أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لحسن ايت الفقيه - اللقاء الوطني حول: «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب، أي مقاربة أو مقاربات؟»















المزيد.....



اللقاء الوطني حول: «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب، أي مقاربة أو مقاربات؟»


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 18:34
المحور: المجتمع المدني
    


احتضن أحد مدرجات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، لقاء وطنيا حول «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب...أي مقاربة أو مقاربات؟»، وهو بالأمازيغية:
«anmugar anamur ghif u snyuddu n wacal d tamn atv g lmughrib …matta ussrive ? »
واللقاء من تنظيم شبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بالمحمدية وشركاؤها أي مجموعة الديموقراطية والعلوم والحداثة، ومنتدى بدائل المغرب، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية واللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الدار البيضاء / سطات، والفضاء الجمعوي. واللقاء ناجح منذ أن صدع منسق البرنامج الفاعل الحقوقي والنشيط في شتى المجالات السيد أحمد البردوحي في جلسة الافتتاح صباح يوم السبت 24نونبر 2012، بما يلي: «يحضر معنا في هذه القاعة الجميلة 250 مشاركا، 95 جمعية وطنية، عشرة حقوقيين، 30 جمعية محلية، 50من الفعاليات، يتوزعون على 40 مدينة مغربية»، وعبر ذات المنسق عن أمله «أن يكون هذا التنوع في المشاركين» مناسبا « للتنوع في المحاور» مساعدا «للخروج بتوصيات في مستوى تطلعاتنا»، ولا شك خامر أحدا في ذلك، فالغنى عنوان اللقاء المنتظم كما أفصح الأستاذ محمد سيما في الجلسة الافتتاحية في شقين، وذلك ما جرى بالفعل، الجلسة العامة وخمس ورشات بيانها كالتالي:
- ورشة عنوانها «الفاعلون الاقتصاديون، الأدوار والرهانات».
- ورشة المنظمات المدنية والهيئات الحقوقية والإعلامية ورهان الديموقراطية التشاركية.
- الورشة الثالثة حول «الجهوية وأسئلة النظام الجبائي»
- «الأحزاب السياسية وسؤال النخب المحلية» عنوان الورشة الرابعة.
- الورشة الأخيرة منصبة حول «الجامعة والمؤسسات الثقافية في ظل الجهوية المتقدمة»
توج اللقاء بالجلسة الختامية، خصصت لتلاوة تقارير اللقاء وتوصياته وإعلان المحمدية.
لا أدعي أني سأحيط بكل ما جرى في اللقاء ولكني سأحاول أن أبسط بعض ما قيل،لأن جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي انتدبتني للحضور في اللقاء وكلفتني بإعداد تقرير مفصل في الموضوع. وأعتقد أن ما سأسرده يكفي ليبين أن ما لم يقل أعظم. ولا أحد يشك في كون «شبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية» بالمحمدية ستستخرج منتوجا قيما من الآراء والتوصيات تفيد كموضوع كان شغل المغاربة منذ قديم الزمان، لأن اللقاء خلاصاته «يمثل بالنسبة الينا كنسيج جمعوي، أفقا واعدا لتوطيد البناء الديموقراطي وتحديث المؤسسات ونقلة نوعية مأمولة في اتجاه القطع مع الاختلال الذي ميز تجاربنا السابقة في مجال تدبير الشأن العام المحلي حيث طبعت السياسات المجالية بطابع ارتجالي، وساد الهاجس الأمني والتحكم في الخريطة الانتخابية والسياسية في تدبير الأزمات الاجتماعية»، حسب تعبير السيد محمد سيما. وأما الشركاء المذكورون أعلاه، فننقل عن السيد محمد سيما ما قاله فيهم أيضا: «إنهم في صلب الحركة الجمعوية» معللا ذلك بأن «الجمعيات تعتبر فاعلا اجتماعيا في التنمية الديموقراطية بأبعادها السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتمتع بدورها في بناء دولة الحق والقانون، وإقرار المساواة بين النساء والرجال وحماية حقوق الإنسان، والنهوض بها كما هي متعارف عليها دوليا». وقبل ذلك أضاف السيد محمد سيما «ساهمت الحركة الجمعوية بفاعلية، إلى جانب باقي الفاعلين، في نشر مبادئ حقوق الإنسان وتوسيع مجال ممارسة الحريات الفردية والجماعية، بالإضافة إلى الحق في الوصول إلى المعلومة وتعددية الإعلام السمعي البصري، والدفاع عن المرفق العمومي... ». وبفعل جهود الحركة الجمعوية ترى بصمات الجمعيات مرسومة بوضوح «على مستوى إبداء الرأي وفتح نقاش عمومي في قضايا مهيكلة: قوانين الحريات العامة، الدستور، الميثاق الجماعي، مراقبة الانتخابات، مدونة الأسرة والعدالة الانتقالية»: وخلص السيد محمد سيما إلى أن «هذا التفاعل الذي ظلت تبديه الحركة الجمعوية مع القضايا التي تطرح في الفضاء العمومي»، هو الذي جعل في الغالب «موضوع الجهوية الموسعة» يطرح في الوقت الحاضر على بساط النقاش في بلادنا. بالنسبة إلينا كنسيج جمعوي مسألة ذات أهمية بالغة، وأن هذا الدور الذي قامت به الجمعيات «أضحى معترفا به» إذ ظلت فاعلا أساسيا «في مسلسل التنمية الديموقراطية» الذي يحوي موضوع الجهوية الموسعة. ويظهر أن الحديث عن الشركاء طويل لكن السيد محمد سيما اختصره ربحا للوقت، لأن اللقاء انطلق متأخرا عن موعده بفعل توصل اللجنة التنظيمية باعتذار ثلة من الأطر بأعذار مقبولة لقيامها عن مرض أو إكراه مانع من الحضور. وحسبنا أن في متن الأرضية مزيد من الحديث عن منظور الحركة الجمعوية من الجهوية المتقدمة، أو ما يستوجب اتخاذه منظور كأن تكون الجهوية «قائمة على أساس مقاربة جديدة تجعل منها إطارا لإعادة توزيع جديد للثروات والسلط، وآلية لإعطاء الدينامية المطلوبة إلى الحياة السياسية، واستعادت ثقة المواطنين في الشأن المحلي وفي الحياة السياسية بشكل عام، ومنطلقا لتشجيع انبثاق نخب محلية جديدة ومواطنة...، وإمكانية لضمان مشاركة فعالة للنسيج الجمعوي..في النقاش الجاري حول الجهوية، وفي تحديد المسار الذي ينبغي أن تتخذه هذه التجربة» وأيضا، وذلك هو قطب الرحى «في إبداء الرأي في السياسات الجهوية وتحديد معالمها». ولماذا أريد من اللقاء أن يكون وطنيا؟ أريد له ذلك ليتخذ طابعا تعبويا تحسيسيا استجابة للحاجة إلى إشراك الحركة الجمعوية في هذا الشأن لأنها أصبحت «مكونا اساسيا من مكونات النسيج الجمعوي المغربي، وأضحى دورها أساسيا في مسلسل التنمية الديموقراطية»، كما ورد في الأرضية، ولأن فكرة إشراكها «في قضايا الشأن المحلي حاضرة في النقاشات التي صاحبت التجارب السابقة في اللامركزية، وإن كانت تلك النقاشات قد أدت إلى اعتماد بعض الصيغ في هذا المجال، فإنها ظلت إما صيغ عامة وغير دقيقة، أو لا يتم تفعيلها على أرض الواقع».
وماهي أهداف المشروع الجهوي المنتظر؟ أو بالأحرى، ما هو منظور الجمعيات للمشروع الجهوي في الحال؟ ولماذا الإعادة في طريقة التفكير؟
يروم منظور الجمعيات للمشروع المذكور حسب ما هو مضمن في الأرضية «تصحيح الفهم السائد لطبيعة العلاقة بين المنتخبين والمجتمع المدني، بحيث لا يجب أن ينظر للديموقراطية التشاركية كبديل عن الديموقراطية التمثيلية بل قيمة مضافة ومكملة لها»، ويتم ذلك باستلهام «التراكمات التي حصلت في مجال إعداد مخططات التنمية الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار تنوع مجالات اشتغال الجمعيات...»، وقد تعتمد «آليات للتواصل مع الجمعيات عبر وضع خلايا الاستقبال والإعلام على المستوى المحلي والجهوي...»، وقد يوضع «إطار مرجعي وأشكال للشراكة تأخذ بعين الاعتبار مبدأ التعاون بين الجمعيات والمجالس الجهوية»، وستكون النتيجة «اعتماد مبدأ مشاركة الجمعيات في قضايا الشأن المحلي والجهوي، إن على مستوى تحديد الاختيارات، أو على مستوى المتابعة والتقويم والمراقبة» والذي يحل محل «الوظيفة الاستشارية المعترف بها للجمعيات في بعض أشكال التدبير الجماعي وتجاوزه إن حسن الانتباه إلى بعض الإمكانيات التي تتيحها التجارب الدولية في هذا المجال». ذلك ما لم يذكر في الافتتاح لضيق الوقت. ولاستغلال الزمان وإعطاء اللقاء الوطني طابع المعتكف، أعطيت الكلمة للدكتور محمد زين الدين، فقرأ في مسار تطور نماذج المجال الترابي الحالية في المغرب، ضمن مداخلة ذات شأن كبير، مركزا على المحاور من ذلك «نشأة الجهوية وتطورها» التي قربها إلى الحاضرين بقليل من التعاريف.
فالجهوية «من المفاهيم الحديثة التي يعود ظهورها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر»، ويرتبط «بنشأة الديموقراطية المحلية في الأنظمة الليبرالية». إنه مفهوم «لا تعتريه تعريف دقيقة ومحددة». وحاول السيد محمد زين الدين أن يعرفها وفق التجربة المغربية بما هي «مجموعة ترابية منسجمة مجاليا...». ونبه إلى وجوب التمييز بين الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي. فالجهوية «تعني احتفاظ السلطة المركزية بصلاحيات واسعة على حساب الأقاليم، والحكم الذاتي يعني تمتيع الأقاليم بصلاحيات واسعة على مستوى اتخاذ القرار وعلى مستوى إقامة مؤسسات إدارية منتخبة بشكل ديموقراطي من خلال وضع ترسيم قانوني مؤسساتي»
ويأتي المحور الثاني من خلال السيد محمد زين الدين ليبين «الترسيم القانوني والمؤسساتي»، وذلك بخلق «مؤسسات محلية منتخبة، وبلورة ميزانيات محلية تخضع للمراقبة وخلق روابط مؤسساتية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الجهوي للحسابات، ووضع مخططات جهوية، وإقامة علاقات تعبر الحدود الوطنية من خلال عقد شراكات.
لكن «هل هناك شكل نموذجي واحد وموحد في تطبيق الجهوية» ذلك ما أجيب عليه في المحور الثالث بالنفي لأن تطبيق الجهوية« يختلف باختلاف المعطيات الحضارية والاقتصادية لكل أمة»، ذلك أن النظام المعمول به في إيطاليا يوضح السيد محمد زين الدين ليس هم النظام المعمول به في ألمانيا وقس هذا الاختلاف على نماذج أخرى لبيان أن لا شكل واحد وموحد في تطبيق الجهوية وهو الجواب الحقيقي لذلك السؤال المركزي الذي اختير عنوانا للمحور الثاني.
وماهي القواسم المشتركة لتبني الجهوية المتقدمة؟
جوابه أنه «لما كانت الأقاليم لا تواكب التطور الاقتصادي ومتطلبات الأعمال التنموية على الصعيد الجهوي مادامت المشاكل التي يطرحها إعداد التراب الوطني تفوق حجم هذه الأقاليم» بدأت الجهوية يبرز كحل يروم «تجاوز الدور الكلاسيكي للمؤسسات الإدارية المحلية»، ويرافق السعي المشترك لتقليص الفوارق الاجتماعية ». وبعبارة أخرى، كان تبني الجهوية بعد أن اصبح الدور الكلاسيكي للمؤسسات الإدارية المحلية متجاوزا.
وأما المحور الرابع من مداخلة السيد محمد زين الدين فيدور حول «الجهوية بين المدلول الإداري والمدلول السياسي» ليميز بين المصطلح Régionalisation الذي يحيلنا على جهة «إدارية تحيلنا هي الأخرى إلى وجود وحدة جهوية معينة تتميز بانسجامها وتخويلها التدابير القانونية» وRégionalisme بما هو مدلول سياسي للجهة.
المحور الخامس يدور حول محددات التقطيع الإداري الجهوي. فالجهوية تتحدد «تبعا لتقسيم جهوي يراعى فيه اعتبارات اقتصادية وإدارية وسياسية واجتماعية وتاريخية وثقافية. وأشار السيد محمد زين الدين إلى وجوب «استحضار المقياس الجمعي وليس الكمي في التقسيم الجهوي على اعتبار أن الجهة تتطلب وجد مجال محدد يحقق الانسجام والتوازن والتضامن والتكامل بين عدة وحدات ترابية وإدارية » ذلك أن ضعف الإمكانيات بمنطقة ما يحول دون تمتيعها بإحداث جهة بها.
ولئن فشل الدكتور محمد زين الدين في تقديم كل محاور المداخلة لضيق الوقت، فإنه توفق في التوسع في بعض المواقف التي برزت في أرضية اليوم الدراسي والمدرجة في النقطة الثانية بعد الديباجة والمعنونة بأسس الجهوية المنتظرة «تقوية مسار اللامركزية»، كأن «تهدف –تلك المواقف- إلى الانتقال من تقاليد المركزية والبناء الهرمي للدولة، إلى تصور جديد يقوم على أساس توزيع أفقي للسلط والصلاحيات والموارد، ويضمن تنمية عادلة ومشاركة حقيقية للمواطنين والمواطنات». ووردت في الأرضية كأساس للجهوية و «ما تطرحه من إعادة توزيع على أساس فكرة التضامن، وإعادة تنسيق بين القطاعي والمحلي» حيث يخال الدكتور محمد زين الدين أنه من الصعب إحداث جهة بلا موارد.
ومن المداخلات المدرجة في الافتتاح «ما مدى استجابة نموذج الجهوية المقترحة لتطلعات الحركة الشبابية بالمغرب؟». تناولت منها الأستاذة زهرة وردي عن اتحاد العمل النسائي انتظار الحركة النسائية من الجهوية مستحضرة بعض التجارب، بعد أن أشارت إلى أن مشروع الجهوية المتقدمة «نقلة نوعية في مسارنا السياسي»، يمكن من «الانتقال نحو حديث اجتماعي وإداري للمغرب»، والذي يكمن في «دعم الديموقراطية التمثيلية وتقوية الشراكة مع المجتمع المدني». واستدركت الأستاذة زهرة بالقول: «إن هذا المسار يتطلب توفير شروط موضوعاتية ومزيد من الشفافية والنزاهة في الانتخابات، وتشجيع ولوج النساء إلى الوظائف». صحيح أن المشروع يستحضر «حركة النساء مستندا في ذلك إلى التراكم الذي حققته النساء»، لكن الدولة «مدعوة لمحاربة التمييز في السياسات العمومية عن مواجهة هذه الاختلالات». وحسبت السيدة زهرة الجهة إطارا لمعالجة هذه الاختلالات التي باتت المناطق النائية من المغرب ضحية لها. وكل المؤشرات تزكي النقص المهول في البنية التحتية وتبين ارتفاع حجم العنف اتجاه النساء. وأما التمييز بين الجنسين فلا يزال قائما. وعادت السيدة زهرة إلى الوقوف عند مكتسبات الحركة النسائية والتي تتجلى في التقدم في تحقيق المساواة بين النساء والرجال وجندرة الميزانية والتمكين السياسي لهن. ولقد أجبرت الدولة والأحزاب السياسية على قليل من المراجعة واتخاذ تدابير أساسية في شأن المطالب النسائية باعتبار المساواة بين الجنسين حقا من حقوق الإنسان. وأما السيد ياسين إيصبويا المنسق العام للمنتدى المتوسطي للشباب فقد وفق عند التغيرات التي حصلت مؤخرا والتي حملها دستور 2011 وهي «مشاركة الشباب من خلال التنظيمات البديلة أو الحركات الاجتماعية»، و«كما يعلم الجميع ان السياق الحالي الذي استصحبه الدستور وخاصة الفصل 33والفصل 170 منه» إيجابي لكن بعد تنزيل الفصل 33 والوقوف عند مدى انعكاسه على وضع الشباب، وضمن ذات السياق تقرير الجهوية المتقدمة الذي تعرض لعدة انتقادات، وهناك الحراك الشبابي الذي يشهده المغرب، وغياب سياسة وطنية مندمجة.
وبعد عرضه السياق العام طفق يفصل القول في المأسسة. فبعد الحراك الشبابي والمرافعات المصاحبة له «حصلنا على الفصل 33 الذي يعزز مشاركة الشباب في العمل السياسي» وربط بالمأسسة المجالس المحلية للشباب، ووقف بالإشارة إلى أن هناك نوعا من الشراكات إن بين الجماعات المحلية والدولة ونوعا من الشراكات المتولدة بفعل استغلال فصول الميثاق لجماعي حيث تشكلت لجان تتيح مشاركة الشباب فيها رغم غياب نص قانوني يعزز مكانه هذه اللجان. وأشار كذلك إلى ضرورة مأسسة المجالس المحلية للشباب على المستوى الجهوي وتخصيص لها فضاءات لائقة ودعمها. وأشار كذلك إلى التحديات الاجتماعية التي تعاني منها معظم الشرائح الاجتماعية ووجوب التنصيص عليها في القوانين. وعاد إلى تقرير الجهوية لينتقد فيه ويميز غياب مشاركة الشباب والنقاش الوطني حول الجهوية المتقدمة. وماذا ينتظر الشباب منها. وخلص إلى أن حضور البعد الأمني في الجهوية المتقدمة المنظورة قد يتقدم على البعد الاقتصادي واستشهد بجهة وجدة فجيج التي خصت للحضور الكثيف للأمن. ذلك ما يود السيد ياسين تقاسمه حسب تعبيره.
أدى إعادة تنظيم البرنامج أيضا إلى إدراج مداخلة السيد محمد المسكي وهي مداخلة تأطيرية اعدها الأستاذ للورشة ولما طُلب منه تقديمها ود أن يزاوج بين التأطير والمدخل العام. تخص مداخلة السيد محمد المسكي النخب بما «هي مجموعة من الأفراد تمارس القيادة في المجال السياسي والديني والثقافي، إذ يجب التمييز بين النخب الحاكمة وغير الحاكمة». وبعد التعريف تطرق إلى أنه لم يجد بدا من «الإشارة إلى نظرية النخب جاءت لتضرب نظرية الطبقات التي تنسب لكارل ماركس، فالماركسية تركز على البعد الاقتصادي لتفسير السياسة عكس نظرية النخب». وأضاف أن نظرية الحوليات التي ظهرت سنة 1930ميزت نظرية النخب وانتقدتها. وبين الأستاذ محمد المسكي أن هناك مناهج وظفتها نظرية النخب منها المنهج البنيوي الذي بواسطة توظيفه وجود خاصيات مشتركة داخل النخب، ومنها المنهج الوظيفي.
وبعد المدخل النظري أشار إلى أن أطروحات حول النخب المغربية بدأت تبرز ابتداء من الستينات من القرن الماضي، منها أطروحات تتأسس على النظرية الانقسامية وهي التي خلصت إلى أن القبائل تنعكس على الأحزاب، وفوق ذلك فالأحزاب قبائل. وانتقدت هذه الأطروحة من لدن الأستاذ عبد الله العروي الذي تحدث عن النخب، ولم يتمكن السيد محمد المسكي من إنهاء مداخلته بفعل الوقت.
أدى تعديل البرنامج أيضا إلى استدعاء عبد الجليل الشرقاوي منسق الشبكة الإفريقية للاقتصاد الاجتماعي التضامني إلى المنصة. أشار إلى أن مداخلته ستكون قصيرة، «أريد ان أطرح مجموعة من التساؤلات، فالجهوية ليست في حد ذاتها هدفا، فالهدف تنمية الإنسان إنه الهم الكبير الذي يجب إحضاره، هناك أوراش إفريقية لتنزيل الجهوية لكن الإنسان غائب وأوصى السيد عبد الجليل الشرقاوي بتوجيه الأوراش إلى فتح مجال للتفكير في إدماج الإنسان في الجهوية. وأضاف أن هناك «دولا متقدمة في هذا المجال مثل البرازيل وبعض دول أمريكا الاتينية. لأن السياسات تمحورت حول الإنسان، فكان حل معضلة إدماج الشباب لائقا»، باعتماد ديموقراطية اقتصادية تخدم الإنسان.
إن تصميم الجهة لا يسلم ما لم يستحضر المجال ( التراب والمناخ)، والحكامة التي تعالج من خلال مقاييس في حال توافر مكان المجتمع المدني في فضاء الاستشارة. وختم بالقول «إني أريد طرح مجموعة من الأسئلة للإجابة عنها في ورشات».
وفي إطار تعديل البرنامج دعي كذلك السيد عبد الجبار عراش، وأفصح أن مداخلته ستبدأ من حيث انتهى الأستاذ عبد الجليل الشرقاوي، إذ لا بد من أن نؤسس للنقاش على حد تعبيره. وبعد أن قطع مع مع صفات الجهوية (واسعة، وموسعة، ومتقدمة) وبين أنها مرادفات لمسمى واحد، أو على الأقل ترد جلها في الخطاب الرسمي، ذكر بعنوان مداخلته «الجهوية ومقتضيات الدستور». وقال إن هناك ثلاث مستويات منتظمة، الجانب المفاهيمي، والمستوى التقريري، والمستوى الدستوري. وهناك مقاربتان، التشخيصية والاستراتيجية.
لما أبرز السيد عبد الجبار مجال الممارسة تساءل، كيف يفسر –هذا- الاهتمام بالجهوية؟ فالجهوية مفهوم حاضر بقوة مستعار من حقل الجغرافيا في العقود الأخيرة من القرن العشرين. ونبه إلى تغيرات سياسية وإدارية تتجلى في استفحال مركزية مفرطة، وما ترتب عنها من اختلال. وفوق ذلك هناك تغير على المستوى القيمي إلى جانب تغيرات اجتماعية سوسيومجالية.
واحتفظ السيد عبد الجبار بتصميم الجهة كما رسمه السيد عبد الجليل الشرقاوي، وهو تصميم يحوي ثلاث حقوق،الإنسان، والمجال، والحكامة أو بالأحرى الدولة. ويخال السيد عبد الجبار مجال الممارسة والتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية مدخلا ضروريا يقدم المراد بيانه. انتقل بعد ذلك إلى المفاهيم فركز على اللامركزية بالقول، إن اللامركزية السياسية أعلى درجات اللامركزية التي تفيد واجبات عامة ومسؤوليات تتحول إلى مستوى أقل. لذلك نصادف جهات اقتصادية وجهات إدارية، وجهات سياسية المنصوص عليها في الحكم الذاتي (le régionalisme) أو المد الجهوي بما هو سياسة عمومية. وأما الحكامة فمفهوم استصحبته الجهوية وهي تقوم في نظر السيد عبد الجبار على مرتكزات كالقطاع الخاص والفاعلين العموميين وتساءل، كيف نضع نظاما موحدا؟ إنه من المفيد التركيز على الصلاحيات لا على التقطيع الإداري. ذلك أن هناك جهات متباينة اقتصاديا وسوسيولجيا، لذلك وجب التنبيه إلى أن هناك استثناءات مجالية أو بمعتى آخر، لا بد من التفكير في خلق مجالات ذات أولويات. وتساءل بصدد تقرير الجهوية المتقدمة، كيف سيكون تقرير الجهوية المتقدمة لو صدر بعد صدور الدستور؟ فالتقرير لا يرقى إلى مستوى المبادئ التي جرى التحسيس لها، وقد يستفاد من شروحات السيد عبد الجبار عراش أن تقرير الجهوية المتقدمة الذي صدر في مارس 2011 متجاوز. ذلك أن الدستور يركز على مشروع اجتماعي ومشروع دولة مما يحتم اعتماد مقاربة تدريجية. والجهوية نمط من التدبير المتقدم لكنه أدنى من الحكم الذاتي. ويستقيم المشروع بترسيخ الديموقراطية في خمس مستويات، التمثيلية والتشاركية والتدبيرية والمجالية، وذلك هو هدف الديموقراطية، والمغرب في طور تحول سياسي.
وأما النقطة المتعلقة بالجهوية والدستور، فقد رأى السيد عبد الجبار أن ورود أحد عشر فصلا حول التراب نقلة نوعية. فالتنظيم الترابي للملكة يقوم على جهوية متقدمة وأن الباب التاسع يركز على الجهات. وأشار إلى أنه من اللازم توضيح الاختصاص، لاسيما وأن بعضها يوزع بين الرباط والجهات، ولأن المشروع مرتبطا بالصلاحيات، فلا تمكين تتمتع به الجهات بدون «تدقيق الاختصاصات ودون تحديد الموارد المالية والتبشرية». وختاما فاعتماد الحكامة فعالياتها وراهنيتها رهين بوضوح إرادة الدولة الفعلية لا النصية.
ذلك معظم ما التقطته الأذن من جلسة الافتتاح التي سقطت منها مداخلتان، «نموذج الجهوية المقترحة، الرؤية والأسس التي بنيت عليها» للأستاذ طارق أثلاثي أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني، المحمدية، و«إلى أي حد يجيب النموذج المقترح للجهوية لمتطلبات التنمية الديموقراطية ورهاناتها المنشودة؟» للأستاذ أحمد عصيد، أستاذ جامعي، وناشط حقوقي.
فتح باب النقاش قبل إخلاء المدرج المحتضن للجلس الافتتاحية. وكما هو حال العروض المقدمة في منصة الافتتاح فإن الوقت لم يمكن المتدخلين من التعبير عما يخالجهم تجاه إشكال الحكامة الترابية، وعددهم 25 متدخلا. ولأن ثلة منهم ودوا تقديمها كتابة للأخت المقررة عزيزة برادة التي عوضت المقرر المقترح في البرنامج السيد يوسف العرج، الذي غاب هو أيضا عن الحضور لسبب لم يُفصح عنهن فإن الأذن لن تلتقط ما لم يصدع به في القاعة بواسطة لاقط الصوت.
من بين الخلاصات التي المستخلصة من النقاش أن الجهوية ليست هدفا في ذاتها ولكنها غاية للتمرين على الديموقراطية، ولقد كان أولى بالمنظمين والمتدخلين استحضار التمثلات الاجتماعية بما هي أسس ممتينة للجهوية المتقدمة. وإذا كنا «نشتغل في ظل ما يجري على المستوى الإقليمي والجهوي، فما المانع من من استحضار ما التزمت به الدولة بصدد الأمازيغية، والجهوية ذاتها، وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة (IER)؟»، وهي التزامات تفيدنا في المشروع. ولا حظ أحدهم «أن العرائض الشعبية لم تفعل، ولا مشاركة للشباب ولا النساء في التقطيع الترابي». لكن ما يسجل من الإيجابيات، مستدركا أحد المتدخلين، أن الكل مخلص لمنطقته (محبا لوطنه). وكل الانتظارات لا تتحقق بالمقابل، ما يلمس الجواب على السؤال الجوهري التالي، «هل هناك إرادة حقيقية للسير» نحو مغرب تشاركي؟» السؤال الذي طرحه أحدهم على المتدخلين. وهل نرغب في جهوية متقدمة لتحقيق تنمية مستديمة؟ أم أن الهاجس الأمني بات يطغى على قراراتنا السياسية؟ ولماذا لم يهتد منظمي اللقاء إلى دعوة أحد أعضاء المجلس الاقتصادي؟ ولماذا لا نفكر في مبادرة ترمي إلى تتبع المجلس الاقتصادي لهذا المسلسل (processus)؟ وكيف نحصل على تقطيع ديموقراطي؟ وهل ستبرز مكانة المرأة؟
تلك هي معظم الأسئلة والملاحظات الموجهة إلى المنصة. ولقد تبين من خلالها حسب تعقيب السيد عبد الجبار عراش، أن هناك اهتماما مبالغا فيه بالتقطيع الترابي علما أنه ليس من الأولويات، ولم يكن أكثر أهمية من اقتسام السلطة بين المركز والمحيط. وإذا كان ذلك مرادا أساسيا من الجهوية المتقدمة، فلا مؤشرات علمية تفيدنا في معرفة مدى استعداد الدولة لاقتسام السلطة. كل ما هنالك أن الهاجس الأمني حاضر ويطغى على كل مشروع أو مبادرة، ويكفي الاستشهاد بنموذج الريف الكبير وما يتوافر عليه من شروط التجانس (علما أن تقرير الجهوية المتقدمة كان استحضر شرط التجانس أساسا للتقطيع الترابي). وفي تعقيب السيد محمد زين الدين تذكير بأن الجهوية مشروع استراتيجي للمغرب، وخيار ديموقراطي يقوم على التدبير التشاركي والتدبير الحر (على سبيل الافتراض، ولأن كل الانتظارات تندرج ضمن الفرضيات أو في أحسن الأحوال يعد وجودها وجودا بالقوة لا الفعل)، فالتخوف مشروع. وفوق ذلك لا جهوية بدون مخاطر. وذكر، ما سلفت إليه الإشارة، أن لا يجب الخلط بين الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي، فهذا الأخير أرقى أشكال اللامركزية.
وليس هناك أي جواب أو تعقيب حول مكان المرأة في الجهوية لمغادرة السيدة زهرة الوردي المدرج للتعذر. وحسبنا أن المرأة حاضرة في أرضية اللقاء ضمن النقطة المخصصة لأسس الجهوية (النقطة الثالثة)، حيث وصفت أهمية المشاركة النسائية كأن «تكون مناسبة لإعادة طرح قضية المساواة بين النساء والرجال، ليس فقط على مستوى المهام والبرامج الجديدة التي ستنبثق عن الجهوية، وإنما أيضا على مستوى المساواة الاقتصادية والاجتماعية»، وفوق ذلك فعرض السيدة زهرة الوردي واضح الغايات.
وأما الأمازيغية فغاب الرد عنها، ولو حضر الأستاذ أحمد عصيد لكان خيرا ومفيدا. وأما توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، فقد غاب الرد عنها، وحتى ما أشير في الأرضية عن المقاربة الحقوقية «من خلال التنصيص على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على المواثيق الداخلية، وإقرار المساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنع كافة أشكال التمييز، وإعادة الاعتبار للغة الأمازيغية، والالتفات إلى كل ما هو متنور في الموروث الحضاري المحلي»، غير كاف لبيان المراد وبلوغ الشأو. وفي جميع الأحوال فالافتتاح حقق مراد اللقاء، ورسم مجال الممارسة، وأحاط بجل الجوانب، وكان في مستوى طموح المنظمين، وعكس سلامة قصدهم، وعدالة قضية شبكة الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بمدينة المحمدية.
الشق الثاني من الندوة برزت خلاصاته في ما سمع من التقارير في الجلسة الختامية التي ترأسها الأستاذ كمال لحبيب.
بداية نودي إلى تلاوة تقرير الورشتين المدمجتين في ورشة واحدة الأخت نبيلة التبر. أفصحت عن ذلك الإدماج، وطفقت تسرد خلاصاتهما. فالورشتان المدمجتان الإصلاح الجبائي والمسألة المالية. كانت الورشة الأولى، وهي في الواقع الورشة الثالثة كما سطر في البرنامج، تحت عنوان « الجهوية وأسئلة النظام الجبائي»، وهو في صيغة استفهام غير استنكاري، وتأطرت بعرض السيد نجيب أقصبي . قالت الأخت نبيلة، إن السيد نجيب أقصبي قدم من الشروح حول النظام الجبائي ما يكفي مركزا على الموارد الجبائية المحلية، وسطر بقليل من التركيز على أن للإدارة السياسية انعكاسا على المشروع الجبائي. ومن التوصيات التي استخلصتها المقررة ضرورة العمل على إعادة النظر في القانون الجبائي، ليأخذ مضمونه وسلامته من الاستقلالية، والعمل بالقانون الجبائي للتضامن بين الجهات، ووجوب خلق ثروات الجهات دون انتظار المركز لتوزيع الجبايات. ووصى المشاركون في الورشة التي رصدتها الأخت نبيلة بإحداث ضريبة جديدة على الثروات الكبرى، سموها ضريبة خاصة تفرض على الأعيان. واستحسن المشاركون في الورشة لا مركزة الإدارة الجهوية، وإعادة توزيعه الجبايات بتوظيف مرافعات المجتمع المدني كوسيلة لبلوغ القصد. ومما برز من التوصيات إعادة توزيع الجبايات، وتحقيق اقتصاد تضامني ينهج مقاربة حقوقية، ورفع ضريبة على الدخل والضريبة على الشركات يستحسن أن تفوق نسبة 5 في المئة، لأن النسبة 5 في المئة غير كافية.
وحضرت الجندرة أو بالأحرى مقاربة النوع في التوزيع الجبائي ضمن التوصيات ومحاربة الرشوة على المستوى المحلي والجهوي، والعمل على هندسة القدرات المحلية لإنجاز مشاريع تنموية تستجيب لحاجات الجهة، واعتماد تجربة رائدة expérience pionnière وتعميمها على جميع الجهات، ورأسمالة جميع التقارير التي توصي بالتعويض عن الأضرار من ذلك تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة. وباختصار «فمرافعتنا يجب أن تتأسس على الموضوعاتية، والإكراهات الكائنة في الجهة». الورشة الثانية تدور حول «المنظمات المدنية، والهيئات الحقوقية والإعلامية ورهان الديموقراطية التشاركية»، وكان مقررها الأستاذ محمد سمهاوي عضو اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لجهة الدار البيضاء- سطات، لكن تعديلا حصل فكان السيد عبد اللطيف قاسم مقررها. ولم يحتفظ السيد عبد الحكيم الشافعي بدوره كمسير الورشة كما هو مسطر في البرنامج بل أضحى متدخلا يعوض الأستاذ مصطفى العراقي، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مداخلة تحت عنوان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل الجهوية المنشودة». ولأني حضرت في الورشة فلن أعتمد ما سمعته في الجلسة الختامية لما نودي على السيد المقرر ليتلو ما سجله بل سأنقل وقائع الورشة.
اختير السيد الحسين أوسقل مسيرا الورشة لما أسند للسيد عبد الحكيم الشافعي دور آخر فودى أن يعطي الكلمة للسيد محمد العوني إعلامي وناشط جمعوي ليتحدث في محور «دور الإعلام العمومي في ظل الجهوية بالمغرب». «سأضطر للمغادرة بعد قليل لأني مدعو لحضور الحفل التأبيني لأحدى الصحفيات ولأن حضوري ضروري» بهده العبارة المؤسفة انتقل السيد محمد العوني إلى الموضوع وأشار أنهى عدل عنوان مداخلته فكان «تفاعل الجهوية والإعلام».
إن «جدل تطوير الإعلام للجهوية وتطوير الجهوية للإعلام جدل كبير يصعب الحسم فيه ما دام التقدم يصنع بعضه البعض». ولا غرو، فمجال الجهوية نفسه «فضاء لصناعة الديموقراطية التشاركية والتمثيلية». والجهوية «لا تنشأ بدون إعلام جهوي لأنها – الجهوية- أكثر من وعاء وإطار. والإعلام الجهوي أداة وسلاح». ولما توفق السيد محمد العوني من تركيب إشكالية الجهوية والإعلام، أو بالأحرى بيانها بما هي مركبة في الواقع، ومعطى يستدعي التعامل معه من الجانب السانكروني، انتقل السيد محمد العوني إلى النظر إلى الإعلام المغربي وضمنه الإعلام الجهوي من الجانب الدياكروني. قال: «انطلقت الصحافة المكتوبة جهوية، وهناك تجارب ومغامرات لتجارب جهوية استمرت لعقود...وهناك جريدة حي يعقوب المنصور بالرباط... عشرات العناوين... لكن القليل منها توفق في الصمود»، وتلك بيت القصيد.
وعن الإعلام المسموع أشار السيد العوني إلى بعض التجارب. فهناك إحدى عشرة إذاعة بالمغرب ذات طابع جهوي منها التي برزت بشكل ملفت للانتباه كإذاعة طنجة ومنها التي برزت في فترة من الزمان كإذاعتي الدار البيضاء، ومن الإذاعات ما اخترقت محيطها وعلا نجمها وسطع بجهتها كإذاعة فاس. وللإذاعات الجهوية فترات الصعود والتمام وفترات النزول والنقص، وأشار السيد محمد العوني إلى أن آخر إذاعة في لائحة الإذاعات الجهوية إذاعة الحسيمة.
بعد السرد الدياكروني لتطور الإعلام السمعي والمكتوب بالمغرب، انتقل السيد محمد العوني إلى مقارنة التجربة المغربية ببعض التجارب مهد بها إلى الإشارة إلى ضرورة توزيع الإعلام بما هو ظاهرة جغرافية على المجال فأشار إلى أن للمغرب خصائصه تقدر بثلاثين إذاعة جهوية تفتقر لها بعض المناطق، تازة، بني ملال، لخميسات، الرشيدية، فيجيج، ورزازات، زاكورة.... وسطر أن منح الرخص الإذاعية يجب أن يحويه قرار التوازن لإنعاش الإعلام وهنا يظهر البعد الجغرافي تحليل السيد محمد العوني للإعلام. وحسبنا أن «هناك تخمة الخبر في مناطق معينة وخصائصه مخيفة في مناطق أخرى. فالتوزيع الإعلامي لم يراع المناطق التي تشكو خصاصة».
إن ما يضعف الإعلام الجهوي غياب مشروع متكامل لذلك الإعلام، واستفحال مركزية وتمركز خانقين في المغرب ويتأثر الاعلام باليد «الحديدية القوية» التي تتمثل في التضييق على حرية التعبير. فالإعلام «لا يعيش بجرعات الواجهة، فكلما غابت شروط الديموقراطية الحقة يجد الإعلام نفسه بدون إمكانيات. فما علاقة عامل الإقليم أو ولي الجهة بالإعلام؟ ويظهر أن هناك نقصا في فهم دور الإعلام، «إنهم لا يعتبرون الإعلام أداة للتغيير والتطوير». واستشهد السيد محمد العوني بأن إطلاق جريدة إليكترونية في المغرب لا يخلو من مخاطر. ذلك أن موقعا إليكترونيا بمنطقة «بوذنيب» نقل خبر اغتصاب طفلة فانجر عنه تضييق الخناق على اللجنة الإليكترونية. واستشهد كذلك بإقدام الإعلام الجهوي على استقطاب ثلة من الشباب المعطلين الذين اندفعوا وانخرطوا فيه بغية ضمان العيش. لكن التجارب دخلت في حلقات مفرغة لأن بعض الجرائد نزعت نحو الربح في ظل النقص المهول للإشهار. وإن كثيرا من الجرائد سقطت في دوامة اللوبيات الصغيرة بما هي عصابات سياسية، وطالما أضحت الجريدة أداة لتشويه سمعة الإعلام يدل أداة لتطويره. وأضاف أن القنوات السياسية لا يمكن أن تعيش بدون إشهار، والاشهار في المغرب محتكر، إذ يمكن للمشهرين أن يقتلوا وسيلة إعلام إن رغبوا في ذلك. وباختصار فالمحيط حاسم في إضعاف الإعلام وتقويته وهو المحدد والمتحكم في سلامة الإعلام.
وللأسف فقد أضاع المغرب فرصا متعددة وتجارب يمكن أن تطور الإعلام المحلي. ولم يرق إلى مستوى الدول المجاورة. واستشهد بإسبانيا التي تملك إعلاما جهويا حقيقيا وفرنسا ذات نسبة مرتفعة من الإعلام الجهوي 70 في المئة وفي أفريقيا جنوب الصحراء تجارب متطورة في الإعلام السمعي.
فما العمل إذن؟
يجب تطوير رصيد الإعلام المحلي وإغنائه وجعله نقطة انطلاق لإعلام جهوي. وحسب السيد محمد العوني ان ذلك يحتاج إلى ثلاثة عناصر، الإرادة السياسية والاختيار السياسي الواضحين، والديموقراطية بين الجهات وبين الأجيال لخلق إعلام محلي، وتحرير فعلي للإعلام كقطاع وكصورة ومجال. لا يمكن أن يعيش الإعلام كما سلفت إليه الإشارة إلا كإعلام ديموقراطي، وإنه من المفيد المطالبة باستقلالية هذه السلطة بما هي فضاء للتشارك وذات وظائف أخرى، ومن الضروري وضع تصور كامل للإعلام في قاطرة الديموقراطية والاستثمار في هذا المجال في المناطق وتوزيعه بشكل متكافئ في المجال.
أعطى السيد الحسين أوسقل ثلاث مداخلات للقاعة:
- المداخلة الأولى كلها أسئلة موجهة للسيد محمد العوني. هل للإعلام الاليكتروني دعم؟ بما أنكم على دراية بميدان الصحافة الإليكترونية هل يجري الآن إعداد قانون لها؟ وهل هذا القانون مفكر فيه؟ هناك قوانين تستصحبها الجهوية من بينها قانون الإعلام السمعي الإليكتروني. ما مساره في علاقته بالإعلام الجهوي؟ ألا ترون أن الصحافة الإليكترونية بديلا للصحافة المكتوبة؟ طرحت عليكم هذا السؤال وفي دهني حالة مدينة الناظور المشهورة بالمواقع الإليكترونية. بل إن أناسا هناك متخصصين في هذا المجال، وإني أخاف على الجرائد المحلية أن تزول.
- المداخلة الثانية عبارة عن أسئلة رأى طارحها أن تكون موجهة للقاعة. ما هو الحجم الحقيقي للإعلام الجهوي، وما هو الدور الذي يقوم به؟ وما مدى تأثير الإعلام الجهوي على قرارات الجهة؟ هل الإعلام يؤثر على المجالس؟ وإذا كان الجواب بالإثبات فما حصيلة إذن؟ هل لدينا ثقافة جهوية؟ طرحت هذا السؤال لأني ألفيت أن جريدة جهوية تابعة لجهة مكناس تافيلالت تناقش مدينة الدار البيضاء مشاكلها. ولأن الوقت لم يمكن المتدخل الثاني من عرض ما يحمله من أسئلة واقتراحات فقد ود أن يسلمها مكتوبة للسيد المقرر.
- المداخلة الثالثة تؤسس لسؤال مفاده: «لا ينجح الإعلام الجهوي بدون إشراك وسائل الإعلام لأنه يفتح نقاشا في الموضوع. كيف نقيم دور الإعلام في مواكبة الجهوية؟» رأى السيد محمد العوني أن الجانب القانوني لا يزال عالقا وأن ثمانية قوانين مطروحة على اللجنة. «لا أعتقد أنه من الضروري إحداث قانون للصحافة الإليكترونية لأنه سيعيق عملها. وأعتقد أنه ما يجري على الجريدة الورقية قد يجري على الجريدة الإليكترونية». ويحسب السيد محمد العوني أنه «يمكن تصنيف الجرائد الإليكترونية ضمن الجرائد التي في حاجة إلى الدعم». وأضاف أنه كلما تأخر الإعلام الجهوي تتأخر المساواة بين المغاربة في الانشغالات الوطنية.
- العرض الثاني للسيد عبد الرحيم شهيد تحت عنوان (المجتمع المدني ورهانات الديموقراطية التشاركية). استهلها بتقديم إشكال حقيقي حول المفهوم. لقد باتت الديموقراطية التشاركية أكثر تداولا لكن كلنا يستعملها على هواه. ومرد ذلك إلى ان المفهوم لم يفتح فيه نقاش أكاديمي. واللافت للانتباه ان مفاجأة المتتبعين والمهتمين بالموضوع كانت عظيمة لما تبنت وثيقة الدستور المفهوم وقدمت مداخل لإدماج الديموقراطية التشاركية في المجتمع المدني، وعظمت تلك المفاجأة لما وظفت التشاركية في البرنامج الحكومي بفهم آخر، النزوع نحو التشاور. وإذا كان للمجتمع رؤية واضحة في الموضوع. فكيف يصبح له موقع في السياسات العمومية؟
يرى السيد عبد الرحيم شهيد أن الجواب عن السؤال الإشكال يقضي ملامسة خمس مداخل.
-1- ما رهانات الحركة الجمعوية في تنفيذ ترسانة قانونية؟ «أمامنا وثيقة دستورية في حاجة إلى التفعيل» يوضح السيد عبد الرحيم شهيد، وان ذلك يشكل تحديا، إذ «كيف تصبح الحركة الجمعوية شريكا في إنتاج سياسة عمومية؟ وكيف تصبح شريكا في إنتاج التشريع؟».
-2- التحدي الثاني ضمن المدخل الثاني، هناك قوانين تستغرقها الأجندة من ذلك الأمازيغية، والجهوية. يمكن استشارة المعارضة البرلمانية في أحسن الأحوال في إعداد قانون الجهوية، وفي تلك الأحوال الحسنة فالديموقراطية التمثيلية هي القائمة والديموقراطية التشاركية هي الغائبة ومن جانب آخر لا رهان على بناء مؤسسات الحكامة، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مجلس المنافسة، بما هي أجهزة مقوية للديموقراطية تصاحبها إشكالات، من ذلك إدماج جهات متعددة، ورؤية المجتمع المدني داخل هذه المؤسسة (يقصد المجلس الاقتصادي والاجتماعي). وقبل ذلك ماهي أدوار المجلس الاقتصادي والاجتماعي؟ واستشهد بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي تضم تشكيلته إحدى عشرة جمعية. وتساءل هل تقوم هذه الجمعيات بدورها كاملا. يمكن« لمؤسسات الحكامة أن تشكل طعما أو فخا للشعب، لما تتحول إلى مسالك أخرى تثير النقاش».
-3- المدخل الثالث، أي علاقة بالمجتمع المدني بعد صدور قانون المجالس الجهوية والمحلية. فانسجاما مع الوثيقة الدستورية جرى تطوير المدخل الذي يعزز الديموقراطية التمثيلية. وأما الديموقراطية التشاركية ففي أحسن الأحوال ستستطيع ملء25 في المئة، وهذا الرهان مطروح على الجمعيات المحلية.
-4- الرهان الرابع. «كلنا يدري أن الاشكال التنظيمية طاقت بمنخرطيها، الجمعيات، النقابات. وحسبنا الإشارة إلى أن سكان إيميضر يرغبون عن الانتماء إلى أي هيئة. وكل الحركات الاحتجاجية النشيطة بسبب الصراع عن الموارد الطبيعية تنتظم وفق هذا الشكل. كيف يمكن التعامل مع أصوات من نوعها فهي ليست نقابات ولا جمعيات؟»
-5- الرهان الخامس والأخير يدور حول «البناء الذاتي للحركة الجمعوية سواء على مستوى تجديد القيم وتطويرها» إذ «لابد من إنشاء قيم متفق عليها ولابد من اعتماد مرجع موحد المواثيق الدولية ذلك أن المنظومة الحقوقية هي الخيط الرابط، ما دامت الجمعيات غير مبنية مؤسساتيا. وخلص السيد عبد الرحيم شهيد أن البناء الذاتي للجمعيات يحتاج إلى تجديد النخب، وتشاءم السيد عبد الرحيم شهيد من أن الجمعيات تعرضت للاستنزاف الكثير حيث إن ثلة من أطرها التحقوا بالدولة. وإنه لتطور طبيعي وما غير طبيعي عدم تجديد النخب».
المداخلة الثالثة حول دور الإعلام العمومي في ظل الجهوية أو كيف يساهم الإعلام البديل في الديموقراطية التشاركية للأخت إيمان بونجرة، صرحت في البداية أن «هناك إجماع على ان الإعلام فقد مصداقيته لعدم إشراك المواطنين في الحكومة مما صعب عليه المساهمة في التغيير. وبعد ذلك انتقلت إلى الحديث عن أشكال الإعلام البديل وقالت إنه إعلام مستقل يهدف إلى إشراك المواطنين وتكريس سياسة القرب».
يمثل الإعلام البديل وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في الديموقراطية التشاركية حيث يعكس مصالح المواطنين ويساعد على التربية في مجال حقوق الإنسان والنهوض بالثقافة المحلية، وللإعلام قدرة في التنمية المستدامة، ذلك أن لظهور الجرائد الإليكترونية دورا في إنتاج حوار ديموقراطي حول الشأن العام. وخالت الإذاعة الجمعوية أكثر الإذاعات نجاعة لتلبية حاجات المواطنين. ولأنها تقرب بين المواطنين في جميع الأماكن. وأوصت بسماع هذه الإذاعات لأنها تمكن المواطنين من المشاركة.
المداخلة الرابعة حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في ظل الجهوية المنشودة للأستاذ عبد الحكيم الشافعي، رأى الأستاذ الشافعي أن الموضوع رهان الحركة الديموقراطية الجمعوية ورهان الحركة الديموقراطية ومدى قدرتها على تفعيل مجموعة من القيم، وهو رهان يحتل المرتبة الأولى.
والرهان الثاني يهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بالمغرب وهي في حاجة إلى تعريف. يرى الأستاذ الشافعي أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تندرج في منظومة ما بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945 المبنية على تعزيز حقوق الإنسان والنهوض بها كمدخل لتحقيق السلم العالمي.
ولقد تبين من خلال تاريخ البشرية بأن هدر الحقوق يؤدي إلى الاستبداد واجترام الناس مدخل لبناء علاقات الود والاحترام، إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جزء من منظومة حقوق الإنسان لذلك فهي تقوم على مبدأ الشمولية والكونية.
هناك مجموعة من الأدوات التي بلورتها الأمم المتحدة بعد إعلان أول وثيقة في حقوق الإنسان تربط بين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالإعلان ينص على ممارسة هذه الحقوق بدون تمييز.
ويكتسي الفصل المناهض للتمييز أهمية كبرى لأن التنمية كحق تعمل في العادة بتمييز ناتج عن الموقف السياسي. وأضاف أن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي صدقه المغرب يعطي بعدا جماعيا لحقوق الإنسان كحرية التصرف في الثروات. فهناك جهات غنية بثرواتها لكنها فقيرة لأن هناك انتهاك لهذه المادة. «سأسرد كل الحقوق علما أن حق يستوجب شرحه» ودون سرد التفاصيل الصغيرة تساءل الأستاذ عيد الحكيم الشافعي، ماهي الإجراءات لضمان التمتيع بهذا الحق...وماهي مسؤولية الدولة؟
نحن دولة فقيرة ولايمكن مقارنة مغربي بالسويدي كما تردد الجهات الرسمية، لكن لا يجب أن نناقش من الفراغ يجب أن نناقش التزامات الدولة المدعوة لاستعمال أقصى ما توفره مواردها لتحقيق هذه الحقوق المضمنة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ذلك لذلك يجب ضمان هذه الحقوق بدون تمييز يطول أيضا ما هو اقتصادي واجتماعي ولا يقتصر على ما هو مدني.إن هذه الحقوق تحيلنا على أي جهوية نريد فالجهوية التي لا ترتكز على الإنسان ستعيد إنتاج التفاوتات.
وأما المحور الثاني في مداخلة السيد عبد الحكيم الشافعي فيدور حول الدستور. فهناك قراءات مختلفة، فالجماعات «تساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة. ورؤساء مجالس الجهة ينفذون السياسة العامة للدولة. لكن إذا قارنا اختصاصات رئيس المجلس مع اختصاصات العمل نجد القانون يكرس تقدم الولي على رئيس الجهة، وأضاف أن التقسيم الجهوي يجب أن يراعي الخصوصيات الثقافية إذ لا يمكن تجريد المجال من خصوصياته.
فُتح مجال ضيق للنقاش حسب تعبير أحد المتدخلين الذي أوصى بضرورة استغلال التقريرين الرئيسيين، تقرير الخمسينية، وتقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، وهما تقريران رسما مجال الممارسة وضمن وقائع مفيدة لموضوع اللقاء الدراسي. وركز على ضرورة مراعاة الأمن القضائي ونجاعة القضاء الإداري في الجهات ذلك أن حوالي 82 في المئة من القضايا تعالج بمدينة الرباط وحدها.
وسجل بصدد حقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة توصيات تستحسن استفادة ساكنة الجهة من الخيرات، وإعطاء الأولوية لطلبة الجهة، والتوزيع المتكافئ للجامعات، واعتماد سياسة واضحة للدولة في ما يخص مسألة المساواة بين الجهات، واعتماد تقطيع تراب محكم يراعي التفاوت بين الجهات من حيث الموارد، ووجوب إبراز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الميزانية والحقوق الفئوية كحقوق الطفل. وعن الديموقراطية سجلت بعض المداخلات ضرورة توحيد مفهوم الديموقراطية التشاركية، وبعضها شككت في هذا المفهوم، والدعوة إلى فتح نقاش أكاديمي حولها، والتفكير في التنزيل الصحيح لها. واستحضرت الالتقائية في العمل الجمعوي ودعم الجمعيات المحلية العاملة عن قرب، كجمعيات الأحياء، لتهتم عن قرب بما يجري على المستوى المحلي. والكف عن تفريخ الجمعيات التي تميع العمل الجمعوي، والتفكير في إحداث جمعيات تواكب التطور، وتستوعب الجهاز المفاهيم ضمن الخطاب الحالي الذي يخاله بعضهم غير مستوعب، وغير رائج في أوساط الجماعات المحلية. والوقوف مليا عند الحماية القانونية للجمعيات. ودعوة الأحزاب السياسية إلى الانفتاح عن المجتمع المدني. ويجب على هذا الأخير أن يقود قاطرة الممانعة من أجل تحصين القيم. وبناء تصور المجتمع المدني حول الحكامة وتنزيل الآليات الجهوية للحكامة. ومن التوصيات الرئيسية التفكير في إطلاق مبادرة عن الإعلام الحر، واستحضار مسألة القيم في الإعلام، لأنه يخلق الرأي العام، ودرء الإعلام المميع.
الورشة الثالثة حول الأحزاب السياسية وسؤال النخب المحلية انطلقت بفتح نقاش حول المنهجية وطرح مجموعة من الإشكالات من ذلك تحديد المفاهيم، الفاعل السياسي، والفاعل الحزبي.. فوقف المشاركون في الورشة وعددهم 34 على مؤشرات تقرب ماهية الفاعل. ويرومون من ذلك جعل الورشة منتجة.
ومما خلصت إليه الورشة على مستوى التشخيص الوقوف عند جاهزية الفاعل السياسي واستعداده لبناء تعاقدات جديدة. ومما شخصته، عناصر من ذ لك وجود اختلالات تطبع الأحزاب السياسية كغياب الديموقراطية على سبيل المثال، وظهور القبلية أو الولاءات، وضعف الكفاءات، والقدرة الترافعية. لقد أصبح الفاعل السياسي متجاوزا يوم انطلقت تجربة حقوق الإنسان في المغرب. ومن جانب آخر ظلت القوانين تحد من تدبير الأحزاب للسياسات العمومية.
وأوصى المشاركون في الورشة بإعادة النظر في سياسة الأحزاب لتؤسس مشاريع، وإعادة النظر في مدونة الانتخابات ووضع شروط للحق في الترشيح المقيد، وتكوين قدرات الفاعلين السياسيين، وتحيين القوانين بشكل يوسع أدوار الفاعلين، وإعادة النظر في منع تأسيس الأحزاب الجهوية، وتعزيز انخراط الشباب في العمل السياسي، وعقلنة المشهد الحزبي، والسعي لبناء تحالفات حزبية واقعية.
الورشة الأخيرة حول الجامعة والمؤسسات الثقافية في ظل الجهوية المتقدمة من تأطير الأستاذ عبد القادر كعيوة مفتش جهوي بوزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة، بجهة الدار البيضاء ومحمد أنفلوس رئيس شعبة الجغرافيا بكلية الآداب بالمحمدية. قدم العرضان كأرضية للنقاش حيث عرض السيد محمد أنفلوس التقسيمات الجهوية وتواليها منذ سنة 1929، وبين أن دور الجامعة مهم في بناء الجهوية المتقدمة، وحث على ضرورة دعم الجامعة الجهة ودعم هذه الأخيرة للجامعة. وتطرق صاحب العرض الثاني إلى الجهات الجديدة، وقدم نظرة عن تجمع ميتروبولي الممتد بين القنيطرة والجديدة. وتحدث في الورشة أحد عشر متدخلا، خلصوا إلى التوصية برصد الجامعة ومواكبتها، والمشاركة الفاعلة في المخططات الجهوية، وفي تفعيل المخططات وتنفيذها، والتفكير في وضع آليات علمية وتقنية. وسجل عدم إغفال المستهدفين من المؤسسات الجامعية والثقافية وهم الساكنة، والحث على دراسة قبلية للثقافات المحلية، وأخذها بعين الاعتبار في التقسيم الجديد.
وختاما، وقبل قراءة إعلان المحمدية، « لنا ما يكفي من الوقت لفرض هذا الاتجاه، مفاده تخلي المركز عن جزء من سلطته»، وإنها لتوصية لشبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بالمحمدية استخلصها الحاذق والنبيه الثقي لحبيب كمال. والنقطة الثانية التي ختم بها السيد لحبيب كمال «كان هناك اقتراح لخلق ائتلاف الجمعيات الديموقراطية، شكل الفضاء الجمعوي نواته سنة 1996، وأريد ائتلاف يستغرق حوالي 17000 جمعية، واليوم يفوق العدد 80000 جمعية، ونحن في حاجة اليوم إلى إحياء الفكرة والمبادر... ».
«هناك نقاش –أو من الضروري فتح نقاش- يهم المشروع الديموقراطي في المغرب، مأسسة الديموقراطية، وتفعيل مقتضيات الدستور،... ومن الضروري إدماج عدة عناصر كالجهوية وفق نداء الرباط... هناك 76 مشروع قانون، ولا قانون واحد اقترح علينا للمناقشة... شكل السيد الوزير لجنة داخلية مع الوزارات والمؤسسات الوطنية في غياب المجتمع المدني. إن الوقت يستدعي لكي نتعبأ ونكثف الجهود، من أجل أن ندخل في صلب المبادئ والقوانين التي رافعنا من أجلها، وتضمين مبادئها في الدستور، أظن أننا أما تحديات كبرى...نأمل أن ندخل في صلب عدة اقتراحات».



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورزازات: الإعلام البديل بين حرية التعبير وأخلاقيات المهنة با ...
- ميدلت: الديموقراطية التشاركية تؤسس للمشاركة الفعلية للنساء ب ...
- الذاكرة الجزائرية بين الرغبة في تمجيد الاستعمار والدعوة إلى ...
- الثورة التحريرية الجزائرية ودروس الذاكرة
- الصحافة وحقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي
- الصحافة وحقوق الإنسان موضوع اهتمام في المغرب
- ورزازات: لقاء دراسي لأجل أبواب منبلقة بجبال الأطلس لضمان الو ...
- العلاقات الفرنسية المغربية مكسب تاريخي
- المارشال ليوطي بين الانتماء العرقي والانتماء الثقافي
- اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الرشيدية ورز ...
- البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية
- القبيلة إطار لتحصين الهوية الأمازيغية في المغرب عبر العصور
- النهاية في الخطاب العسكري الغربي
- إشكالية التوتر بين الثقافي والجغرافي وأزمة الهوية الإدارية ل ...
- فصول من ذاكرة مدينة بوذنيب والحقوق الجماعية بها في مذكرة تنس ...
- التراث المعماري وحقوق الإنسان بالمغرب أي علاقة؟
- على هامش اللقاء السنوي لبرنامج واحات تافيلالت التنموي بالمغر ...
- الواقع الاجتماعي لما بعد تراجع الصناعة الاستخراجية بحوض ملوي ...
- أي استراتيجية لتنمية مستدامة للمناطق المنجمية ومحيطها بجهة ا ...
- ندوة مأتم الفاعلين الجمعويين محمد بلكوح وعبد الرحمان فريدي ا ...


المزيد.....




- تعذيب وتنكيل وحرق حتى الموت.. فيديو صادم يظهر ميليشيا موالية ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون انعدام الأمن ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون غزي يواجهون انعدام الأمن الغذائ ...
- زاخاروفا تضيف سؤالا خامسا على أسئلة أربعة وضعتها برلين شرطا ...
- مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلس ...
- الأردنيون يتظاهرون لليوم الرابع قرب سفارة إسرائيل ومسيرات بم ...
- أكاديمي أميركي: المجاعة في غزة قد تتسبب بإدانة إسرائيل بالإب ...
- حرية الصحافة في أوروبا.. بين القرارات البرلمانية والتطبيق عل ...
- اعتقال 3 أشخاص بعد اكتشاف مخبأ أسلحة في مرآب سيارات في شمال ...
- إصابات.. الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة والقدس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - لحسن ايت الفقيه - اللقاء الوطني حول: «الحكامة الترابية والجهوية بالمغرب، أي مقاربة أو مقاربات؟»