حسين الصالح
الحوار المتمدن-العدد: 4040 - 2013 / 3 / 23 - 11:35
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
المواطن العراقي في حيرة من امره , فالى اليوم لم تتجلى امامه صورة ضامنة للحياة غير خيمة الطائفة والتمسك بعرى المذهب , فالتذمر من الساسة يسود الشارع العراقي خصوصا بعد ان ارهقتهم حفلات الموت الجماعي ولعبة الكراسي وابطالها من سياسيي الحظة .
فقد استوقفني قبل يومين مقطعي فديو واحد لعجوز عراقية رسم الزمن على وجهها لوحة حزن بكائية كايام العراق , والاخر لشيخ عراقي هرم يتذمران فيهما من حال العراق ويكفرون بكل اصنام السياسة , وربما في قلبيهما الكثير مما يخافون البوح به امام العامة , ورغم هذا كله ففي نهاية المطاف سيرجع الاثنان مرغمان لينتخبا نفس رهبان الموت وسيعاد مسلسل التذمر من جديد ...
وهنا تتجلى مأساة الانسان عندما يجد نفسه محصور داخل مجرة كبيرة منفذها الوحيد هو ثقب اسود كبير يبتلع كل شيء ويؤدي الى المجهول ..
اغلب العراقيين اليوم يتمنون التخلص من ساستهم وابناء طوائفهم لكنهم يخافون بطش الاخر, فهو يخاف ان يغير قراره الانتخابي ايمانا منه بانه سيغرد مع مجموعة قليلة من العصافير خارج سرب المذهب بينما المذهب الاخر يترقب ضياع هذه الاصوات لينتهز الفرصة ويستولي على مفاتيح جهنم الحكم ليفتحها بوجه خصومه, لذلك نجد ان العراقي يخاف العبور عبر المجهول وخوض مغامرة الثقب الاسود ويفضل البقاء في مجرته التي اوهموه بانها ملاذه الوحيد ( وهذا ينطبق على كل البشر اي ان العراقي ليس بالحالة الخاصة) ..
فنتيجة لترسبات عقود من العنف السياسي والاقصاء تبلورة فكرة الضامن المذهبي او القومي (العنصري) في ظل غياب مفاهيم الدولة المدنية وشخوصها وتاخر نضج مفهومها على صعيد المنطقة الاقليمية ككل .
السؤال المطروح اليوم قبل ان نلوم العراقي ونجلده بسياط حلم المدنية , هل نستطيع ان نوفر له الضامن البديل؟ فهو يعيش في حالة صراع بقاء (وهمي) خلقته ظروف اللحظة السياسية , وخير دليل هو ان الشارع العراقي ينسى الطائفية عندما يتصالح الساسة, ويتراقص على نيرانها عندما ينعق بها ابطال منابر الموت وبهلوانات التصريحات العزرائيلية ..
السياسي معذور لانه يبحث عن سلطته المطلقة على حساب شعب مغلوب على امره لانه يخاف تجربة الثقب الاسود .. وبين هذا وذاك نقف نحن حائرون مغلوبون على امرنا كباقي افراد القبيلة ... والله حيرة ..
#حسين_الصالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟