى إلّا بنزاعاتنا وصراعاتنا. خطوة واحدة نحو المحبّة نحترم فيها الآخر لأنّه لبنانيّ أوّلاً، ولأنّه من حقّ الأخ على أخيه أن يحتويه ويحبّه ويدافع عنه بل ويموت في سبيله.
ليكن يوم الثّالث عشر من نيسان، يوم صلاة على روح كلّ الشّهداء الّتي سالت دماؤهم من عيون أمّهاتهم، وعلى روح كلّ شهيد عرف العدوّ الحقيقيّ فاستعدّ وما زال مستعدّاً ليبذل الغالي والرّخيص في سبيل الوطن.
ليكن يوم صلاة من أجل كلّ مفقود ومعتقل ما لبثت أمّه تمدّ يديها لتحتضنه حيّاً أو ميتاً، فيرتاح قلبها وتخمد نار اضطرابها.
ليكن يوم محبّة نقدّم فيه الولاء للبنان وللبنان فقط، حتّى إذا ما داهمنا الشّرّ نكون مستعدّين أبداً لأن ننجو من مخالبه وحتّى إذا ما سألنا يوماً لبنان عن ترابه، مددنا يدنا إلى قلوبنا وقلنا له: "ترابك في القلب والدّم، في النّفَس والفكر، وفي سواعد أفراد عاشوا بطولة المحبّة ليبقى ترابك ذهب الزّمان".











ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذّكرى الثّانية والثّمانين لرحيل عظيم من لبنان - جبران خ ...
- في رحاب الحلّاج (8)
- فيض الإله
- في رحاب الحلّاج (7)
- إلى أمّي
- حتّى النّسمة الأخيرة
- وجهك أيقونتي
- من ثمارهم تعرفونهم
- تكلَّمَ حبيبي
- صغيرة أنا في هذا العالم، كبيرة في قلبك
- عيناي لك الحبيب
- ضدّ الطّائفيّة
- صلاة بلا كلام
- تخيّل...
- في رحاب الحلّاج (5)
- للحرّيّة عندي معنى آخر
- من هم صانعو السّلام
- سأكون ما تريد
- إلى ملاكي الحارس
- في رحاب الحلّاج (4)


المزيد.....




- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مادونا عسكر - لبنان بين خيار الحرب وخيار الحب