أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - لحسن ايت الفقيه - الرأي العام الفرنسي وصناعة ذاكرة الثورة الجزائرية ما بين 1954و 1962















المزيد.....

الرأي العام الفرنسي وصناعة ذاكرة الثورة الجزائرية ما بين 1954و 1962


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 13:01
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


إن «موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية، 1954،1962م» عنوان لكتاب صدر عن دار التنوير الجزائرية للكاتب أحمد منغور سنة 2013 «دراسة تاريخية وفكرية واجتماعية وسياسية تحليلية واستقصائية لموقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية ما بين 1954، و1962 من خلال محطات أو وقفات محددة عكست ذلك الموقف بطريقة غير مباشرة، أو غير مباشرة، وتطوره عبر المراحل المختلفة للثورة» (مقدمة الكتاب، ص،6). والموقف الفرنسي، أو بالأحرى، مواقف المجتمع الفرنسي وآرائه من الثورة الجزائرية عمل في الذاكرة. والذاكرة، بما هي لا تطيق الموضوعية، فهي في هذه المناسبة وهذا المقام، ذاكرتان اثنتان على الأقل: فإلى جانب الذاكرة الفرنسية هناك ذاكرة جزائرية. وإن حرب الذاكرة بين فرنسا والجزائرة قائمة للآن، لا نحتاج لبيان وطيسها الحامي في بعض المحطات. ذلك أن الفترة ما بين سنة 1954 و1962 لم يجر طيها لا من لدن هؤلاء ولا من لدن أولئك. لذلك فقَلم المؤرخ الفرنسي أو الجزائري قد يزيغ، في الغالب، ليلامس الذاكرة، و لا عيب في ذلك ولا ضير. ولعل هذه الدراسة، دراسة الأستاذ أحمد منغور«ستوضح لنا طبيعة مواقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية والعوامل التي أدت إلى تشكيله بتلك الصور»، والتي عالجها المؤرخ المذكور، في المرجع المذكور، وفي الصفحة رقم6. ولأن الدراسة، أيضا، عمل في الذاكرة فالأمل يراود صاحبها أنها «سوف تساعد رجال السياسة من الجزائريين حاضرا ومستقبلا في بناء علاقة جديدة بين البلدين متحررة من عقدة الماضي»،(المرجع نفسه)، عقدة الذاكرة، وذلك هو الوجه في الدراسة المذكورة التي تتكون «من مقدمة وأربعة فصول مقسمة إلى مباحث وخاتمة وملاحق وبيبلوغرافيا وفهارس». فالعقدة حاضرة وحلها يخدم الحاضر والمستقبل وذلك ما ترومه الذاكرة تماما.
ما علاقة الرأي العام بالذاكرة؟
الرأي العام يصنعه وقع الحاضر على إنسان الحاضر، والذاكرة يصنعها وقع الماضي في إنسان الحاضر، لأنها هي الماضي في الحاضر. والذاكرة رأي ليس إلا، يُصرّف بوسائل التعبير المختلفة.
ارتبطت «المجتمعات المعاصرة بعلاقة وثيقة مع الرأي العام، باعتباره يمثل مجمل الأفكار والمفاهيم حول مواقف وأحداث وظواهر اجتماعية، حيث قدمت لنا الاستطلاعات والاستفتاءات والانتخابات صورا عن هذه الظاهرة، بصفة دائمة ومستمرة، تدل على التطور والتغير» (المرجع المذكور ص 13). وارتبطت كذلك بعلاقة وطيدة بالذاكرة إن تعلق الأمر في الغالب بالمأساة والانتهاكات والتجاوزات. ولا غرو، فالذاكرة تتطور وتتغير، ولم تكن بالمرة ثابتة، شأنها في ذلك شأن الرأي العام. والرأي العام على مستوى الشكل، يعد، إذن، صورة طبق الأصل للذاكرة الجماعية. ذلك أن كلمة «رأي تشير دائما إلى تعبير عن وجهة نظر بصدد أمر يحتمل المناقشة، والأخذ والرد. وأما وصف الرأي بأنه عام، فيشير إلى الشمول الناتج عن وجود الجماعة من الناس الذين يتعلق بهم ذلك الرأي العام» (المرجع المذكور). ومن هذا المنظور يمكن القول، إن هناك أكثر من رأي عام تحمله أكثر من جماعة. ومعنى ذلك، أن الرأي العام على شاكلة ذاكرة جمعية. ولو كان كتاب الأستاذ أحمد منغور خاليا من المادة التاريخية لجاز تعديل عنوانه ليكون «الثورة الجزائرية والذاكرة الجمعية الفرنسية». ومن جانب آخر، حوى الكتاب ما يبرر حرب الذاكرة بين فرنسا والجزائر وهي حرب، وإن كانت قائمة الآن، لا ينبغي أن تدوم طويلا:
- المبرر الأول أن الثورة الجزائرية حدث هام «في التاريخ الفرنسي، حيث اصطلح عليه في الكثير من الأدبيات الفرنسية ب la toussaint rouge»، وهو عيد القديسين يحتفل به المسيحيون يوم أول نوفمبر من كل سنة» (المرجع المذكور ص 117). وإنه «جرح جديد » في ذاكرة فرنسا. وقد فتح في جسد الأمة الفرنسية «التي كانت بصدد تضميد جراحها الأخرى، والتي تسببت فيها الظاهرة الاستعمارية خاصة قضية الهند الصينية» ( المرجع نفسه).
- المبرر الثاني لم تتصور فرنسا الثورة الجزائرية أنها تعكس إدارة الشعب الجزائري «فالثورة ما هي إلا امتداد للهجوم المضاد الذي يشنه الشيوعيون الماديون السوفيات على الغرب المسيحي، الذين يستعملون كل لوسائل لزعزعة الاستقرار في الجزائر، مثلا الدين الإسلامي، وإظهار فكر جديد معاد للاستعمار ونصرة شعوب العالم الثالث لكسب تأييد الشعوب» ( المرجع نفسه ص 119)، كما يرى البعض، وهي تفسير ذو علاقة بالذاكرة.
- المبرر الثالث أن فرنسا ترى – أوهناك من يحمل ذلك الرأي – أن الثورة الجزائرية استجابة إلى «نداء الجهاد، وهذه الأعمال المسلحة ذات طابع الحرب المقدسة» (نفسه).
ولو أن «الرأي السائد بصفة عامة» يفيد أنه «ليس للجزائر شخصية قانونية قائمة بذاتها» (ص 129) فإن فرنسا تخال الجزائر «إحدى المقاطعات الفرنسية الواقعة تحت الإدارة الفرنسية» منذ سقوط الجزائر العاصمة في 5 يوليوز 1830، وبالتالي فالحرب بين فرنسا والشعب الجزائر، وإن انتهت باستقلال الجزائر، فهي لم تنته على مستوى الذاكرة. فالثورة، وإن كانت «قضية عادلة ومشروعة وكان من مظاهرها التناسق في العمليات والبيانات والقرارات والمواثيق، من بيان أول نوفمبر إلى برنامج طرابلس» فهي محددة الأهداف، بينما الطرف الفرنسي الحكومي عجز «عن تقديم تفسيرات مقنعة عما كان يجري في الجزائر» (ص253)، أو بمعنى آخر فاستقلال الجزائر خاتمة غير مرغوب فيها من لدن فرنسا. ويضاف إلى ذلك أن «موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية تميز ببطء كبير، فلم تتبلور المواقف إلا بعد مرور سنوات من اندلاعها...» (نفسه). ولو كان الرأي العام الفرنسي موحدا اتجاه الثورة الجزائرية لجرى تسوية حرب الذاكرة التي ما فتئت توثر على العلاقة الفرنسية الجزائرية، كما جرى يوم زيارة فرنسوا هولند الجزائر ابتداء من 19 دجنبر 2012، حيث طفت الذاكرة على السطح، ونودي في قاعة البرلمان بتجاوز الذاكرة إلى كتابة تاريخ موضوعي يعتمد على الأرشيف، وهو ضرب من المحال ما لم يجر تسوية شأن الذاكرة. ولئن كان «تأييد الرأي العام الفرنسي للحلول المقترحة لحل القضية الجزائرية في نهايتها، راجع إلى أسباب براغماتية، حتى يتخلص المجتمع الفرنسي من عبء الحرب التي كان يتحمل جزءا كبيرا من تكاليفها، عن طريق تسديد الضرائب التي ارتفعت نسبتها أثناء الحرب، وعن طريق تجنيد أبنائه وإرسالهم إلى الموت الأحمر» (ص 254)، فإن ذلك لم يمح وقع تلك الحرب على الجزائريين والفرنسيين لأن كلاهما ينطلق من شرعية مختلفة.
وكما كان الرأي العام الفرنسي زئبقيا تجاه الثورة الجزائرية فالذاكرة لا تزال زئبقية. ففرنسا التي لا تفتأ تصدر القوانين الممجدة للاستعمار غير قادرة على حل عقدة الذاكرة بالاعتذار للشعب الجزائري والاعتراف بالجرائم المقترفة هناك. ولا تزال الثورة الجزائرية «تثير ردود فعل ومواقف الرأي العام الفرنسي إلى يومنا هذا، مما يبقي الباب مفتوحا أمام الباحثين لإنجاز دراسات جديدة منها مثلا دور الذاكرة وأثرها في صنع موقف الرأي العام من الثورة الجزائرية» بهذا الموقف وبهذه العبارات المعبرة عن أهمية الذاكرة اختتم كتاب «موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية 1954-1962م» للمؤرخ أحمد منغور وهو موقف يعيد العمل إلى المنطق. فقبل عمل الذاكرة لا يمكن للمؤرخ أن ينطلق.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يجب التركيز عليه في ندوة « سؤال المواطنة بين المسؤولية وا ...
- أفاق المشاركة الفعلية للنساء في تدبير الشأن المحلي والجهوي ف ...
- التاريخ والأرشيف وحفظ الذاكرة في التجربة المغربية للعدالة ال ...
- حرب الذاكرة ومستقبل العلاقة بين فرنسا والجزائر
- متى يأتي الاكتشاف الرابع لجبال الأطلس الكبير الشرقي المصاحب ...
- ورزازات: اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الر ...
- اللقاء الوطني حول: «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب، أي مق ...
- ورزازات: الإعلام البديل بين حرية التعبير وأخلاقيات المهنة با ...
- ميدلت: الديموقراطية التشاركية تؤسس للمشاركة الفعلية للنساء ب ...
- الذاكرة الجزائرية بين الرغبة في تمجيد الاستعمار والدعوة إلى ...
- الثورة التحريرية الجزائرية ودروس الذاكرة
- الصحافة وحقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي
- الصحافة وحقوق الإنسان موضوع اهتمام في المغرب
- ورزازات: لقاء دراسي لأجل أبواب منبلقة بجبال الأطلس لضمان الو ...
- العلاقات الفرنسية المغربية مكسب تاريخي
- المارشال ليوطي بين الانتماء العرقي والانتماء الثقافي
- اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الرشيدية ورز ...
- البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية
- القبيلة إطار لتحصين الهوية الأمازيغية في المغرب عبر العصور
- النهاية في الخطاب العسكري الغربي


المزيد.....




- القضاء التونسي يصدر حكمه في جريمة قتل بشعة هزت البلاد عام 20 ...
- -بمنتهى الحزم-.. فرنسا تدين الهجوم على قافلة للصليب الأحمر ف ...
- خلافات بسبب تعيين قادة بالجيش الإسرائيلي
- تواصل الحراك الطلابي بعدة جامعات أمريكية
- هنغاريا: حضور عسكريي الناتو في أوكرانيا سيكون تخطيا للخطوط ا ...
- تركيا تعلق معاملاتها التجارية مع إسرائيل
- أويغور فرنسا يعتبرون زيارة الرئيس الصيني لباريس -صفعة- لهم
- البنتاغون يخصص 23.5 مليون دولار لشراء أسلحة لكييف ضد أجهزة ا ...
- وزارة العدل الأمريكية تتهم سيناتورا من حزب بايدن بتلقي رشوة ...
- صحيفة ألمانية تتحدث عن سلاح روسي جديد -فريد ومرعب-


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - لحسن ايت الفقيه - الرأي العام الفرنسي وصناعة ذاكرة الثورة الجزائرية ما بين 1954و 1962