حسين الصالح
الحوار المتمدن-العدد: 3850 - 2012 / 9 / 14 - 00:16
المحور:
المجتمع المدني
لقد وقعنا في الفخ .. لقد وقعنا في الفخ .. كلنا يتذكر هذا المقطع من فلم عادل امام (مرجان احمد مرجان) .. واليوم وفي ذكرى احداث الحادي عشر من سبتمبر نجد ان كل من المسيحيين والمسلمين واقفين على حافة الفخ الذي تكلم عنه عادل امام في هذا المقطع المشهور.
فانتاج فلم هزيل اقل مايقال عنه تافه يحاول نقد محمد والاسلام بطريقة صبيانية وعقلية تعصبية جاهلة لايقدم سوى الاساءة للمسيحي قبل المسلم فهو استخفاف بالعقول ليس الا .. اصابع الاتهام كالعادة تتجه للبعبع الصهيوامريكي الذي تلاعب من قبل بالعالم عن طريق احداث 11 سبتمبر عام 2000 ليعود اليوم ويظهر بوجه جديد وحلة جديدة ..
فبغض النظر عن جهة الانتاج الحقيقية ونواياها (الغير حسنة طبعا) هل وقفنا قليلا عند الفلم وواقعنا اليومي ؟؟ فمن انتج الفلم لم ينتجه من فراغ .. فالصراع القبطي الاسلامي وفي مصر بالذات موجود .. ناهيك عن التجاوزات والحيف في العراق على المسيح باعتبارهم الحلقة الاضعف في صراع السلطة وطبعا السبب هو قلة العدد والعدة والا فنحن الشرق اوسطيون متمرسوا حرب , كل هذا خلق عداء داخلي نفسي اشبه بذلك العداء الشيعي السني .. ونحن العرب خير من يتقن فن العداء بقبليتنا المعروفة .. لذلك فان هذا الفلم يستند الى فكرة واقعية دعونا لانتغاضى عنها بحجة المجاملات والاخوة المصطنعة ..
فكلنا سمعنا عن القناة المسيحية التي تستضيف قس اسمه زكريا بطرس جل مايقوم به نقد الاسلام بسيل من المصطلحات والقصص العدائية التي لاتقدم سوى الكراهية واللعن ... ومن يريد ان يتعب نفسه اكثر فليسبح قليلا في العالم الافتراضي ويرى مئات المواقع المسيحية المتطرفة .. والتي يقابلها مئات اخرى من المواقع والقنوات الفضائية الاسلامية التي تبث سموم الفتنة وتجيش الجيوش لقتل المسيحيين على ايدي جيوش من رجال الموت الذين يسمونهم خطئا رجال دين ..
بالتاكيد عندما ننظر لاصدقائنا المسلمين والمسيحيين وعامة الشعب(واغلبيته طبعا) نجدهم بعيدون كل البعد عن مايجري من صراع احمق بل انهم يستهجنوه وبصورة قاطعة .. وهذا لانهم يحملون في داخلهم بذرة الانسانية التي لايمكن لنا ان نقول انها انقرضت من الشرق الاوسط , فلطالما هنالك حياة فستوجد الانسانية .. لكن الى متى ستستمر الحياة ؟؟ وكيف ستقاوم سيول الدماء ..
هذا الموقف يرجعني الى الصراع الشيعي السني في العراق .. فرغم ادراكي لحجم الهوة بينهما ولكن مع ذلك عندما انظر للعراق ككل ارى ان على مستوى الشارع كان الامر مختلف جدا , فالمواطن لم يفكر يوما بقتل جاره او تهجيره او تفخيخه, لكن كل هذا كان الى حين !!!! فكلنا متفق ان الشعب باغلبيته رافض للصراع الطائفي ولكن عندما تعرض للظلم والقهر والاقصاء والتهجير وجدناه لا اراديا يتمترس خلف تلك الاسلحة اللعينة التي كان يحاربها في من يدعون الانتماء لمذهبه .. فكثيرا ماسمعت من مقربين لي كارهين لكلمة مقتدى والتيار الصدري انه لولا مقتدى لما قامت لنا قائمة !!! ونفس الكلام تفاجئت به عندما سمعت من مقربين اخرين دفاعات وتبريرات للقاعدة ومليشياتها .. بل البعض الاخر فقد انسانيته الى درجة ان انسانيته لا تتحرك عندما يسمع عن كارثة تصيب الطرف الاخر !!! والسبب في هذا كله هو ان ما من فتنة تنتشر الا ولها اساس ومن يتلاعب بخيوط اللعب اذكى مما نتصور وهو عالم ودارك بفن السيكلوجيا ونظريات علم النفس ...
واليوم ارى ان الصراع الاسلامي المسيحي على مفترق طرق .. فعندما ستتحول العملية الى عملية دفاع عن الوجود سيتحول المسلسل الى صراع بقاء حيواني لا اكثر , فعندما سيقتل الانسان ويرتجف قلبه بسبب اسمه لن الومه اذا تحول الى وحش كاسر .. وان وقعنا بين مطرقة الفعل وسندان رد الفعل سنضيع في حينها بذرة الانسان وسنعيش في ظلمة الحقبة الحيوانية وغرائزها ...
من انتج الفلم كان يشاهد السوريات القصر اللتن نكحوا على يد ابطال الحوريات .. وكان ينظر لطالبان التي ترجم وتدفن النساء .. وكان ينظر لكذبة الربيع العربي الطائفي .. وكان في معايشة روحية مع اسامة بن لادن والزرقاوي بل انه كان يحتسي قهوة الصباح مع القرضاوي ... فلذلك هو خلق صورة للاسلام ماخوذة من واقع التشدد والتسلف الذي (يدعي) انتمائه للاسلام .. وهو نفسه من يستضيف زكريا بطرس ويهلهل لحروب صليبية ويستنفر الكره والاقصائية في قلوب المسيحيين ... ونحن في خضم هذا وذاك ننسى بكل بساطة من هو المسيح ؟؟ وننسى من هو محمد ؟؟
لحد هذه اللحظة ارى واسمع استهجانا مسيحيا واضحا للفلم ومنتجيه وارى اصواتا اسلامية استهجنت قتل السفير الامريكي ولن اتوقع منهم الا الثبات على الموقف الا اذا اراد عابث ما تكملة المسلسل السني الشيعي بجزء ثاني اسلامي مسيحي .. رغم اعتقادي بان هذا الصراع غير مجدي وان من يتلاعب بالاواراق اليوم لايرى امامه سوى الصراع الاسلامي الاسلامي ولكن في السياسة ممكن ان نتوقع الغير متوقع ...
اخيرا اقول قد لا اكون دينيا ولا اامن بمحمد او عيسى ولكنني بالتاكيد افقه ذكاهما ولم اشكك ببذرة الاصلاح التي زرعوها في صحراء الشرق الاوسط الدموي وكل حسب بيئته .. فانا اعتز بكل نتاج انساني وافرح جدا عندما اقرء في التاريخ عن ثورة ضد حاكم اهوج او تصحيح للمسار يقوم به شريكي البشري .. فما انا وانتم عليه الان هو نتاج عقولنا البشرية على مدار ملايين السننين التي تستحق ان يشار لها بالبنان بل انني اجزم ان كان للكون من خالق فهو سعيد بنا لامحالة رغم كل مانراه من سلبيات ... فانا نتاج نبي وملحد وعالم فيزياء وقائد شريف وملك عادل ومهندس بابلي بارع وطبيب فرعوني ماهر وانا نتاج الواح موسى وانجيل عيسى وقران محمد وملحمة جدي كلكامش .. وبلاغة علي .. فانا بذرة عشتار وتموز .. وجنين مريم .. وخليل فينوس .. ومعبود افروديت .. فانتم اسحاق نيوتن .. وثورة روسو .. وافكار سارتر .. نحن اعظم مخلوقات النقطة الزرقاء الباهتة كما يسميها كارل ساغان .. فرجاءا لاتوقعونا في الفخ فقد مللنا لعب دور الارنب الخسران ....
#حسين_الصالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟