أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية














المزيد.....

البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 20:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من حسنات الشعب الجزائري اعتماد البرنس الأحمر في الزي الذّكري. و يمكن القول إن اللون الأحمر رمز الوحدة المغاربية، يوحي بالتحدي والمقاومة الذاتية والدفاع عن الهوية الثقافية المغاربية. أتذكر قول أحد الأساتذة الثقاة علي واحدي أستاذ التاريخ القديم بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ملخصه أن الإمبراطور كاليكولا Caligula قتل الملك الأمازيغي بطلمي، لا لشيء سوى أنه ارتدى البرنس الأحمر. كان ذلك في الموسم الدراسي الجامعي 1982/1983 ولقد تأثرت، الآن، كثيرا بالحدث الذي بدا لي وقت ذاك تافها للغاية. إذ لا يمكن ربط اللون بجريمة القتل بدون معرفة البعد الرمزي للأحمر الأمازيغي. وحيث إني لا أشك في مصداقية أستاذي علي واحدي لأنه دقيق في ملاحظاته، حافظت على قصة الحدث في ذاكرتي، وكنت أستحضر ذلك كل مرة وأعتبره من الأفعال التافهة في التاريخ الروماني، قد لا تقل مكانة عن حدث إحراق روما من لدن الإمبراطور نيرون، إن لم أحصل على دليل مقنع. وبعد سنوات قليلة شاهدت الرئيس الجزائري السابق الشادلي بن جديد يحمل برنسا أحمرا في أحد المؤتمرات المغاربية، قلت في نفسي لو بعث الإمبراطور كاليكولا Caligula لحدث ما لا يحمد عقباه، و ربما سيتكرر الحدث التاريخي، قتل النفس بغير حق بفعل لون الزي. وطرحت سؤالا في نفسي، لماذا ارتدى الرئيس الجزائري البرنس الأحمر؟ لا شك أن الأمر تقليد فقط موروث من الملوك الأمازيغ القدماء. و لما شاءت الأقدار أن أقضي بعض الوقت في البحث في الثقافة غير العالمة بجبال الأطلس الكبير الشرقي التي لا تزال تحافظ على الموروث الثقافي القديم، تبين أن اللون الأحمر حاضر في ثقافة الدم، إنه لون المقاومة والتحدي، وتبيّنت آنذاك أن هناك دواعي لارتكاب الجريمة وأن عذر الإمبراطور الروماني مقبول من المنظور الثقافي المحض، فقد تحداه الملك الأمازيغي بطلمي شهيد المقاومة المغاربية. ويظهر أن الأحمر الأمازيغي نوعان أحدهما ناصع مستخلص من الصباغة الصناعية والآخر خافت مستخلص من الصباغة الطبيعية، و كلاهما يدل على التحدي والمقاومة ولهما علاقة بثقافة الدم. والدم أحد الرموز الثقافية التي يستعملها الإنسان في التواصل مع أفراد جماعته ومع العالم الماورائي غير المنظور. ولا غرو، فالمغاربة أكثر الشعوب تشبثا بثقافة الدم وثقافة الشعر. وللإشارة فقط، لا تزال لغة الدم مستعملة بكثرة لدى قبائل الأطلس الكبير الشرقي الأمازيغية. و تتأسس ثقافة الدم في اعتقاد هذه القبائل على ظن مفاده أن الأرواح تتغذى بالدم. و بالتالي فكل الرحاب التي غمرتها الدماء من قبل تستوطنها الجنّة أو تتردد عليها بكثرة. ونشير أن في الطريق التجارية سجلماسة فاس فجا جبليا ضيقا يدعى فج تاروبيا Taroubia وتعني كلمة تاروبية بالأمازيغية الفوة La garanceوهي من فصيلة الروبيات Les rubiacés. والملاحظ أن الاسم اللاتيني للنبتة Rubia قريب في النطق من الاسم الأمازيغي مما يفيد أن للنبتة دلالتها التاريخية والثقافية والحضارية. تنبت الفوة بين الأشجار في البساتين والأدغال وهي ذات صفة التوائية كالكرمة (الدالية Vigne) ، وتستعمل جذورها في استخلاص صباغة حمراء. و يغلب على الظن أن الأمازيغ متأثرون بالقرطاجيين الذين يستخلصون الأحمر الأرجواني Poupre من صدف المريق وكانت مدينة صور اشتهرت به قديما. والغالب، أن القرطاجيين تأثروا بالأمازيغ. والذي حدث أن هؤلاء يعتمدون على البر في استخلاص الأحمر و أولئك يعتمدون على البحر. وفي جميع الأحوال فاللون الأحمر واضح في الثقافة المغاربية في العصر التاريخي القديم. أخذ الأتراك العثمانيون الأحمر الأمازيغي في شمال أفريقيا وجعلوه لون زي الأمراء. وفي العصر الحديث في أوروبا داع صيت الأحمر التركي Le rouge turque حيث أثار انتباه الفرنسيين وحاولوا تقليده لكنهم لم يحسنوا التقليد. ورغم ذلك بات الأحمر التركي زي الجنود الفرنسيين إلى حدود بداية الحرب العالمية الأولى. وحيث إنه لون جميل فقد أبهر رجال الطبقة الوسطى والغنية. يوظف الأحمر الأمازيغي في الأزياء الخارجية للنساء ليضفي عليها رمز المقاومة و التحدي. و لا غرو، فالعروس مدعوة لدى بعض القبائل لحمل منديل أحمر من صباغة الفوة يزين ظهرها في ليلة الدخلة ويضفي عليها التبرك برموز المقاومة التي تنقل إلى جانب رموز أخرى إلى بيت الزوجية. وقبل انقراض الخيل بالمنطقة، كانت توظف مهرة حمراء في نقل العروس إلى بيت الزوجية –في ليلة الدخلة- تعبيرا عن المقاومة والانتصار. واللون الأحمر خاص بالأحزمة المزينة لفضاء الرأس لدى النساء (قبيلة أيت إبراهيم مثلا) و الأحزمة الحاملة لخناجر المحاربين لدى قبائل أيت صغروشن (أيت مسروح، أيت موسى، أيت بومريم). وفي بعض الزوايا توظف المناديل الحمراء لحفظ الخبز والكسكس. وكما سبقت الإشارة يرتبط اللون الأحمر بثقافة الدم، لذلك فالفج المسمى تاروبيا كان من قبل معبرا استراتيجيا لتجار القوافل، لذلك فهو ملجأ قطاع الطرق وبساط للمعارك، ولا تفتأ السلطة المركزية في الدول المتعاقبة على حكم المغرب تنظم حملات عسكرية لضمان أمن الفج الذي يعد البوابة الجنوبية لفج تيزي نتلغمت بجبل العياشي، وتقول الرواية الشفوية أن ماء الوادي يخترق الفج مختلطا باستمرار بالدم البشري، لذلك أطلق على الفج، فج تاروبيا أي فج الدم. والدم كذلك وسيلة لتوثيق العهود والعقود والتحالفات حيث كان الأمازيغ قديما يحضرون قصعة مملوءة بدم الذبائح لتلطيخ أيادي المتعاقدين قبل المصافحة، وكان تحالف قبائل أيت ياف المان بالأطلس الكبير الشرقي آخر من استعمل هذه الطريقة. و للأسف الشديد تضررت نبتة الفوة ببساتين الأطلس الكبير الشرقي بفعل الجفاف وتراجع التعامل الرمزي القائم على لون المقاومة وعلى لون السلم (الأخضر) وتراجع التضامن الأخوي بين بلاد المغارب التضامن القائم على التحدي الذي عبر عنه الملك الأمازيغي بطلمي و جسدت الأجيال اللاحقة بارتداء البرنس الأحمر والمنديل والحزام والطربوش المغربي.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبيلة إطار لتحصين الهوية الأمازيغية في المغرب عبر العصور
- النهاية في الخطاب العسكري الغربي
- إشكالية التوتر بين الثقافي والجغرافي وأزمة الهوية الإدارية ل ...
- فصول من ذاكرة مدينة بوذنيب والحقوق الجماعية بها في مذكرة تنس ...
- التراث المعماري وحقوق الإنسان بالمغرب أي علاقة؟
- على هامش اللقاء السنوي لبرنامج واحات تافيلالت التنموي بالمغر ...
- الواقع الاجتماعي لما بعد تراجع الصناعة الاستخراجية بحوض ملوي ...
- أي استراتيجية لتنمية مستدامة للمناطق المنجمية ومحيطها بجهة ا ...
- ندوة مأتم الفاعلين الجمعويين محمد بلكوح وعبد الرحمان فريدي ا ...
- جمعية النهضة بفجيج تنظم رحلة إلى مواقع الذاكرة بالجنوب الشرق ...
- الحركة النسائية المغربية: الحصيلة والآفاق في ظل الإصلاحات ال ...
- جانب من (جوانب من ذاكرة كريان سنطرال، الحي المحمدي بالدار ال ...
- المجتمع المدني بالجنوب الشرقي المغربي يفقد فاعلا جمعويا ثقيا ...
- قراءة في الذاكرة الجماعية بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيض ...
- قبيلة أيت حديدو بإقليم ميدلت: توزيع المساعدات وفق معيار تواف ...
- واحات درعة وتافيلالت، الثقافة، والتاريخ والتنمية. أي استرتيج ...
- إشكالية الحقوق الثقافية والهوية بجبال الأطلس الكبير الشرقي
- جبر الضرر الجماعي في اللقاء الوطني التحصيلي التقييمي بإقليم ...
- الرموز المرتبطة بالمرأة لدى قبائل أيت يافلمان بالجنوب الشرقي
- خريف حقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت المغربية من خلال الصحا ...


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية