أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - حرب الذاكرة ومستقبل العلاقة بين فرنسا والجزائر














المزيد.....

حرب الذاكرة ومستقبل العلاقة بين فرنسا والجزائر


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 3951 - 2012 / 12 / 24 - 18:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم تكن الذاكرة الجزائرية شأنا يخص الأفراد وحدهم، أو الحكومة وحدها، ولم تكن تخص الإنسان وحده. إنها ذاكرة بلاد المغارب يتقاطع فيها الإنسان والمجال في فترة من الزمان. إنها كالهواء الذي يستنشقوه الجزائريون في أرض الجزائر الحرة التي أريد لها أن تسقى بفيضان من الدماء التي هدرت من جسد المليون ونصف المليون شهيد. ولا غرو، فالمغاربة غشيهم نشر الجزائر منذ استعمارها سنة 1930، فكانت معركة إيسلي سنة 1844، وكانت معاهدة لالة مغنية، وكانت الحروب التي قادها اليوطي العقيد قبل أن يصبح اليوطي الماريشال في عهد الحماية الفرنسية على المغرب. كانت معركة بوذنيب سنة 1908 وكانت الحروب والمعارك بين ذوي منيع وفرنسا، وبين هذه الأخيرة وبني يزناسن. ودارت أمهات المعارك وأعنفها بين الفرنسيين والجزائريين ما بين 1954 و1962. فالكلام طويل، لكنه يقبل الاختزال إذا قيل إن الذاكرة حربها لا تزال مشتعلة وطال ما تطفو على السطح، وتلوث العلاقة الفرنسية الجزائرية. لقد أصبحت فرنسا تحس الآن أكثر من أي وقت مضى بثقل الذاكرة الجزائرية التي هي ذاكرة فرنسية أيضا. فقبور هؤلاء وأولئك ملئت الرحاب المنبسطة والوعرة بأرض الجزائر، لذلك فهم الفرنسيون جيدا فحوى خطاب الرئيس الفرنسي في البرلمان الجزائري وصفقوا له. فخطاب السيد الرئيس حسب ما نقلته وسائل الإعلام، لم يحو تعبيرا عن الاعتذار والندم، وما جاء إلى الجزائر ليعبر عن الاعتذار والندم، ذلك أن الذاكرة هناك مركب مأسوي معقد يتداخل فيه الإنسان والمجال، الثقافة والجغرافيا، فهي أكبر من إحساسنا كلنا أجمعين. فالندم ليس هو الحل والاعتذار ليس في محله، أو على الأقل لم يحن حينه بعد. «لست هنا لإبداء الندم أو الاعتذار. أنا هنا لأبلغ الحقيقة للجزائريين» (كلام السيد الرئيس).
آرأيتم لو بحثنا عن مدخل لملامسة الذاكرة الجزائرية، وبعد فشلنا في ذلك، فضلنا أن نبدأ من المدافن، ولو أن الأمر مجازفة والزيغ عن الصواب، لتقدير قبور أولئك الذين حصدت الثورة التحريرية الجزائرية أرواحهم، وسقوا بدمائهم الرحب. سنجد أن الذاكرة عمل ضخم يستدعي منا تحويل كل تلك القبور إلى أماكن الذاكرة، وإلى مزارات ممعلمة بشهود تحمل الأسماء والتواريخ. ذلك أن الذاكرة لا تختلف كثيرا عن تلك التيارات الصوفية التي تقدر أولياء الله في الحياة والممات. وفوق ذلك فالواجب يقضي تكريم هؤلاء بما يليق وفق الرموز المحلية والثقافة، لأن هؤلاء قتلوا لأن أرضهم استعمرت من لدن دولة أجنبية. فإذا قمنا بهذا العمل لأنه مرتبط بالذات، سنكون قد شرعنا في الحفظ الإيجابي للذاكرة الجزائرية، وسنكون قد مهدنا الطريق إلى البحث عن حقائق أخرى، أي: إننا انتقلنا من مجال الذاكرة إلى مجال التاريخ. لماذا الانطلاق من المدافن؟ فالجواب يكمن في تحقيق استمرارية الذاكرة وتحصينها. وبعد ذلك نصل إلى ما انطلق منه الرئيس الفرنسي، وعده ضروريا وملائما في البدء. لقد وقف السيد الرئيس عند الأرشيف وتمنى أن يلج إليه المؤرخون لكي تعرف الحقيقة لدى الكل لأن الحقيقة، تجبر [الضرر]، وتجمع، أي: إن التاريخ كلما كان مأسويا، كلما دعت الضرورة إلى الصدع به والإفصاح عنه. وفي جميع الأحوال فإن فرنسا قد أحست بثقل الذاكرة لكنها تود الانطلاق مباشرة من التاريخ، وتجاوز جرح الذاكرة والنزوع نحو النسيان، وكل يعرف الفرق بين الذاكرة والتاريخ. يجب ترك الذاكرة جانبا والوقوف عند الروابط القوية التي تجمع بين فرنسا والجزائر كاللغة على سبيل المثال، واستحضار جالية كثير عددها بفرنسا، والمقدر بحوالي 700.000 جزائري، وفي ذلك دعم بالعضلات والسواعد لفرنسا، والمساهمة في رقيها. ذلك ما فهم من خطاب السيد الرئيس الفرنسي في الجزائر، والذي حوى أيضا جوانب أخرى كالتجارة بين البلدين والتربية والتكوين التي لا تزال متأثرة، إن لم نقل ملتزمة بالمسار الذي رسمه لها جون فيري في مطلع القرن الماضي. وبالتالي فالنهوض بهذا القطاع يحظى بأهمية فائقة في فرنسا إن لم يكن حلمها منذ الثورة الفرنسية. وإن ما تقدمه فرنسا في هذا الصدد بناء دار الجزائر بفرسا (Une maison d’ Algérie) لاستقبال طلاب الجزائر. وهناك رابط آخر، أو بالأحرى التحدي المشترك بين الجزائر وفرنسا ويكمن في تنقل الأشخاص، وفي هذا الصدد تمنى الرئيس الفرنسي أن تستفيد الجزائر من أدمغتها، وأن الذين تكونوا في الجزائر يلجون إلى ميدان الشغل. وحضرت أزمة مالي كذلك بما هي رابط مشترك بين فرنسا والجزائر، والتي تستدعي تكثيف الجهود والتنسيق لمواجهتها. كل هذه التقاطعات يمكن أن تخلق بعض العزوف عن الذاكرة، وتطفئ قليلا لهيبها خصوصا وأن السيد الرئيس صرح أن النظام الكولونيالي غير عادل، وقد ترتبت عنه معاناة الشعب الجزائري، وأضاف كسبيل لتهدئة حرب الذاكرة، وهيجانها الولوج إلى الأرشيف وتحويل الشراكة الفرنسية الجزائرية إلى المستقبل، ويعزز التجارة مع الجزائر. لكن هل هي قادرة على تخفيف وقع قانون تمجيد الاستعمار الذي يعود إلى سنة 2005؟ إن حرب الذاكرة قد تستمر بعض الوقت.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يأتي الاكتشاف الرابع لجبال الأطلس الكبير الشرقي المصاحب ...
- ورزازات: اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الر ...
- اللقاء الوطني حول: «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب، أي مق ...
- ورزازات: الإعلام البديل بين حرية التعبير وأخلاقيات المهنة با ...
- ميدلت: الديموقراطية التشاركية تؤسس للمشاركة الفعلية للنساء ب ...
- الذاكرة الجزائرية بين الرغبة في تمجيد الاستعمار والدعوة إلى ...
- الثورة التحريرية الجزائرية ودروس الذاكرة
- الصحافة وحقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي
- الصحافة وحقوق الإنسان موضوع اهتمام في المغرب
- ورزازات: لقاء دراسي لأجل أبواب منبلقة بجبال الأطلس لضمان الو ...
- العلاقات الفرنسية المغربية مكسب تاريخي
- المارشال ليوطي بين الانتماء العرقي والانتماء الثقافي
- اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الرشيدية ورز ...
- البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية
- القبيلة إطار لتحصين الهوية الأمازيغية في المغرب عبر العصور
- النهاية في الخطاب العسكري الغربي
- إشكالية التوتر بين الثقافي والجغرافي وأزمة الهوية الإدارية ل ...
- فصول من ذاكرة مدينة بوذنيب والحقوق الجماعية بها في مذكرة تنس ...
- التراث المعماري وحقوق الإنسان بالمغرب أي علاقة؟
- على هامش اللقاء السنوي لبرنامج واحات تافيلالت التنموي بالمغر ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - حرب الذاكرة ومستقبل العلاقة بين فرنسا والجزائر