أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - الثورة التحريرية الجزائرية ودروس الذاكرة















المزيد.....

الثورة التحريرية الجزائرية ودروس الذاكرة


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 20:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يحتفل الشعب الجزائري بالذكرى الثامنة والخمسون لانطلاق الثورة التحريرية في الفاتح من شهر نونبر من سنة 1954. ودون تفصيل القول في الارتباط الوثيق بين الاحتفال والذاكرة، يمكن التساؤل عما فعلته الجزائر في مجال إحياء الذاكرة. ويبدو أن ذاكرة حرب التحرير واسعة أماكنها مما يجعل من الصعب بلوغ الاطمئنان، والإعلان أن الذاكرة الجزائرية محاطة في كل جوانبها، وبالتالي فالوقت ليس للتقييم بل لاختبار درجة وعي الجزائريين بموضوع الذاكرة. ولأن الذاكرة الجزائرية مرتبطة في الغالب بالتنكيل فإن موضوع الذاكرة عامة غير مشروط بوقوع الجرائم والانتهاكات، فكل له الحق في إحياء ذاكرته، والذاكرة الجزائرية ملك لكل شعوب بلاد المغارب وشرف لها.
تتميز الذاكرة بالاستمرار في الحاضر والامتداد في المستقبل، تبعا لتغيير الاختيار السياسي للدولة الحاكمة. والذاكرة جزء من القصة لتضمنها أبطالا واقعيين، واشتمالها على عقد كثيرة كالإهانة والانتصار والتفوق. وتعتمد الذاكرة على المخيال لذلك طالما يعبر عنها في نصوص أدبية، أو رسوم فنية أو لوحات معبرة، أو مختلف أشكال الإبداعات الأخرى. فالذاكرة (هي أن جماعة معينة تتذكر ماضيها وتسعى لتعطيه تفسيرا ومعنى في الحاضر) كما تقول أنيت فيفيوركا Annette Viviorka.
إن ما تتميز به الذاكرة حاضر لدى الجزائريين بقوة0 فإذا نظرنا إلى ما نشرته بعض الصحف الجزائرية عشية الاحتفال بالذكرى الثامنة والخمسين لانطلاق الثورة التحريرية، نجد أن الذاكرة الجزائرية تمثل نموذجا ومرجعا لكل استشهاد وأخذ المثال في ما يخص هذا المجال المعرفي الفتي.
نشرت جريدة الفجر الجزائرية تصريحا للسيد محمد الشريف عباس يوم 29 أكتوبر 2012 ورد فيه «أن الجزائريين يريدون اعترافا صريحا [لما] ارتكب في حقهم من مجازر وتنكيل وتعذيب وبطش ودمار من طرف الاستعمار الفرنسي، مضيفا أن نقل تاريخ الثورة للأجيال المتعاقبة هو تحصين لها من محاولة التضليل». فالاعتراف الفرنسي بالجرائم المرتكبة في الجزائر عمل في الذاكرة، ذلك أن النسيان يعد بالمقابل عنصرا من عناصر الذاكرة. وحسبنا أن فرنسا كانت وإلى حدود السنوات الأخيرة ترغب عن تدريس تاريخ حكومة فيشي ولا تزال تعتقد بارتكاب الجرائم في حقها من لدن الثوار الجزائريين. فنسيان حكومة فيشي بعض الوقت يوازيه نسيان الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بالجزائر إلى الآن. ولما تعترف فرنسا بما ارتكبته في الجزائر تكون الذاكرة الجزائرية قد استقرت على قرار، ويكون الانتقال من الذاكرة إلى التاريخ مؤهل لأن يمر عبر جسر سليم. وما كنا هنا لنفصل القول في العلاقة بين الذاكرة والتاريخ مستشهدين بالذاكرة الجزائرية. ومن جانب آخر، فنقل «تاريخ الثورة للأجيال المتعاقبة» هو تحصين للذاكرة وليس للتاريخ، لأن الذاكرة تتميز بالاستمرار في الحاضر والامتداد في المستقبل. وأما تحصين التاريخ «من محاولات التضليل»، فذلك هو عمل المؤرخ الذي يروم الموضوعية علما أن الذاكرة ذاتية. وعلاقة بالاعتراف الفرنسي المذكور «شدد عدد من المجاهدين الذين التقت بهم جريدة «آخر ساعة» بالمدرسة العليا للشرطة ... على ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الشنعاء المقترفة في حق المواطنين الجزائريين إبان الاستعمار، مطالبين إياهم بتقديم اعتذار رسمي عن ممارستها للاإنسانية من تعذيب وقتل وتدمير».
وتظهر فصول الذاكرة بقوة في الاستجواب الذي خصته وكالة الأنباء الجزائرية APS للمؤرخ حسان رمعون الذي صرح ضمنه أن «بيان أول نوفمبر 1954 الذي رافق اندلاع حرب التحرير المجيدة يمثل نصا مؤسسا للدولة الجزائرية». وإذا كانت فرنسا تعتقد قبل هذا الوقت أن الجزائر جزءا من التراب الفرنسي، بعدما تعسفت في الإجابة عن السؤال ما أصل سكان شمال أفريقيا؟ سنة 1930 أي يوم احتفلت بذكرى مرور قرن على استعمار الجزائر ونصف قرن على استعمار تونس، فإن بيان فاتح نونبر 1954 انبعاث الدولة الجزائرية «لكونه يتضمن مبادئ أساسية تتمثل في الكفاح من أجل بناء دولة وطنية قائمة على أساس المقومات التي يملكها المجتمع الجزائري أو من كان يعتبر أنذاك بالشعب الجزائري في 1954» يضيف السيد حسان رمعون. وحسبنا أنه « جاء في البيان أن الهدف الأساسي من وراء القيام بالثورة هو إقامة دولة ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة مع احترام المبادئ الإسلامية»، وفق ما يضيف ذات المصدر. إن تاريخ الدولة الجزائرية بما هي دولة ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة يبتدئ من فاتح نونبر 1954، وذلك ما تحاول الذاكرة أن تسطره وتصدره لتاريخ الجزائر الراهن، إن اقتنع المؤرخون بذلك، لأن الذاكرة ذاتية. وأما جريدة أخبار اليوم الجزائرية فقد خصت «حوارا مع السيد عبد الحميد سلاقجي رئيس جمعية 8 ماي 1945 التي تناضل منذ الاستقلال من أجل تجسيد قانون رسمي يجرم الاستعمار الفرنسي». ويحسب السيد عبد الحميد أن تسجيل الذاكرة «أمر مهم جدا حتى لا ننسى تاريخنا وحتى تعرف الأجيال القادمة كيف عاش أجدادنا، وماذا دفعت الجزائر في سبيل استرجاع استقلالها وسيادتها الوطنية». فالجمعية التي يمثلها تكابد نفسها وتجاهدها لكي تستمر الذاكرة في الحاضر وتمتد إلى المستقبل، لذلك أقدمت الجمعية على «تسجيل أكبر عدد من أسماء ضحايا أحداث 8 ماي» [1945] بغية تقديم مادة أولية للكتاب والمؤرخين والجامعيين والأجيال القادمة أيضا»، وتكون انطلقت من الذاكرة إلى التاريخ الشفاهي وإلى التاريخ الكتابي لفترة مهمة من تاريخ الجزائر. وتعمل الجمعية منذ تأسيسها على «إجبار الدولة الفرنسية على الاعتراف بجرائمها خلال الحقبة الاستعمارية». وإذا كانت جريدة المجاهد بالفرنسية قد نشرت يوم فاتح نونبر2012 مضمون البرقية الفرنسية التي بعثها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى نظيره الجزائري بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة والخمسين من ثورة الفاتح من نونبر 1954 معبرا عن سعادته من تجديد العلاقات الجزائرية الفرنسية وتقويتها، فإن الحوار الفرنسي الجزائري والمشار إليه في البرقية المذكورة حول استقرار المنطقة وتنميتها لن يكون بناء كما وصفه الرئيس الفرنسي ما لم تعرج فرنسا إلى الاعتراف بالذاكرة الجزائرية المرتبطة بما ارتكبه الاستعمار من جرائم.
قد تكون الجزائر قد قضت وقتا كثيرا في إحياء الذاكرة، ولا شك أن ذلك لا ينقص من قيمة عملها في شيء. فالذاكرة الجزائرية غنية بالدروس، ويبدو مفيدا تلقينها في كل البلدان التي تعرضت لبطش الاستعمار.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحافة وحقوق الإنسان بالجنوب الشرقي المغربي
- الصحافة وحقوق الإنسان موضوع اهتمام في المغرب
- ورزازات: لقاء دراسي لأجل أبواب منبلقة بجبال الأطلس لضمان الو ...
- العلاقات الفرنسية المغربية مكسب تاريخي
- المارشال ليوطي بين الانتماء العرقي والانتماء الثقافي
- اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الرشيدية ورز ...
- البرنس الأحمر الجزائري والمقاومة المغاربية
- القبيلة إطار لتحصين الهوية الأمازيغية في المغرب عبر العصور
- النهاية في الخطاب العسكري الغربي
- إشكالية التوتر بين الثقافي والجغرافي وأزمة الهوية الإدارية ل ...
- فصول من ذاكرة مدينة بوذنيب والحقوق الجماعية بها في مذكرة تنس ...
- التراث المعماري وحقوق الإنسان بالمغرب أي علاقة؟
- على هامش اللقاء السنوي لبرنامج واحات تافيلالت التنموي بالمغر ...
- الواقع الاجتماعي لما بعد تراجع الصناعة الاستخراجية بحوض ملوي ...
- أي استراتيجية لتنمية مستدامة للمناطق المنجمية ومحيطها بجهة ا ...
- ندوة مأتم الفاعلين الجمعويين محمد بلكوح وعبد الرحمان فريدي ا ...
- جمعية النهضة بفجيج تنظم رحلة إلى مواقع الذاكرة بالجنوب الشرق ...
- الحركة النسائية المغربية: الحصيلة والآفاق في ظل الإصلاحات ال ...
- جانب من (جوانب من ذاكرة كريان سنطرال، الحي المحمدي بالدار ال ...
- المجتمع المدني بالجنوب الشرقي المغربي يفقد فاعلا جمعويا ثقيا ...


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - الثورة التحريرية الجزائرية ودروس الذاكرة